يشهد القرن الحادي والعشرون ثورة تكنولوجية ستنعكس على حروب المستقبل على المستوى الاستراتيجي، حيث تم تخصيص 20 % من الانفاق العسكري للابتكارات العلمية في الشؤون العسكرية، وتشهد الجيوش الحديثة تطوراً كبيراً في مختلف ميادين التسلح، فالتطورات التكنولوجية المدهشة والمتلاحقة، أدت الى بروز أجيال جديدة من الأسلحة، أو إلى زيادة قدرة وفعالية أخرى كانت موجودة، والتي تتركز على تحسين قدرات الاستطلاع، وأسلحة التدمير الشامل، وإنتاج الآلاف من الصواريخ الرخيصة وعدد قليل من الصواريخ العابرة للقارات التي لا يمكن اكتشافها مع المرونة والقدرة على البقاء. ويتجه العالم إلى إحداث قفزة كبيرة في إنتاج الأسلحة بشكل يفوق ما شهدته البشرية خلال العقود الماضية، وهو ما يجعل منها أشد بأساً وخطورة من نسخها التقليدية.
مستقبل حرب الصواريخ
يتكشف في الآونة الأخيرة شكل جديد من أشكال سباق التسلح بين الدول الأكثر قوة في العالم، وتحديداً بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، يمكن أن يؤدي إلى تغيير طبيعة الحروب المستقبلية، وينطوي هذا السباق، الذي اتخذ منحى محموماً مؤخراً على صواريخ جديدة تفوق سرعتها سرعة الصوت بأضعاف، كما أنها تتسم بدقة أعلى من سابقتها من الصواريخ التقليدية، وفقاً لما ورد في دراسة تحليلية صدرت مؤخراً عن مركز المعلومات العالمي «ستراتفور». وهذه الصواريخ ليست أسرع من الصوت فحسب، بل إنها أسرع على الأقل بخمس مرات من سرعة الصوت، ويطلق عليها لقب «هايبرسونيك» (Hypersonic)، لتمييزها عن الأسرع من الصوت، أي (Supersonic).
ولهذا النوع من الصواريخ فوائد عديدة، أبرزها أن سرعتها تمكِّنها من الوصول إلى الأهداف بسرعة فائقة، وبالتالي اختراق دفاعات الدول المعادية، قبل أن تتمكن الأخيرة من الاستعداد لمواجهة الهجوم، ناهيك عن أن مجال الهدف لها يتسم بكونه أكبر، ونطاق التدمير لديها أوسع من نطاق التدمير للصواريخ التقليدية.
كذلك فإن سرعتها الهائلة تتيح للدولة ذات الإمكانية أن تهاجم الدول المعادية من مسافات بعيدة جداً، عدا عن كون صواريخ الهايبرسونيك الموجهة أكثر دقة من الصواريخ التقليدية، ويمكن تزويدها برؤوس نووية.
التسليح النووي
تختلف تقديرات حجم الترسانة النووية لكل دولة من الدول النووية في العالم من عام إلى آخر، لكن وضع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوتين نوويتين يظل دون تغيير، وتمتلك الدولتان أكثر من 12 ألف قنبلة نووية وتحتلان المرتبة الأولى والثانية عالمياً. يعتبر العدد الدقيق للرؤوس الحربية النووية من المعلومات السرية للدول، وبالتالي فهو مسألة تخمين. يقدر اتحاد العلماء الأمريكيين أن روسيا تمتلك 6,500 سلاح نووي، بينما تمتلك الولايات المتحدة 6185 سلاحاً نووياً، تمتلك كل من روسيا والولايات المتحدة 1600 رأس نووي استراتيجي نشط.. بحسب التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام لعام 2022 وتقرير جميعة العلماء الأمريكيين «فاس».
سوف يتجه العالم إلى إحداث قفزات كبيرة في إنتاج الأسلحة بشكل يفوق ما شهدته البشرية خلال العقود الماضية، بما في ذلك الأسلحة النووية المعروفة. حيث بدأ بعض العلماء الأمريكيين في معمل للأبحاث بكاليفورنيا العمل على إنتاج جيل جديد من القنابل النووية ويحتمل أن يكون أول نوع من هذا الجيل قنبلة هيدروجينية تعمل بالانشطار النووي تعادل قوتها الانفجارية 1000 طن من المواد التقليدية شديدة الانفجار. ويمكن توجيهها باستخدام أشعة الليزر التي ستحدث بدورها انفجارات نووية حرارية. كما يبحث هؤلاء العلماء استخدام هذه التفجيرات النووية الحرارية كبديل عن إجراء التجارب النووية التقليدية، وكذلك استخدام الهيدروجين الصلب الذي تفوق قوته الانفجارية تلك المتفجرات التقليدية بنحو 30 مرة. يستند إنتاج هذه الأسلحة إلى بحوث ودراسات رائدة ومتقدمة في مجالات الفيزياء الفلكية والنووية والفيزياء المكونة للمواد من عناصرها الأولية. كما ذكر أحد علماء معهد البحث العلمي في جنيف أن الأسلحة التي سوف تستخدم في المستقبل سوف تتمتع بمميزات عسكرية هائلة، إذ إنه لن تنبعث منها كميات كبيرة من الإشعاع. كما سوف يشهد هذا القرن تطوراً شديداً في نظم التسلح غير التقليدية الأخرى.
الحرب الجوية
تسعى أغلب دول العالم المتقدمة إلى تزويد شعوبها بأحدث وسائل التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى أنها تحاول جاهدة تحصين تلك البلدان بكافة الطرق السياسية والاقتصادية، وأهمها العسكرية التي كانت ولاتزال محط اهتمام تلك الدول، وعلى رأسها الدول العظمى مثل روسيا والولايات المتحدة، فقد تم مؤخراً إنشاء مخططات مستقبلية عديدة في أمريكا، من شأنها إعادة تشكيل أسطول جوي من الصفر، وبناؤه على أعلى مستويات التطور العلمي الإلكتروني الحالي، إضافةً إلى ما سيكون من ابتكارات علمية في المستقبل، وسيتم ذلك بعمل خاص من مركز الأبحاث الأمريكي (DARPA) الذي يقبع تحت رعاية مباشرة من البنتاغون وبتمويلٍ منها وبمساعدة من شركات متخصصة أخرى، وتتطلع أمريكا أيضاً إلى إصدار نسخ محدَّثة من الطائرات الحالية بنظرة مستقبلية، مما سيساعدها على مواجهة السنين القادمة، وبذلك تكون المؤسسات العسكرية الأمريكية كافةً قد أعلنت أنها لن تدخل يوماً مستقبلياً آخر بمعدات تعتبرها قد أصبحت من الماضي.
القوات البرية
على الرغم من أن التطبيقات المتطورة الأكثر شهرة كانت في مجالات الدرون والصواريخ، فإنه من المتوقع أن تمثل المركبات القتالية المدرعة ذاتية التحكم، التي يشار إليها اختصارا بـ (RCV)، نقلة نوعية في ساحات المعارك البرية المستقبلية. وبحسب مجلة (Popular Mechanics) الأمريكية، فإن المركبة القتالية الروبوتية هي عبارة عن دبابة صغيرة مدججة بالسلاح وغير مأهولة يمكنها العمل بشكل مستقل أو إلى جانب المركبات المأهولة. كذلك، من المحتمل أن تلعب الدبابات الروبوتية، نظراً لثمنها الرخيص وسهولة تشغيلها، دوراً محورياً في مستقبل المركبات المدرعة، التي تتزايد تكاليف تصنيعها بشكل كبير.
فيما كشفت شركة (Milrem) الإستونية المتخصصة في تصنيع الروبوتات النقاب عن مركبة قتالية وهي عبارة عن دبابة قتال رئيسية صغيرة الحجم مسلحة بمدفع رشاش عيار 0.50 لدعم فرق المشاة، ويبلغ طول الدبابة الروبوتية الجديدة 6 أمتار، وعرضها 3 أمتار، بينما يصل ارتفاعها إلى 2.2 متر، وتزن 12 طناً فقط، ما يجعل هذا النوع من الدبابات خفيفاً، بما يكفي لإمكانية إنزال الدبابة من طائرات النقل مثل طراز (C-130J Hercules) أو يمكن حملها متدلية تحت هليكوبتر ثقيلة طراز (CH-47 Chinook). ويحتوي هذا النوع من الدبابات على محرك كهربائي هجين، يعمل بالديزل وبطاريات مدمجة تسمح بساعة واحدة من القيادة الصامتة أو 24 ساعة من المراقبة الصامتة. وتم أيضاً تزويد الدبابة الروبوتية بإطارات مطاطية بدلاً من الجنازير المعدنية لتشغيل أكثر هدوءاً. وتبلغ السرعة القصوى للدبابة 80 كم/ساعة، ويمكنها أن تقطع مسافة 600 كيلومتر تقريبًا بملء خزان غاز واحد، ويتم تسليح الدبابة الروبوتية ببندقية مقاس 25 ملم، تشبه البندقية المستخدمة في مروحيات أباتشي الهجومية طراز (AH-64)، ويشتمل البرج أيضاً على قدرات التصوير الحراري بتقنية 360 درجة للعرض عن بُعد، حيث يمكن تزويد الدبابة بحمولة من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.
السفن الحربية المستقبلية
الاتجاه الحديث في تصميم السفن سيجعل السفن المستقبلية تتمتع بمزايا كثيرة لا تتوافر في سفن الإزاحة التي لديها عيوب كبيرة لم يتم إزالتها نهائياً، والتي يتمثل البعض منها في عيوب تقنية والأخرى مادية، ومع ذلك فمحاولات التغلب على العيوب وإزالتها تتم الواحدة تلو الأخرى، وقد بدأ أخيراً تخطي الأشكال الإزاحية التقليدية للسفن التي تضعف سرعتها أمام مقاومة الأمواج التي لاتزال سرعتها في عتبات الأربعين عقدة وأقل، برغم استخدام مختلف أنواع القوى الدافعة الحديثة، إلا أن الدراسات والبحوث العلمية الموسعة الحديثة تسعى لوضع تصاميم للسفن المستقبلية ذات هياكل من نتاج مبتكرات المواد المركبة، وبمظهر جديد ممزوج بالإبداع التخيلي، وقادرة على مضاعفة السرعة، باستخدام تطبيقات علم ميكانيكا الموائع وتطور أنظمة الدفع البحري.
السفن الحربية المستقبلية سوف تكون أكثر كفاءة وأقل من حيث الكلفة التشغيلية وعدد أفراد الطاقم من السفن الحالية، وستكون ذات أنظمة تشغيل تعمل تحت سيطرة التحكم الآلي، وتخضع لمعايير ومواصفات تراعي المتطلبات التشغيلية والسلامة، كما أن المواصفات الفنية والتعبوية ستلبي متطلبات الحرب البحرية المستقبلية المفترضة من واقع الدروس المستفادة والتحاليل والدراسات، وسيكون للمركبات غير المأهولة والمسيَّرة عن بعد دور كبير في تنفيذ مهامها، والذي سيكون متعدداً وتستطيع أن تتحول إلى سفينة متخصصة وفقاً للمهمة المسندة .
يدل الإصرار الذي تتصف به البحوث والدراسات والتطويرات البحرية المتعلقة بالوسائط البحرية، على أنها وشيكة التنفيذ والاستخدام، وذلك ثمرة كوادر متخصصة ومؤهلة بمستويات عليا قادرة على الدراسة والبحث ووضع الحلول المناسبة في إطار خطة عامة ناتجة عن تخطيط علمي يهدف للارتقاء بالقوات البحرية، في حين أن أغلب بحريات دول العالم الثالث لاتزال ترزح تحت عقلية كوادر مؤهلة بدورات تشغيلية لا تستطيع حتى استيعاب التقنية وإدامتها والاعتماد على الخارج في ذلك، ويتم وضع خططها وبرامجها من قبل مساعدين غير مؤهلين وبالتالي تفقد قطعها البحرية الواحدة تلو الأخرى في غياب التخطيط والبحث والتطوير .
سيكشف القرن الحادي والعشرون عن عديد من الابتكارات والتقنيات البحرية وظهور قطع بحرية بمواصفات فنية وتعبوية تختلف كلياً عن المتعارف عليه حالياً، وستؤثر في طبيعة الصراع المسلح في البحر، حيث تؤكد الدراسات والتحليلات حدوث الصراع بالقرب من السواحل وفي البحار الضيقة، وبالتالي ستكون الدول الساحلية في موضع الدفاع. إن اقتناء التقنية الجاهزة وتبادل المصالح بين الدول المصنعة وتغير المواقف سوف يؤثر في التقنية المصدرة، ولن ترتقي إلى مستوى الموجود لديهم، من حيث معدلات الكفاءة القتالية، الأمر الذي يتطلب ضرورة الاتجاه للاعتماد على الذات والدفع بالبحث والتطوير لمواكبة التقدم في المجال البحري.
القطع البحرية المخفاة
سوف يتسع استخدام القطع البحرية المخفاة، وفي طليعتها الفرقاطة الفرنسية المخفاة «لافاييت» التي يتعذر رؤيتها من أي اتجاه، لأن هيكلها أكبر بكثير من الطائرة، وأقل انتظاماً منه. وهذه الفرقاطة قادرة على تقليص المقطع الراداري للسفينة إلى مستوى يمكن معه تضليل نظم الصواريخ المضادة للسفن، بحيث تكون البصمة الرادارية للسفينة أصغر من بصمة الأهداف الخداعية التي تطلقها حال تعرضها للهجوم، حيث سيبدو الهدف للصاروخ على أنه أكثر جاذبية من السفينة نفسها، وبالتالي سوف يتجه نحوه بدلاً من الاتجاه صوب السفينة. وسوف تقوم اليابان بإنتاج السفينة ياماتو اعتماداً على أحدث تطبيقات المواد الفائقة التوصيل، وتم إنتاج قطعة واحدة تسير بالطاقة الكهرومغناطسية، بلغ طولها 30 متراً، والغاطس 5.2 متر، وبلغ وزنها 360 طناً وتعمل بمحركات جديدة لم يسبق استخدامها. وبشكل عام سوف يكون إخفاء القطع البحرية إحدى سماتها الرئيسية في القرن الحالي.
مستقبل أنظمة القيادة والسيطرة العالمية
إن ظهور التكنولوجيا المتقدمة في كافة المجالات العسكرية ونظم التسليح المتطورة أعطى أهمية كبرى لدور القيادة والسيطرة في المعركة الحديثة وتطورها بصفة مستمرة.
فمراكز القيادة، وهي العضو الرئيسي لنظم القيادة والسيطرة، بحيث أصبح من أهم علامات تطويرها القدرة على السيطرة على القيادات المختلفة التابعة، واتخاذ القرار في الوقت المناسب، ولن يتأتى ذلك طبعاً إلا بتوفر كافة البيانات والمعلومات اللازمة لدراسة الموقف واتخاذ القرارات المناسبة، وفي الوقت المطلوب، من خلال الحواسب الآلية المختلفة لمعالجة البيانات والمعلومات، وبالاعتماد على وسائل العرض المختلفة الحديثة والشاشات الكبيرة التي توضح الموقف العملياتي لكافة المستويات ونظم القيادة والسيطرة، وتعتمد بالإضافة إلى مراكز القيادة على المستشعرات، ووسائل نقل المعلومات. وقد تطورت المستشعرات بشكل كبير حالياً في ضوء التقدم الهائل في الميكروإلكترونيات، وأصبحت متكاملة مع نظم الاستشعار في الجو أو البر أو الفضاء وأصبحت تغطي حيزاً كبيراً من الضوء المرئي إلى الميكرويف إلى الموجات اللاسلكية.. إلخ.
