خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

النظام الدولي بين الثابت والمتغير

يمر العالم بالكثير من التغييرات في بنية النظام الدولي، فلم تعد القواعد التي تأسس عليها النظام الدولي في التسعينات، ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، قائمة، فالعالم يمر بجملة من التغييرات التي صنعها تصاعد قوى جديدة، مثل بروز روسيا، والتغيير الحاصل في التوسع الصيني نحو خارج منطقة آسيا، وكذلك حتى داخل المنطقة الغربية، هناك دول تحاول أن تُبرز نفسها بعيداً عن القوة الأمريكية، مثال فرنسا، وبالتالي فنحن أمام نظام دولي يعيش تحولات جذرية نحو الانفصال عن القطبية الأحادية باتجاه التعددية القطبية.

وفي ظل حجم التغيير الذي أحدثته التنافسية الدولية التي خلقت واقعاً جديداً قائماً على صياغة خارطة جديدة لموازين القوى، لا يمكن العودة إلى الخلف، بحيث أصبح من الصعوبة بمكان أن تقود العالم أحادية قطبية مثلما حدث ما بعد التسعينات، حيث تربعت الولايات المتحدة الأمريكية على عرش هرم قيادة النظام العالمي، ولايزال النظام الدولي الجديد يعاني الكثير من الخلل، لأن التغيير كان على حدود قصيرة جديدة، بحيث انصب الجهد على التنافسية في قيادة العالم،

ولذلك فإنه يمكن القول إن النظام الدولي يعيش في مرحلة متأرجحة بين الثابت والمتغير.

تتعامل مؤسسات النظام الدولي مع الملفات بـ(نمط التجزئة) ومعالجة أجزاء من ملفات الصراع وإغفال جوانب أخرى، وهو ما يعني غياب رؤية واضحة لحلحلة الملفات، وهو ما تكون نتيجته إبقاء ملفات الصراعات في حالة من الاستمرارية، ما أدى إلى أن يتسم النظام الأحادي القطبية الآخذ في الزوال (بالفوضوية) التي جعلته في حالة من الشلل، وافتقد لطريقة أداء تحترم القواعد التي تأسس عليها، والقائمة على حفظ الأمن والسلم الدوليين واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

يمكن القول إن طريقة أداء المنظمات الدولية (مجلس الأمن والأمم المتحدة) تأثرت كثيراً بمرحلة الأحادية القطبية، وبأحداث هجمات 11 سبتمبر، والتي قادت إلى ولادة تحول جذري في السياسة الأمريكية، نقلتها من إطار الاحتواء والمحافظة على الوضع القائم إلى تبني تغيير العالم، وفقاً لرؤية تيار فكري معين داخل الولايات المتحدة، وهو تيار اليمين المحافظ الذي يسعى لبناء السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة على أسس دينية. وهذا ما كان له انعكاسة على فشل أدوات النظام الدولي (مجلس الأمن والأمم المتحدة) والتي أصبحت تسير في رَكْب السياسة الأمريكية بدلاً من الالتزام بالقواعد التي تأسست عليها.

ولذلك، فإن إبقاء مؤسسات النظام الدولي على طريقة أدائها السابق، وعدم إحداث تغيير جذري، سيجعل النظام الدولي متأرجحاً بين المرحلة الجديدة والقديمة، وهذا لا شك سيكون له تأثير على استمرارية فشل الأدوات الدولية، والتي تأسست كنعصر مهم في تثبيت دعائم الاستقرار، وهو ما يعني استمرارية الحالة الفوضوية الدولية.

 

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض