ضرار بالهول الفلاسي
عضو المجلس الوطني الاتحادي

تاريخ‭ ‬مشترك‭ ‬وآمال‭ ‬واحدة

من‭ ‬يتتبع‭ ‬تاريخ‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬العلاقات‭ ‬الإماراتية‭ ‬العمانية،‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬لكثير‭ ‬عناء‭ ‬كي‭ ‬يكتشف‭ ‬عمق‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬وتجذرها‭ ‬التاريخي،‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬مستوياتها‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والدينية،‭ ‬فبين‭ ‬الإمارات‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬تاريخ‭ ‬قديم‭ ‬كتبت‭ ‬سطوره‭ ‬بسواعد‭ ‬الشعبين‭ ‬اللذين‭ ‬عاشا‭ ‬التجارب‭ ‬الحياتية‭ ‬نفسها،‭ ‬فكونا‭ ‬روابط‭ ‬قبلية‭ ‬وأسرية‭ ‬قديمة‭ ‬قدم‭ ‬تاريخ‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬اللذين‭ ‬تربطهما‭ ‬الجذور،‭ ‬وتوحد‭ ‬بينهما‭ ‬الآمال‭ ‬بالمستقبل‭.‬
وفي‭ ‬تاريخ‭ ‬البلدين‭ ‬العريق،‭ ‬تتداخل‭ ‬العوامل‭ ‬الجغرافية،‭ ‬والثقافية،‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬العائلية،‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬معه‭ ‬التفريق‭ ‬بينهما‭.‬
والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬مسقط‭ ‬وأبوظبي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ربطها‭ ‬بتاريخ‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1971،‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬علاقات‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬تاريخ‭ ‬البلدين‭ ‬المشترك‭.‬
ولذلك‭ ‬عندما‭ ‬تقدم‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬تعازيها‭ ‬لشقيقتها‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬قيادة‭ ‬وشعباً‭ ‬بوفاة‭ ‬بانيها‭ ‬ورائد‭ ‬نهضتها‭ ‬الراحل‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬إنما‭ ‬تعزي‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬بهذه‭ ‬القامة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬وهبت‭ ‬نفسها‭ ‬للوطن‭ ‬والشعب‭ ‬في‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬الشقيقة،‭ ‬وخدمة‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭.‬
وقصة‭ ‬العلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬رغم‭ ‬قدمها،‭ ‬إلا‭ ‬انها‭ ‬تجد‭ ‬تجسيدها‭ ‬الأوضح‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬الأخوية‭ ‬الصادقة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬ومؤسس‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬بن‭ ‬سلطان‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬“طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه”،‭ ‬وأخيه‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬بن‭ ‬سعيد،‭ ‬واللذين‭ ‬تركا‭ ‬بصمتهما‭ ‬الخيرية،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬بلديهما‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬وحتى‭ ‬العالمي‭.‬
فكانا‭ ‬رَجُلَي‭ ‬المراحل‭ ‬الصعبة،‭ ‬وصاحبي‭ ‬القرارات‭ ‬الشجاعة‭ ‬الحكيمة،‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تستوقفنا‭ ‬مواقف‭ ‬هذين‭ ‬القائدين‭ ‬العربيين،‭ ‬والدور‭ ‬الرائد‭ ‬الذي‭ ‬لعباه‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭.‬
والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬باتت‭ ‬بفضل‭ ‬حكمة‭ ‬وعروبية‭ ‬القيادتين‭ ‬أنموذجاً‭ ‬حياً،‭ ‬للتعاون‭ ‬الأخوي‭ ‬الصادق،‭ ‬حيث‭ ‬أثمرت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬الجيدة‭ ‬تعاوناً‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والإقتصادية،‭ ‬وعززت‭ ‬الروابط‭ ‬التاريخية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬ومصلحة‭ ‬الشعبين‭ ‬وأمن‭ ‬وسلام‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬والأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬بأسره‭.‬
ولذلك‭ ‬يصح‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬من‭ ‬روابط‭ ‬أخوية،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬البلدين‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭. ‬

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض