تمثل الجهود الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب الرقمي ضرورة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين، خاصة في ضوء تصاعد التوظيف السلبي من جانب التنظيمات المتطرفة والإرهابية للثورة الاتصالية والتكنولوجية في نشر الفكر المتطرف والتجنيد والتحريض على العنف والتخطيط والإعداد للقيام بالأعمال الإرهابية التي تستهدف الأبرياء من المدنيين في العديد من المناطق حول العالم.
يشير التطرف الرقمي إلى المحتوى الذي يحرض على العنف والكراهية، وذلك من خلال توظيف شبكة الإنترنت والهواتف الذكية والخدمات الإلكترونية المرتبطة في نشر وبث واستقبال وإنشاء المواقع والخدمات التي تسهم في ترويج المواد الفكرية المغذية للتطرف الفكري والتحريض على العنف، ووفقاً لهذا المفهوم، فإن أدوات التطرف الرقمي، تشمل ما يلي:
1 – وسائل التواصل الاجتماعي: بأنواعها المختلفة، والتي تشير الإحصائيات إلى تزايد أعداد مستخدميها بصورة لافتة، فوفقاً لتقرير أصدرته شركة «Hootsuite» عن حالة الإنترنت حول العالم فإن عدد المستخدمين النشيطين لمختلف منصات التواصل الاجتماعي حول العالم ارتفع ليسجل مع نهاية شهر أكتوبر2020 حوالي 4.14 مليار مستخدم نشط، بما يزيد على نصف سكان العالم، وهذا يعني أن وسائل التواصل الاجتماعي تأتي في مقدمة الأدوات التي تلجأ إليها التنظيمات المتطرفة والإرهابية لنشر أفكارها وتحقيق أهدافها، خاصة أنها تتسم بالقدرة على التأثير والفاعلية، وتسمح بإنشاء وتبــادل المحتــوى الرقمي المتطرف بكل سهولة، فضلاً عن غياب القواعد والقوانين المنظمة لها، ما يجعلها تمثل الوسيلة الأسرع في نشر المحتوى الرقمي المتطرف، وانتقاله من دولة لأخرى، والأهم أيضاً أنها تتسم بالمجانية، فلا يحتاج نشر محتوى رقمي متطرف إلى إمكانات مادية، فيكفي الاشتراك في هذه المواقع، وبالتالي تأسيس مجموعة أو عدة مجموعات تقوم بنشر محتوى متطرف أو يحرض على العنف.
2 – تطبيقات المراسلة: تمثل أحد الخيارات المهمة التي تلجأ إليها التنظيمات المتطرفة، في نشر أفكارها أو في التنسيق بين عناصرها، ويأتي في مقدمة هذه التطبيقات «تليجرام ماسينجر»، والذي يتم توظيفه من جانب تنظيم «داعش» الإرهابي على سبيل المثال كمنتدى تنسيقي مركزي، خاصة أن هذا التطبيق يتمتع بمزايا نسبية أهمها أنه يتيح إمكانية إنشاء دردشات المجموعة مع 200 ألف مستخدم بالمقارنة مع تطبيق «واتساب» الذي يحدد عدد المستخدمين في مجموعة الدردشة بـ256 شخصاً على الأكثر، وهو ما يجعل منه التطبيق الأكثر خطورة بالنسبة لنشر المحتوى الرقمي المتطرف.
3 – التطبيقات الإلكترونية: اتجهت العديد من الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية إلى التطبيقات الإلكترونية التي تتيحها شركات التكنولوجيا في نشر أفكارها المتطرفة والترويج لأيديولوجياتها، فعلى سبيل المثال فإن تطبيق «يورو فتوى»، الذي أطلقه المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث (ECFR)، إحدى أذرع جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، يعد من أهم التطبيقات التي يتم تنزيلها بشكل متكرر في أنحاء العالم كله، خاصة مع حالة الإغلاق الناجمة عن جائحة «Covid-19»، التي دفعت الآلاف من أنحاء أوروبا إلى الاعتماد على هذا التطبيق في معرفة بعض الفتاوى والاستفسارات الدينية، خاصة في ألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد وفنلندا وآيرلندا، لكن لوحظ في الآونة الأخيرة أن المحتوى الذي ينشره هذا التطبيق يروج لبعض الأفكار المتطرفة ويحرص على العنف والكراهية، وهذا ما دفع العديد من أجهزة الأمن والاستخبارات الأوروبية إلى مطالبة شركتي جوجل وآبل بإغلاقه، ووصل الأمر أن «هانز جاكوب شندلر»، مدير مشروع مكافحة التطرف في المملكة المتحدة، اتهم شركات التكنولوجيا بالفشل في معالجة المحتوى المتطرف، نتيجة استمرار هذا التطبيق الذي ينتشر بصورة كبيرة بين أوساط الجاليات الإسلامية في أوروبا.
ومن التطبيقات الإلكترونية التي بدأت تحظى بالانتشار بصورة لافتة منذ نهاية العام 2020، تطبيق «كلوب هاوس»، وهو أحد تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يمكن دخوله حتى الآن من خلال دعوة فقط، ويسمح للأعضاء بالانضمام إلى غرف افتراضية لإجراء مناقشات صوتية حول مختلف الموضوعات. وعلى عكس شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على الكتابة، فإن النظام الأساسي لهذا التطبيق قائم على الصوت، وليس النص، مما يجعله يبدو وكأنه «بودكاست» تفاعلي أو مكالمة جماعية، كما يتيح لمستخدميه إجراء محادثات صوتية مباشرة في غرف مغلقة، وإقامة ما يشبه الغرف الحوارية بداخله. وتكمن خطورة هذا التطبيق بالأساس من احتمال توظيفه بشكل سلبي من جانب التنظيمات المتطرفة والإرهابية في نشر الأفكار الهدامة التي تزعزع الأمن والاستقرار في الدول والمجتمعات.
التطرف الرقمي وتصاعد الإرهاب
لا يمكن الفصل بين ظاهرة التطرف الرقمي التي تجد رواجاً وانتشاراً كبيرين في المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي وبين تصاعد خطر الإرهاب في العديد من المناطق حول العالم، فالتنظيمات المتطرفة التي تستهدف النشء والشباب وخاصة في مناطق الأزمات والصراعات وتسعى إلى تقديم العديد من الإغراءات لتجنيدهم وتحريضهم على العنف، تمثل العامل الرئيسي وراء استمرار خطر الإرهاب في العالم. والواقع أن مخاطر التطرف الرقمي لا تقتصر فقط على نشر المحتوى الإلكتروني الذي يروج للأفكار والأيديولوجيات التي تغذي العنف وتحرض على الكراهية، وإنما تتضمن أيضاً الجوانب التالية:
1 – استهداف النشء والشباب باعتبارهم الأكثر قابلية للانجذاب إلى الفكر المتطرف: غالباً ما تلجأ التنظيمات المتطرفة والإرهابية إلى توظيف التقنيات الحديثة في نشر الفكر المتطرف بين أفراد المجتمع، وتحديداً بين فئة النشء والشباب، والذين يعتبرون الأكثر قابلية لتقبل هذه النوعية من الأفكار، إما بسبب نقص الوعي والمعرفة وإما نتيجة ميلهم إلى المغامرة، وليس أدل على ذلك من أن معظم الذين انضموا إلى تنظيم «داعش» الإرهابي من دول أوروبية لم يكونوا يؤمنون بأيديولوجيته الفكرية المتطرفة، وإنما كانت لديهم رغبة في المغامرة وخوض تجارب جديدة عليهم.
وفي المنطقة العربية، تشير العديد من الدراسات إلى أن التنظيمات المتطرفة، وخاصة «القاعدة» و«داعش» تركز على النشء والشباب، وتستغل انشغالهم المستمر بوسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية ومنصات التراسل في التأثير عليهم و«غسل أدمغتهم» من خلال محتوى رقمي متطرف. وحسب تقرير صدر عن «أكاديمية الإعلام الجديد» بدبي حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي عام 2020، تبين أن %79 من الشباب العربي يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة للاطلاع على الأخبار اليومية، كما يصل متوسط استخدام الفرد يومياً لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية من 3-5 ساعات يومياً، وهذا ما يجعل منهم هدفاً سهلاً إن لم يكن «صيداً ثميناً» لاجتذابهم من جانب هذه النوعية من التنظيمات المتطرفة والإرهابية. ويُعدّ «تويتر» أهم وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر سهولة ومرونةً في الاستخدام، وبات الوسيلةَ المفضلةَ لدى الأفراد والمنظمات التي تستخدمه لإغراء المقاتلين الأجانب المحتملين الراغبين في الانضمام إلى «داعش»، على سبيل المثال لا الحصر.
