خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

الانتخابات الأمريكية ومستقبل واشنطن الدولي

تحظى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة باهتمام واسع، نظراً لحالة التطورات الدولية التي تَفرض على الولايات المتحدة الأمريكية أن تصيغ سياسات خارجية قوية تتماشى مع تطورات النظام الدولي الجديد والصراع الذي يعيشه، في ظل إصرار الصين وروسيا على الصعود لهرم النظام الدولي، بينما الولايات المتحدة الأمريكية أخذت في التراجع، وبخاصة في ظل سنوات حكم الرئيس جو بايدن الذي يبدو أنه لم يكن الرئيس الذي تتطلبه المرحلة الدولية.

يمكن القول إنه بالرغم من إصرار الرئيس جو بايدن على الترشح لولاية ثانية، إلا أنه يبقى خارج إطار المنافسة لعدة أسباب، منها تردي الحالة الصحية في ظل تصاعد الحديث عن تدهور حالته العقلية، والأمر الآخر هو ارتفاع نسبة عدم الرضا في الداخل الأمريكي عن سياساته، فمنذ العام الأول ظلت نسبة القبول في الانحدار، حيث (كشفت أرقام غالوب المعنية بالاستشارات والتحليلات أن نسبة الموافقة الإجمالية على بايدن لم تتجاوز 44 في المئة منذ أغسطس/آب 2021)، أي خلال عامه الأول في منصبه، وهو ما يؤكد أنه لم ينجح خلال الأربع سنوات في تغيير وجهة نظر الداخل الأمريكي تجاه سياساته.

يبدو أن الشارع الأمريكي قد حسم أمره مبكراً، فمنذ العام الأول لولاية جو بايدن أدرك أنه ليس هو الرئيس الذي يمكن أن يُحدث الكثير من التغييرات في الداخل الأمريكي، وبخاصة تجاه القضايا الاقتصادية التي تمسّ حياة المواطن الأمريكي، حيث أعاد بايدن وضع اللوائح التي تجعل من الصعب توظيف الأشخاص، وعدم كبح معدلات التضخم، وبالتالي إضعاف الدولار الأمريكي، وإضعاف حسابات التقاعد للأمريكيين، وهو ما دفع الديمقراطيين إلى محاولة زيادة الضرائب بشكل غريزي (حيث أجمع الشارع الأمريكي على أن بايدن يفعل كل ما في وسعه لتعطيل الاقتصاد والبقاء في حالة الكساد الوبائي)، وكذلك لم تكن سياسات بايدن الخارجية على مستوى تفاؤل النخب السياسية، والتي ترى أنه يتماهي مع الصين، وهو ما يضعف فرص محافظة الولايات المتحدة الأمريكية على مكانتها، في ظل حالة الصراع الدولي المتصاعد، والذي تُجاهد فيه الولايات المتحدة الأمريكية أن تظل على مكانتها كقائدة للنظام الدولي، والتي اكتسبتها منذ سقوط الاتحاد السوفييتي.

على الجانب الآخر، يبرز اسم الرئيس السابق دونالد ترامب بارتفاع حظوظه في الانتخابات المقبلة، فمنذ خسارته لولاية ثانية، تصاعد نجمه بقوة كبيرة، حيث ساهمت الأحداث التي تعرض لها ترامب منذ فوز جو بايدن في إعطائه فرصة لإبراز نفسه، مستغلاً نقاط الضعف لدى جو بايدن، ويبقى ترامب هو المرشح الأقوى في الحزب الجمهوري، ويمكن النظر لحالة التخبط التي وقع فيها كيفن مكارثي عندما صرح بأنه لا يعرف ما إذا كان ترامب هو أقوى مرشح جمهوري في الانتخابات العام 2024 الرئاسية، لكنه سرعان ما تراجع ليؤكد أن “ترامب أقوى اليوم مما كان عليه في العام 2016″، وهو ما يؤكد أن حظوظ ترامب في ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات المقبلة له أخذت في التصاعد.

تبقى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة المقررة في نوفمبر العام 202‪4 محطة مهمة في النظام الدولي الجديد، فإما أن تجاهد الولايات المتحدة لصياغة سياسات خارجية قوية تحافظ على فرص حظوظها في التنافس الدولي، وإما أن تبقى بالمقصورة الأخيرة في قطار النظام الدولي الجديد.

 

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض