b

إدارة المؤسسات العسكرية.. النظرية والتطبيق

يدرس هذا الكتاب – الذي أعدّه فريق من أكاديمية الدفاع الهولندية، بدعم من زملائهم في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية – المؤسسات العسكرية، بصفتها كياناً مستقلاً بذاته وفريداً بخصائصه. والهدف من الكتاب هو دراسة إمكانية تطبيق النظرية التنظيمية الإدارية المدنيّة على المؤسسات العسكرية، وترسيخ الأفكار والمُدرَكات التي يمكن أن تعود بالفائدة على المنظمات التقليدية من دراسة المؤسسات العسكرية.

هدف الكتاب

أُسّس الكتاب على «دورة التخطيط والتحكم»، وهي دورة أنشطة تبدأ بعمليات التوجيه الخارجي والتخطيط الاستراتيجي، وتعقبها عملية التنسيق الداخلي والاستعداد أو «التأهُّب»، ثم عملية الإنتاج أو التسليم، وتنتهي برصد الفاعليّة والنتائج. وبإضافة عمليات التعلُّم التي تتمّ على الأرض، تعاوِد هذه الحلقة الدَّوران مرة ثانية؛ وهذا ما تجلّى في أقسام هذا الكتاب الأربعة بفصولها العشرين.

القسم الأول

ويركّز القسم الأول من الكتاب على الجوانب السياقية والخارجية والاستراتيجية للمؤسسات العسكرية؛ إذ رسم فيه مؤلّفوه المشهد والبيئة اللذَين قد يجب على هذه المؤسسات اليوم ممارسة مهمّاتها فيهما؛ أي عالم القرن الحادي والعشرين الذي يحفل بالانتفاضات والاضطرابات في “الدول الفاشلة” بعدد من المناطق الآسيوية والإفريقية، بينما تُمثّل الشبكات الإرهابية الناشطة عالمياً تهديداً مستمراً للحياة اليومية عبر العالم. وتحتاج المؤسسات العسكرية المعاصرة إلى الردّ على هذه التطورات تحت درع مؤسسات دولية.

وفي عالم التقنيات ظهرت الحروب المرتكزة على الشبكة، التي تُقيم خط اتصال بين الجندي أو الطيار، وقادته أو مقر القيادة أو حتى وزارات الدفاع، تُنقَل عَبْره الأحداث في زمنها الحقيقي بالاتجاهين. أضف إلى ذلك الروبوتات التي تُنشَر براً وبحراً وجواً، وربما في الفضاء أيضاً، وقد دخلت ساحة المعركة لتعمل مع روبوتات أخرى أو مع البشر.

القسم الثاني

واحتلّت القضايا ذات الصلة بالتنسيق الداخلي والاستعداد للعمليات موقعاً مركزيّاً في القسم الثاني من الكتاب؛ إذ اشتمل على نظرة عامة إلى المفاهيم والمُدرَكات المتعلّقة بهيكلة المؤسسات العسكرية وتهيئتها لعمليات انتشار مؤقَّتة تُنفَّذ في الخارج؛ وكذلك ناقش الأهمية المتعاظِمة حالياً للضوابط التنظيمية؛ فثمَّة أسباب عدَّة صارت تدفع السياسيين والقادة العسكريين إلى اعتقاد أنَّ من الحكمة التركيز على توفير الخدمات داخل المؤسسة العسكرية، أو إيكال بعض نشاطاتها إلى مؤسسات تجارية.

كما عالج هذا القسم التخطيط الفعلي للعمليات، بما تشمله من المسائل اللوجستية، وإدارة الموارد، وتقنية المعلومات، والنشاطات الاستخبارية.

القسم الثالث

وتركَّز الاهتمام في القسم الثالث على العمليات الفعلية وقيادة الناس المشاركين فيها؛ إذ قدَّم نظرة عامة عن الدراسات التي تتناول مسألة القيادة بوجه عام، وفي المؤسسة العسكرية بوجه خاص، وكيفية التعامل مع القضايا الآنيّة المتصلة بالأحداث الجارية، وسلّط الضوء على ما يحدث حين تواجه الوحدات العسكرية وأفرادها أحداثاً جِساماً مهدّدة للحياة ومربِكة، كالحرائق والانفجارات الفجائية، وأكّد أن المؤسسات العسكرية بحاجة إلى إيلاء اهتمام كافٍ للمعضلات الأخلاقية والمعنوية في أثناء إدارة عملياتها العسكرية. ويركّز هذا القسم على الدور المهمّ للقانون العسكري في إدارة العمليات؛ فالقادة العسكريون يملكون الوسائل اللازمة، من قانون الانضباط، لمعالجة السلوك غير اللائق أو الجنائي فيما بين قواتهم؛ وكذلك يستقرئ إحدى مهمات المؤسسة العسكرية التي تغيب عن الذهن أحياناً، وهي تأمين المعونات الإنسانية عند حلول الكوارث الطبيعية أو الإنسانية التي يمكن أن تحلّ في الداخل أو الخارج.

وأيّاً كانت قيمة هذه الإسهامات العسكرية، فلا يزال هناك حيّز شاسع لتطوير سبل تنظيم هذه التدخلات وتحسينها.

القسم الرابع

وفي رابع أقسام الكتاب وآخرها تصل دورة التخطيط والتحكّم إلى نهايتها، وهي مراقبة الفاعليّة العملياتية والنتائج (الثانوية). وقد ركّز المؤلفون في هذا القسم بوضوح على جانب السيطرة على العملية العسكرية. وبالرغم من أن تقنيات الاستشعار والمعلومات والاتصالات التي طُوّرت حديثاً سيكون لها دور ملموس في هذا المجال، فلا غنى من بعد ذلك عن التفاعل وجهاً لوجه، المبنيّ على إحساس سليم بالتفاعل الإنساني الملائم. وليس أمام القائد العسكري الجيد إلا تطبيق تدابير مراقبة “النتائج” مثلما يُطبّق مراقبة “الأفعال” و”الأفراد”.

كما ركّز القسم على تحديد مدى فاعليّة ما يجري في منطقة العمليات؛ ففي نهاية المطاف لا ينبغي الاستمرار إلا في الأنشطة الناجحة التي تتمخّض عن نتائج دائمة.

ويُشار إلى الأنظمة التي تطبّقها المؤسسة العسكرية لتحديد مدى الفاعليّة العملياتية بعبارة “مقاربة العمليات بناءً على التأثيرات”. وهذه المقاربة لا تزال محل خلاف؛ لاعتقاد بعض القادة أنها غير مُجدية. وقد حُلّلت مواقف المؤيدين والمعارضين لها، إضافة إلى الوسائل التي يمكن انتهاجها مستقبلاً.

ثم ينتقل القسم الرابع إلى معالجة السبل التي تسعى المؤسسات العسكرية من خلالها إلى أن تصبح مؤسساتِ تعلُّم؛ وهذا هو سبب الاهتمام الكبير الذي تُوليه المؤسسات العسكرية لمراجَعات ما بعد الفعل، والدروس المستفادة، وإدارة المعرفة بوجه عام.

ويمكن أن توفّر هذه الأدوات وسيلة لإحداث مزيد من التحسينات التنظيمية، إضافةً إلى تحرّي نتائج العمليات العسكرية من حيث صحة أفراد المؤسسة العسكرية ورفاهيتهم هم وأُسَرهم؛ بمعنى ألّا تفضي عمليات نشر الجنود وإشراكهم في مواقف عنيفة ومُجهِدة إلى آثار سلبية في الصحة (العقلية) للجنود ولأسرهم؛ ولذلك أصبح لزاماً على المؤسسة العسكرية توفير الرعاية لجنودها بعد عودتهم من العمليات العسكرية.

الخاتمة

وفي الخاتمة يُقدّم المحرّرون خُلاصة لأقسام الكتاب على اختلافها، مع التركيز على تعدّد الواجبات التي باتت مطلوبة من القوات العسكرية في الوقت الحاضر.

معلومات الكتاب:
اسم الكتاب: إدارة المؤسسات العسكرية – النظرية والتطبيق
تحرير: جوزيف سويترز وبول سي – فان فينيما – روبرت بيريز
الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
سنة النشر: 2016

معلومات المحررين:

جوزيف سويترز
رئيس قسم الدراسات الإدارية والتنظيمية واقتصاد الدفاع في أكاديمية الدفاع الهولندية، وأستاذ علم الاجتماع التنظيمي في جامعة تيلبرج؛ وتُعنَى بحوثه بالشؤون الإدارية والدفاعية.

بول سي. فان فينيما

أستاذ مشارك في الدراسات التنظيمية في كلّ من أكاديمية الدفاع الهولندية وجامعة تيلبرج. وقد نُشِر كثير من أعماله البحثية في مجالَي التنسيق والتحكم.

روبرت بيريز

أستاذ مشارك لعلوم المحاسبة والرقابة في مجال الدفاع في كل من أكاديمية الدفاع الهولندية، ومعهد ناينرود لإدارة الأعمال؛ وتركّز بحوثه على تطوير نظم المحاسبة ومعايير الفاعليّة في المؤسسات العسكرية.

 

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض