دولة الإمارات العربية المتحدة بكل تفاصيلها وكفاح تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هي نموذج عربي ملهم للوحدة والتضامن والتطور، وفصل مجيد من فصول العرب في هذا الزمان. دولة جمعت ألوانها في نسيج واحد، فجعلت التعدد قوة والتنوع سمة، وشكّلت وحدة عربية ناجحة تزداد كل يوم إنجازاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
رحل قبل أيام ثاني رئيس لهذا الاتحاد العربي الفريد بعد تأسيسه عام 1971 وهو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيّان، رحمة الله عليه، وهو الرجل الذي عاصر مرحلة كفاح الآباء المؤسسين لتشييد الاتحاد الكبير، وتولّى جملة من المسؤوليات الجسيمة، ونجح فيها، سواء على مستوى إمارة أبوظبي أو على مستوى الدولة. آلية الانتقال السلس للسلطة في الإمارات كان مدهشاً ومعبّراً ولافتاً، حيث اجتمع حكام الإمارات وانتخبوا الشيخ محمد بن زايد رئيساً للدولة في اجتماع قصير لم يتجاوز بضع دقائق، وهو أمر طبيعي لا نستغربه في دولة الإمارات أو دول الخليج كونها طريقة تعبّر عن ثقافة هذه المنطقة وتعكس نموذجاً فريداً ما زال محل إعجاب العالم.
تسنّم الشيخ محمد بن زايد عدة مناصب سياسية وعسكرية منذ يفاعته، حيث شارك في حرب “تحرير الكويت” عام 1990، وكان ساعداً أيمن لزايد الخير في كل المهمات، ثمّ رجل دولة وقائداً سياسياً وولياً لعهد خليفة الخير، يحمل على كاهله ثقل المسؤولية والأمانة، حيث يُعزى له الفضل في تطوير المؤسسة العسكرية الإماراتية وتطوير التعليم والكثير من ملفات التنمية، وقد نجح الشيخ محمد بن زايد في السنوات الأخيرة، التي مارس خلالها مهامه أو عوض خلالها المغفور له خليفة، في تحويل بلاده إلى قوة اقتصادية وسياسية وتنموية مهمة في المنطقة والعالم.
نجحت الإمارات في السنوات الأخيرة في تنويع اقتصادها وحققت قفزات هائلة في نهضتها وتنميتها في كل المجالات، وحققت منجزات رائدة يفخر بها كل العرب، وفي سياستها الخارجية كان للإمارات حضور دولي لافت ودبلوماسية فاعلة تقوم على الحكمة والاعتدال والحزم في المواقف الوطنية والقومية لتصبح نموذجاً يحتذى ودولة مدنية تتسم بالاتزان والحكمة والنضج.
وفي الواقع، لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن نتحدث عن النموذج الإماراتي الرائد في المنطقة من دون الحديث عن الدور المركزي للشيخ محمد بن زايد في بناء هذا النموذج وتطويره، وتطويع الظروف الصعبة كي ينهض هذا النموذج ويكبر، وتغدو الأحلام والطموحات واقعاً يعاش على الأرض، ويشار إليها بالبنان كما هي اليوم.
شارك الشيخ محمد بن زايد في تعزيز أهمية مرحلة الشيخ خليفة، رحمه الله، وبحكمته وحنكته ذاد عن حمى دولته، وأسس لنهضتها وقوتها، وحمى سيادتها، وهو اليوم يريد أن يواصل نجاحاتها وإنجازاتها وريادتها بثبات وتفاؤل وطموح نحو المستقبل لتحقق أهدافها المئوية، وترتقي تقدّماً وازدهاراً وريادةً.
رحم الله الشيخ خليفة وأيد بنصره الشيخ محمد بن زايد، خير خلف لخير سلف.