خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

بايدن.. ومستقبل الاتفاق النووي الإيراني

لاشك أن الملف الإيراني (الاتفاق النووي)، من أهم الملفات التي تحظى بأهمية في السياسة الخارجية الأمريكية، وسيظل كذلك، وبخاصة فيما يتعلق بالمرحلة الجديدة التي تقف الولايات المتحدة على أعتابها، في ظل وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، والذي سيجد تركة ثقيلة خلفتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما يخص هذا الملف الذي يتسم بالتعقيد.

وبالتالي فإن الرغبة الأمريكية في عقد اتفاق جديد مع إيران أمر لا يختلف عليه أحد، وهذا شيء مؤكد من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، في عهد جو بايدن ، وأما عن ملامح هذا الاتفاق المرتقب، فإن مسألة إعادة الملف النووي إلى سابق عهده، بالشكل الذي صاغته إدارة باراك أوباما، من الصعوبة بمكان، العمل على تحقيق ذلك، وبالتالي، فإن أي اتفاق جديد سيخضع لأحكام وشروط المتغيرات والتطورات، الإقليمية بشكل رئيسي، والحالة الداخلية في إيران.

الأمر الآخر، وهو  الأكثر أهمية، أن إدارة ترامب نجحت إلى حد كبير في تعقيد مشهد العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، وآخرها عملية مقتل العالم النووي (محسن فخري زادة) ومن قبله (قاسم سليماني)، بحيث أن أي إدارة جديدة ستجد نفسها مجبرة على التعامل مع إيران وفق القواعد التي سعى لتأسيسها دونالد ترامب.

أما بالنسبة للظروف الإقليمية، فإنها لم تعد كما كانت في العام 2015، والتي كان النفوذ الإيراني في المنطقة حينها في أوج قوته، مستفيداً من الحالة الفوضوية التي خلقتها مرحلة الربيع العربي، وهو ما أعطى إيران أوراق تفاوض أقوى على طاولة الملف النووي، لتحقيق مكاسب سياسية إقليمية، والحالة الداخلية في إيران، بجانب الصراعات داخل أروقة النظام الإيراني، هناك أيضاً الحالة الشعبية، حيث يعيش الشارع حراكاً متواصلاً، بسبب تدني المستوى المعيشي، وهو ما يشكل ضغطاً متصاعداً على النظام الإيراني.

من جهة أخرى، فإن المتغيرات الإقليمية، والدور الذي تلعبه الدول الخليجية، وبخاصة المملكة العربية السعودية، في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، والتي قادت لإضعاف الدور الإيراني، وأفقدته الكثير من أوراق التفاوض، جميعها تعيد هيكلة طاولة المفاوضات، وتقطع الطريق أمام (إعادة اتفاق الغرف المغلقة)، وتجعل الدول الخليجية لاعباً رئيسياً وحاضراً فاعلاً في هذه المفاوضات، وهو بالتالي ما يقطع الطريق أمام محاولة استنساخ المكاسب التي أعطيت لإيران في العام 2015، وبالتالي سوف تجد إيران نفسها خاسراً في كلا الحالتين، سواء رضخت لاتفاق جديد أم لم ترضخ.

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض