شيخة سالم الظاهري​
الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي

كورونا وآثاره‭ ‬الإيجابية‭ ‬على‭ ‬البيئة

تعتبر‭ ‬هيئة‭ ‬البيئة‭ ‬–‭ ‬أبوظبي‭ ‬أكبر‭ ‬سلطة‭ ‬تشريعية‭ ‬بيئية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وتكمن‭ ‬أولوياتها‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬البيولوجي‭ ‬في‭ ‬إمارة‭ ‬أبوظبي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬المياه‭ ‬البحرية‭ ‬وجودة‭ ‬الهواء‭ ‬وحماية‭ ‬موارد‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬التربة‭ ‬وتقييم‭ ‬الآثار‭ ‬المحتملة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭ ‬وتنظيم‭ ‬الإدارة‭ ‬المستدامة‭ ‬للنفايات‭ ‬المتولدة‭ ‬في‭ ‬الإمارة‭. ‬وقد‭ ‬استمرت‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامجها‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإمارة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭.‬

وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تفشى‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬نواحي‭ ‬الحياة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ترك‭ ‬آثار‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬طيور‭ ‬القطقاط‭ ‬وطيور‭ ‬أبو‭ ‬المغازل‭ ‬ذات‭ ‬الأجنحة‭ ‬السوداء‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تسجيل‭ ‬مشاهدات‭ ‬لقطعان‭ ‬الغزال‭ ‬الجبلي‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬السعديات‭. ‬وفي‭ ‬جبل‭ ‬حفيت‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬رؤية‭ ‬أنثى‭ ‬الطهر‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬سفح‭ ‬الجبل‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بالإضافة‭ ‬لاكتشاف‭ ‬أعشاش‭ ‬ثلاث‭ ‬بومات‭ ‬صغيرة‭ ‬وتزايد‭ ‬نمو‭ ‬النباتات‭ ‬المتنوعة‭ ‬على‭ ‬الجبل‭.‬

وتضمنت‭ ‬التأثيرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬تسجيل‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬تكاثر‭ ‬طيور‭ ‬الفلامنجو‭ ‬بنسبة‭ ‬12‭ ‬بالمائة‭ ‬وتسجيل‭ ‬زيادة‭  ‬بلغت‭ ‬22‭% ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬أفراخ‭ ‬الفلامنجو‭ ‬خلال‭ ‬موسم‭ ‬التكاثر‭ ‬للعام‭ ‬الحالي‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬

كما‭ ‬تم‭ ‬رصد‭ ‬زيادة‭ ‬نشاط‭ ‬تعشيش‭ ‬السلاحف‭ ‬البحرية‭ ‬على‭ ‬سواحل‭ ‬البر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لإمارة‭ ‬أبوظبي‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬انخفاض‭ ‬قدره‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬معدل‭ ‬نفوق‭ ‬أبقار‭ ‬البحر‭ ‬والذي‭ ‬يعتبر‭ ‬المعدل‭ ‬القياسي‭ ‬الأقل‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأعوام‭ ‬السابقة‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬الإنجازات‭ ‬الإيجابية‭ ‬ارتفاع‭ ‬مؤشر‭ ‬المخزون‭ ‬السمكي‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الإمارة‭ ‬وتسجيل‭ ‬تحسن‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬مع‭ ‬انخفاض‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬تراكيز‭ ‬ملوثات‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬الجو‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬بيانات‭ ‬الهيئة‭ ‬انخفاضًا‭ ‬بنسبة‭ ‬50‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬متوسط‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬النيتروجين‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬أيضا‭ ‬رصد‭ ‬انخفاضات‭ ‬كبيرة‭ ‬للملوثات‭ ‬الأخرى‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالنقل‭ ‬البري‭ ‬مثل‭ ‬المركبات‭ ‬العضوية‭ ‬المتطايرة‭ (‬VOCs‭)  ‬وأول‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ (‬CO‭)  ‬وذلك‭ ‬مع‭ ‬الانخفاض‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬والأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬الإمارة‭.‬

ومع‭ ‬عودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬بعد‭ ‬انحسار‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الخطير،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬كيف‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬حققناه‭ ‬خلال‭ ‬إجراءات‭ ‬الحجز‭ ‬المنزلي‭ ‬واتباع‭ ‬الإجراءات‭ ‬المُتخذة‭ ‬لاحتواء‭ ‬التفشي‭ ‬الوبائي‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تغيير‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬واتباع‭ ‬أنماط‭ ‬أكثر‭ ‬صداقة‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬وإعادة‭ ‬تقييم‭ ‬ما‭ ‬نعتبره‭ ‬ضروريًا‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬أولاً‭ ‬لنكون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬بيئتنا‭ ‬ومواردنا‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬نضمن‭ ‬حاضــر‭ ‬مستــدام‭ ‬ومستقبــل‭ ‬مستــدام‭ ‬لنا‭ ‬وللأجيال‭ ‬القادمة‭. ‬

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض