خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

واشنطن.. والعودة إلى الشرق الأوسط

زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية، والتي تأتي ضمن أول زيارة يقوم بها بايدن إلى الشرق الأوسط، تأتي ترجمة وتأكيداً أمريكياً للأهمية البالغة التي تحظى بها السعودية في الفكر السياسي الأمريكي، وتقديراً لدور الرياض الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، وفي ظل ما تتمتع به السعودية من مكانة مهمة في منطقة الشرق الأوسط، تحمل هذه الزيارة تأكيداً على الاهتمام السياسي والعسكري الأمريكي بالمنطقة.

النظام الدولي يشهد الكثير من المتغيرات باتجاه نهاية الأحادية القطبية والتحول نحو التعددية القطبية، وفي خضم هذه التحولات، ظلت منطقة الشرق الأوسط تحتفظ بأهمية على الصعيد الدولي، فهي من أهم المناطق في العالم، نظراً لموقعها الاستراتيجي، ولما تتميز به من ثروات طبيعية، أهمها النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى الممرات البحرية الأساسية التي تصل بين الشرق والغرب، وبالتالي فإن السباق الروسي والصيني نحو تعزيز وجودهما في هذه المنطقة، دفع واشنطن لإعادة تصحيح الخطأ الذي ارتكبته سابقاً عندما أبدت رغبة للاستدارة نحو شرق آسيا على حساب الشرق الأوسط.

تأتي زيارة جو بايدن إلى السعودية تأكيداً على إعادة ضبط بوصلة الاستراتيجية الأمريكية، وبناء الجسور مع العالم العربي، وتأكيداً بأن الطريق نحو الاحتفاظ بمكانة مهمة في هذه المنطقة يمر عبر السعودية الركيزة الأساسية لاستقرار المنطقة، والدولة القائدة في المنظومة الإقليمية، وبالتالي فإن زيارة بايدن إلى السعودية سيتمخض عنها خروج الولايات المتحدة من حالة الكمون إلى حالة أكثر نشاطاً فيما يتعلق بملفات المنطقة وإعادة هيكلة الفكر السياسي والاستراتيجي الأمريكي لإحداث توازن بين الرغبة الأمريكية لتعزيز وجودها في منطقة شرق آسيا ووجودها منطقة الشرق الأوسط.

تدرك واشنطن أن العودة لمنطقة الشرق الأوسط يفرض عليها أن تعيد صياغة مواقفها السياسية بما يتلاءم مع مواقف الدول المؤثرة والفاعلة في المنطقة مثال السعودية، ولذلك فإن المتابع للسياسة الأمريكية يجد أنها كانت منذ فترة تعمل على خلق أرضية خصبة للتقارب السياسي مع السعودية، خاصة فيما يتعلق بالملف اليمني، حيث أبدت واشنطن تأكيداً على أهمية دور المملكة الذي كان حاسماً في تحقيق الهدنة في اليمن، كما لم تخفِ واشنطن موقفها لدعم جهود المملكة في قيادتها للتحالف العربي.

الاجتماع الإقليمي الذي تحتضنه السعودية بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي سوف يدفع السياسة الأمريكية إلى تصحيح موقفها تجاه العديد من القضايا العربية والمفاوضات الجارية مع إيران بما يخص الاتفاق النووي، حيث تدرك واشنطن ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أهمية الرؤية العربية تجاه النووي الإيراني،  وبالتالي خلق حالة من التوازن بما يخص تعاطيها مع الملف النووي وفق ما يخدم استقرار المنطقة.

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض