في سبتمبر 2014، قال مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي، إن هناك أربع عواصم عربية تقع تحت سيطرة إيران، في إشارة إلى دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء. وفي الوقت الذي سالت وتسيل فيه الدماء في مقاومة مشروع الهيمنة الفارسي- الطائفي على المنطقة، فإذا بعاصمة عربية أخرى تقع تحت الاحتلال العثماني، وهي طرابلس الغرب، ومن ثم لم تعد المنطقة العربية أمام مشروع “احتلال فارسي” فقط، وإنما “احتلال عثماني” كذلك.
إن المتابع للمشروع التركي في المنطقة، يجد أنه لا يختلف كثيراً عن المشروع الإيراني، حيث يتشابه المشروعان في البعد الديني- القومي لكل منهما؛ وتنطلقان من شعارات دينية، وتطلعات هيمنة قومية تاريخية على العالم العربي. وفي هذا السياق، فإن تركيا في إطار مشروع العثمانية الجديدة تسعى إلى تكريس الوجود العسكري التركي في المناطق التي ترى أنها كانت جزءاً من إرث الدولة العثمانية، وبالتالي فإن النظرة التركية إلى الحالة الليبية إنما هي جزء من مشروع توسعي بدأت ملامحه بشكل كبير في الشمال السوري من خلال العبث التركي بالهوية السورية العربية وفرض سياسة التتريك، وامتدت إلى الصومال وقطر (لتركيا قاعدة عسكرية في البلدين)، والسودان قبل الإطاحة بحكم البشير، والآن في ليبيا.
إن مشروع تركيا الذي أرست قواعده في الشمال السوري، وانتقلت به إلى العاصمة الليبية طرابلس، هو تهديد خطير للأمن القومي العربي بجانب التهديد الإيراني، وما يشجع البلدين على المضي قدماً في تنفيذ مشروعيهما التوسعيين في المنطقة العربية هو عدم وجود موقف عربي موحد في مواجهتهما، ما يجعلهما يجاهران بالتدخل العسكري والسياسي والديني والثقافي والاقتصادي في العديد من الدول العربية، والعبث باستقرارها وأمنها ووحدتها.
إن الحالة الليبية هي المنعطف الحقيقي لمواجهة العنجهية التركية، وتحطيم مشروع أردوغان التوسعي الديني الإرهابي، لأن الانتصار العربي في الملف الليبي في مواجهة المشروع التركي سوف يجبر الأتراك على مراجعة حساباتهم وتقديراتهم السياسية والعسكرية في المنطقة، ويوجه ضربة قاسمة إلى أردوغان وطموحاته العثمانية.
وفي هذا السياق، يحتاج العالم العربي إلى تفعيل كافة الخيارات وأدوات الضغط في التصدي للدور التركي على الساحة الليبية، والوقوف في وجه تركيا صفاً عربياً واحداً، لأن الأمر يتعلق بتهديد جدي وخطير للجميع، حيث لن تتوقف طموحات أردوغان وتوهماته عن دفعه إلى ارتكاب الحماقات والمغامرات المدمرة في مناطق ودول عربية أخرى، إذا نجح في ليبيا. والأمر الخطير في ذلك أن أردوغان يستخدم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية مطية لتنفيذ مشروعه، وتدمير وحدة الدول واستقرار مجتمعاتها، ولذلك فإنه لا يقل خطورة عن المشروع الفارسي، فكلاهما يستهدفان الهيمنة على المنطقة العربية والسيطرة على مقدراتها، ولا يتصور أي بلد عربي أنه بمعزل عن خطرهما، ولذلك لا بد من وقفة عربية حاسمة في مواجهتهما.
أخذت دولة الإمارات العربية المتحدة وبدعم وتوجيه من القيادة الرشيدة خطوة كبيرة وعالمية في المجال البيئي والمحافظة على جودة الهواء عن طريق مشروع (التحالف البيئي) الذي جمع أكبر منظمات الإطفاء …