Wagner G copy

بعد تمرد فاجنر.. مستقبل الشركات العسكرية الخاصة

أدى‭ ‬تمرد‭ ‬شركة‭ ‬فاجنر‭ ‬شبه‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية،‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬يونيو‭ ‬2023،‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬وحول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيتراجع‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬مستقبلاً‭ ‬أم‭ ‬لا‭. ‬ويمكن‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توضيح‭ ‬الأدوار‭ ‬التي‭ ‬تضطلع‭ ‬بها‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬ومدى‭ ‬أهميتها،‭ ‬ثم‭ ‬توضيح‭ ‬المخاطر‭ ‬النابعة‭ ‬منها،‭ ‬وكذلك‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل
مع‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لاستشراف‭ ‬مستقبلها‭.‬

تلعب‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬أدواراً‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬وقتي‭ ‬السلم‭ ‬والحرب،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيله‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬

‮١‬‭ ‬ ضمان‭ ‬أمن‭ ‬المنشآت‭:‬‭ ‬استخدم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬شركات‭ ‬أمنية‭ ‬خاصة‭ ‬لحماية‭ ‬مقر‭ ‬بعثة‭ ‬الشرطة‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ولتأمين‭ ‬مقر‭ ‬بعثة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬المعنية‭ ‬بسيادة‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬كوسوفو،‭ ‬ولحراسة‭ ‬بعثة‭ ‬الشرطة‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬تم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬خدمات‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وتحديداً‭ ‬مجموعة‭ ‬فاجنر،‭ ‬والمجموعة‭ ‬الاستشارية‭ ‬دايك‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية،‭ ‬وذلك‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية،‭ ‬التي‭ ‬استولت‭ ‬على‭ ‬مقاطعة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو،‭ ‬وفرضت‭ ‬تهديدات‭ ‬على‭ ‬أنشطة‭ ‬شركة‭ ‬توتال‭ ‬الفرنسية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬استخراج‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬هناك‭. ‬وبالمثل،‭ ‬كانت‭ ‬الصين‭ ‬تمتلك‭ ‬حتى‭ ‬العام‭ ‬2013،‭ ‬حوالي‭ ‬4000‭ ‬شركة‭ ‬أمنية‭ ‬مسجلة‭ ‬بعدد‭ ‬عاملين‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬4‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬موظف،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬المسرَّحين‭. ‬وتقوم‭ ‬حوالي‭ ‬عشرين‭ ‬شركة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬بأنشطة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬لحماية‭ ‬الشركات‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬والمصالح‭ ‬الصينية‭ ‬الأخرى،‭ ‬خاصة‭ ‬الشركات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬والشركات‭ ‬الصينية‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية،‭ ‬خاصة‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬كما‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬بتأمين‭ ‬منشآت‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬والطرق‭ ‬السريعة‭ ‬والمناجم‭ ‬ومواقع‭ ‬البناء،‭ ‬وحتى‭ ‬السفارات‭ ‬الصينية‭.‬

‮٢‬‭ ‬ تأمين‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭: ‬يعد‭ ‬استخدام‭ ‬أفراد‭ ‬الشركات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬اليوم‭ ‬إجراءً‭ ‬مقبولاً‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬لحماية‭ ‬السفن‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬القراصنة،‭ ‬مثل‭ ‬هجمات‭ ‬القرصنة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الساحل‭ ‬الصومالي‭. ‬وتقدم‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬الخاصة‭ ‬خدمات‭ ‬بحرية‭ ‬سلبية،‭ ‬مثل‭ ‬تقييمات‭ ‬المخاطر،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الخدمات‭ ‬النشطة‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬الحماية‭ ‬المسلحة‭ ‬وغير‭ ‬المسلحة‭ ‬للأصول‭ ‬والمنشآت‭ ‬البحرية‭. ‬وتقدم‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬الخاصة،‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬خدمات‭ ‬بحرية‭ ‬دفاعية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الساحل‭. ‬ففيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأجزاء‭ ‬البرية‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية،‭ ‬يتم‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬الخاصة،‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬لتوفير‭ ‬أمن‭ ‬الموانئ،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الميناء،‭ ‬وفحص‭ ‬الحاويات،‭ ‬والاستجابة‭ ‬للطوارئ‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬البحار،‭ ‬فيتم‭ ‬توظيف‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬لحماية‭ ‬منشآت‭ ‬الطاقة‭ ‬البحرية،‭ ‬ومنع‭ ‬الصيد‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬وكذلك‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬للمراكب،‭ ‬كالسفن‭ ‬التجارية‭ ‬وقوارب‭ ‬الصيد‭ ‬واليخوت‭ ‬والسفن‭ ‬السياحية‭. ‬ويتم‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬لهذه‭ ‬الأصول‭ ‬ضد‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تشنّها‭ ‬طائفة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الجناة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القراصنة‭ ‬والإرهابيون‭ ‬والمتمردون‭ ‬وجماعات‭ ‬الاحتجاج‭ ‬المدني‭ ‬المتطرفة‭. ‬ويتم‭ ‬استهداف‭ ‬منشآت‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬البحرية،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬نشطاء‭ ‬البيئة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭. ‬فقد‭ ‬حاول‭ ‬نشطاء‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬الأخضر‮»‬‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬منصة‭ ‬نفط‭ ‬غازبروم،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2013،‭ ‬للاحتجاج‭ ‬على‭ ‬التنقيب‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬حركة‭ ‬تحرير‭ ‬دلتا‭ ‬النيجر‭ ‬المتمردة‭ ‬بشن‭ ‬هجمات‭ ‬ضد‭ ‬منشآت‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭. ‬

‮٣‬‭ ‬ محاربة‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمردة‭:‬‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية‭ ‬‮«‬إكزيكتف‭ ‬أوتكمز‮»‬‭ ‬وظفت‭ ‬قواتها‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬التسعينات‭ ‬لدعم‭ ‬الحكومتين‭ ‬في‭ ‬أنجولا‭ ‬وسيراليون‭ ‬في‭ ‬حربهما‭ ‬ضد‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمردة‭. ‬ففي‭ ‬أنجولا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وظفت‭ ‬‮«‬إكزيكتف‭ ‬أوتكمز‮»‬‭ ‬المروحيات‭ ‬والمقاتلات‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬مركبات‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬للاستقلال‭ ‬التام‭ ‬لأنجولا‮»‬‭ (‬يونيتا‭) ‬والأسلحة‭ ‬الثقيلة‭ ‬وتمركز‭ ‬القوات‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬بينما‭ ‬استهدفت‭ ‬الجبهة‭ ‬المتحدة‭ ‬الثورية‭ ‬في‭ ‬سيراليون‭.  ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬استخدمت‭ ‬الشركة‭ ‬الجنوب‭ ‬إفريقية‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الطائرات‭ ‬خلال‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬أنجولا‭ ‬وسيراليون،‭ ‬مثل‭ ‬طائرتي‭ ‬النقل‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬بوينج‭ ‬727‭ ‬–‭ ‬230،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مروحيتين‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬أندوفر‭ ‬لإجلاء‭ ‬المصابين‭. ‬أما‭ ‬للاستطلاع‭ ‬والاتصالات،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬الشركة‭ ‬بتسيير‭ ‬طائرات‭ ‬مروحية‭ ‬كينج‭ ‬إير‭. ‬وفي‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية‭ ‬في‭ ‬البلدين،‭ ‬استخدمت‭ ‬مروحيات،‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬مي‭ -‬17‮»‬،‭ ‬و«مي‭ ‬–‭ ‬24‭ ‬هند‮»‬‭ ‬والطائرة‭ ‬‮«‬بيلاتس‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬–‭ ‬7‮»‬‭ ‬و«ميج‭ ‬23‮»‬‭.‬

‮٤‬‭ ‬ توفير‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬للقوات‭:‬‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتقديم‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬الدعم،‭ ‬مثل‭ ‬النقل‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬أثناء‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬البوسنة‭ ‬والهرسك‭ ‬وجمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتشاد‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توسعت‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬خلال‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬العراق،‭ ‬وذلك‭ ‬للقيام‭ ‬بعدة‭ ‬وظائف‭ ‬مثل‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬للقواعد‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والمسؤولين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬وكذلك‭ ‬القوافل‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬عناصر‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬عليهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬العراق‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬173‭ ‬ألف‭ ‬عنصر،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2008،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬146‭ ‬ألف‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي‭.‬

