Screen Shot 2021-11-30 at 12.47.56 PM

مبادئ الخمسين التأسيس لانطلاقة الإمارات الواثقة نحو المستقبل

تحتفل‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬بيوبيلها‭ ‬الذهبي‭ ‬وذكرى‭ ‬مرور‭ ‬خمسة‭ ‬عقود‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬اتحادها‭ ‬المبارك‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬وهي‭ ‬لحظة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬تاريخها،‭ ‬تريد‭ ‬قيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬الحكيمة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬التأسيس‭ ‬الثاني‭ ‬للدولة،‭ ‬ونقطة‭ ‬انطلاقها‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭ ‬المشرق‭ ‬الذي‭ ‬تخطط‭ ‬له‭ ‬وتحقيق‭ ‬هدفها‭ ‬الطموح‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬التنموية‭ ‬والحضارية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

ضمن‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ستعرض‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭ ‬باختصار‭ ‬شديد‭ ‬لأبرز‭ ‬ملامح‭ ‬مسيرة‭ ‬الإنجازات‭ ‬الإماراتية‭ ‬خلال‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وآفاق‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المبادئ‭ ‬العشرة‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬‮«‬وثيقة‭ ‬الخمسين‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬المرجع‭ ‬الأساسي‭ ‬لكافة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خططها‭ ‬المستقبلية‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الرئيسية‭ ‬لهذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬أركان‭ ‬الاتحاد‭ ‬وبناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬مستدام‭ ‬وتسخير‭ ‬جميع‭ ‬الموارد‭ ‬لمجتمع‭ ‬أكثر‭ ‬ازدهاراً‭ ‬وتطوير‭ ‬علاقات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬الدولة‭ ‬العليا‭ ‬ودعم‭ ‬أسس‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬تغريداته‭.‬

أولاً‭: ‬إمارات‭ ‬الخمسين‭..‬
قصة‭ ‬نجاح‭ ‬ملهمة

تمثل‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وتجربتها‭ ‬التنموية‭ ‬الرائدة‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬ملهمة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬حصرها‭ ‬هنا،‭ ‬وربما‭ ‬تحتاج‭ ‬لمجلدات‭ ‬لرصد‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬رسخت‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬الإمارات‭ ‬بوصفها‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬نموذج‮»‬‭ ‬ومصدر‭ ‬إلهام‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكنت‭ ‬خلال‭ ‬عقود‭ ‬قليلة‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬معجزة‭ ‬تنموية‭ ‬تعتبر‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأمم،‭ ‬وأن‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬صورتها‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بوصفها‭ ‬وطناً‭ ‬للخير‭ ‬والتسامح‭ ‬والإنسانية‭ ‬والسلام‭.‬

ملامح‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬النموذج‮»‬‭ ‬تتعدد‭ ‬بتعدد‭ ‬مجالات‭ ‬التطور‭ ‬الإنساني،‭ ‬فعلى‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي،‭ ‬تقف‭ ‬تجربة‭ ‬اتحاد‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬باعتبارها‭ ‬نموذجاً‭ ‬مهماً‭ ‬لكيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬والاندماج‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬فهذا‭ ‬الاتحاد‭ ‬الذي‭ ‬أرسى‭ ‬دعائمه‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬وإخوانه‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬المؤسسين،‭ ‬والذي‭ ‬بني‭ ‬قبل‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬الإرادة‭ ‬الطوعية‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الموحد‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬إمارات‭ ‬الدولة،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يقاوم‭ ‬كل‭ ‬الهزات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬وأن‭ ‬يرسخ‭ ‬وجوده‭ ‬ومكانته‭ ‬بوصفه‭ ‬أنجح‭ ‬تجربة‭ ‬وحدوية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وربما‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

كما‭ ‬نجحت‭ ‬الإمارات‭ ‬خلال‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬نموذجاً‭ ‬فريداً‭ ‬خاصاً‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬التماسك‭ ‬المجتمعي‭ ‬والتلاحم‭ ‬الوطني‭ ‬قلما‭ ‬تجد‭ ‬له‭ ‬نظيراً‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهذا‭ ‬النموذج‭ ‬يلاحظه‭ ‬بسهوله‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬تطأ‭ ‬قدمه‭ ‬أرض‭ ‬الإمارات،‭ ‬فهناك‭ ‬شعب‭ ‬يدين‭ ‬بالولاء‭ ‬لقيادته‭ ‬ويلتف‭ ‬حولها‭ ‬ولا‭ ‬يترك‭ ‬فرصة‭ ‬إلا‭ ‬ويستغلها‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬انتمائه‭ ‬لوطنه‭ ‬وحبه‭ ‬لقيادته‭. ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬قيادة‭ ‬حكيمة،‭ ‬تضع‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطنين‭ ‬ورفاهيتهم‭ ‬وسعادتهم‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬أولوياتها‭ ‬وتعتبرها‭ ‬بوصلتها‭ ‬التي‭ ‬تتحرك‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬ليخلق‭ ‬هذا‭ ‬الانسجام‭ ‬الفريد‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬والمواطنين،‭ ‬والذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬بمقولته‭ ‬المأثورة‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬متوحد‮»‬‭.‬

الإدارة‭ ‬الحكومية‭:‬‭ ‬تقدم‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬نموذجاً‭ ‬رائداً‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الحكومية‭ ‬الرشيدة‭ ‬والناجحة،‭ ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بالأداء‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬الكفاءة‭ ‬وتوفير‭ ‬الوقت‭ ‬والجهد‭ ‬وغياب‭ ‬البيروقراطية‭ ‬والروتين‭ ‬عبر‭ ‬سلسلة‭ ‬متصلة‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬المبتكرة‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬مواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الريادة‭ ‬الإماراتية،‭ ‬بل‭ ‬يحرص‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬أحدث‭ ‬النظم‭ ‬الإدارية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬ومنظومة‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة،‭ ‬بشكل‭ ‬جعل‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬الإمارات‭ ‬الدعم‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬أجهزتها‭ ‬الحكومية،‭ ‬وجعل‭ ‬الإمارات‭ ‬تتبوأ‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬محور‭ ‬‮«‬الكفاءة‭ ‬الحكومية‮»‬‭ ‬ضمن‭ ‬تقرير‭ ‬التنافسية،‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬الكتاب‭ ‬السنوي‭ ‬للتنافسية‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬لعام‭ ‬2019‭. ‬ويرتبط‭ ‬بذلك،‭ ‬ثقافة‭ ‬الابتكار‭ ‬والتطوير‭ ‬الدائم‭ ‬التي‭ ‬رسختها‭ ‬القيادة‭ ‬الإماراتية‭ ‬الرشـيدة،‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬الإمارات‭ ‬أرض‭ ‬الفرص‭ ‬لكل‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬التميز‭ ‬والريادة،‭ ‬والوجهة‭ ‬المفضلة‭ ‬لجذب‭ ‬المواهب‭ ‬الإبداعية‭ ‬وراود‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬كله،‭ ‬والنموذج‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬الكثيرون‭ ‬استلهامه‭ ‬والاقتداء‭ ‬به‭.‬

السياسة‭ ‬الخارجية‭:‬‭ ‬أرست‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬خلال‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية‭ ‬مدرسة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬متفردة‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬ترتكز‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬ثابته‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬قضايا‭ ‬الحق‭ ‬والعدل‭ ‬والسلام‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬الصديق‭ ‬الوفي‭ ‬لجميع‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬وأن‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬الإمارات‭ ‬وصورتها‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬الصداقة‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المختلفة،‭ ‬ومد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة‭ ‬لكل‭ ‬ملهوف‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بقعة‭ ‬من‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬والتحرك‭ ‬الجاد‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬عبر‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬ومحاولة‭ ‬احتواء‭ ‬الأزمات‭ ‬والمشاركة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الدولية‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والإغاثية‭ ‬لدول‭ ‬الصراعات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدور‭ ‬المهم‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬ونشر‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬والإخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والذي‭ ‬تنامي‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

وهذه‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الفاعلة‭ ‬والمتوازنة‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬الدولة‭ ‬جعلت‭ ‬القبول‭ ‬الدولي‭ ‬بها‭ ‬لا‭ ‬يضاهيه‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬وسهَّل‭ ‬مهمة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬معاركها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والتنموية،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬فوز‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2009‭ ‬باستضافة‭ ‬مقر‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬‮«‬إرينا‮»‬،‭ ‬وفوزها‭ ‬باستضافة‭ ‬معرض‭ ‬‮«‬إكسبو‭ ‬2020‮»‬‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬دبي،‭ ‬بعد‭ ‬منافسة‭ ‬دولية‭ ‬قوية‭ ‬حُسمت‭ ‬لمصلحة‭ ‬الإمارات،‭ ‬وفوزها‭ ‬بعضوية‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬مرتين،‭ ‬وأخيراً‭ ‬فوزها‭ ‬بحق‭ ‬استضافة‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬بشأن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬‮«‬كوب‭ ‬28‮»‬‭ (‬COP28‭)  ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭. ‬كما‭ ‬تجسد‭ ‬هذا‭ ‬القبول‭ ‬الدولي‭ ‬الواسع‭ ‬في‭ ‬تصدّر‭ ‬الدولة‭ ‬للمؤشـرات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بقياس‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬للدول‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬حيث‭ ‬حلّت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬عربياً‭ ‬والـ17‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬‮«‬مؤشـر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‮»‬‭ ‬وفقاً‭ ‬لنتائج‭ ‬‮«‬التقرير‭ ‬العالمي‭ ‬لمؤشـر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬2021‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬حقق‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬الإماراتي‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬عالمياً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القوة‭ ‬بحسب‭ ‬مؤشـر‭ ‬Passport index‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬العالم‭ ‬بالإمارات‭ ‬وأبنائها‭ ‬وسياساتها‭.‬

المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنموي‭:‬‭ ‬نجحت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬خلال‭ ‬مسيرة‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬رائد‭ ‬إقليمياً‭ ‬وعالمياً،‭ ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التنموية‭ ‬باستراتيجيات‭ ‬تستعد‭ ‬للمستقبل‭. ‬وقد‭ ‬أثبت‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬نجاعته‭ ‬للعالم‭ ‬كله،‭ ‬حيث‭ ‬حقق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإماراتي‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬قليلة،‭ ‬ونجحت‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مستوى‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬الرفاهية‭ ‬ومستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬لمواطنيها‭ ‬كافة‭ ‬والمقيمين‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للتجارة‭ ‬والتمويل‭ ‬والاستثمار‭ ‬والسـياحة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وأحد‭ ‬أهم‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصاعدة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعالم‭.‬

ونجحت‭ ‬الدولة‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬بيئة‭ ‬أعمال‭ ‬اقتصادية‭ ‬نشطة‭ ‬ومزدهرة‭ ‬وجاذبة‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشـرة،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أنجح‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬حيث‭ ‬تتبوأ‭ ‬المكانة‭ ‬الأولى‭ ‬عربياً‭ ‬كما‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬متقدمة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬البنك‭ ‬الدولي،‭ ‬ومجلتي‭ ‬‮«‬فوربس»و«سـيوورلد‮»‬‭ ‬العالميتين‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2020،‭ ‬كما‭ ‬حلت‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬إقليمياً‭ ‬والرابعة‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬المؤشـر‭ ‬العالمي‭ ‬لريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬2020،‭ ‬بحسب‭ ‬التقرير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المرصد‭ ‬العالمي‭ ‬لريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2021،‭ ‬متقدمة‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاقتصادات‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى‭.‬

وبرزت‭ ‬قوة‭ ‬النموذج‭ ‬التنموي‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬تصدر‭ ‬الدولة‭ ‬للعام‭ ‬الرابع‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬بلدان‭ ‬منطقة‭ ‬الشـرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الكتاب‭ ‬السنوي‭ ‬للتنافسـية‭ ‬العالمية‭ ‬2020،‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬التنافسـية‭ ‬العالمي‭ ‬التابع‭ ‬للمعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للتنمية‭ ‬الإدارية‭ ‬بمدينة‭ ‬لوزان‭ ‬السويسـرية،‭ ‬والذي‭ ‬صنف‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬التاسعة‭ ‬عالمياً‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تنافسـية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وحافظت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬ضمن‭ ‬أفضل‭ ‬عشـر‭ ‬دول‭ ‬تنافسـية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬2020،‭ ‬متقدمة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وايرلندا،‭ ‬وفنلندا،‭ ‬ولوكسمبورج،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬لتظل‭ ‬بذلك‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬حجز‭ ‬موقعها‭ ‬ضمن‭ ‬نادي‭ ‬العشـر‭ ‬الكبار‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الكتاب‭ ‬السنوي‭ ‬للتنافسـية‭ ‬العالمية،‭ ‬وذلك‭ ‬لأربع‭ ‬سنوات‭ ‬متتالية،‭ ‬منذ‭ ‬انضمامها‭ ‬لقائمة‭ ‬العشـر‭ ‬الأوائل‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2017‭. ‬ووفقاً‭ ‬لنتائج‭ ‬التقرير،‭ ‬تبوأت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬مؤشـراً‭ ‬ومحوراً‭ ‬فرعياً،‭ ‬فيما‭ ‬حلّت‭ ‬ضمن‭ ‬المراكز‭ ‬الخمس‭ ‬الأولى‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬59‭ ‬مؤشـراً،‭ ‬وضمن‭ ‬المراكز‭ ‬العشـر‭ ‬الأولى‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬106‭ ‬مؤشـرات،‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬338‭ ‬مؤشـراً‭ ‬تناولها‭ ‬التقرير‭.‬

المستوى‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري‭:‬‭ ‬نجحت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬نموذج‭ ‬متعايش‭ ‬مع‭ ‬الاختلافات‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬هاجساً‭ ‬مزمناً‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬تعيش‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬جنسـية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬بانسجام‭ ‬وتناغم‭. ‬وتقدمت‭ ‬خطوات‭ ‬للأمام‭ ‬بإطلاق‭ ‬وثيقة‭ ‬الأخوة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬وهي‭ ‬الوثيقة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تبنت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يوم‭ ‬توقيعها‭ ‬في‭ ‬أبوظبي‭ ‬باعتباره‭ ‬يوماً‭ ‬دولياً‭ ‬للأخوة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فيما‭ ‬تعمل‭ ‬الدولة‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬العائلة‭ ‬الإبراهيمية‮»‬،‭ ‬كمنصة‭ ‬فريدة‭ ‬تجمع‭ ‬قيادات‭ ‬الأديان‭ ‬الإبراهيمية‭ ‬الثلاثة،‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسيحية‭ ‬واليهودية،‭ ‬لتكون‭ ‬منارة‭ ‬للتسامح‭ ‬والتعايش‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬منظومتها‭ ‬القيمية‭ ‬الرائدة،‭ ‬أصبحت‭ ‬الإمارات‭ ‬تمثل‭ ‬نموذجاً‭ ‬رائداً‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والإخاء‭ ‬الإنساني‭ ‬والانفتاح‭ ‬البناء‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬وبناء‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬حتى‭ ‬غدت‭ ‬بمثابة‭ ‬عاصمة‭ ‬دولية‭ ‬للتسامح،‭ ‬وواحة‭ ‬للتعايش‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭. ‬

خلاصة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬حصيلة‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬أنتجت‭ ‬بفضل‭ ‬حكمة‭ ‬قيادتها‭ ‬الرشيدة،‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬نموذج‮»‬‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬مصدراً‭ ‬للإلهام‭ ‬لجميع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبه‭.‬

ثانياً‭: ‬وثيقة‭ ‬‮«‬مبادئ‭ ‬الخمسين‮»‬‭ ‬والانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل

دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬مستقبل‭ ‬تسعى‭ ‬دائماً‭ ‬لتحقيق‭ ‬الريادة‭ ‬والتميز‭ ‬إقليمياً‭ ‬وعالمياً‭ ‬لا‭ ‬تقنع‭ ‬قيادتها‭ ‬بما‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬رغم‭ ‬عظمها،‭ ‬فهذه‭ ‬القيادة‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حركة‭ ‬دائمة‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬والريادة‭ ‬وأن‭ ‬عدم‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬أو‭ ‬إبطاء‭ ‬الحركة‭ ‬فيه‭ ‬سيترتب‭ ‬عليه‭ ‬التخلف‭ ‬عن‭ ‬ركب‭ ‬التقدم‭ ‬البشري‭ ‬والحضاري،‭ ‬ولهذا‭ ‬تعمل‭ ‬باستمرار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬خططها‭ ‬الطموحة‭ ‬للمستقبل،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬هدفها‭ ‬الأول‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2071‭.‬

ضمن‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أرادت‭ ‬القيادة‭ ‬الإماراتية‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬احتفالات‭ ‬عام‭ ‬الخمسين‭ ‬بمثابة‭ ‬التأسيس‭ ‬لنقطة‭ ‬انطلاق‭ ‬كبرى‭ ‬جديدة‭ ‬نحو‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬تنشده،‭ ‬فجاء‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬وثيقة‭ ‬‮«‬مبادئ‭ ‬الخمسين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وجه‭ ‬بها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬‮«‬حفظه‭ ‬الله‮»‬،‭ ‬واعتمدها‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي‭ ‬‮«‬رعاه‭ ‬الله‮»‬‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آلِ‭ ‬نهيان‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭ ‬لتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬المسار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬ستسلكه‭ ‬الدولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬رؤيتها‭ ‬المستقبلية‭ ‬الطموحة‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2071‭.‬

وتتضمن‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬عشرة‭ ‬مبادئ‭ ‬أساسية،‭ ‬تكشف‭ ‬بوضوح‭ ‬عمق‭ ‬الرؤية‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬تتبناها‭ ‬القيادة‭ ‬الإماراتية‭ ‬وشمولها‭ ‬لمجالات‭ ‬التقدم‭ ‬البشري‭ ‬المستقبلية،‭ ‬والتي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬محاور‭ ‬أساسية،‭ ‬هي‭ ‬اقتصاد‭ ‬المعرفة،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬المحلية،‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬استقطاب‭ ‬المبدعين،‭ ‬وترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬الإمارات‭ ‬كعاصمة‭ ‬للمواهب‭ ‬والشركات‭ ‬والاستثمارات‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية‭ ‬والتقنية‭ ‬والرقمية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وبناء‭ ‬بيئة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬حاضنة‭ ‬للابتكار،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والتنمية‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة‭.‬

وبشكل‭ ‬عام‭ ‬يمكن‭ ‬تضمين‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬العشرة‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬محاور‭ ‬أساسية‭ ‬ستعمل‭ ‬عليها‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬ريادتها‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬يلي‭:‬

1‭ ‬ تقوية‭ ‬الاتحاد‭ ‬وترسيخ‭ ‬أركانه‭: ‬كان‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬الاتحاد‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬انطلقت‭ ‬منه‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬الإمارات،‭ ‬ونقطة‭ ‬الارتكاز‭ ‬التي‭ ‬بُنيت‭ ‬عليها‭ ‬جميع‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية،‭ ‬فعندما‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬متوحد‮»‬‭ ‬وتكون‭ ‬قيم‭ ‬التضامن‭ ‬والتناغم‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬والشعب‭ ‬راسخة‭ ‬وقوية،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الداخلي‭ ‬وتعزيز‭ ‬التلاحم‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬الشرط‭ ‬الأول‭ ‬لأي‭ ‬نهضة‭ ‬تنموية‭ ‬حاضرة‭ ‬أو‭ ‬مستقبلية‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬المبدأ‭ ‬الأول‭ ‬ليؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأولوية‭ ‬الرئيسية‭ ‬الكبرى‭ ‬ستبقى‭ ‬تقوية‭ ‬الاتحاد،‭ ‬كمؤسسات‭ ‬وتشريعات‭ ‬وصلاحيات‭ ‬وميزانيات،‭ ‬وتطوير‭ ‬مناطق‭ ‬الدولة‭ ‬كافة،‭ ‬عمرانياً‭ ‬وتنموياً‭ ‬واقتصادياً‭. ‬ولا‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالمبدأ‭ ‬الأول،‭ ‬فباقي‭ ‬المبادئ‭ ‬العشرة‭ ‬تعكس‭ ‬جميعها‭ ‬روح‭ ‬الاتحاد‭ ‬وقيمه‭ ‬السامية،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬والخير‭ ‬والسلام‭ ‬والعطاء‭ ‬الإنساني‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالقدرات‭ ‬البشرية‭ ‬المواطنة،‭ ‬التي‭ ‬شكلت‭ ‬ركائز‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬التنموية‭ ‬خلال‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وستظل‭ ‬كذلك‭ ‬خلال‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬المقبلة‭.‬

2‭ ‬ ترسيخ‭ ‬وتعزيز‭ ‬التجربة‭ ‬التنموية‭ ‬الإماراتية‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأفضل‭ ‬والأنشط‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ومواصلة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وتنمية‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري،‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭  ‬التعليم،‭ ‬واستقطاب‭ ‬المواهب،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬التخصصات،‭ ‬والبناء‭ ‬المستمر‭ ‬للمهارات‭ ‬باعتباره‭ ‬الرهان‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬تفوق‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وريادتها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المعرفي‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬التفوق‭ ‬الرقمي‭ ‬والتقني‭ ‬والعلمي‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬بما‭ ‬يجعلها‭ ‬العاصمة‭ ‬القادمة‭ ‬للعالم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬الحيوية‭ ‬التي‭ ‬ستعيد‭ ‬رسم‭ ‬ملامح‭ ‬المشهد‭ ‬التنموي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

ويشغل‭ ‬تطوير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الحيز‭ ‬الأبرز‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬ضمن‭ ‬مبادئ‭ ‬الوثيقة،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬العشرة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأفضل‭ ‬عالمياً،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الوثيقة‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬الاساسي‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتية‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬سيكون‭ ‬هو‭ ‬خدمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬أفضل‭ ‬حياة‭ ‬لشعب‭ ‬الاتحاد‭.‬

3‭ ‬ تعزيز‭ ‬الصورة‭ ‬الإيجابية‭ ‬البراقة‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وتعزيز‭ ‬منظومة‭ ‬القيم‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬والقائمة‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتسامح‭ ‬وحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬وترسيخ‭ ‬دولة‭ ‬العدالة‭ ‬وحفظ‭ ‬الكرامة‭ ‬البشرية‭ ‬واحترام‭ ‬الثقافات‭ ‬وترسيخ‭ ‬الأخوّة‭ ‬الإنسانية‭ ‬واحترام‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وهي‭ ‬المنظومة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬اسم‭ ‬الإمارات‭ ‬يقترن‭ ‬دائماً‭ ‬بهذه‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ربوع‭ ‬العالم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مواصلة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الدور‭ ‬الإنساني‭ ‬للإمارات‭ ‬عالمياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دبلوماسية‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والتنموية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬أيادي‭ ‬الإمارات‭ ‬البيضاء‭ ‬تصل‭ ‬لكل‭ ‬بقعة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬اعتبارات‭ ‬الدين‭ ‬والجنس‭ ‬والثقافة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى‭. ‬وتعتبر‭ ‬الوثيقة‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬هي‭ ‬مهمة‭ ‬وطنية‭ ‬تتحملها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإماراتية‭ ‬كافة،‭ ‬فالكل‭ ‬معني‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬السمعة‭ ‬العالمية‭ ‬الإيجابية‭ ‬للإمارات‭ ‬وصورتها‭ ‬البراقة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

4‭ ‬ السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للدولة‭ ‬وجهودها‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬العالميين‭: ‬ولم‭ ‬تختلف‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬بها‭ ‬الوثيقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬على‭ ‬الأسس‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتية‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬التأسيس‭ ‬الأولى‭ ‬والتي‭ ‬أرسى‭ ‬دعائمها‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬الوثيقة‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬كأساس‭ ‬للاستقرار،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬المحيط‭ ‬الجغرافي‭ ‬والشعبي‭ ‬والثقافي‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬ضمنه‭ ‬الدولة‭ ‬يمثل‭ ‬خط‭ ‬الدفاع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬أمنها‭ ‬وسلامتها‭ ‬ومستقبل‭ ‬التنمية‭ ‬فيها،‭ ‬وأن‭ ‬تطوير‭ ‬علاقات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وشعبية‭ ‬مستقرة‭ ‬وإيجابية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المحيط‭ ‬يعتبر‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أولويات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للدولة،‭ ‬ويدخل‭ ‬ضمن‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الدور‭ ‬الإماراتي‭ ‬الرائد‭ ‬في‭ ‬منظومتي‭ ‬العمل‭ ‬الإقليمي‭ ‬الخليجي‭ ‬والعربي،‭ ‬والسعي‭ ‬الإماراتي‭ ‬لبناء‭ ‬علاقات‭ ‬طيبة‭ ‬وودية‭ ‬مع‭ ‬باقي‭ ‬دول‭ ‬الإقليم‭ ‬أساسها‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭.‬

وبوصفها‭ ‬دولة‭ ‬سلام،‭ ‬أكدت‭ ‬مبادئ‭ ‬الخمسين‭ ‬أن‭ ‬الدعوة‭ ‬للسلم‭ ‬والسلام‭ ‬والمفاوضات‭ ‬والحوار‭ ‬لحل‭ ‬كافة‭ ‬الخلافات‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬وأن‭ ‬السعي‭ ‬مع‭ ‬الشركاء‭ ‬الإقليميين‭ ‬والأصدقاء‭ ‬العالميين‭ ‬لترسيخ‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭ ‬يعتبر‭ ‬محركاً‭ ‬أساسياً‭ ‬للسياسة‭ ‬الخارجية‭. ‬كما‭ ‬شددت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬ستبقى‭ ‬داعمةً‭ ‬عبر‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬لكل‭ ‬المبادرات‭ ‬والتعهدات‭ ‬والمنظمات‭ ‬العالمية‭ ‬الداعية‭ ‬للسلم‭ ‬والانفتاح‭ ‬والأخوّة‭ ‬الإنسانية‭.‬

وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬يلاحظ‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬العشرة‭ ‬التي‭ ‬تضمنتها‭ ‬الوثيقة‭ ‬بصفتها‭ ‬عامة،‭ ‬أمرين‭ ‬مهمين،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬المبادئ‭ ‬والثوابت‭ ‬والقيم‭ ‬الراسخة‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬القادة‭ ‬المؤسسون‭ ‬الأوائل‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬والتي‭ ‬سارت‭ ‬على‭ ‬هديها‭ ‬الدولة‭ ‬والقيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬خلال‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية،‭ ‬بل‭ ‬تبني‭ ‬عليها،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬ترسيخها‭ ‬بمنظور‭ ‬جديد‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬سيشهدها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬الأمر‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬يتيح‭ ‬المجال‭ ‬لكافة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬المعنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استلهام‭ ‬مضامينها‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تطبيقها‭ ‬ما‭ ‬يسرع‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬تنشدها‭ ‬مبادئ‭ ‬الخمسين‭.‬

الخاتمة

مع‭ ‬انطلاق‭ ‬احتفالات‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬بعامها‭ ‬الخمسين،‭ ‬تضع‭ ‬الدولة‭ ‬أقدامها‭ ‬على‭ ‬بداية‭ ‬مسيرة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التميز‭ ‬والريادة‭ ‬والنهضة‭ ‬الشاملة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬طموح‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬هدف‭ ‬ليس‭ ‬بالسهل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬المستعرة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬هنا‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬الإمارات‭ ‬وقيادتها‭ ‬الرشيدة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الطموح‭ ‬بحلول‭ ‬مئوية‭ ‬الإمارات‭ ‬عام‭ ‬2071،‭ ‬وربما‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬فالدولة‭ ‬حالياً‭ ‬وبالفعل‭ ‬تتصدر‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬عشرات‭ ‬المؤشرات‭ ‬التنموية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تضع‭ ‬باستمرار‭ ‬الخطط‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التي‭ ‬تساعدها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الطموحة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬تنفيذها‭. ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬فقط‭ ‬بوثيقة‭ ‬مبادئ‭ ‬الخمسين،‭ ‬ولكنه‭ ‬فلسفة‭ ‬عامة‭ ‬تحكم‭ ‬عمل‭ ‬الدولة‭ ‬وقيادتها‭ ‬وكافة‭ ‬مؤسساتها‭ ‬منذ‭ ‬التأسيس‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نلمسه‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬للمستقبل‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬مثل‭: ‬استراتيجية‭ ‬الحكومة‭ ‬الرقمية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬2025،‭ ‬واستراتيجية‭ ‬الإمارات‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬واستراتيجية‭ ‬الإمارات‭ ‬للثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة،‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستقطاب‭ ‬واستبقاء‭ ‬المواهب،‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬2051،‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للفضاء‭ ‬2030‭. ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬تضعها‭ ‬الدولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدفها‭ ‬في‭ ‬الريادة‭ ‬والتميز‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬والتي‭ ‬تدخل‭ ‬أيضاً‭ ‬ضمن‭ ‬حيز‭ ‬المبادئ‭ ‬العشرة‭ ‬لوثيقة‭ ‬الخمسين‭.‬

وما‭ ‬يعزز‭ ‬التفاؤل،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬وتنفيذ‭ ‬المشروعات‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الذي‭ ‬إعلان‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم،‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي،‭ ‬رعاه‭ ‬الله،‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للصناعة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬300‭ ‬مليار‮»‬‭ ‬كاستراتيجية‭ ‬حكومية‭ ‬هي‭ ‬الأشمل‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬للنهوض‭ ‬بالقطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬وتوسيع‭ ‬حجمه‭ ‬ونطاقه،‭ ‬ليكون‭ ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬كما‭ ‬أطلقت‭ ‬الإمارات‭ ‬برنامجاً‭ ‬ناجحاً‭ ‬لارتياد‭ ‬الفضاء،‭ ‬وصلت‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭ ‬وإلى‭ ‬كوكب‭ ‬المريخ،‭ ‬فيما‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬طموحة‭ ‬لاستكشاف‭ ‬كوكب‭ ‬الزهرة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬وأنجزت‭ ‬أيضاً‭ ‬عملية‭ ‬إنشاء‭ ‬وتشغيل‭ ‬أول‭ ‬مفاعل‭ ‬نووي‭ ‬عربي،‭ ‬وهو‭ ‬مفاعل‭ ‬براكة‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الإمارات‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬تدخل‭ ‬عالم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬النووية،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬تنفيذ‭ ‬رؤيتها‭ ‬للخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬المقبلة‭.‬

لا‭ ‬خلاف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬وثيقة‭ ‬‮«‬مبادئ‭ ‬الخمسين‮»‬‭ ‬بمبادئها‭ ‬العشرة‭ ‬ستمثل‭ ‬خريطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬المستقبل‭ ‬الأفضل‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وشعبها‭ ‬خلال‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬المقبلة،‭ ‬وستسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬قوة‭ ‬النموذج‭ ‬الإماراتي‭ ‬باعتباره‭ ‬أكثر‭ ‬النماذج‭ ‬إلهاماً‭ ‬للدول‭ ‬والشعوب‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬والرخاء‭ ‬والازدهار‭ ‬والسلام‭.‬

‮»‬‭  ‬د‭. ‬فتوح‭ ‬هيكل
مدير‭ ‬الأبحاث‭ ‬في‭ ‬تريندز‭ ‬للبحوث‭ ‬والاستشارات

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض