خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

غاز المتوسط وسحب بساط المستقبل

كانت ظاهرة تغير المناخ، وبخاصة في الآونة الأخيرة، والتي جعلت من “ملف المناخ” أهم الأولويات في الساحة الإقليمية والدولية، دافعاً لدول العالم للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وتقليص الاعتماد على النفط الذي يُسهم بثلثي انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. علاوة على ذلك، المتغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي بالتحول في الاستثمار إلى اقتصاد المعرفة، وتحجيم الاهتمام بالاستثمار في اقتصاد النفط..

لم يكن المناخ وحده هو العامل الرئيسي في تقليص مسألة الاستثمار في اقتصاد النفط، يلعب دور صعود الصين الاقتصادية دور مهم في تغيير خارطة المستقبل، بحيث لم تعد منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة ذات الأهمية الرئيسية، كما كانت ما بعد حرب أكتوبر العام 1973، بل أصبحت بؤرة الاهتمامات الدولية تتحول نحو شرق آسيا، باعتبارها المستقبل الاقتصادي، فلو عدنا إلى الخلف، نجد أن منطقة الشرق الأوسط اكتسبت أهميتها من مسألة النفط، وأن النفط في منطقة الشرق الأوسط اكتسب أهميته بعد استخدامه سلاحاً سياسياً في حرب أكتوبر العام 1973، واليوم نجد أن الاهتمام السياسي الدولي بمنطقة شرق آسيا وبالتحولات التي تشهدها اقتصادات دول عديدة نحو الاقتصاد المعرفي. مثال الصين، كان له دور في تراجع كبير في مسألة الأهمية والأولوية للنفط في منطقة الشرق الأوسط..

مع التغييرات الحاصلة في الخارطة الجغرافية من منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة شرق آسيا، نجد أن منطقة الشرق الأوسط تحاول خلق توازن في بساط المستقبل، بحيث لا تميل الكفة الكاملة نحو منطقة شرق آسيا، وهو ما نشاهده في التحولات الاقتصادية لدول المنطقة، وصياغة رؤى اقتصادية جديدة تحاول أن تتكيف مع مرحلة تراجع أهمية نفط منطقة الشرق الأوسط، مثال رؤية السعودية 2030، ولكن مع موجة الاكتشافات الاحتياطية الضخمة من الغاز في حوض شرق البحر المتوسط، يبدو واضحاً أن منطقة الشرق الأوسط لن تكون هي المنافس الوحيد لمنطقة شرق آسيا، حيث نجحت منطقة شرق المتوسط باكتشافات الغاز الضخمة والاهتمام السياسي الدولي والإقليمي تجاه هذه المنطقة في أن يُسحب بساط المستقبل من منطقة الشرق الأوسط التي تراجعت كثيراً أهميتها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي ارتبطت كثيراً بمسألة النفط..

مع الاكتشاف الاحتياطيات الضخمة من الغاز في حوض شرق البحر المتوسط، تقف الخارطة السياسية والاقتصادية على مرحلة جديدة من التنافسية التي لا تقف عند حدود دول حوض شرق البحر المتوسط، بل تتخطاها إلى المنافسة على المستقبل الذي تميل الكفة فيه لصالح شرق آسيا..

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض