Abstract photo art with astronaut on the Moon surface against Earth on the background, Exploring space and other planets. Elements of this image furnished by NASA

عسكرة القمر الخطط القائمة وتداعياتها على الاستقرار الدولي

تراقب‭ ‬المنظمات‭ ‬العسكرية‭ ‬القمر‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين،‭ ‬وهي‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الرئيسية‭ ‬المتنافسة‭ ‬حالياً،‭ ‬طموحات‭ ‬لإرسال‭ ‬بعثات‭ ‬إلى‭ ‬القمر‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬المقبل،‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يستهدفون‭ ‬جميعاً‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬تقريباً،‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬القطبية‭ ‬الجنوبية‭ ‬للقمر،‭ ‬بمواردها‭ ‬الثمينة،‭ ‬خاصة‭ ‬الجليد‭ ‬المائي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭.‬

مع‭ ‬تصاعد‭ ‬الاهتمام‭ ‬مجدداً‭ ‬بإرسال‭ ‬مهمات‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬إلى‭ ‬القمر،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬روسيا‭ ‬والهند‭ ‬مؤخراً‭ ‬مهمات‭ ‬فضائية‭ ‬هناك،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تخطيط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإرسال‭ ‬بشر‭ ‬إلى‭ ‬القمر‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2025،‭ ‬تزداد‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬عسكرة‭ ‬القمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬في‭ ‬المؤشرات‭ ‬التالية‭:‬

1‭ ‬- خطط‭ ‬واشنطن‭ ‬لعسكرة‭ ‬القمر‭: ‬أسست‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قوة‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬2020،‭ ‬كما‭ ‬تدرس‭ ‬خططاً‭ ‬لنشر‭ ‬أسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬العميق،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬البعيد‭ ‬من‭ ‬القمر،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬التحليلات‭ ‬لاتزال‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يعد‭ ‬مكلفاً‭ ‬للغاية،‭ ‬وذو‭ ‬فائدة‭ ‬عسكرية‭ ‬محدودة‭. ‬وتأتي‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الخطط‭ ‬الأمريكية‭ ‬كذلك‭ ‬نشر‭ ‬أقمار‭ ‬عسكرية‭ ‬للتجسس‭ ‬لكي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬القمر‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطط‭ ‬كانت‭ ‬قديمة،‭ ‬إذ‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬عقود‭ ‬مضت،‭ ‬مثل‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬الأفق‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬دراسة‭ ‬عسكرية‭ ‬اكتملت،‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1959،‭ ‬لدراسة‭ ‬جدوى‭ ‬إنشاء‭ ‬موقع‭ ‬عسكري‭ ‬‮«‬بشري‮»‬‭ ‬على‭ ‬القمر‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬1966،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬القدرات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المتاحة‭ ‬وقتها‭ ‬لم‭ ‬تمكن‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭. ‬

وكانت‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬أعدها‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬والقوات‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1959‭ ‬إلى‭ ‬1961‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬إنشاء‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر،‭ ‬مع‭ ‬استخدامات‭ ‬محتملة‭ ‬كمنصة‭ ‬مراقبة‭ (‬لأهداف‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬والفضاء‭) ‬ونظام‭ ‬إطلاق‭ ‬صاروخي‭ ‬على‭ ‬القمر‭.‬

وتجدد‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالفضاء‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2019،‭ ‬مع‭ ‬تأسيس‭ ‬القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ودعت‭ ‬إرشادات‭ ‬التخطيط‭ ‬الأخيرة‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬العمليات‭ ‬الفضائية،‭ ‬الجنرال‭ ‬جاي‭ ‬ريموند،‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬كبير‭ ‬لقدرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬استكشاف‭ ‬والتواصل‭ ‬وحماية‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬القمري‭ ‬وما‭ ‬وراءه‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬الجديد‭ ‬منصوص‭ ‬عليه‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬بين‭ ‬وكالة‭ ‬ناسا‭ ‬وقوة‭ ‬الفضاء‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬2021،‭ ‬والتي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬مجال‭ ‬اهتمام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الجديدة‭ ‬سيمتد‭ ‬إلى‭ ‬272‭ ‬ألف‭ ‬ميل‭ ‬وما‭ ‬بعدها،‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬حتى‭ ‬الجانب‭ ‬البعيد‭ ‬من‭ ‬القمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬زيادة‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أضعاف‭ ‬في‭ ‬النطاق‭. ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المؤيدين‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬المتزايد‭ ‬لواشنطن‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬هو‭ ‬اللفتنانت‭ ‬جنرال‭ ‬جون‭ ‬شو،‭ ‬نائب‭ ‬قائد‭ ‬قيادة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭.‬

ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬الخطط‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬قواعد‭ ‬غير‭ ‬مأهولة،‭ ‬أو‭ ‬نشر‭ ‬مركبات‭ ‬مسيرة،‭ ‬ولكنها‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬فقد‭ ‬صرّح‭ ‬جون‭ ‬شو،‭ ‬قائد‭ ‬قوة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬الجوية،‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬سبتمبر‭ ‬2020،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬سننشر‭ ‬جنوداً‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أنه‭: ‬‮«‬يمكنهم‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تشغيل‭ ‬مركز‭ ‬قيادة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬القمري‮»‬‭.‬

2‭ ‬- نشاطات‭ ‬الصين‭ ‬القمرية‭: ‬تبدي‭ ‬وكالة‭ ‬ناسا‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الصين‭ ‬بنشر‭ ‬معدات‭ ‬عسكرية‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬استكشاف‭ ‬القمر،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تنشئ‭ ‬الصين‭ ‬محطة‭ ‬أبحاث‭ ‬قمرية‭ ‬ذاتية‭ ‬التشغيل‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬القطب‭ ‬الجنوبي‭ ‬للقمر‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬

فقد‭ ‬حذر‭ ‬مدير‭ ‬وكالة‭ ‬ناسا،‭ ‬بيل‭ ‬نيلسون،‭ ‬رائد‭ ‬الفضاء‭ ‬السابق‭ ‬وعضو‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تدعي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬‮«‬امتلاك‮»‬‭ ‬المناطق‭ ‬الغنية‭ ‬بالموارد‭ ‬على‭ ‬القمر،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬‮«‬في‭ ‬سباق‭ ‬فضائي‮»‬،‭ ‬ومحذراً‭ ‬بأنه‭ ‬يجدر‭ ‬على‭ ‬واشنطن‭ ‬الانتباه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يصلوا‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬على‭ ‬القمر‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬محذراً‭ ‬بأنه‭ ‬إذا‭ ‬سيطرت‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬القمر،‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يطالبوا‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬بعدم‭ ‬المساس‭ ‬بهذه‭ ‬الملكية‭.‬

3‭ ‬- التعاون‭ ‬الصيني‭ ‬–‭ ‬الروسي‭:‬‭ ‬وقعت‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الروسية‭ ‬‮«‬روسكوزموس‮»‬‭ ‬وإدارة‭ ‬الفضاء‭ ‬الوطنية‭ ‬الصينية،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬اتفاقيتين‭ ‬لإنشاء‭ ‬مركز‭ ‬أبحاث‭ ‬قمري‭ ‬مشترك‭ ‬ومتابعة‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬البعيد،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬عن‭ ‬توقيع‭ ‬البلدين‭ ‬اتفاقية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬توضح‭ ‬خطط‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الخمسة‭ ‬أعوام‭ ‬التالية‭. ‬ووفقاً‭ ‬لخطط‭ ‬البلدين‭ ‬المعلنة،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الجانبان‭ ‬بالانتهاء‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬محطة‭ ‬قمرية‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2035‭. ‬

ويرى‭ ‬مجتمع‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬‮«‬تنظران‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬باعتباره‭ ‬مجالاً‭ ‬للقتال‮»‬‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقييم‭ ‬التهديدات‭ ‬السنوي‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المجمع‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬أنشأ‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬الدعم‭ ‬الاستراتيجي‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬مجالات‭ ‬الفضاء‭ ‬والفضاء‭ ‬السيبراني‭ ‬والطيف‭ ‬الكهرومغناطيسي‭. ‬كما‭ ‬أنشأت‭ ‬روسيا‭ ‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام‭. ‬ورداً‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التطورات،‭ ‬أنشأت‭ ‬فرنسا‭ ‬قيادة‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2019،‭ ‬وتبعتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬كشف‭ ‬رئيس‭ ‬العمليات‭ ‬الفضائية‭ ‬آنذاك،‭ ‬الجنرال‭ ‬جاي‭ ‬ريموند،‭ ‬أن‭ ‬قمرين‭ ‬صناعيين‭ ‬روسيين‭ ‬كانا‭ ‬يتتبعان‭ ‬قمراً‭ ‬أمريكياً‭ ‬للتجسس،‭ ‬ووصف‭ ‬السلوك‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬عادي‭ ‬ومثير‭ ‬للقلق‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬عملت‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬استغلاله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تبرير‭ ‬توجهها‭ ‬لعسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وذلك‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬صحة‭ ‬الاتهامات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لموسكو‭. ‬