2 – التجنيد الإلكتروني: تلجأ المنظمات الإرهابية إلى الشبكة العنكبوتية لاصطياد ما أمكن من مؤيدين لتعظيم نشاطاتها وتوسيع شبكة وصولها إلى مختلف أنحاء العالم، فمع انهيار تنظيم «داعش» في العراق وسوريا عام 2018، وما تبعه من انهيار قوته البشرية، سواء في المعارك التي خاضها أو نتيجة انسحاب العديد من أعضائه الذين لم يعودوا مقتنعين بأيديولوجيته وأفكاره، بدأ التنظيم يركز على التجنيد الإلكتروني من خلال كسب أعضاء جدد، وتحديداً فئة النشء والشباب. وجاءت جائحة «كوفيد19» لتشكل فرصة لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» لتجنيد المزيد من الأنصار والمؤيدين والأتباع، فاستغلتا الظروف التي صاحبت هذه الجائحة، الحجر المنزلي، والتعليم عن بعد، والعمل عن بعد، وتزايد عدد الساعات التي يقضيها الطلاب والموظفون والأشخاص العاديون بوجه عام في تنفيذ هذا المخطط، بل والأخطر في هذا السياق، أن تنظيم «داعش» أصبح يستغل المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة «فيسبوك» و«تويتر» في تجنيد ما يسمى «الذئاب المنفردة»، وتحريضها على القيام بعمليات إرهابية، كما حصل في العديد من الدول الأوروبية في الأعوام القليلة الماضية.
3 – التحريض على العنف وبث الكراهية: إن توظيف المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية في التحريض على العنف وبث خطاب الكراهية لا يقتصر على التنظيمات المتطرفة، وإنما يمتد أيضاً إلى اليمين المتطرف في أوروبا والغرب بوجه عام، فالعمل الإرهابي الذي استهدف مسجدين وسط مدينة «كرايست تشرش» في نيوزيلندا وأدى إلى مقتل نحو خمسين وإصابة العشرات في شهر مارس 2019 هو نتاج لخطاب الكراهية الذي يتبناه اليمين المتطرف ضد الجاليات الإسلامية في العديد من الدول الأوروبية. فقد قام منفذ هذه الجريمة الإرهابية ببثها على شبكات التواصل الاجتماعي، وتم تداولها على نطاق واسع عالمياً قبل أن يتم حظرها، لتؤكد هذه الحادثة غياب المعايير والضوابط المنظمة والتي من شأنها مكافحة بثّ محتويات متطرفة وإرهابية. وهذا ما خلصت إليه الدراسة التي أعدتها مؤسسة «أماديو أنطونيو» الألمانية التي أشارت إلى أن المتطرفين حينما يقوموا ببث جرائمهم، فإنهم يسعون إلى جذب اهتمام وسائل الإعلام والإنترنت.
4 – الإعداد لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية: غالباً ما تستغل الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية التطبيقات الإلكترونية في التنسيق بين عناصرها والإعداد لتنفيذ المزيد من الأعمال الإرهابية، وهذا ما حذر منه الاتحاد الأوروبي في تقرير «حالة واتجاهات الإرهاب لعام 2020»، حيث أشار إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، أسهمت بدور رئيسي في التخطيط والتنفيذ للهجمات الإرهابية التي وقعت في السنوات القليلة الماضية. كما أن تقنيات التشفير جعلت من المستحيل عملياً على السلطات تتبع الاتصالات عبر الإنترنت، ما أعطى غطاء للإرهابيين للتخطيط لعملياتهم بحرية.
الجهود الدولية
لا شك أن التطرف الرقمي، والإرهاب المصاحب له، يمثل أحد التهديدات الرئيسية التي تواجه الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، ليس فقط لأنه يمثل استنزافاً مستمراً لقدرات الدول وتهديد أمنها الشامل وإنهاك اقتصادها، وإنما أيضاً لأنه يندرج ضمن حروب الجيل الرابع التي تستهدف جعل هذه الدول تعيش في حلقة مفرغة من الأزمات، فضلاً عن استخدام الجماعات المتطرفة للفضاء الرقمي كوسيلة لإحياء الصدام بين الأديان وصراع الحضارات والإساءة إلى المقدسات الدينية، ولهذا فإن التصدي للتطرف الرقمي والإرهاب المصاحب له بات يمثل أولوية لدى المجتمع الدولي، وهناك بالفعل العديد من التحركات الإيجابية في هذا الشأن، لعل أبرزها:
1 – تبنى الاتحاد الأوروبي في شهر أبريل 2021 قيوداً مشددة على منصات التواصل الاجتماعي، لإزالة المحتوى المرتبط بالإرهاب على منصاتها، حيث أعطى البرلمان الأوروبي الضوء الأخضر لدول الاتحاد لفرض مزيد من القيود على المنصات الإلكترونية، إزالة الرسائل والصور ومقاطع الفيديو «ذات الطابع الإرهابي» خلال ساعة فقط. ويمهد هذا القرار الطريق لتطبيق هذه القيود في دول الاتحاد الأوروبي العام المقبل 2022. وهذه الخطوة الأوروبية تستجيب في جوهرها لمطالب العديد من دول الاتحاد بضرورة التحرك لفرض رقابة مشددة على المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية التي باتت تستخدم من جانب الجماعات المتطرفة والإرهابية سواء في التجنيد أو التمويل أو التخطيط لشن المزيد من العمليات الإرهابية.
2 – «نداء كرايست شيرش»، للقضاءِ على المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف على الإنترنت، والذي جاء في أعقاب الاجتماع الذي ضم رئيسة وزراء نيوزيلندا «جاسيندا آردرن»، والرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في 15 مايو 2019 في باريس، وحضره قادة دول ورؤساء تنفيذيون لشركاتٍ تكنولوجية، وتعهدوا خلاله بالعمل على القضاءِ على المحتوى الإرهابي والمتطرف العنيف على الإنترنت. وتُعد قمة «كرايست شيرش» محاولة لتقييد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر التطرف والتحريض على الإرهاب، وخاصة في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في «كرايست شيرش» في نيوزيلندا في مارس من العام 2019. وقد شكل هذا النداء البداية لتسليط الضوء على الدور الذي ينبغي أن يقوم به المجتمع الدولي لمكافحة المحتويات الإرهابية والمتطرفة العنيفة على الإنترنت.
3 – فرض غرامات مالية كبيرة على مزودي خدمة الإنترنت، قدمت المفوضية الأوروبية، في سبتمبر من العام 2018، اقتراحاً، بناءً على مبادرات على مستوى الاتحاد الأوروبي لتعزيزِ التعاون التطوعي لمقدمي الخدمات، لوقف نشر المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت، وعلى رأسها تلك الخاصة بمنتدى الإنترنت، التابع للاتحاد الأوروبي، ووحدة الإحالة لمحتويات الإنترنت، التابعة للاتحاد الأوروبي. بل إن هناك مطالب أوروبية عديدة ذهبت إلى ضرورة فرض غرامات مالية كبيرة على مزودي الخدمة، بهدف إجبارهم على إزالة المحتوى غير القانوني، ومنع إعادة التحميل، في أسرع وقت، مثل القانون الألماني الخاص بحماية الحقوق على شبكات التواصل الاجتماعي (NetzDG)، والذي يهدف إلى مكافحة التحريض، ونشر الأخبار الوهمية، على شبكاتِ التواصل الاجتماعي، والذي تم اعتماده في يونيو 2017.
4 – إطلاق منتدى الإنترنت التابع للاتحاد الأوروبي، في ديسمبر 2015، وذلك بالتعاونِ مع شركات «يوتيوب» و»تويتر» و»مايكروسوفت»، وذلك بهدف التصدي للمحتوى الذي يحرض على التطرف والإرهاب، ويقوم هذا المنتدى بجمع «بصمات رقمية» أو «رموز» للمحتوى الذي يحمل مؤشرات أنه ذو طابع متطرف أو إرهابي، وبمجرد تحديد المحتوى، يتم منع تحميل الصور أو مقاطع الفيديو على هذه المنصات. وتستهدف هذه المبادرة تشجيع شركات الإنترنت على تكثيف جهودها الخاصة برصد المحتوى الرقمي المتطرف على منصاتها، وإزالته بأقصى سرعة.
5 – الجهود العربية لمكافحة التطرف الرقمي: تفاعلت الدول العربية مع الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة التطرف الرقمي، وهناك بالفعل العديد من المبادرات الرائدة والمهمة في هذا الشأن، لعل أبرزها تجربة دولة الإمارات في تأسيس مركز«صواب» بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2015، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف الى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب، ويتطلع المركز إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون ويقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم، كما يعمل مركز صواب على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح. وهناك أيضاً مبادرة «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف»، أو «اعتدال»، والذي أطلقته المملكة العربية السعودية في العام 2017، والذي يهدف إلى مكافحة المحتوى المتطرف على منصات التواصل الاجتماعي، من خلال اعتراض تحميل أي محتوى متطرف وإزالته.
في ضوء ما سبق، يمكن القول إن التحرك الدولي المتسارع لمواجهة التطرف الرقمي بمظاهره السابق الإشارة إليها، وفرض المزيد من القيود على المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية، والحيلولة دون إساءة استغلالها من جانب التنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية يمثل ضرورة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين، لأنه يقلل من إمكانيات نشر المحتوى المتطرف والإرهابي، ويسد ثغرات قائمة أمام هذه التنظيمات أمام تجنيد الشباب والزج بهم في معارك وصراعات باسم الدين، والأهم أنه يتصدى لمحاولات نشر الكراهية والصدام بين الأديان والثقافات.