‮٥‬‭ ‬ الانخراط‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭: ‬تلعب‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬دوراً‭ ‬متزايداً‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬الحديثة،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الثابت‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬فاجنر‭ ‬الروسية‭ ‬لعبت‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬ضم‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬كما‭ ‬تُتَّهم‭ ‬الشركة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬التمرد‭ ‬المسلح‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬الدونباس‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬العام،‭ ‬والتي‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬طالب‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬بالانفصال‭ ‬عن‭ ‬أوكرانيا‭. ‬ومع‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬برز‭ ‬دور‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬محورية،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬توفير‭ ‬الإسناد،‭ ‬أو‭ ‬الدعم‭ ‬اللوجستي‭ ‬للقوات‭ ‬المحاربة‭. ‬فقد‭ ‬لعبت‭ ‬وحدات‭ ‬أحمد‭ ‬الشيشانية‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬ماريوبول،‭ ‬إذ‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بكتيبة‭ ‬أزوف،‭ ‬أحد‭ ‬الميليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬للجيش‭ ‬الأوكراني،‭ ‬بينما‭ ‬لعبت‭ ‬فاجنر‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الجهود‭ ‬العسكرية‭ ‬للجيش‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مدينتي‭ ‬سوليدار‭ ‬وباخموت‭ ‬الاستراتيجيتين‭. ‬

فوائد‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬

تتجه‭ ‬الحكومات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لتوظيف‭ ‬المرتزقة،‭ ‬نظراً‭ ‬لأنها‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬إمداد‭ ‬الحكومات‭ ‬بالمرونة‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬بسرعة،‭ ‬وبدون‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬البرلمانات‭ ‬الوطنية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬إنكار‭ ‬تورط‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الخارجية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيله‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬

‮١‬‭ ‬ تجنب‭ ‬موافقة‭ ‬البرلمانات‭:‬‭ ‬تشترط‭ ‬أغلب‭ ‬دساتير‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬البرلمانات،‭ ‬وذلك‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬موافقتهم‭ ‬قبل‭ ‬إرسال‭ ‬الدولة‭ ‬قواتها‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬للاضطلاع‭ ‬بعمليات‭ ‬عسكرية‭. ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بالأمر‭ ‬اليسير‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يثيره‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬من‭ ‬تكاليف،‭ ‬مادية‭ ‬وبشرية،‭ ‬مرتفعة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬البرلمانات‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومن‭ ‬ورائها‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬للإحجام‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬القرار‭ ‬بالتدخل‭ ‬العسكري‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬المأزق،‭ ‬تلجأ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬سواء‭ ‬لتجنب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬البرلمانات‭ ‬الوطنية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تجنب‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التدخل‭ ‬المباشر‭ ‬باستخدام‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬التابعة‭ ‬للدولة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الدعم‭ ‬الشعبي‭ ‬للحرب‭. ‬

‮٢‬‭ ‬ الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الإنكار‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬للشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬الخاصة‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الأجنبية‭ ‬دون‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التعتيم‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬المتدخلة‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يساعد‭ ‬الحكومات‭ ‬على‭ ‬إخفاء‭ ‬تورطها،‭ ‬وتجنب‭ ‬المحاسبة‭ ‬على‭ ‬أفعالها‭. ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬قيام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالتحايل‭ ‬على‭ ‬الحظر‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬الأسلحة،‭ ‬أو‭ ‬تدريب‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬محارب‭ ‬في‭ ‬يوغوسلافيا‭ ‬السابقة،‭ ‬إذ‭ ‬التفَّت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحظر،‭ ‬وسعت‭ ‬لدعم‭ ‬الجيش‭ ‬الكرواتي‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬1994،‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬انفصلت‭ ‬لاحقاً‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬اليوغسلافي،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬التدريب‭ ‬العسكري‭ ‬للجيش‭ ‬الكرواتي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬شركة‭ ‬الموارد‭ ‬المهنية‭ ‬العسكرية‮»‬،‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬كما‭ ‬تمكنت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الجيش‭ ‬الكرواتي،‭ ‬مثل‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬خارج‭ ‬الأطر‭ ‬القانونية‭ ‬والاختفاء‭ ‬والتدمير‭ ‬الممنهج‭ ‬للمساكن،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التابعة‭ ‬للصرب‭ ‬الكروات‭. ‬كما‭ ‬قد‭ ‬تستخدم‭ ‬الدول‭ ‬الشركات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخاصة‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬القوانين‭ ‬الداخلية‭. ‬فعندما‭ ‬سئل‭ ‬مسؤول‭ ‬حكومي‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬منح‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عقداً‭ ‬لشركة‭ ‬دينكورب‭ ‬لدعم‭ ‬الحركة‭ ‬الشعبية‭ ‬لتحرير‭ ‬السودان‭ ‬المتمردة‭ ‬في‭ ‬مفاوضاتها،‭ ‬رد‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬الإجابة‭ ‬بسيطة‭. ‬لا‭ ‬يُسمح‭ ‬لنا‭ ‬بتمويل‭ ‬حزب‭ ‬سياسي‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬القوانين‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ولذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬باستخدام‭ ‬الشركات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخاصة،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام‭ ‬والقيود‭. ‬

تهديدات‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬

تحولت‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬معتادة‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭. ‬وبمراجعة‭ ‬خبرات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المرتزقة،‭ ‬وجد‭ ‬أنها‭ ‬تفرض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيلها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

‮١‬‭ ‬ ارتكاب‭ ‬انتهاكات‭ ‬واسعة‭: ‬فقد‭ ‬تورط‭ ‬أربعة‭ ‬موظفين‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬الشركة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخاصة‭ ‬المعروفة‭ ‬سابقاً‭ ‬باسم‭ ‬بلاك‭ ‬ووتر‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬مذبحة‭ ‬ساحة‭ ‬النسور‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬حينما‭ ‬أطلقوا‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬مدنيين،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬14‭ ‬مدنياً،‭ ‬وجرح‭ ‬17‭ ‬آخرين،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أياً‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬ينتموا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬جماعة‭ ‬مقاومة،‭ ‬أو‭ ‬فرضوا‭ ‬تهديداً‭ ‬على‭ ‬قافلتهم‭ ‬العسكرية‭.‬

‮٢‬‭ ‬ التمرد‭ ‬على‭ ‬الدولة‭:‬‭ ‬مثلت‭ ‬إحدى‭ ‬المشكلات‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬المرتزقة‭ ‬تاريخياً‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ولاءهم‭ ‬للمال،‭ ‬وليس‭ ‬للدولة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬خدماتهم،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬وازعهم‭ ‬الوطني‭ ‬كان‭ ‬ضعيفاً،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬اليوم‭ ‬باتت‭ ‬تقوم‭ ‬بتعيين‭ ‬عناصرها‭ ‬من‭ ‬المنتمين‭ ‬سابقاً‭ ‬للأجهزة‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬أجندة‭ ‬الحكومات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭. ‬ونظراً‭ ‬لأن‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬تمتلك‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬ضخمة،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬بالتمرد‭ ‬على‭ ‬حكومتها‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬مثلاً،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬أغلب‭ ‬العناصر‭ ‬القيادية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬سابقاً‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬إحدى‭ ‬المشكلات‭ ‬الحديثة‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عنها‭ ‬واقعة‭ ‬تمرد‭ ‬فاجنر‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬يونيو‭ ‬2023،‭ ‬هو‭ ‬إمكانية‭ ‬إقدام‭ ‬شركة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة،‭ ‬مثل‭ ‬فاجنر،‭ ‬بالتمرد‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬النظامي‭ ‬الروسي،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬المطالبة‭ ‬بإقصاء‭ ‬قياداته‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬المحاولة،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬سوف‭ ‬يشكل‭ ‬هاجساً‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬والتي‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬ستلجأ‭ ‬إلى‭ ‬التحسب‭ ‬له،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مراجعة‭ ‬أنشطة‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬لضمان‭ ‬بقائها‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الدولة‭. ‬

‮٣‬‭ ‬ التورط‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬الأسلحة‭:‬‭ ‬تمتلك‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية،‭ ‬مثل‭ ‬الدبابات‭ ‬والمروحيات‭ ‬وناقلات‭ ‬الجند،‭ ‬والبنادق‭ ‬الآلية،‭ ‬والصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للدروع‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬تورطت‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬جماعات‭ ‬التمرد،‭ ‬إذ‭ ‬يعتقد،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬لايف‭ ‬جارد‭ ‬سيستمز‮»‬‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬حقول‭ ‬الماس‭ ‬في‭ ‬سيراليون،‭ ‬شحنت‭ ‬أسلحة‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬هناك،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬صواريخ‭ ‬مضادة‭ ‬للدبابات‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬آر‭ ‬بي‭ ‬جي‭ ‬7‮»‬‭ ‬وذخيرة‭ ‬الكلاشينكوف‭ ‬‮«‬أيه‭ ‬كيه‭ ‬–‭ ‬47‮»‬‭ ‬والألغام‭ ‬وقذائف‭ ‬الهاون‭ ‬إلى‭ ‬قوات‭ ‬المتمردين‭.‬

كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬

يلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬تحديات،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬القسم‭ ‬السابق‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التاريخية‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬قد‭ ‬اتبعت‭ ‬الأساليب‭ ‬التالية‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات،‭ ‬ويمكن‭ ‬تفصيل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