أسباب‭ ‬الصراع‭:‬

يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬القمر،‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬يرتبط‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيلها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬

1‭ ‬- السيطرة‭ ‬على‭ ‬الموارد‭: ‬تسعى‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬لتعدين‭ ‬الفضاء،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬أرتميس،‭ ‬التابع‭ ‬لوكالة‭ ‬ناسا،‭ ‬والذي‭ ‬وإن‭ ‬هدف‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬البشر‭ ‬مجدداً‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء،‭ ‬ولكن‭ ‬يهدف‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬مزايا‭ ‬للاستخدامات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬للفضاء،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لاستغلال‭ ‬المعادن‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬إذ‭ ‬تعمل‭ ‬بعض‭ ‬الشركات،‭ ‬مثل‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬آي‭ ‬سبيس‮»‬‭ ‬ومقرها‭ ‬اليابان،‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬أستروبوتيك‮»‬‭ ‬ومقرها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مركبات‭ ‬هبوط‭ ‬تجارية‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬خططاً‭ ‬لجمع‭ ‬الموارد‭ ‬القمرية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬مثل‭ ‬المياه‭ ‬أو‭ ‬المعادن‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬سبق،‭ ‬فإن‭ ‬الدراسات‭ ‬المتوفرة‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬لايزال‭ ‬أمام‭ ‬البشرية‭ ‬عقود‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬التجاري‭ ‬للفضاء،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الجدوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لجميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬المحتملة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬محدودة‭ ‬للغاية،‭ ‬بسبب‭ ‬أربعة‭ ‬أسباب‭ ‬رئيسية،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأساسية‭ ‬لاستكشاف‭ ‬وتعدين‭ ‬الفضاء‭ ‬لاتزال‭ ‬متخلفة،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مشترين‭ ‬محتملين‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2040،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬تكلفة‭ ‬التعدين‭ ‬الفضائي،‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬التجارية‭ ‬لاستغلال‭ ‬الفضاء‭ ‬تتجاوز‭ ‬الإيرادات‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬ورائها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬تعدين‭ ‬المعادن‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تعد‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬إنتاجه‭ ‬على‭ ‬القمر‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬القمر،‭ ‬وغير‭ ‬المتوفرة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬نظير‭ ‬‮«‬الهيليوم‭ ‬–‭ ‬3‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬نظير‭ ‬معروف‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬بأنه‭ ‬مفيد‭ ‬في‭ ‬مفاعلات‭ ‬الاندماج‭ ‬النووي‭. ‬ومن‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الهيليوم‭ ‬–‭ ‬3‮»‬‭ ‬يوفر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المزايا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالطاقة‭ ‬النووية‭ ‬الحالية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الأولى‭ ‬طاقة‭ ‬وفيرة‭ ‬ومنخفضة‭ ‬الكربون‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬نفايات‭ ‬نووية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬مورداً‭ ‬تنافسياً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظير‭ ‬مفيد‭ ‬لتطبيقات‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬التبريد،‭ ‬وأجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الكمومية،‭ ‬وتصوير‭ ‬الرئة‭ ‬بالرنين‭ ‬المغناطيسي‭. ‬ويعد‭ ‬القمر‭ ‬هو‭ ‬الخزان‭ ‬الرئيسي‭ ‬لهذا‭ ‬المورد‭.‬

