592 Web Analysis 1 Cover A

الحرب في القرن الـ 21 على المستوى الاستراتيجي

يشهد‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرون‭ ‬ثورة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬ستنعكس‭ ‬على‭ ‬حروب‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬20‭ ‬% من‭ ‬الانفاق‭ ‬العسكري‭ ‬للابتكارات‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العسكرية،‭ ‬وتشهد‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة‭ ‬تطوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬ميادين‭ ‬التسلح،‭ ‬فالتطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المدهشة‭ ‬والمتلاحقة،‭ ‬أدت‭ ‬الى‭ ‬بروز‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬قدرة‭ ‬وفعالية‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬موجودة،‭ ‬والتي‭ ‬تتركز‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬قدرات‭ ‬الاستطلاع،‭ ‬وأسلحة‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل،‭ ‬وإنتاج‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬الرخيصة‭ ‬وعدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اكتشافها‭ ‬مع‭ ‬المرونة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬البقاء‭. ‬ويتجه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬قفزة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الأسلحة‭ ‬بشكل‭ ‬يفوق‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬البشرية‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬أشد‭ ‬بأساً‭ ‬وخطورة‭ ‬من‭ ‬نسخها‭ ‬التقليدية‭.‬

مستقبل‭ ‬حرب‭ ‬الصواريخ

يتكشف‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬شكل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتحديداً‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬طبيعة‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وينطوي‭ ‬هذا‭ ‬السباق،‭ ‬الذي‭ ‬اتخذ‭ ‬منحى‭ ‬محموماً‭ ‬مؤخراً‭ ‬على‭ ‬صواريخ‭ ‬جديدة‭ ‬تفوق‭ ‬سرعتها‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت‭ ‬بأضعاف،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تتسم‭ ‬بدقة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬سابقتها‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬التقليدية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬تحليلية‭ ‬صدرت‭ ‬مؤخراً‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬المعلومات‭ ‬العالمي‭ ‬‮«‬ستراتفور‮»‬‭. ‬وهذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬ليست‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬أسرع‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بخمس‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬ويطلق‭ ‬عليها‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬هايبرسونيك‮»‬‭ (‬Hypersonic‭)‬،‭ ‬لتمييزها‭ ‬عن‭ ‬الأسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت،‭ ‬أي‭ (‬Supersonic‭).‬

ولهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬فوائد‭ ‬عديدة،‭ ‬أبرزها‭ ‬أن‭ ‬سرعتها‭ ‬تمكِّنها‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأهداف‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اختراق‭ ‬دفاعات‭ ‬الدول‭ ‬المعادية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬الهجوم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬مجال‭ ‬الهدف‭ ‬لها‭ ‬يتسم‭ ‬بكونه‭ ‬أكبر،‭ ‬ونطاق‭ ‬التدمير‭ ‬لديها‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬نطاق‭ ‬التدمير‭ ‬للصواريخ‭ ‬التقليدية‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬سرعتها‭ ‬الهائلة‭ ‬تتيح‭ ‬للدولة‭ ‬ذات‭ ‬الإمكانية‭ ‬أن‭ ‬تهاجم‭ ‬الدول‭ ‬المعادية‭ ‬من‭ ‬مسافات‭ ‬بعيدة‭ ‬جداً،‭ ‬عدا‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬صواريخ‭ ‬الهايبرسونيك‭ ‬الموجهة‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويمكن‭ ‬تزويدها‭ ‬برؤوس‭ ‬نووية‭.‬

التسليح‭ ‬النووي

تختلف‭ ‬تقديرات‭ ‬حجم‭ ‬الترسانة‭ ‬النووية‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬لكن‭ ‬وضع‭ ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كأكبر‭ ‬قوتين‭ ‬نوويتين‭ ‬يظل‭ ‬دون‭ ‬تغيير،‭ ‬وتمتلك‭ ‬الدولتان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬وتحتلان‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية‭ ‬عالمياً‭. ‬يعتبر‭ ‬العدد‭ ‬الدقيق‭ ‬للرؤوس‭ ‬الحربية‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬السرية‭ ‬للدول،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬مسألة‭ ‬تخمين‭. ‬يقدر‭ ‬اتحاد‭ ‬العلماء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تمتلك‭ ‬6‭,‬500‭ ‬سلاح‭ ‬نووي،‭ ‬بينما‭ ‬تمتلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬6185‭ ‬سلاحاً‭ ‬نووياً،‭ ‬تمتلك‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬1600‭ ‬رأس‭ ‬نووي‭ ‬استراتيجي‭ ‬نشط‭.. ‬بحسب‭ ‬التقرير‭ ‬السنوي‭ ‬لمعهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‭ ‬لعام‭ ‬2022‭ ‬وتقرير‭ ‬جميعة‭ ‬العلماء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬‮«‬فاس‮»‬‭.‬

سوف‭ ‬يتجه‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬قفزات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الأسلحة‭ ‬بشكل‭ ‬يفوق‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬البشرية‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬المعروفة‭. ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬معمل‭ ‬للأبحاث‭ ‬بكاليفورنيا‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬النووية‭ ‬ويحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أول‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬قنبلة‭ ‬هيدروجينية‭ ‬تعمل‭ ‬بالانشطار‭ ‬النووي‭ ‬تعادل‭ ‬قوتها‭ ‬الانفجارية‭ ‬1000‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬التقليدية‭ ‬شديدة‭ ‬الانفجار‭.‬‭ ‬ويمكن‭ ‬توجيهها‭ ‬باستخدام‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬التي‭ ‬ستحدث‭ ‬بدورها‭ ‬انفجارات‭ ‬نووية‭ ‬حرارية‭. ‬كما‭ ‬يبحث‭ ‬هؤلاء‭ ‬العلماء‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬التفجيرات‭ ‬النووية‭ ‬الحرارية‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬إجراء‭ ‬التجارب‭ ‬النووية‭ ‬التقليدية،‭ ‬وكذلك‭ ‬استخدام‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الصلب‭ ‬الذي‭ ‬تفوق‭ ‬قوته‭ ‬الانفجارية‭ ‬تلك‭ ‬المتفجرات‭ ‬التقليدية‭ ‬بنحو‭ ‬30‭ ‬مرة‭. ‬يستند‭ ‬إنتاج‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬بحوث‭ ‬ودراسات‭ ‬رائدة‭ ‬ومتقدمة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الفيزياء‭ ‬الفلكية‭ ‬والنووية‭ ‬والفيزياء‭ ‬المكونة‭ ‬للمواد‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬الأولية‭. ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬أحد‭ ‬علماء‭ ‬معهد‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬أن‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬سوف‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬سوف‭ ‬تتمتع‭ ‬بمميزات‭ ‬عسكرية‭ ‬هائلة،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬لن‭ ‬تنبعث‭ ‬منها‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الإشعاع‭. ‬كما‭ ‬سوف‭ ‬يشهد‭ ‬هذا‭ ‬القرن‭ ‬تطوراً‭ ‬شديداً‭ ‬في‭ ‬نظم‭ ‬التسلح‭ ‬غير‭ ‬التقليدية‭ ‬الأخرى‭.‬

الحرب‭ ‬الجوية‭ ‬

تسعى‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المتقدمة‭ ‬إلى‭ ‬تزويد‭ ‬شعوبها‭ ‬بأحدث‭ ‬وسائل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والمعلوماتية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تحاول‭ ‬جاهدة‭ ‬تحصين‭ ‬تلك‭ ‬البلدان‭ ‬بكافة‭ ‬الطرق‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وأهمها‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ولاتزال‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الدول‭ ‬العظمى‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬مؤخراً‭ ‬إنشاء‭ ‬مخططات‭ ‬مستقبلية‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬أسطول‭ ‬جوي‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬وبناؤه‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬التطور‭ ‬العلمي‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الحالي،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬ابتكارات‭ ‬علمية‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وسيتم‭ ‬ذلك‭ ‬بعمل‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الأبحاث‭ ‬الأمريكي‭ (‬DARPA‭) ‬الذي‭ ‬يقبع‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬البنتاغون‭ ‬وبتمويلٍ‭ ‬منها‭ ‬وبمساعدة‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬متخصصة‭ ‬أخرى،‭ ‬وتتطلع‭ ‬أمريكا‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬نسخ‭ ‬محدَّثة‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬الحالية‭ ‬بنظرة‭ ‬مستقبلية،‭ ‬مما‭ ‬سيساعدها‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬السنين‭ ‬القادمة،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬المؤسسات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬كافةً‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تدخل‭ ‬يوماً‭ ‬مستقبلياً‭ ‬آخر‭ ‬بمعدات‭ ‬تعتبرها‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬الماضي‭.‬

القوات‭ ‬البرية‭ ‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التطبيقات‭ ‬المتطورة‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الدرون‭ ‬والصواريخ،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬المركبات‭ ‬القتالية‭ ‬المدرعة‭ ‬ذاتية‭ ‬التحكم،‭ ‬التي‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬اختصارا‭ ‬بـ‭ (‬RCV‭)‬،‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬المعارك‭ ‬البرية‭ ‬المستقبلية‭. ‬وبحسب‭ ‬مجلة‭ (‬Popular Mechanics‭) ‬الأمريكية،‭ ‬فإن‭ ‬المركبة‭ ‬القتالية‭ ‬الروبوتية‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬دبابة‭ ‬صغيرة‭ ‬مدججة‭ ‬بالسلاح‭ ‬وغير‭ ‬مأهولة‭ ‬يمكنها‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المركبات‭ ‬المأهولة‭. ‬كذلك،‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬الدبابات‭ ‬الروبوتية،‭ ‬نظراً‭ ‬لثمنها‭ ‬الرخيص‭ ‬وسهولة‭ ‬تشغيلها،‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬المركبات‭ ‬المدرعة،‭ ‬التي‭ ‬تتزايد‭ ‬تكاليف‭ ‬تصنيعها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

فيما‭ ‬كشفت‭ ‬شركة‭ (‬Milrem‭) ‬الإستونية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬الروبوتات‭ ‬النقاب‭ ‬عن‭ ‬مركبة‭ ‬قتالية‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬دبابة‭ ‬قتال‭ ‬رئيسية‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم‭ ‬مسلحة‭ ‬بمدفع‭ ‬رشاش‭ ‬عيار‭ ‬0‭.‬50‭ ‬لدعم‭ ‬فرق‭ ‬المشاة،‭ ‬ويبلغ‭ ‬طول‭ ‬الدبابة‭ ‬الروبوتية‭ ‬الجديدة‭ ‬6‭ ‬أمتار،‭ ‬وعرضها‭ ‬3‭ ‬أمتار،‭ ‬بينما‭ ‬يصل‭ ‬ارتفاعها‭ ‬إلى‭ ‬2.2‭ ‬متر،‭ ‬وتزن‭ ‬12‭ ‬طناً‭ ‬فقط،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الدبابات‭ ‬خفيفاً،‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لإمكانية‭ ‬إنزال‭ ‬الدبابة‭ ‬من‭ ‬طائرات‭ ‬النقل‭ ‬مثل‭ ‬طراز‭ (‬C-130J Hercules‭) ‬أو‭ ‬يمكن‭ ‬حملها‭ ‬متدلية‭ ‬تحت‭ ‬هليكوبتر‭ ‬ثقيلة‭ ‬طراز‭ (‬CH-47‭ ‬Chinook‭). ‬ويحتوي‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الدبابات‭ ‬على‭ ‬محرك‭ ‬كهربائي‭ ‬هجين،‭ ‬يعمل‭ ‬بالديزل‭ ‬وبطاريات‭ ‬مدمجة‭ ‬تسمح‭ ‬بساعة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬الصامتة‭ ‬أو‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬المراقبة‭ ‬الصامتة‭. ‬وتم‭ ‬أيضاً‭ ‬تزويد‭ ‬الدبابة‭ ‬الروبوتية‭ ‬بإطارات‭ ‬مطاطية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الجنازير‭ ‬المعدنية‭ ‬لتشغيل‭ ‬أكثر‭ ‬هدوءاً‭. ‬وتبلغ‭ ‬السرعة‭ ‬القصوى‭ ‬للدبابة‭ ‬80‭ ‬كم‭/‬ساعة،‭ ‬ويمكنها‭ ‬أن‭ ‬تقطع‭ ‬مسافة‭ ‬600‭ ‬كيلومتر‭ ‬تقريبًا‭ ‬بملء‭ ‬خزان‭ ‬غاز‭ ‬واحد،‭ ‬ويتم‭ ‬تسليح‭ ‬الدبابة‭ ‬الروبوتية‭ ‬ببندقية‭ ‬مقاس‭ ‬25‭ ‬ملم،‭ ‬تشبه‭ ‬البندقية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬مروحيات‭ ‬أباتشي‭ ‬الهجومية‭ ‬طراز‭ (‬AH-64‭)‬،‭ ‬ويشتمل‭ ‬البرج‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬التصوير‭ ‬الحراري‭ ‬بتقنية‭ ‬360‭ ‬درجة‭ ‬للعرض‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬تزويد‭ ‬الدبابة‭ ‬بحمولة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬الموجهة‭ ‬المضادة‭ ‬للدبابات‭.‬

السفن‭ ‬الحربية‭ ‬المستقبلية

الاتجاه‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬السفن‭ ‬سيجعل‭ ‬السفن‭ ‬المستقبلية‭ ‬تتمتع‭ ‬بمزايا‭ ‬كثيرة‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬في‭ ‬سفن‭ ‬الإزاحة‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬عيوب‭ ‬كبيرة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إزالتها‭ ‬نهائياً،‭ ‬والتي‭ ‬يتمثل‭ ‬البعض‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬عيوب‭ ‬تقنية‭ ‬والأخرى‭ ‬مادية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فمحاولات‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬العيوب‭ ‬وإزالتها‭ ‬تتم‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬أخيراً‭ ‬تخطي‭ ‬الأشكال‭ ‬الإزاحية‭ ‬التقليدية‭ ‬للسفن‭ ‬التي‭ ‬تضعف‭ ‬سرعتها‭ ‬أمام‭ ‬مقاومة‭ ‬الأمواج‭ ‬التي‭ ‬لاتزال‭ ‬سرعتها‭ ‬في‭ ‬عتبات‭ ‬الأربعين‭ ‬عقدة‭ ‬وأقل،‭ ‬برغم‭ ‬استخدام‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬القوى‭ ‬الدافعة‭ ‬الحديثة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬العلمية‭ ‬الموسعة‭ ‬الحديثة‭ ‬تسعى‭ ‬لوضع‭ ‬تصاميم‭ ‬للسفن‭ ‬المستقبلية‭ ‬ذات‭ ‬هياكل‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬مبتكرات‭ ‬المواد‭ ‬المركبة،‭ ‬وبمظهر‭ ‬جديد‭ ‬ممزوج‭ ‬بالإبداع‭ ‬التخيلي،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬مضاعفة‭ ‬السرعة،‭ ‬باستخدام‭ ‬تطبيقات‭ ‬علم‭ ‬ميكانيكا‭ ‬الموائع‭ ‬وتطور‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬البحري‭.‬

السفن‭ ‬الحربية‭ ‬المستقبلية‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬وأقل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكلفة‭ ‬التشغيلية‭ ‬وعدد‭ ‬أفراد‭ ‬الطاقم‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬الحالية،‭ ‬وستكون‭ ‬ذات‭ ‬أنظمة‭ ‬تشغيل‭ ‬تعمل‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬التحكم‭ ‬الآلي،‭ ‬وتخضع‭ ‬لمعايير‭ ‬ومواصفات‭ ‬تراعي‭ ‬المتطلبات‭ ‬التشغيلية‭ ‬والسلامة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المواصفات‭ ‬الفنية‭ ‬والتعبوية‭ ‬ستلبي‭ ‬متطلبات‭ ‬الحرب‭ ‬البحرية‭ ‬المستقبلية‭ ‬المفترضة‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬والتحاليل‭ ‬والدراسات،‭ ‬وسيكون‭ ‬للمركبات‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬والمسيَّرة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مهامها،‭ ‬والذي‭ ‬سيكون‭ ‬متعدداً‭ ‬وتستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬سفينة‭ ‬متخصصة‭ ‬وفقاً‭ ‬للمهمة‭ ‬المسندة‭ . ‬

يدل‭ ‬الإصرار‭ ‬الذي‭ ‬تتصف‭ ‬به‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬والتطويرات‭ ‬البحرية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالوسائط‭ ‬البحرية،‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬وشيكة‭ ‬التنفيذ‭ ‬والاستخدام،‭ ‬وذلك‭ ‬ثمرة‭ ‬كوادر‭ ‬متخصصة‭ ‬ومؤهلة‭ ‬بمستويات‭ ‬عليا‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬والبحث‭ ‬ووضع‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطة‭ ‬عامة‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬تخطيط‭ ‬علمي‭ ‬يهدف‭ ‬للارتقاء‭ ‬بالقوات‭ ‬البحرية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬بحريات‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬لاتزال‭ ‬ترزح‭ ‬تحت‭ ‬عقلية‭ ‬كوادر‭ ‬مؤهلة‭ ‬بدورات‭ ‬تشغيلية‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬حتى‭ ‬استيعاب‭ ‬التقنية‭ ‬وإدامتها‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬ويتم‭ ‬وضع‭ ‬خططها‭ ‬وبرامجها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مساعدين‭ ‬غير‭ ‬مؤهلين‭ ‬وبالتالي‭ ‬تفقد‭ ‬قطعها‭ ‬البحرية‭ ‬الواحدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬التخطيط‭ ‬والبحث‭ ‬والتطوير‭ .‬

سيكشف‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرون‭ ‬عن‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الابتكارات‭ ‬والتقنيات‭ ‬البحرية‭ ‬وظهور‭ ‬قطع‭ ‬بحرية‭ ‬بمواصفات‭ ‬فنية‭ ‬وتعبوية‭ ‬تختلف‭ ‬كلياً‭ ‬عن‭ ‬المتعارف‭ ‬عليه‭ ‬حالياً،‭ ‬وستؤثر‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬حيث‭ ‬تؤكد‭ ‬الدراسات‭ ‬والتحليلات‭ ‬حدوث‭ ‬الصراع‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬السواحل‭ ‬وفي‭ ‬البحار‭ ‬الضيقة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستكون‭ ‬الدول‭ ‬الساحلية‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬الدفاع‭. ‬إن‭ ‬اقتناء‭ ‬التقنية‭ ‬الجاهزة‭ ‬وتبادل‭ ‬المصالح‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المصنعة‭ ‬وتغير‭ ‬المواقف‭ ‬سوف‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬التقنية‭ ‬المصدرة،‭ ‬ولن‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الموجود‭ ‬لديهم،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬معدلات‭ ‬الكفاءة‭ ‬القتالية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬ضرورة‭ ‬الاتجاه‭ ‬للاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬والدفع‭ ‬بالبحث‭ ‬والتطوير‭ ‬لمواكبة‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬البحري‭.‬

القطع‭ ‬البحرية‭ ‬المخفاة‭ ‬

سوف‭ ‬يتسع‭ ‬استخدام‭ ‬القطع‭ ‬البحرية‭ ‬المخفاة،‭ ‬وفي‭ ‬طليعتها‭ ‬الفرقاطة‭ ‬الفرنسية‭ ‬المخفاة‭ ‬‮«‬لافاييت‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يتعذر‭ ‬رؤيتها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اتجاه،‭ ‬لأن‭ ‬هيكلها‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الطائرة،‭ ‬وأقل‭ ‬انتظاماً‭ ‬منه‭. ‬وهذه‭ ‬الفرقاطة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬المقطع‭ ‬الراداري‭ ‬للسفينة‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬يمكن‭ ‬معه‭ ‬تضليل‭ ‬نظم‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬البصمة‭ ‬الرادارية‭ ‬للسفينة‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬بصمة‭ ‬الأهداف‭ ‬الخداعية‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬حال‭ ‬تعرضها‭ ‬للهجوم،‭ ‬حيث‭ ‬سيبدو‭ ‬الهدف‭ ‬للصاروخ‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬من‭ ‬السفينة‭ ‬نفسها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سوف‭ ‬يتجه‭ ‬نحوه‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاتجاه‭ ‬صوب‭ ‬السفينة‭. ‬وسوف‭ ‬تقوم‭ ‬اليابان‭ ‬بإنتاج‭ ‬السفينة‭ ‬ياماتو‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬تطبيقات‭ ‬المواد‭ ‬الفائقة‭ ‬التوصيل،‭ ‬وتم‭ ‬إنتاج‭ ‬قطعة‭ ‬واحدة‭ ‬تسير‭ ‬بالطاقة‭ ‬الكهرومغناطسية،‭ ‬بلغ‭ ‬طولها‭ ‬30‭ ‬متراً،‭ ‬والغاطس‭ ‬5‭.‬2‭ ‬متر،‭ ‬وبلغ‭ ‬وزنها‭ ‬360‭ ‬طناً‭ ‬وتعمل‭ ‬بمحركات‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬استخدامها‭. ‬وبشكل‭ ‬عام‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬إخفاء‭ ‬القطع‭ ‬البحرية‭ ‬إحدى‭ ‬سماتها‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭.‬

مستقبل‭ ‬أنظمة‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬العالمية‭ ‬

إن‭ ‬ظهور‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬العسكرية‭ ‬ونظم‭ ‬التسليح‭ ‬المتطورة‭ ‬أعطى‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬لدور‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬في‭ ‬المعركة‭ ‬الحديثة‭ ‬وتطورها‭ ‬بصفة‭ ‬مستمرة‭.‬

فمراكز‭ ‬القيادة،‭ ‬وهي‭ ‬العضو‭ ‬الرئيسي‭ ‬لنظم‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة،‭ ‬بحيث‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬علامات‭ ‬تطويرها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬القيادات‭ ‬المختلفة‭ ‬التابعة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬ولن‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬طبعاً‭ ‬إلا‭ ‬بتوفر‭ ‬كافة‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬اللازمة‭ ‬لدراسة‭ ‬الموقف‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬المناسبة،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬المطلوب،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحواسب‭ ‬الآلية‭ ‬المختلفة‭ ‬لمعالجة‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات،‭ ‬وبالاعتماد‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬العرض‭ ‬المختلفة‭ ‬الحديثة‭ ‬والشاشات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬توضح‭ ‬الموقف‭ ‬العملياتي‭ ‬لكافة‭ ‬المستويات‭ ‬ونظم‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة،‭ ‬وتعتمد‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬القيادة‭ ‬على‭ ‬المستشعرات،‭ ‬ووسائل‭ ‬نقل‭ ‬المعلومات‭. ‬وقد‭ ‬تطورت‭ ‬المستشعرات‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التقدم‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬الميكروإلكترونيات،‭ ‬وأصبحت‭ ‬متكاملة‭ ‬مع‭ ‬نظم‭ ‬الاستشعار‭ ‬في‭ ‬الجو‭ ‬أو‭ ‬البر‭ ‬أو‭ ‬الفضاء‭ ‬وأصبحت‭ ‬تغطي‭ ‬حيزاً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الضوء‭ ‬المرئي‭ ‬إلى‭ ‬الميكرويف‭ ‬إلى‭ ‬الموجات‭ ‬اللاسلكية‭.. ‬إلخ‭.‬

أما‭ ‬الحواسب‭ ‬الآلية،‭ ‬فقد‭ ‬زادت‭ ‬بالطبع‭ ‬إمكانياتها‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وكان‭ ‬عليها‭ ‬بالضرورة‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬المطلوب‭ ‬استقبالها‭ ‬ومعالجتها‭ ‬أن‭ ‬تتعدى‭ ‬مرحلة‭ ‬المعدات‭ ‬المساعدة‭ ‬لاتخذ‭ ‬القرار،‭ ‬والتي‭ ‬تنحصر‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬حفظ‭ ‬واسترجاع‭ ‬البيانات،‭ ‬وإجراء‭ ‬العمليات‭ ‬الحسابية،‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬العرض،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬محاولات‭ ‬تطبيق‭ ‬فعلي‭ ‬لفكر‭ ‬وأساليب‭ ‬الذكاء‭ ‬الصناعي،‭ ‬وهنا‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬الأساليب‭ ‬الفنية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتأمين‭ ‬نظم‭ ‬الحواسب‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬التداخل‭ ‬أو‭ ‬التخريب‭ ‬الالكتروني‭. ‬وقد‭ ‬تطور‭ ‬فكر‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬التهديد‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬عناصر‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬وأسلحة‭ ‬الفضاء‭ ‬وإمكانية‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬بل‭ ‬وأسلحة‭ ‬الطاقة‭ ‬الموجهة‭ ‬مستقبلاً،‭ ‬حيث‭ ‬أخذ‭ ‬التهديد‭ ‬شكلاً‭ ‬جديداً،‭ ‬فتأكدت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مواصفات‭ ‬خاصة‭ ‬لنظم‭ ‬القيادة‭ ‬الحديثة‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬الاعتمادية‭ ‬واستمرارية‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬أعمال‭ ‬العدو‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬البقاء‭. ‬وقد‭ ‬تطورت‭ ‬المكونات‭ ‬الأساسية‭ ‬لنظم‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬الآلية‭ ‬الحديثة‭ ‬من‭ ‬مستشعرات‭ ‬ذات‭ ‬مواصفات‭ ‬خاصة‭ ‬محمولة‭ ‬جواً،‭ ‬وكذا‭ ‬نظم‭ ‬الاتصالات‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬استمرارية‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأعمال‭ ‬المعادية‭ ‬حتى‭ ‬القصف‭ ‬النووي‭ ‬ومراكز‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬المتحركة‭ ‬أو‭ ‬المحمولة‭ ‬جواً‭. ‬ولكن،‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬فكر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬نظم‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬الآلية‭ ‬ذاتياً‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬والأعباء‭ ‬الذهنية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمقارنة‭ ‬المعلومات‭ ‬وتقييم‭ ‬أولوية‭ ‬الإنذار‭ ‬وتقدير‭ ‬الموقف‭ ‬ومتابعة‭ ‬أعمال‭ ‬العدائيات‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭.‬

مستقبل‭ ‬الخداع‭ ‬وأساليبه

إن‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬بالمفهوم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬وتطبيقاته،‭ ‬قد‭ ‬احتل‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬العالمي‭ ‬بهذا‭ ‬المفهوم،‭ ‬كان‭ ‬لنظم‭ ‬الكشف‭ ‬والإنذار‭ ‬مكان‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭. ‬ويبرز‭ ‬الخداع‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أحد‭ ‬الطرق‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬عن‭ ‬طريقها‭ ‬تحقيق‭ ‬المفاجأة‭ ‬بكل‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬ومراحله‭ ‬المختلفة،‭ ‬ووصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعداد‭ ‬للصراع‭ ‬المسلح،‭ ‬أو‭ ‬مرحلة‭ ‬إدارة‭ ‬الصراع‭ ‬المسلح،‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬انتهائه‭ ‬لفرض‭ ‬الإرادة‭ ‬على‭ ‬العدو‭. ‬أدى‭ ‬التطور‭ ‬المستمر‭ ‬والهائل،‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الاستطلاع‭ ‬والحرب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات،‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬صعوبة‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬إخفاء‭ ‬أوضاع‭ ‬القتال‭ ‬وأعماله‭ ‬للقوات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬صعوبة‭ ‬تنفيذ‭ ‬أعمال‭ ‬الخداع،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الخداع‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الحربية‭ ‬المقبلة،‭ ‬مما‭ ‬أظهر‭ ‬ضرورة‭ ‬التطوير‭ ‬المستمر‭ ‬لأعمال‭ ‬الخداع،‭ ‬لتحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الحربية‭ ‬المقبلة‭.‬

ولقد‭ ‬تطورت‭ ‬طرق‭ ‬ووسائل‭ ‬الخداع،‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬طويل،‭ ‬فجميع‭ ‬الحروب‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الخداع،‭ ‬ولهذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتظاهر‭ ‬بالعجز‭ ‬عن‭ ‬الهجوم،‭ ‬عندما‭ ‬نكون‭ ‬قادرين،‭ ‬وأن‭ ‬نتظاهر‭ ‬بالسكون‭ ‬عندما‭ ‬نستخدم‭ ‬قواتنا‭. ‬وعندما‭ ‬نكون‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬العدو،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعمل،‭ ‬ليعتقد‭ ‬أننا‭ ‬بعيدون‭ ‬عنه،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬بعيدين‭ ‬عنه،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نشعره‭ ‬بقربنا‭ ‬منه‭. ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬ونظم‭ ‬الكشف‭ ‬والإنذار،‭ ‬وجب‭ ‬على‭ ‬المخطط‭ ‬أن‭ ‬يضاعف‭ ‬ويركز‭ ‬على‭ ‬تخطيط‭ ‬الخداع‭ ‬وتنظيمه‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬العسكري،‭ ‬وهو‭ ‬تدمير‭ ‬العدو‭ ‬بأقل‭ ‬خسائر‭ ‬ممكنة،‭ ‬وفى‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭.‬

لا‭ ‬تتطلب‭ ‬وسائل‭ ‬الخداع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬ونظمه‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬عالية،‭ ‬أو‭ ‬تكلفة‭ ‬كبيرة،‭ ‬تماثل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والتكلفة‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬التسليح‭ ‬الفعلي،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الخداع‭ ‬السلبي‭ ‬سلاحاً‭ ‬حيوياً‭ ‬للدول،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬التسليح‭.‬

خاتمة‭ ‬

بقي‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأعوام‭ ‬الأخيرة‭ ‬شهدت‭ ‬تحولاً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬العسكرية‭ ‬للدول‭ ‬وأسلوبها‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬جيوشها‭ ‬دفاعاً‭ ‬وهجوماً،‭ ‬بحيث‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬يترقب‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬حروب‭ ‬المستقبل‭ ‬وعتادها‭.‬

‮»‬‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬أحمد‭ ‬محمود

(‬باحث‭ ‬عسكري‭ ‬واستراتيجي‭(

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض