يحيى التليدي
كاتب وباحث سياسي
Yahya Al Talidi
Writer and Political Researcher

حرب الأجسام الطائرة

لعلّ أبرز الأحداث التي أثارت الرأي العام العالمي مؤخراً هو رصد منطاد ضخم في أجواء الولايات المتحدة، ثم إسقاطه بصاروخ من مقاتلة أمريكية، وما أعقب ذلك من الإعلان عن رصد ثلاثة أجسام طائرة غامضة، وإسقاطها في أمريكا وكندا.

يبدو أن ظاهرة المناطيد و”الأجسام الطائرة” تطرح الكثير من التساؤلات بشأن العلاقات الأمريكية – الصينية التي تشهد توتراً متزايداً بات يثير القلق من أن يخرج عن السيطرة، ويتحول من حرب باردة إلى مواجهة خطرة في أي من الجبهات المفتوحة بين القطبين المتنافسين، وفي الوقت ذاته تخفي أموراً أخطر مما يتم التصريح به، فهناك تكتم وغموض ومعلومات مضللة وتحليلات متضاربة واتهامات متبادلة، وحديث عن احتمال أن تكون تلك “الأجسام” من كواكب أخرى، من دون تقديم أدلة يمكن أن يقبلها العقل، وتتطابق مع المنطق.

استخدام الأجسام الطائرة للأغراض العسكرية والتجسس، ظاهرة عرفتها البشرية سابقاً، وكانت نذيراً لصراعات كبرى، فقد تم استخدامها قبل الطائرات في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وعلى الرغم من التقدم التقني الهائل، وظهور المقاتلات والمروحيات والصواريخ والأقمار الصناعية، يبدو أن هناك بعض “الأجسام الطائرة” ومنها المناطيد ما زالت مخصوصة ببعض المهمات في المجال العسكري، بعد أن استوعبت التطور التكنولوجي والرقمي، بما يؤهلها للعب أدوار في الصراعات القائمة.

التجسس بين الدول أمر متعارف عليه ويحدث بانتظام، وليس سراً أن الصين لديها برامج تجسس على أمريكا وحلفائها، مثلما أن أمريكا لديها برامجها للتجسس على الصين وروسيا وكثير من الدول.

قضية الأجسام الطائرة صبّت بالتأكيد مزيداً من الزيت على النيران، ورفعت درجة الحرارة والتوتر بين الصين وأمريكا، مثلما حفزت كثيراً من الدول لمراجعة بعض إجراءاتها الأمنية لمواكبة المتغيرات في سبل ووسائل التجسس.

منذ عقود دخلت القوى الدولية الكبرى، ومنها الولايات المتحدة وروسيا والصين، في صراع واسع على الفضاء الخارجي، وفي مرات عدة تبادلت الاتهامات بـ “عسكرة الفضاء”، وبصرف النظر عن النفي والتأكيد، إلا أن هذه العسكرة قائمة فعلاً، وهناك مشاريع دخلت حيز الاستخدام، وربما هذه الأجسام الطائرة جزء من هذه الحرب التي ستبوح بالكثير من أسرارها في الأيام المقبلة، إن تطورت إلى الأسوأ.

 

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض