صالح حمد القلاب​​
وزير إعلام سابق​

نحن وإيران.. و”الحقيقة”!!

لم يطلب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، رحمه الله، من الخميني في زيارته له في طهران، بعد عودته من “هجرة” خارجية استمرت أربعة عشر عاماً قضاها كلها  في العراق، إلاّ أمراً واحداً هو إعادة الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وكان رد آية الله العظمى التلقائي والغاضب هو: “إنّ هذه الجزر إيرانية وهي ستبقى إيرانية إلى يوم القيامة”!!

لمْ يجب (أبوعمار) ولا بكلمة واحدة وقد اعتبر أن لقاءه بـ “الخميني” قد انتهى فبادر إلى العودة إلى حيث كان يقيم أي في “مدرسة علوي” التي كان اتخذها الزعيم الإيراني مركزاً له، وهنا فإنني قد شعرت، وكنت أحد الذين رافقوا عرفات، في تلك الزيارة، أنه بات يتمزق ألماً وأن آماله ومراهناته على دولة إيرانية جديدة قد تبخرت، وأنه أدرك أنّ هذا البلد سيصبح شوكة في خاصرة الأمة العربية. 

وهكذا، فقد بدأ أبوعمار رحلة عودته إلى مقر قيادته في بيروت مروراً بـ “أبوظبي”، ويومها كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، “طيب الله ثراه”، في ذروة تألقه السياسي، وأنه لم يفاجأ بما أبلغه به ياسر عرفات، وحيث أثبتت الأيام اللاحقة أنّ تقديراته كلها كانت صائبة وصحيحة، وأنّ إيران الخمينية لن تتوجه نحو فلسطين للمساهمة في تحريرها كما كان يقول الخميني، وكما هو مفترض، بل نحو المنطقة العربية وبخاصة نحو العراق التي خاضت لاحقاً  معه حرب الثمانية أعوام الدامية التي كان الخميني قد قال بعد توقفها: “إنه قد تجرّع وقف إطلاق النار كتجرع السم الزعاف”!!

والمهم وحتى بعد كل هذه السنوات الطويلة فإنّ هذا البلد بقي بعض العرب يراهنون عليه منذ العهد “الصفوي”، مروراً بفترة حكم الشاه رضا بهلوي وحكم ابنه محمد رضا بهلوي، قد أثبت بأنه لا يتبدل، وأنه قد بقي على ما كان عليه ولم يستقبل الأيدي التي امتدت إليه بأخوة ومحبة وصدق.. و”إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” وإنّ هذا الجوار سيبقى هو هو ومن الممكن أن يستمر لسنوات طويلة وإلى أن يأتي جلّ شأنه بما لا نعلمه ولا يعلمه “الأشقاء”!! الإيرانيون، وحقيقة أن مسيرة التاريخ عبارة عن صفحة مفتوحة علينا أن نقرأها بإمعان شديد، ومع الأخذ بعين الاعتبار أنه ستأتي أجيالٌ إيرانية ستغلب مصالحها على كل هذه الأحقاد التاريخية، وهذا من الممكن أن يكون في فترة قريبة وليست بعيدة!!

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض