كتاب العدد 601

حرب المستقبل: الاستعداد لساحة المعركة العالمية الجديدة

يقدم روبرت إتش. لاتيف، اللواء المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية، رؤيته لـ”حرب المستقبل” في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه، وينتقد المؤلف القيادة السياسية الأمريكية الحديثة، محذراً من التطور في مجالات التكنولوجيا العسكرية والمدنية، وتأثيره المحتمَل في طريقة شن الحروب مستقبلاً، ويتناول الكتاب سيناريوهات متنوعة للحرب، ويشرح عن طريقها أفكاراً متنوعة، من أهمها طبيعة حروب المستقبل، التي لن تكون فيها معارك بين جيوش وطنية، أو ميليشيات غير رسمية، بل ستُستخدَم فيها أسلحة غير تقليدية، كالهجمات السيبرانية، والأدوات المالية المشتقة، وأسلحة أخرى تقليدية، ولكن بطرق جديدة.

رؤية المؤلف

ويؤكد المؤلف أن الحرب في المستقبل لن تقوم على التوسع الإقليمي، أو الصراعات العقائدية، بل ستَستهدف تحقيق الهيمنة السياسية، والسيطرة على كل ما يمثل “الحقيقة”. ويناقش الكتاب كيف تطوَّرت طبيعة الحروب من معارك الجيل الأول، التي كانت تشتمل على مواجهات مباشرة بين جيشين، إلى حروب الجيل الثاني التي اعتمدت على التحالفات الصناعية-العسكرية، ثم إلى حروب الجيل الثالث التي استُخدِمَت فيها أساليب حروب العصابات، أمَّا في حروب الجيل الرابع، فسوف يخرج الصراع عن نطاق الجيش، ويعتمد على ضرب الأهداف السياسية، والثقافية، والاجتماعية.

ويضيف الكتاب أنه كثيراً ما تستخدم الولايات المتحدة أحدث الأسلحة، أو تطور أنظمةً دفاعيةً جديدة، لأنها تريد التكنولوجيا فقط، من دون تبصُّر في عواقب امتلاكها، والسلاح النووي مثال في الماضي يوازيه الذكاء الاصطناعي في المستقبل. ويدعو المؤلف إلى العودة إلى نظرية الحرب العادلة، والالتزام الصارم بها، مشيراً إلى الصدمة النفسية الضخمة التي يتحملها الجنود لتنفيذهم جرائم قتل تُقرها الدولة، ويحذر من خطر إعادة تسخير التكنولوجيات الجديدة، التي تهدف إلى التخفيف من الآثار النفسية لتلك الحوادث، مثل العقاقير التي تغير الذاكرة، أو تمحوها، والأسلحة غير المميتة التي يمكن توظيفها لتخدم أغراضاً أخرى مختلفة، مثل الاستجواب، والتعذيب.

جنود المستقبل

وفي القرن الحادي والعشرين ستغيب ساحات المعارك المسلحة بصورتها التقليدية، ولن نجد جيشين يشتبكان في مواجهات دموية كما في السابق، فقد خفَّضت المعاهدات الدولية وتيرة ذلك النوع من المواجهات، وقد توقع العقيدان الصينيان كياو ليناج، ووانج شيانجسو، في عام 1999، أن جنود المستقبل سيكونون قراصنة حواسيب، وخبراء ماليين، ومهربي مخدرات، ووكلاء شركات خاصة، بدلاً من كونهم أفراداً في الجيش، وقد لا تشتمل أسلحتهم على الطائرات، والمدافع، والغازات السامة، والقنابل، والمواد البيولوجية، والكيميائية فحسب، بل على الفيروسات الحاسوبية أيضاً، ومتصفحات الإنترنت، والأدوات المستوحاة من مجال المحاسبة، وقد كانت توقعاتهما دقيقة.

الحروب بين الأمس واليوم

ويؤكد الكتاب أن حروب الأمس، مثل الحرب العالمية الثانية، كانت تتمحور حول حماية البلدان المتحضرة من مخاطر مُستبدين مهووسين، أو تسعى إلى مواجهة الأيديولوجيات، كما حدث في صراعات فيتنام وكوريا، أو تحاول منع توسع طرف مهيمن على حساب طرف آخر، وعادة ما تشارك في هذا النوع من القضايا الكبرى قوات عسكرية ضخمة، وفي المقابل فإن حروب اليوم تتعلق أكثر بالكراهية الثقافية، والدينية، التي تستخدم العنف وسيلةً لتغيير أفئدة الناس وعقولهم، ولا سيَّما أولئك الذين تحدث عمليات القتل المُكرَّر في أوساطهم، وستكون حروب الغد مختلفة، وستتمحور دوافعها حول فرض الهيمنة السياسية بأساليب التخفي، والتحايل، عن طريق استهداف الأبرياء، والمؤسسات، وستعتمد كثيراً على التفوق المعلوماتي، واستخدام الأسلحة الجديدة والغريبة.

إن امتلاك أي دولة قوات مسلحة متأهبة، ومدربة، ومجهزة جيداً، وقادرة على التأقلم، لا يعني أنها جاهزة للتفاعل الجيد مع الفوضى وعدم الوضوح، اللذين ستحدثهما النزاعات، والأسلحة الجديدة، فما زلنا نفتقد فكرة واضحة عما يمكن عدُّه إعلان حرب سيبرانية، كما أننا لا نعرف تماماً كيفية الرد على هجوم من هذا النوع، فجاهزية الجيش في هذا السياق لا تكفي، كما أن الشعب وصناع القرار لا يدركون تماماً فحوى التغيرات في أنماط النزاعات، والأدوات الجديدة التي ستظهر في إطار ذلك.

الخلاصة

ويخلص الكتاب إلى أن صناع القرار سيجدون أنفسهم في ظروف تتطلب بالضرورة، أو كما يعتقدون في الأقل، إرسال جنود لخوض معارك ميدانية تقليدية، واستعراض القوة عن طريق طائراتهم المتطورة، وذخائرهم، والمجموعات الهجومية لحاملات الطائرات، إلا أن ذلك لن يغير شيئاً من حقيقة التطورات الكبيرة والمتسارعة التي طرأت على التكنولوجيا الحربية.

معلومات الكتاب

اسم الكتاب: حرب المستقبل.. الاستعداد لساحة المعركة العالمية الجديدة

المؤلف: روبرت إتش. لاتيف

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

سنة النشر: 2023

معلومات المؤلف

روبرت إتش. لاتيف

حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة من جامعة نوتردام

خدم في الجيش الأمريكي بصفة ضابط مشاة إبان الحرب الباردة، ثم انتقل بعدها إلى القوات الجوية الأمريكية

أشرف على مشروعات في مجال تطوير تكنولوجيا التخفِّي، والاستطلاع

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض