خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

السعودية والصين والشراكة الاستراتيجية

مرت العلاقات الصينية السعودية بالعديد من محطات التعاون والتنسيق التي ساهمت في تثبيت قواعد العلاقة بين البلدين، وفي الآونة الأخيرة ساهمت عوامل عديدة مثل توافق الرؤى الاقتصادية بين البلدين، حيث تنظر الصين إلى “رؤية المملكة 2030” كفرصة للتكامل بين البلدين في مختلف المجالات، وهذه العوامل خلقت أرضية خصبة لتمهيد الطريق نحو توقيع الوثيقة الاستراتيجية بين البلدين خلال زيارة الرئيس الصيني الأخيرة إلى الرياض، والتي قدرت فيها عدد الاتفاقيات إلى أكثر من 20 اتفاقية بقيمة تتجاوز 110 مليارات ريال، وهي خطوة سيكون لها تأثير على رفع مستوى العلاقة بين البلدين، فهي تعكس الحرص المتبادل بين الرياض وبكين على تنفيذ أعلى قدر ممكن من المواءمة بين رؤية (الحزام والطريق الصينية) ورؤية السعودية 2030.

تمتلك السعودية والصين محددات القوة الاقتصادية التي أصبحت هي المحرك الرئيسي وصاحبة القوة والنفوذ في العلاقات الدولية، حيث تتقاطع رؤية الصين للحزام والطريق مع رؤية السعودية ٢٠٣٠ من حيث أنها غير مقيدة جغرافياً، وتتجاوز البنى التحتية التقليدية، فالصين تسعى عبر مبادرة الحزام والطريق إلى تحسين الترابط والتعاون على نطاق واسع يمتد عبر القارات ورؤية المملكة ٢٠٣٠ تسعى إلى تحويل منطقة الشرق الأوسط لتكون أوروبا الجديدة، ولتكون منطقة متقدمة تنافس على مكانة مميزة في النظام الدولي، وهذا التوافق بين الرؤيتين السعودية والصينية خلقت قواعد متينة  لتدعيم العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.

عند الحديث عن العلاقة بين الصين والسعودية لا يمكن إغفال جانب مهم وهو المتغيرات الدولية، حيث برز على المستوى الدولي الكثير من المتغيرات، حيث أصبح هناك تغيير في ميزان القوة الدولية يؤكد على أهمية البعد “الاقتصادي” للقوة ويركز على جدواها في التأثير الخارجي، وبالتالي تراجع القوة العسكرية في التأثير الدولي، ومن هنا كان لا بد أن يشهد النظام الدولي الكثير من المتغيرات باتجاه الانتهاء من حقبة الأحادية القطبية التي سادت منذ التسعينات إلى عالم متعدد الأقطاب تلعب فيه الصين الصاعدة اقتصادياً دوراً تنافسياً يسعى للإطاحة بالقوة الأمريكية، وبالتالي فنحن أمام نظام دولي جديد آخذ في التشكل، وكل نظام دولي لا بد أن تكون فيه نقطة ارتكاز مهمة، وبالتالي فإن القمم الثلاث السعودية والخليجية والعربية مع الصين، والتي سبقها قمم ثلاث سعودية وخليجية وعربية مع الولايات المتحدة، ما يؤكد أن الرياض نقطة ارتكاز مهمة في النظام الدولي الجديد، وبالتالي هذا ما يؤكد حرص الصين على بناء علاقات استراتيجية مع الرياض التي تمتلك موقعاً استراتيجياً متميزاً، وقوة استثمارية رائدة. ومكانة دولية.

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض