كتاب 597

دور الدولة في تنظيم الذكاء الاصطناعي.. تطويراً ورقابةً وتشجيعاً عن طريق الاستراتيجيات الوطنية

تشير الدراسة إلى إطلاق حكوماتٍ كثيرةٍ في مختلف أنحاء العالم استراتيجياتٍ وطنيةً للذكاء الاصطناعي في السنوات الخمس الماضية، بهدف اغتنام الفرص التي تُوجِدها هذه التكنولوجيا، ومعالجة التحديات التي تكتنفها. وتستخدِم الدراسة أسلوب “تحليل المحتوى النوعي”، ومنهجية نمذجة الموضوعات المعروفة باسم “خوارزمية ديريتشليت للتوزيع الكامن”، أداتين لتحليل مضمون 31 استراتيجية وطنية أطلقتها بلدان مختلفة بالعالم، ونُشِرَت بين عامي 2017 و2021. وتكشف الدراسة عن 13 دوراً للدولة تتعلق بتنظيم الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقاً لثلاثة محاور عامة هي: التطوير، والرقابة، والتشجيع.

وأظهر التوزيع الجغرافي للبيانات المُدرجة أن معظم الاستراتيجيات منشورةٌ في دول متقدمة اقتصاديّاً بقارات أوروبا، وأمريكا الشمالية، وآسيا. ونَشَرَت 16 دولة في الاتحاد الأوروبي استراتيجياتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ما يُوضِّحُ أن ذلك جزءٌ من مبادرة هذه الدول على مستوى الاتحاد كله، لتشجيع إعداد استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي. كما نشرت اقتصادات بارزة وضخمة، مثل الصين، والهند، وروسيا، استراتيجياتها، أمَّا الأوروجواي، فكانت البلد الوحيد من أمريكا الجنوبية الذي تناوله هذا التحليل.

وتُبيِّن الدراسة أن البلدان الأوروبية في كتلة الاتحاد السوفييتي السابق، والصين، ودول شرق آسيا، تضع موضوع “التطوير” في مقدمة أولوياتها، وتضطلع الدولة بدور تنسيقي في حوكمة النظام الاجتماعي التقني للذكاء الاصطناعي في هذه المجموعة، في الوقت الذي تتعاون فيه مع مختلف أصحاب المصلحة الرئيسيين، وتُسهم على نحوٍ مباشر وغير مباشر في تطوير الذكاء الاصطناعي، في حين تميل دول الاتحاد الأوروبي إلى إعطاء الأولوية لموضوع “الرقابة”، الذي يمكن تحديده عن طريق محاولة دول الاتحاد تنظيم هذه التكنولوجيا، وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين من أخطار الذكاء الاصطناعي. وفي المقابل اختارت دول في مجموعة “التشجيع”، مثل المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وإيرلندا، نهجاً غير مباشر، من أجل تنظيم الذكاء الاصطناعي، فبدلاً من الانخراط مباشرةً في عملية تطوير الذكاء الاصطناعي تتصرف الدول، في هذه المجموعة، بصفتها جهات مُشجعة، وتحاول تسهيل عملية الابتكار بالاستعانة بالأعمال الخاصة التي يقدمها أصحاب المصلحة الآخرون.

وتؤدِّي هذه النتائج إلى آثار أوسع بالنسبة إلى السياسات، فأولاً، يُسهم التصنيف في محاولة تفسير الاختلافات بين الدول، في طريقة نظرها إلى دور الدولة نفسها في إدارة النظام الاجتماعي والتقني للذكاء الاصطناعي، وثانياً، يمكن أن يُمثِّلَ فهم الاختلافات الباكرة في تصميم نظام الحوكمة، عدسةً مفيدة للنظر إلى تطوُر المناهج لتنظيم هذه التكنولوجيا على المدى البعيد، وثالثاً، يمكن أن يساعد استخدام صنَّاع السياسة في الدول التي لا تتوافر فيها تدابير للسياسة العامة بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي، هذه التكنولوجيا على تحديد الأولويات، وبدلاً من ذلك يمكن لصنَّاع السياسة من الدول المدرجة في التصنيف أن يعيدوا النظر في بعض أولوياتهم، وذلك بمقارنتها بالدول الأخرى.

وتشير الدراسة التي تُركِّز على وثيقة سياسية واحدة هي «الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي»، إلى أن مشروعات البحث المستقبلي يجب أن تنظر إلى مشهد حوكمة الذكاء الاصطناعي على نحو شمولي أكثر، مع تضمين وثائق السياسة الأخرى لتحقيق ذلك. وتُظهر نتائج التحليل أن منهجيَّتَي “تحليل المحتوى النوعي”، ونمذجة الموضوعات باستخدام “خوارزمية ديريتشليت للتوزيع الكامن” يمكن أن تكونا منهجيَّتَين تكميليَّتين لهذه المهمة، وإضافة إلى ذلك، فإن الحالات الدراسية التجريبية الغنية بشأن نظم حوكمة الذكاء الاصطناعي من دول مختلفة قد تُستخدم لتحديد الأدوار الفريدة التي تتخذها الدول في كل سياق، وذلك بناءً على الأدوار الثلاثة عشر المقترحة في الدراسة.

معلومات المؤلِّفين

ماسارو ياريم

أستاذ مشارك في قسم السـياسة العامة بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا

أستاذ مشارك زائر في كلية الدراسات العُليا للسـياسة العامة بجامعة طوكيو

باحث في السـياسات العامة واستراتيجيات الشـركات، والتصميم المؤسسـي لتعزيز العلوم والتكنولوجيا المستدامة

جليب بابيشـيف

مرشح لنيل درجة الدكتوراه في السـياسة العامة بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا

تركز بحوثه على مجالات حوكمة الذكاء الاصطناعي وتنظيمه وأخلاقياته

معلومات الكتاب

اسم الكتاب: دور الدولة في تنظيم الذكاء الاصطناعي.. تطويراً ورقابةً وتشجيعاً عن طريق الاستراتيجيات الوطنية

المؤلفان: ماسارو ياريم، وجليب بابيشـيف

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

تاريخ النشر: 2023

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض