خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

السعودية والعراق.. وطي صفحات الماضي

عاشت العلاقات السعودية – العراقية مرحلتين، كان لهما دور في تشكيل وجه العلاقة بين البلدين، مرحلة العام 1990 وهي مرحلة الغزو العراقي للكويت، ومرحلة العام 2003 والتغلغل الإيراني في العراق،  وبالتالي ظلت هاتان المرحلتان تحكمان العلاقة بين البلدين، ما جعلها تراوح مكانها من الفتور والتوتر  حتى العام 2015، والذي بدأ يشكل تغييراً في السياسة السعودية والعراقية باتجاه كسر القطيعة السياسية التي عاشتها علاقات الرياض وبغداد.

تشهد العلاقات السعودية العراقية حالة جيدة من المتغيرات التي تساهم في طي صفحات الماضي الذي كانت فيه العراق تتبنى سياسة أكثر انحيازاً للمحور الإيراني، وكلمة السر هنا هي شخصية مصطفى الكاظمي الذي يعد شخصية سياسية أكثر استقلالاً في فكره السياسي، بخلاف من سبقه ممن كانت أفكارهم السياسية موالية لإيران، وبالتالي فإن تَحَرُّرَ مصطفى الكاظمي من سيطرة الفكر السياسي الموالي لإيران، أعطاه فرصة التحرك لبناء سياسة خارجية للعراق، قائمة على استعادة مكانة العراق الاستراتيجية، وبالتالي تبني سياسة خارجية أكثر استقلالية قائمة على إحداث التوازن في علاقات العراق الخارجية.

التحقيق التنموي والنهضوي يحكم جزءاً كبيراً من الفكر السياسي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهذا ما جعله يضع بعين الاعتبار العلاقة مع الرياض، باعتبارها المستقبل بالنسبة للدول الطامحة في تحقيق نهضة اقتصادية، دولة فاعلة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي، وتمتلك رؤية اقتصادية طموحة، فتحت المجال أمام قوى اقتصادية صاعدة دولياً مثل الصين وروسيا للاستثمار فيها، وبالتالي يدرك الكاظمي أهمية المملكة اقتصادياً، خاصة  أن العراق الذي يعيش فترة ما بعد داعش، يحتاج لأن ينفتح اقتصادياً على المستوى الإقليمي والدولي، لتحقيق النهوض الاقتصادي، حيث تعتبر الرياض مستثمراً يمكن الوثوق فيه لتحقيق تطلعات العراقيين.

وبالتالي، فإن زيارات الكاظمي المتكررة إلى الرياض، تبحث كسر كافة الحواجز، خاصة فيما يتعلق بنظرة الرياض لعلاقة العراق بإيران، وتعكس الأهمية التي تحظى بها السعودية في المرحلة التي يعيشها العراق حالياً، ودليل على حالة الرغبة الحقيقية لدى صانع القرار السياسي العراقي في الصعود بالعلاقة مع الرياض لمستويات عالية، وخاصة في المجال الاقتصادي، ولعل حزمة القرارات التي اتخذتها الرياض وبغداد بالاتفاق على تأسيس صندوق مشترك يقدر رأسماله بـ3 مليارات دولار، وإنجاز مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، وأيضاً تعزيز فرص الاستثمار للشركات السعودية في العراق، يعكس حالة متقدمة من التطورات فيما يتعلق بعملية إصلاح العلاقات بين البلدين.

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض