في الاستطلاع الذي أجراه موقع روسيا اليوم بالعربية (RT) حول القائد العربي الأكثر تأثيراً في عام 2019 ونشر نتائجه في بداية يناير 2020، جاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في المركز الأول بنسبة 68,6% من الأصوات. وبعدها بأيام قليلة نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريراً حول سموه قالت فيه إنه أقوى شخصية في منطقة الشرق الأوسط، وفي إبريل 2019 اختارت مجلة “تايم” الأمريكية سموه ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لعام 2019، إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والصيني شي جين بينغ، ورئيس جنوب إفريقيا سريلرامافوز، ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وهذه ليست فقط سوى نماذج قليلة للشهادات الدولية حول شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وتأثيره الإيجابي في وطنه ومحيطيه الإقليمي والعالمي، ما جعل قادة العالم حريصين على الاستماع إلى سموه والتعرف على رؤاه ووجهات نظره حول القضايا والملفات والأزمات في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وهذا التقدير العالمي المستحق والذي يصادف أهله، لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، لم يأت من فراغ وإنما من مواقف وسياسات ورؤى داخلية وخارجية، وسمات شخصية، تضافرت لتجعل من سموه شخصية استثنائية في عيون العالم، وقائداً تجتمع فيه كل سمات القيادة الفذة والاستثنائية.
فعلى مستوى السمات الشخصية، يتسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بالتواضع الممزوج بالحزم والحسم والهيبة والكاريزما في الوقت نفسه، وهو ما يعبر عنه أحد الكتاب بقوله إن سموه “ليس قائداً فذاً وصاحب إرادة حديدية وكاريزما لا تخطئها العين بمجرد النظر إلى سموه فحسب، وإنما هو إنسان أيضاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. يحنو على الصغير ويتباسط معه، ويعطف على الضعيف ويترفق به، ويقدم العون للمحتاج، ويجمع بين التواضع والهيبة، ويحرص دائماً على أن يكون قريباً من المواطنين، بل بينهم وكأنه واحد منهم يشاركهم أفراحهم وأحزانهم”.
وعلى مستوى الرؤى التنموية، يؤمن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، بأن التعليم هو أساس التنمية والتفوق والقدرة على المنافسة في مضمار التنافس العالمي، والمصدر الحقيقي للثروة، ولعل كلام سموه في القمة العالمية للحكومات في دبي في عام 2015، كان معبراً بوضوح عن هذه الرؤية، حيث قال: “رهاننا الحقيقي في الفترة القادمة هو الاستثمار في التعليم… نحن نعيش فترة لدينا فيها خير ويجب أن نستثمر كل إمكانياتنا في التعليم لأنه سيأتي وقت بعد خمسين سنة ونحن نحمل آخر برميل نفط للتصدير، وسيأتي السؤال: هل سنحزن وقتها؟.. مجيباً سموه: إذا كان الاستثمار اليوم في مواردنا البشرية صحيحاً فأنا أراهن أننا سنحتفل بتلك اللحظة”.
ويرى سموه أن استشراف المستقبل ليس ترفاً وإنما هو ضرورة للحفاظ على التنمية المستدامة، وأن من ينتظر المستقبل حتى يأتيه فإنه يحكم على نفسه بالتخلف عن ركب التقدم الإنساني، ولهذا يحرص سموه دوماً على الدعوة إلى الاستعداد لهذا المستقبل من خلال امتلاك أدواته ومعارفه خاصة من قبل الشباب، وهذا ما يتضح من خلال “مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل”، الذي يعقد بشكل دوري بهدف إضاءة جوانب المستقبل أمام الشباب الإماراتي.
يؤمن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بأن “التنمية تحتاج إلى قوة تحميها وتحصن مكتسباتها”،وأن “المجتمعات التي لا تمتلك القدرة على الدفاع عن نفسها وإرادة التضحية للحفاظ على مصالحها وسيادتها، هي مجتمعات هشة، لا يمكنها الحياة بكرامة في عصر يموج بالمخاطر والمطامع والتهديدات”.
ومن هذا المنطلق يبدي سموه اهتماماً كبيرا بتطوير القوات المسلحة الإماراتية ودعم قدراتها لتكون الحصن الحامي لمكتسبات التنمية، حيث ينظر إليها باعتبارها العمود الفقري لصون منجزات دولة الإمارات، وحماية أمنها واستقرارها. وتقوم رؤية سموه بخصوص تطوير وتعزيز قدرات القوات المسلحة على العديد من الأسس أهمها: إعطاء أهمية كبرى للعنصر البشري المواطن باعتباره عماد أي قوات مسلحة حديثة ومصدر تفوقها، وإمداد القوات المسلحة بأحدث الأسلحة، وبناء صناعة سلاح محلية متطورة، والتوسع في إنشاء الكليات والمعاهد والمدارس العسكرية لتعزيز الجوانب العلمية للقوات المسلحة، والتدريب وفق أحدث الأنظمة الحديثة على المستوى الدولي والمشاركة في المناورات العسكرية مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل إتاحة الفرصة لأبناء القوات المسلحة للاحتكاك بخبرات عسكرية من دول مختلفة، وتوسيع القاعدة البشرية في القوات المسلحة من خلال نظام الخدمة الوطنية.
ويؤمن سموه بأن التعايش والتسامح والاعتدال والوسطية، كفيلة بتحقيق السلام والاستقرار في العالم، ولذلك يعمل بقوة من أجل نشر التسامح على المستوى العالمي، وضرب المثل والقدوة في الإيمان به قولاً وعملاً، ولذلك نرى سموه يأمر، في يوليو 2017، بتغيير اسم مسجد محمد بن زايد في منطقة المشرف في أبو ظبي إلى: مسجد مريم أم عيسى، ويوجه من خلال ذلك رسالة عالمية عملية للتسامح والمحبة.
وبعد هذا العرض المختصر، يمكن القول إن ما سبق كان محاولة للإضاءة على بعض جوانب التميز والتفرد في الشخصية القيادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لأن الإحاطة بكل جوانب شخصية سموه تحتاج إلى آلاف الأوراق، ولا يمكن لأي تقرير أو كتاب أو حتى مجلد أن يفيها حقها من البحث والتحليل.
إكرام بندلة (باحثة في الشؤون العسكرية)