وأظهرت‭ ‬الصين‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬هائلاً‭ ‬في‭ ‬أنشطتها‭ ‬الفضائية‭ ‬الموجهة‭ ‬للقمر،‭ ‬اقتصادياً‭ ‬وتكنولوجياً‭. ‬فقد‭ ‬أرسلت‭ ‬الصين‭ ‬أول‭ ‬مسبار‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬مدار‭ ‬حول‭ ‬القمر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬حققت‭ ‬بعثتا‭ ‬‮«‬تشانغ‭ ‬آه‭ ‬4‮»‬‭ (‬2018‭) ‬و»تشانغ‭ ‬آه‭ ‬5‮»‬‭ (‬2020‭) ‬تقدماً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬ودراسة‭ ‬البيانات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتضاريس‭ ‬وتكوين‭ ‬التربة‭. ‬وتتمثل‭ ‬أحد‭ ‬أهداف‭ ‬هذه‭ ‬الرحلات‭ ‬هو‭ ‬تحديد‭ ‬الكمية‭ ‬الدقيقة‭ ‬للهيليوم‭ ‬3‭ ‬الموجود‭ ‬على‭ ‬القمر‭. ‬ولتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الغاية،‭ ‬يقوم‭ ‬معهد‭ ‬بكين‭ ‬لأبحاث‭ ‬جيولوجيا‭ ‬اليورانيوم‭ (‬BRIUG‭) ‬بقياس‭ ‬محتوى‭ ‬الهيليوم‭ ‬3‭ ‬في‭ ‬التربة‭ ‬القمرية،‭ ‬وتقييم‭ ‬معاملات‭ ‬استخراجه،‭ ‬ودراسة‭ ‬التثبيت‭ ‬الأرضي‭ ‬لهذا‭ ‬النظير‭. ‬وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬أيضاً‭ ‬استراتيجية‭ ‬بكين‭ ‬الشاملة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬المعادن‭ ‬والفلزات‭ ‬القمرية‭ ‬واستخدامها‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬معاهدة‭ ‬المبادئ‭ ‬المنظمة‭ ‬لأنشطة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬استكـشاف‭ ‬واسـتخدام‭ ‬الفـضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القمر‭ ‬والأجرام‭ ‬السماوية‭ ‬الأخرى‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يجـوز‭ ‬التملـك‭ ‬القـومي‭ ‬للفـضاء‭ ‬الخـارجي،‭ ‬بمـا‭ ‬في‭ ‬ذلـك‭ ‬القمـر‭ ‬والأجـرام‭ ‬الـسماوية‭ ‬الأخرى،‭ ‬بدعوى‭ ‬السيادة‭ ‬أو‭ ‬بطريق‭ ‬الاستخدام‭ ‬أو‭ ‬الاحتلال‭ ‬أو‭ ‬بأية‭ ‬وسيلة‭ ‬أخرى‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬تصدق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬مرره‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬والكونجرس‭ ‬بشأن‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬لإطلاق‭ ‬المركبات‭ ‬التجارية‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬إقراره‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬يعلن‭ ‬أن‭ ‬موارد‭ ‬الفضاء‭ ‬هي‭ ‬ملك‭ ‬لأي‭ ‬مواطن‭ ‬أمريكي‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬استخراجها‭. ‬وليس‭ ‬‮«‬تراثاً‭ ‬مشتركاً‭ ‬للبشرية‮»‬‭ ‬كما‭ ‬تذهب‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬تعزيز‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬موارده،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬التحليل‭ ‬الأخير‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬تعدين‭ ‬في‭ ‬القمر‭ ‬سوف‭ ‬تعلنها‭ ‬ملكية‭ ‬خاصة‭ ‬لها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬التسابق‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬التعدين‭ ‬في‭ ‬القمر‭ ‬سوف‭ ‬يتصاعد‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭. ‬

ويتمتع‭ ‬القطبان‭ ‬الشمالي‭ ‬والجنوبي‭ ‬للقمر‭ ‬بأهمية‭ ‬خاصة،‭ ‬إذ‭ ‬إنهما‭ ‬بيئتان‭ ‬فريدتان‭ ‬ويحتفظان‭ ‬باحتياطي‭ ‬ضخم‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬والمواد‭ ‬المتطايرة‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬محور‭ ‬دوران‭ ‬القمر‭ ‬يكون‭ ‬متعامداً‭ ‬تقريباً‭ ‬مع‭ ‬موقع‭ ‬الشمس،‭ ‬فإن‭ ‬الأخيرة‭ ‬تظهر‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬عند‭ ‬القطبين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلهما‭ ‬أماكن‭ ‬مثالية‭ ‬للاستغلال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬العسكري‭.‬

2‭ ‬- غياب‭ ‬القواعد‭ ‬القانونية‭ ‬الملزمة‭: ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬القواعد‭ ‬الحاكمة‭ ‬لاستغلال‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬خمس‭ ‬اتفاقات‭ ‬رئيسية،‭ ‬وهي‭ ‬معاهدة‭ ‬المبادئ‭ ‬المنظمة‭ ‬لأنشطة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬استكشاف‭ ‬واستخدام‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القمر‭ ‬والأجرام‭ ‬السماوية‭ ‬الأخرى،‭ ‬واتفاق‭ ‬إنقاذ‭ ‬الملاحين‭ ‬الفضائيين‭ ‬وإعادة‭ ‬الملاحين‭ ‬الفضائيين‭ ‬ورد‭ ‬الأجسام‭ ‬المطلقة‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬واتفاقية‭ ‬المسؤولية‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تحدثها‭ ‬الأجسام‭ ‬الفضائية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬تسجيل‭ ‬الأجسام‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬الاتفاق‭ ‬المنظم‭ ‬لأنشطة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬القمر‭ ‬والأجرام‭ ‬السماوية‭ ‬الأخرى‭.‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬صراحة‭ ‬الأنشطة‭ ‬الفضائية‭ ‬العسكرية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬سابقاً‭ ‬لم‭ ‬يتفقا‭ ‬على‭ ‬تفسير‭ ‬واحد‭ ‬لكلمة‭ ‬‮«‬سلمي‮»‬،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬فسرت‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬الاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‮»‬‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬منع‭ ‬استخدام‭ ‬القمر‭ ‬والفضاء‭ ‬لأغراض‭ ‬عدوانية،‭ ‬فإن‭ ‬موسكو‭ ‬فسرته‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬عسكري‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التفسير‭ ‬الأمريكي‭ ‬للاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬يشمل‭ ‬كذلك‭ ‬الأنشطة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬عدوانية،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬المناورات‭ ‬وتجارب‭ ‬الصواريخ‭ ‬والقنابل،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬العسكرية‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الأعمال‭ ‬السلمية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تخدم‭ ‬هدف‭ ‬الاستعداد‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬السلم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬التفسير‭ ‬الأمريكي‭ ‬يجرد‭ ‬المبدأ‭ ‬من‭ ‬قيمته‭ ‬القانونية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬يعارضه‭. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬تبني‭ ‬واشنطن‭ ‬التفسير‭ ‬الخاص‭ ‬بها،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬قيود‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬أسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬فإن‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬تعد‭ ‬السيناريو‭ ‬الأقرب‭ ‬للحدوث،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬توجه‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬لنشر‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬سوف‭ ‬يدفع‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬للحذو‭ ‬حذوها‭. ‬

3‭ ‬- الخوف‭ ‬من‭ ‬القفزات‭ ‬التكنولوجية‭: ‬تمكنت‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬صواريخ‭ ‬فرط‭ ‬صوتية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تخلفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬صعود‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتحقيق‭ ‬البرنامج‭ ‬الفضائي‭ ‬الصيني‭ ‬قفزات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬هائلة،‭ ‬فإن‭ ‬واشنطن‭ ‬تبقى‭ ‬لديها‭ ‬هواجس‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬تحقيق‭ ‬بكين‭ ‬لتقدم‭ ‬تكنولوجي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستغلال‭ ‬التجاري‭ ‬للفضاء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يمنحها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬ثورات‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬خاصة‭ ‬القمر،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬ثوراته‭ ‬قبل‭ ‬واشنطن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬وزنها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التنافس‭ ‬المحموم‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬صراعات‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭. ‬

الخاتمة

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬سوف‭ ‬تعزز‭ ‬سباقها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬القمر،‭ ‬ومحاولة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬فيه‭ ‬تؤهلها‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬التي‭ ‬تحتويها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬تكنولوجي‭ ‬في‭ ‬استخدامات‭ ‬الفضاء‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مثالية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬القوى‭ ‬المنافسة‭ ‬لها‭. ‬

‮»‬‭ ‬د‭. ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب ‭ )‬باحث‭ ‬عسكري‭ ‬واستراتيجي ‭(

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض