تشهد صناعة الطائرات بدون طيار تطوراً وتنامياً سريعاً، وتتنافس العديد من دول العالم في سوق تلك الصناعة، خاصة في المجال الأمني والعسكري، حيث فرضت هذه النوعية من الطائرات نفسها كسلاح فعال متعدد المهام في المعارك الحربية، وبدأت تتجه العديد من شركات التصنيع العسكري في مختلف بلدان العالم إلى تصنيع وتطوير طائرات «الدورنز» بعدما أثبتت كفاءتها العالية وانخفاض تكلفتها المادية والبشرية.
أعلنت شركة «بوينغ» الأمريكية لصناعة الطيران مؤخراً أن أسراب سلاح الجو الملكي الأسترالي استقبلت دفعة جديدة من الطائرات ذاتية الطيران تعتمد تقنية الذكاء الاصطناعي والمكلفة بتنفيذ المهمات الجوية العسكرية.
والطائرة المسيرة الحديثة التي تحمل اسم «لويال وينغمان» (loyal Wingman)، هي أحد ثلاثة نماذج أولية أتت كثمار لبرنامج تعاون جمع بين شركة «بوينغ» الأمريكية والحكومة الأسترالية، لصالح برنامج التطوير المتقدم بسلاح الجو الملكي الأسترالي RAAF، والذي يهدف إلى إنتاج طائرة مسيرة تعمل بالطاقة النفاثة يمكن أن تشارك في عمليات حربية إلى جانب المقاتلات المأهولة وغير المأهولة، بالإضافة إلى مهام الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة، والتبديل بسرعة بين هذه الأدوار.
وقال «سكوت موريسون»، رئيس الوزراء الأسترالي، إن «لويال وينغمان» هي أول طائرة يتم تصميمها وهندستها وتصنيعها في أستراليا منذ أكثر من 50 عاماً، مؤكداً أنها «ستكون بمثابة المحور الحاسم الذي سيساهم في استكشاف قدرات سلاح الجو الملكي الأسترالي لحماية أمتنا وحلفائها في المستقبل» .
حماية الطائرات المقاتلة الأغلى ثمناً
وأكد «موريسون» أن المساهمة الأكبر للطائرة المسيرة هي حماية الطائرات المقاتلة الأغلى ثمناً في البلاد، مثل مقاتلات الشبح F – 35 وحماية أرواح الطيارين في المستقبل.
واعتبر «موريسون» أن البرنامج ساعد في دعم حوالي 100 وظيفة في مجال التكنولوجيا الفائقة في أستراليا، وستكون مثل هذه المشاريع حاسمة لتعزيز النمو ودعم الوظائف.
وتقول «بوينغ» إن المشروع يمثل أكبر استثمار لها في الطائرات دون طيار خارج الولايات المتحدة، على الرغم من عدم تقديم أرقام محددة. ويوصف البرنامج بأنه قابل للتصدير باعتباره أساس «نظام فريق القوة الجوية».
وكانت «بوينغ» قد أعلنت لأول مرة عن خططها للطائرة المسيرة الحديثة في معرض جوي في ملبورن قبل 15 شهراً.
وقالت «كريستين روبرتسون»، نائبة الرئيس والمدير العام لأنظمة الحكم الذاتي في «بوينغ» للدفاع والفضاء، إن هذه الطائرة «مضاعفة للقوة»، إلا أنها لم تخضع بعد لاختبار الطيران مع سلاح الجو الملكي الأسترالي.
وأضافت «نتطلع إلى إدخال الطائرة في اختبارات الطيران وإثبات مفهوم فريق العمل دون طيار» .
نموذج للتطورات الجارية
أما قائد سلاح الجو الملكي الأسترالي، المارشال «ميل هوبفلد»، فقال إن المشروع هو نموذج رئيسي للتطورات الجارية مع شركاء الصناعة عبر أستراليا، وهو ما يوضح أهمية العلاقة التي تربط سلاح الجو بشركة «بوينغ» أستراليا وصناعة الدفاع على نطاق أوسع.
وفي ما يخص المواصفات التقنية والفنية فإن الطائرة ستعتمد على نظام ATS، الذي يتم تطويره لسوق الدفاع العالمي والذي يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في منح الطائرات ذاتية القيادة قدرات أعلى وكفاءة أكبر في القيام بالمهام العسكرية الموكلة إليها تماماً كالطائرات الحربية التقليدية.
وتتميز الطائرة ذاتية الطيران، التي ستتم مواصلة اختبارها حتى نهاية العام الحالي، بأداء قوي يجعلها تتشابه مع المقاتلات الجوية التقليدية المأهولة، حيث ستتمكن طائرة «بوينغ» الداعمة لتقنية الذكاء الاصطناعي من الطيران دون توقف لمسافة تتجاوز الـ2300 ميل (3700 كم تقريباً)، بشكل مستقل، مع الحفاظ على مسافة آمنة مع الطائرات الأخرى، وقد تم دعم تطوير النموذج الأولي باستثمار قدره 40 مليون دولار أسترالي أي ما يعادل 26 مليون دولار أمريكي تقريباً من الحكومة الفيدرالية.
ويبلغ طول طائرة «بوينغ» المسيرة التي من المقرر أن يتم طرحها للبيع في السوق العالمية بعد اجتياز الاختبارات نحو 11.7 متر، وتوظف أحدث نظم الهندسة الرقمية والمواد المركبة المتقدمة وتم تجهيزها بأجهزة استشعار يمكن تعديلها حسب الاحتياجات والطلبيات.
إكرام بندلة (باحثة في الشؤون العسكرية)