أما الحواسب الآلية، فقد زادت بالطبع إمكانياتها بدرجة كبيرة، وكان عليها بالضرورة أمام هذا الكم الهائل من البيانات المطلوب استقبالها ومعالجتها أن تتعدى مرحلة المعدات المساعدة لاتخذ القرار، والتي تنحصر في مهام حفظ واسترجاع البيانات، وإجراء العمليات الحسابية، والتحكم في وسائل العرض، بل وحتى محاولات تطبيق فعلي لفكر وأساليب الذكاء الصناعي، وهنا تجدر الإشارة كذلك إلى الأساليب الفنية اللازمة لتأمين نظم الحواسب من أعمال التداخل أو التخريب الالكتروني. وقد تطور فكر القيادة والسيطرة مع تطور التهديد وخاصة مع دخول عناصر الصواريخ الباليستية وأسلحة الفضاء وإمكانية استخدام الأسلحة النووية، بل وأسلحة الطاقة الموجهة مستقبلاً، حيث أخذ التهديد شكلاً جديداً، فتأكدت الحاجة إلى مواصفات خاصة لنظم القيادة الحديثة والتي من أهمها الاعتمادية واستمرارية العمل مع أعمال العدو والقدرة على البقاء. وقد تطورت المكونات الأساسية لنظم القيادة والسيطرة الآلية الحديثة من مستشعرات ذات مواصفات خاصة محمولة جواً، وكذا نظم الاتصالات التي تضمن استمرارية العمل في مواجهة الأعمال المعادية حتى القصف النووي ومراكز القيادة والسيطرة المتحركة أو المحمولة جواً. ولكن، مع دخول فكر الذكاء الاصطناعي، يتوقع أن تتولى نظم القيادة والسيطرة الآلية ذاتياً العديد من المهام والأعباء الذهنية المرتبطة بمقارنة المعلومات وتقييم أولوية الإنذار وتقدير الموقف ومتابعة أعمال العدائيات بل وحتى اتخاذ القرار.
مستقبل الخداع وأساليبه
إن الاهتمام العالمي بالمفهوم التكنولوجي وتطبيقاته، قد احتل المرتبة الأولى لدى دول العالم المتقدم، ومن خلال هذا الاهتمام العالمي بهذا المفهوم، كان لنظم الكشف والإنذار مكان بارز في هذا التقدم. ويبرز الخداع على أنه أحد الطرق الرئيسية التي يمكن عن طريقها تحقيق المفاجأة بكل مستوياتها في الصراع ومراحله المختلفة، ووصولاً إلى الصراع المسلح، سواء كان ذلك في مرحلة الإعداد للصراع المسلح، أو مرحلة إدارة الصراع المسلح، أو بعد انتهائه لفرض الإرادة على العدو. أدى التطور المستمر والهائل، في وسائل الاستطلاع والحرب الإلكترونية وغيرها من وسائل الحصول على المعلومات، إلى إيجاد صعوبة بالغة في إخفاء أوضاع القتال وأعماله للقوات، وبالتالي صعوبة تنفيذ أعمال الخداع، أي أن ذلك يزيد من أهمية الخداع في العمليات الحربية المقبلة، مما أظهر ضرورة التطوير المستمر لأعمال الخداع، لتحقيق النجاح في العمليات الحربية المقبلة.
ولقد تطورت طرق ووسائل الخداع، منذ وقت طويل، فجميع الحروب مبنية على الخداع، ولهذا يجب أن نتظاهر بالعجز عن الهجوم، عندما نكون قادرين، وأن نتظاهر بالسكون عندما نستخدم قواتنا. وعندما نكون بالقرب من العدو، يجب أن نعمل، ليعتقد أننا بعيدون عنه، وإن كنا بعيدين عنه، يجب أن نشعره بقربنا منه. كلما زاد التطور في وسائل ونظم الكشف والإنذار، وجب على المخطط أن يضاعف ويركز على تخطيط الخداع وتنظيمه حتى يمكن تحقيق الهدف العسكري، وهو تدمير العدو بأقل خسائر ممكنة، وفى أسرع وقت ممكن.
لا تتطلب وسائل الخداع الإلكتروني ونظمه تكنولوجيا عالية، أو تكلفة كبيرة، تماثل التكنولوجيا والتكلفة التي يتطلبها التسليح الفعلي، مما يجعل من الخداع السلبي سلاحاً حيوياً للدول، التي لا تملك تكنولوجيا التسليح.
خاتمة
بقي أن نشير إلى أن الأعوام الأخيرة شهدت تحولاً ملحوظاً في السياسات العسكرية للدول وأسلوبها في تجهيز جيوشها دفاعاً وهجوماً، بحيث أصبح العالم يترقب كيف ستكون حروب المستقبل وعتادها.
» الدكتور معين أحمد محمود
(باحث عسكري واستراتيجي(