‮١‬‭ ‬ دمج‭ ‬المرتزقة‭ ‬في‭ ‬الجيوش‭:‬‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬المرتزقة‭ ‬لتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬وشن‭ ‬الحروب،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬القرنين‭ ‬الثالث‭ ‬والرابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬شهد‭ ‬تراجعاً‭ ‬تدريجياً‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها،‭ ‬إذ‭ ‬بدأ‭ ‬بعض‭ ‬الملوك‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬جيوش‭ ‬المرتزقة‭ ‬هذه‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تهديد‭ ‬لأمنهم،‭ ‬وبالتالي‭ ‬بدأوا‭ ‬في‭ ‬ضم‭ ‬المرتزقة‭ ‬كأفراد‭ ‬إلى‭ ‬جيوشهم‭ ‬الخاصة‭. ‬وبحلول‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر،‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬الولايات‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ميلانو‭) ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬جيوشها‭ ‬المهنية‭ ‬الخاصة‭. ‬وساعد‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭. ‬ففي‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬عشر،‭ ‬بدأ‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬المدفعية‭ ‬الثقيلة‭ ‬والأسلحة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تكلفته‭ ‬مرتفعة‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وبصورة‭ ‬تجاوزت‭ ‬قدرة‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬وقتها‭ ‬على‭ ‬تحملها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توسع‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الجيوش‭ ‬النظامية‭ ‬في‭ ‬شن‭ ‬الحرب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تراجع‭ ‬دور‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التاريخية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬انتهاء‭ ‬تمرد‭ ‬فاجنر،‭ ‬مثلت‭ ‬أحد‭ ‬السيناريوهات‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬الحكومة‭ ‬الروسية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬مقاتلي‭ ‬الشركة،‭ ‬هو‭ ‬دمجهم‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬النظامية‭. ‬

‮٢‬‭ ‬ الاحتفاظ‭ ‬بقوات‭ ‬متعددة‭:‬‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬تقسيم‭ ‬الجيوش‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬قوى‭ ‬متنافسة،‭ ‬مثل‭ ‬تأسيس‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الجيش‭ ‬النظامي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بقوات‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة،‭ ‬وذلك‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬لن‭ ‬تقوم‭ ‬بشن‭ ‬تمرد‭ ‬ناجح‭. ‬وفي‭ ‬الحالة‭ ‬الروسية،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حوالي‭ ‬20‭ ‬شركة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬تتبع‭ ‬مؤسسات‭ ‬مختلفة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية،‭ ‬وذلك‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة‭ ‬التابعة‭ ‬لجهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الفيدرالي‭ ‬ومديرية‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬النظامي‭ ‬الذي‭ ‬يقدر‭ ‬قوامه‭ ‬بحوالي‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬فرد‭ ‬عامل،‭ ‬والحرس‭ ‬الوطني‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التعددية،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬بسهولة‭ ‬على‭ ‬تمرد‭ ‬أي‭ ‬شركة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬الدولة‭.‬

‮٣‬‭ ‬ إيقاع‭ ‬العقاب‭ ‬بالمنتهكين‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بارتكابها‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬عادة‭ ‬للتحقيق‭ ‬والمحاكمة،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬تمت‭ ‬معاقبة‭ ‬بعض‭ ‬عناصرها‭. ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬معاقبة‭ ‬أفراد‭ ‬شركة‭ ‬بلاك‭ ‬واتر‭ ‬الأربعة‭ ‬الذين‭ ‬تورطوا‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬مدنيين‭ ‬عزل‭ ‬بأحكام‭ ‬تراوحت‭ ‬بين‭ ‬السجن‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬والسجن‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً‭. ‬

الخاتمة

يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة،‭ ‬فإن‭ ‬الأدوار‭ ‬المتعددة‭ ‬التي‭ ‬تلعبها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تحققه‭ ‬للدول‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬وفوائد،‭ ‬يجعل‭ ‬فكرة‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬أمراً‭ ‬مكلفاً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬سوف‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬عمل‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬عند‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬انتهاكات،‭ ‬وتقوم‭ ‬بتعديل‭ ‬القوانين‭ ‬الحاكمة‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬ضبط‭ ‬أنشطتها،‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تجاوز‭ ‬أي‭ ‬تحديات‭ ‬تفرضها،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬أنشطتها‭.‬

‮» ‬‭ ‬د‭. ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬‬(باحث‭ ‬عسكري‭ ‬واستراتيجي)

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض