مع انعقاد القمة الخليجية الـ41 في العلا، تدخل منظومة التعاون الخليجي عقدها الخامس، لاشك أن هذا العقد يأتي متوجاً بحالة متصاعدة من التنسيق والتعاون بين الدول الخليجية، فالاستراتيجية التي انتهجتها السعودية منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، والقائمة على تأسيس المجالس التنسيقية مع الدول الخليجية ساهمت إلى حد كبير في أن تدفع مسيرة العمل الخليجي المشترك لمستويات متصاعدة من التنسيق.
أثبتت المنظومة الخليجية القدرة على مواجهة التحديات والصمود أمامها، ففي “جائحة كورونا” نجد أن تكتلات راسخة جذورها في عمق التاريخ مثل “الاتحاد الأوروبي” فشلت في تحقيق التعاون والتنسيق في مواجهة الفيروس، حيث تركت إيطاليا وحيدة برغم ضعف إمكانياتها، ما دفع إيطاليا إلى طلب المساعدات من خارج الإطار الأوروبي، ولكن بالنظر للمنظومة الخليجية، نجد أن حالة التنسيق والتعاون ظلت تتصدر المشهد في المواجهة مع فيروس كورونا، والتي شملت العديد من الملفات بما فيها تحقيق “مسألة الأمن الغذائي” بخاصة أن هذه الجائحة أثرت بشكل كبير على مسألة سلاسة الإمدادات التجارية.
لقد كان فيروس كورونا من أكبر التحديات حول مدى قدرة التكتلات السياسية على التعامل معها، وبالتالي نجحت المنظومة الخليجية في أن تتعامل مع الأزمات بشكل جماعي، ما جعل من هذا الكيان من الكيانات الإقليمية التي أثبتت نجاحها وحافظت، برغم التحديات، على مسألة استمرارية التكتل، وتجاوز العقبات التي من الممكن أن تقود إلى ضمور هذا التكتل أو قد تقود لتفككه.
القمة الخليجية الـ41 مرحلة مهمة في تاريخ العمل الخليجي، وبداية عقد جديد من مسيرة التعاون الخليجي، وبالنظر إلى ما رافقها من خطوة لتحقيق “المصالحة الخليجية” نجد أن هذه المرحلة تشكل بداية مهمة في طريق استكمال التكامل، وتحقيق وحدة الكلمة والصف، والرؤية السياسية وتعزيز مسيرة الخير والازدهار، وبالتالي فإن الإجراء الذي اتخذته السعودية بفتح الأجواء والحدود مع قطر خطوة تؤكد من خلالها الرياض أنها مع الجهود الرامية لتحقيق المصالحة ووضع حد للأزمة الحالية مع قطر.
ختاماً، مجلس التعاون الخليجي لاشك أن شأنه شأن أي منظمة متعددة الأطراف، وقد تشهد نشوء بعض الخلافات، ولكن صلابة المنظومة الخليجية وإصرار قياداتها على استكمال ما بدأ به الآباء المؤسسون، يساهم في عدم تأثر المنظومة الخليجية بهذه الخلافات أو تعطيل مسيرة العمل الخليجي المشترك.