USA

الانتخابات‭ ‬الأمريكية 2020 انعكاسات‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية

تمثل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬حدثاً‭ ‬يستقطب‭ ‬اهتمام‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬التأثير‭ ‬الكبير‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الملفات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬تقريباً،‭ ‬لكن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تفوق‭ ‬أي‭ ‬انتخابات‭ ‬سابقة،‭ ‬بسبب‭ ‬عوامل‭ ‬عدة‭ ‬أهمها‭ ‬شخصية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬وسياساته‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الماضية،‭ ‬وحدة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬المنافسة‭ ‬أشد‭ ‬ضراوة،‭ ‬والتطورات‭ ‬العالمية‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬ستترتب‭ ‬على‭ ‬فوز‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭. ‬وبالطبع‭ ‬فإن‭ ‬الترقب‭ ‬أقوى‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬ملفات‭ ‬ساخنة‭ ‬مثل‭ ‬إيران‭ ‬وبرنامجها‭ ‬النووي،‭ ‬والمواجهات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬ولبنان،‭ ‬وتطورات‭ ‬عملية‭ ‬السلام،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة‭. ‬ويناقش‭ ‬الملف‭ ‬طبيعة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومواقف‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬إزاء‭ ‬القضايا‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وفرص‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬الفوز‭.‬
لا‭ ‬يتم‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الناخبين‭ ‬مباشرة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الرئاسية،‭ ‬وإنما‭ ‬يتم‭ ‬انتخابه‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬“المجمع‭ ‬الانتخابي”،‭ ‬ففي‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدستوري‭ ‬لعام‭ ‬1787،‭ ‬ناقش‭ ‬الآباء‭ ‬المؤسسون‭ ‬جدلاً‭ ‬امتد‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أشهر‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬طالب‭ ‬بعضهم‭ ‬اختيار‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لرئيس‭ ‬الدولة،‭ ‬أصر‭ ‬آخرون‭ ‬على‭ ‬التصويت‭ ‬الشعبي‭ ‬المباشر‭ ‬لرئيس‭ ‬الدولة‭. ‬وتم‭ ‬رفض‭ ‬كلا‭ ‬المقترحين،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكونجرس‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬الفساد،‭ ‬عبر‭ ‬حدوث‭ ‬تواطؤ‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اختيار‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬ولذلك‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬لحل‭ ‬وسط‭ ‬عبر‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي‭. ‬ففي‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬يتوجه‭ ‬الأمريكيون‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬الاقتراع‭ ‬للتصويت‭ ‬لحوالي‭ ‬538‭ ‬عضواً‭ ‬يمثلون‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬أعضاء‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي،‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬موازٍ‭ ‬لعدد‭ ‬أعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭.‬
ويمثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعضاء‭ ‬مختلف‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لوزنها‭ ‬السكاني،‭ ‬إذ‭ ‬تتمتع‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬بالعدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجمع،‭ ‬وهو‭ ‬55‭ ‬عضواً،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬لولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬27‭ ‬مندوباً،‭ ‬ويتم‭ ‬تمثيل‭ ‬الولايات‭ ‬ذات‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬المنخفضة‭ ‬مثل‭ ‬ألاسكا‭ ‬ونورث‭ ‬داكوتا‭ ‬وكارولينا‭ ‬الشمالية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن،‭ ‬بثلاثة‭ ‬أعضاء‭. ‬ويمثل‭ ‬كل‭ ‬عضو‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي‭ ‬صوتاً‭ ‬انتخابياً‭ ‬واحداً‭. ‬ويحتاج‭ ‬المرشح‭ ‬الرئاسي‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أغلبية‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬270‭ ‬صوتاً‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬لكي‭ ‬يفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الأمريكية‭.‬
ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬بنفسها‭ ‬القواعد‭ ‬الخاصة‭ ‬بكيفية‭ ‬انتخابات‭ ‬أعضاء‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي،‭ ‬وكذلك‭ ‬كيفية‭ ‬منح‭ ‬الأصوات‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الولايات‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬منح‭ ‬جميع‭ ‬أصوات‭ ‬مجمعها‭ ‬الانتخابي‭ ‬لمن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أغلبية‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭ (‬50‭ % + ‬1‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬ولايتان‭ ‬فقط،‭ ‬وهما‭ ‬مين‭ ‬ونبراسكا،‭ ‬تقوم‭ ‬بتقسيم‭ ‬أصوات‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي‭ ‬بحسب‭ ‬نسبة‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬كلها‭ ‬كل‭ ‬مرشح‭. ‬
وتعد‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬مساوئ‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬هو‭ ‬إمكانية‭ ‬حصول‭ ‬أحد‭ ‬المرشحين‭ ‬على‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البلاد،‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬العدد‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يخسر‭ ‬الانتخابات‭. ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬العملي،‭ ‬فاز‭ ‬مرشحان‭ ‬بالرئاسة‭ ‬رغم‭ ‬حصولهما‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬الشعبي‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬حصل‭ ‬عليه‭ ‬منافساهما‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬حصل‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬أقل‭ ‬بثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬صوت‭ ‬مما‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون،‭ ‬لكنه‭ ‬فاز‭ ‬بالرئاسة‭ ‬لأنه‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬أغلبية‭ ‬أصوات‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬فاز‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬بـ271‭ ‬صوتاً‭ ‬داخل‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي،‭ ‬رغم‭ ‬تقدم‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬آل‭ ‬غور‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬الشعبي‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬صوت‭.‬
أما‭ ‬أبرز‭ ‬مزايا‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الانتخابات‭ ‬من‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى،‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬جولة‭ ‬إعادة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬منع‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هامش‭ ‬التصويت‭ ‬الشعبي‭ ‬لجون‭ ‬ف‭. ‬كينيدي‭ ‬على‭ ‬ريتشارد‭ ‬نيكسون‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬نوفمبر‭ ‬1960‭ ‬حوالي‭ ‬118‭ ‬ألف‭ ‬صوت‭ ‬فقط،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬اعتماد‭ ‬الانتخاب‭ ‬المباشر‭ ‬للرئيس،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سوف‭ ‬يوفر‭ ‬حوافز‭ ‬قوية‭ ‬للمرشح‭ ‬الخاسر‭ ‬للتشكيك‭ ‬في‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات،‭ ‬والمطالبة‭ ‬بإعادة‭ ‬فرز‭ ‬الأصوات،‭ ‬بما‭ ‬يرتبه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الداخلي‭.‬
ترامب‭ ‬وبايدن‭ ‬
يوجد‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬حزبان‭ ‬فقط‭ ‬يسيطران‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية،‭ ‬وينتخبهما‭ ‬معظم‭ ‬الناخبين‭ ‬وهما‭:‬‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬والجمهوريون‭.‬
★‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬الليبرالية‭ ‬الحديثة،‭ ‬ويؤمن‭ ‬بتدخل‭ ‬الدولة،‭ ‬وتوفير‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬للجميع،‭ ‬وتوفير‭ ‬التعليم‭ ‬برسوم‭ ‬غير‭ ‬باهظة،‭ ‬وبالبرامج‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وسياسات‭ ‬حماية‭ ‬البيئة،‭ ‬ونقابات‭ ‬العمال‭. ‬
★‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬يتبنى‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالاتجاه‭ ‬المحافظ‭ ‬الأمريكي،‭ ‬الذي‭ ‬يؤمن‭ ‬بضرورة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬الحكومة،‭ ‬ويشجع‭ ‬تخفيض‭ ‬الضرائب‭ ‬وينادي‭ ‬بالسوق‭ ‬الرأسمالي‭ ‬الحر،‭ ‬وحقوق‭ ‬امتلاك‭ ‬السلاح،‭ ‬وإلغاء‭ ‬النقابات‭ ‬العمالية،‭ ‬وفرض‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬الهجرة‭ ‬والإجهاض‭. ‬كما‭ ‬يوجد‭ ‬عدد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬الصغيرة‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬التحرريين،‭ ‬والخضر،‭ ‬والمستقلين،‭ ‬غير‭ ‬أنهما‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬تمثيلهما‭ ‬في‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬نظراً‭ ‬لهيمنة‭ ‬الحزبين‭ ‬الجمهوري‭ ‬والديمقراطي‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬
★‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬هو‭ ‬مرشح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬لخوض‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة،‭ ‬وقد‭ ‬أصبح‭ ‬الرئيس‭ ‬رقم‭ ‬45‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكان‭ ‬قبل‭ ‬توليه‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬وأحد‭ ‬المشاهير‭. ‬ففي‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬كانت‭ ‬مجموعته‭ ‬الخاصة‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬ترامب‮»‬‭ ‬تضم‭ ‬حوالي‭ ‬500‭ ‬شركة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬متعددة‭ ‬منها‭ ‬الفنادق‭ ‬والمنتجعات‭ ‬والعقارات‭ ‬السكنية‭ ‬والبضائع‭ ‬والترفيه‭ ‬والتلفزيون‭. ‬
وفي‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬أصبح‭ ‬ترامب‭ ‬الرئيس‭ ‬الثالث‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بعد‭ ‬أندرو‭ ‬جونسون‭ (‬عام‭ ‬1868‭) ‬وبيل‭ ‬كلينتون‭ (‬في‭ ‬عام‭ ‬1998‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬لمحاولة‭ ‬عزل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬رئيس،‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬لتتم‭ ‬محاولة‭ ‬عزله‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ولايته‭ ‬الأولى‭.‬
ويزعم‭ ‬ترامب‭ ‬أنه‭ ‬مرشح‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية،‭ ‬وأنه‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شعاره‭ ‬الانتخابي‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬“أمريكا‭ ‬أولاً”‭. ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬العملي،‭ ‬تبنى‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زيادة‭ ‬إنفاقهم‭ ‬الدفاعي،‭ ‬بل‭ ‬ومطالبته‭ ‬لكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬بدفع‭ ‬أموال‭ ‬مقابل‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬أمريكية‭ ‬بها‭ ‬لتوفير‭ ‬الحماية‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬جاراتها‭ ‬الشمالية‭. ‬
★‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬هو‭ ‬مرشح‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬بدأ‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬وقاد‭ ‬أول‭ ‬حملة‭ ‬لانتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬سياسي‭ ‬محنك،‭ ‬ومعاصرته‭ ‬لثمانية‭ ‬رؤساء‭ ‬أمريكيين،‭ ‬فإن‭ ‬الصحافة‭ ‬رصدت‭ ‬له‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأخطاء،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬أبرزها‭ ‬ادعائه‭ ‬قائلاً‭ ‬“كان‭ ‬أسلافي‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬مناجم‭ ‬الفحم‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬ولاية‭ ‬بنسلفانيا”‭ ‬وأنه‭ ‬غاضب‭ ‬لأنهم‭ ‬لم‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬يستحقونها‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬كانت‭ ‬كاذبة،‭ ‬إذ‭ ‬سرق‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬والعديدة‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬خطابات‭ ‬السياسي‭ ‬البريطاني‭ ‬العمالي‭ ‬نيل‭ ‬كينوك‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أقاربه‭ ‬عمال‭ ‬مناجم‭ ‬فعلاً‭. ‬
كما‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬صاحب‭ ‬زلات‭ ‬لا‭ ‬تصدق،‭ ‬فقد‭ ‬اختاره‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬ليكون‭ ‬نائباً‭ ‬لأول‭ ‬رئيس‭ ‬أسود‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬سبق‭ ‬لبايدن‭ ‬أن‭ ‬وصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬أول‭ ‬أمريكي‭ ‬أفريقي‭ ‬طليق‭ ‬اللسان‭ ‬ولامع‭ ‬ونظيف‭ ‬ووسيم‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬الحالية،‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬محادثة‭ ‬مع‭ ‬مذيع‭ ‬أسود‭ ‬وأخبره‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬لديك‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬ستصوت‭ ‬لي‭ ‬أم‭ ‬لترامب،‭ ‬فأنت‭ ‬لست‭ ‬أسود‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬استياء‭ ‬بين‭ ‬الناخبين‭ ‬السود‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬
وإلى‭ ‬جانب‭ ‬زلات‭ ‬لسانه،‭ ‬يواجه‭ ‬بايدن‭ ‬اتهامات‭ ‬بالتحرش‭ ‬الجنسي،‭ ‬فقد‭ ‬اتهمت‭ ‬ثمان‭ ‬سيدات‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬بايدن‭ ‬باللمس‭ ‬أو‭ ‬المعانقة‭ ‬أو‭ ‬التقبيل‭ ‬غير‭ ‬اللائق،‭ ‬وفي‭ ‬مارس‭ ‬2020،‭ ‬زعمت‭ ‬تارا‭ ‬ريد‭ ‬أنه‭ ‬أسند‭ ‬ظهرها‭ ‬إلى‭ ‬الحائط‭ ‬واعتدى‭ ‬عليها‭ ‬جنسياً‭ ‬قبل‭ ‬30‭ ‬عاماً‭ ‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭. ‬وقامت‭ ‬القنوات‭ ‬الإخبارية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بنشر‭ ‬مقاطع‭ ‬عن‭ ‬طريقته‭ ‬الشخصية‭ ‬اللصيقة‭ ‬في‭ ‬تحية‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬العامة،‭ ‬والتي‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬تتضمن‭ ‬أحياناً‭ ‬شم‭ ‬شعرهن‭. ‬
واختار‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬نائبة‭ ‬له،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منه‭ ‬لاستقطاب‭ ‬أصوات‭ ‬الشباب‭ ‬الأمريكي‭ ‬ذوي‭ ‬البشرة‭ ‬السوداء،‭ ‬وسوف‭ ‬تصبح‭ ‬كامالا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه‭ ‬أول‭ ‬سيدة‭ ‬تتولى‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وهي‭ ‬تبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬55‭ ‬عاماً،‭ ‬وتسعى‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كأول‭ ‬امرأة‭ ‬سوداء‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬لهذا‭ ‬المنصب،‭ ‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬ذلك،‭ ‬ستحاول‭ ‬بلوغ‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬مع‭ ‬بايدن،‭ ‬وعينها‭ ‬على‭ ‬انتخابات‭ ‬2024‭.‬
وتولت‭ ‬هاريس‭ ‬منصب‭ ‬المدعي‭ ‬بسان‭ ‬فرانسيسكو‭ ‬لولايتين‭ (‬2004‭ – ‬2011‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬اختيرت‭ ‬مرتين‭ ‬كمدعٍ‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬كاليفورنيا‭ (‬2007‭ – ‬2011‭)‬،‭ ‬لتكون‭ ‬بذلك‭ ‬أول‭ ‬سيدة،‭ ‬وأول‭ ‬شخص‭ ‬ذي‭ ‬بشرة‭ ‬سوداء‭ ‬يسير‭ ‬المصالح‭ ‬القانونية‭ ‬لأكثر‭ ‬ولاية‭ ‬مأهولة‭ ‬بالسكان‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭. ‬وفي‭ ‬يناير‭ ‬2017‭ ‬أدت‭ ‬القسم‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬ليسجل‭ ‬اسمها‭ ‬كأول‭ ‬سيدة‭ ‬منحدرة‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وكثاني‭ ‬نائبة‭ ‬ببشرة‭ ‬سوداء‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي‭.‬
أهمية‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة
تتمتع‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بأهمية‭ ‬مركزية،‭ ‬نظراً‭ ‬لكون‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دولة‭ ‬كبرى،‭ ‬تمارس‭ ‬تأثيراً‭ ‬فاعلاً،‭ ‬وتحتفظ‭ ‬بوجود‭ ‬أمني‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أقاليم‭ ‬العالم،‭ ‬ولذا،‭ ‬فإن‭ ‬التغير‭ ‬في‭ ‬هوية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجديد،‭ ‬سوف‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاهها‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬تتمتع‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬باهتمام‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬تحظى‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020‭ ‬بأهمية‭ ‬خاصة،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬بيانها‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬
1‭ ‬ -استمرار‭ ‬حديث‭ ‬التدخلات‭ ‬الأجنبية‭: ‬لايزال‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يمثل،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬شخصية‭ ‬مثيرة‭ ‬للانقسام،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬إصراره‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬خصومه‭ ‬بشدة،‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬انتقاداتهم‭ ‬له،‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬عليه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬الانقسام‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي‭ ‬وتعميقه،‭ ‬وهي‭ ‬سمة‭ ‬صاحبت‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬ومرشحة‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الانقسام‭ ‬الداخلي‭ ‬أحاديث‭ ‬التدخل‭ ‬الأجنبي‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬مع‭ ‬انتخابات‭ ‬2020،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬مكتب‭ ‬مدير‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الوطنية‭ ‬جون‭ ‬راتكليف‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2020،‭ ‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‭ ‬يحاولون‭ ‬جميعها‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬نتيجة‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬نوفمبر‭ ‬المقبلة‭.‬
وأفاد‭ ‬مدير‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬الأمريكي‭ ‬للأمن‭ ‬ومكافحة‭ ‬التجسس‭ ‬وليام‭ ‬إيفانينا،‭ ‬بأن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬يفوز‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بفترة‭ ‬رئاسية‭ ‬جديدة،‭ ‬وأنها‭ ‬تحاول‭ ‬قبل‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020‭ ‬“تشكيل‭ ‬بيئة‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬الشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تعارضها”‭. ‬ولا‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإيران،‭ ‬والتي‭ ‬أكدت‭ ‬إيفانينا‭ ‬إنها‭ ‬تحاول‭ ‬تقويض‭ ‬فرص‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭. ‬وعلى‭ ‬النقيض،‭ ‬تسعى‭ ‬روسيا‭ ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬منافسه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬المقبلة‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭.‬
2‭ ‬ -تأثيرات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭:‬‭ ‬تجري‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وتحول‭ ‬مسألة‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهتها‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬أبعاد‭ ‬السجال‭ ‬الانتخابي‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الجمهوري‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬والمرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭. ‬
وأكدت‭ ‬نائبة‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬كامالا‭ ‬هاريس‭ ‬إنها‭ ‬لن‭ ‬تثق‭ ‬بما‭ ‬يقوله‭ ‬ترمب‭ ‬بشأن‭ ‬مدى‭ ‬سلامة‭ ‬لقاح‭ ‬لكورونا‭ ‬وفاعليته‭. ‬كما‭ ‬اتهم‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬ترمب‭ ‬بتعريض‭ ‬أرواحٍ‭ ‬الأمريكيين‭ ‬للخطر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أسلوب‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الفيروس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬حاد‭ ‬ضدهما،‭ ‬إذ‭ ‬وصف‭ ‬بايدن‭ ‬بأنه‭ ‬“غبي‭ ‬ويريد‭ ‬إلقاء‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الفيروس،‭ ‬وإلقاء‭ ‬عائلاتنا‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬غوغائية‭ ‬اليساريين،‭ ‬وإلقاء‭ ‬وظائفنا‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬الصين”،‭ ‬وهي‭ ‬كلها‭ ‬مؤشرات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كورونا‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬أحد‭ ‬محاور‭ ‬الصراع‭ ‬الانتخابي،‭ ‬وقد‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬حاسماً‭ ‬في‭ ‬ترجيح‭ ‬كفة‭ ‬إحدى‭ ‬المرشحين‭.‬
3‭ ‬ -الانعكاسات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬للانتخابات‭:‬‭ ‬تجئ‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الدولية،‭ ‬وخاصة‭ ‬الصين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وإيران،‭ ‬ومراهنة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وإيران‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوث‭ ‬تحوّل‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حال‭ ‬نجاح‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مؤثراً‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ويضع‭ ‬سقفاً‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬تحولات‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬محتوى‭ ‬سياسة‭ ‬واشنطن‭ ‬تجاه‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي‭.‬
ففيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬–‭ ‬الصينية،‭ ‬فقد‭ ‬تدهورت‭ ‬بشكل‭ ‬حاد،‭ ‬بسبب‭ ‬إصرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬الامتيازات‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬الصين‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬عادلة‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬كما‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تقديم‭ ‬حوافز‭ ‬للشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لنقل‭ ‬نشاطها‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تقديم‭ ‬ائتمانات‭ ‬ضريبية‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬هددها‭ ‬ترامب‭ ‬أيضاً‭ ‬بسحب‭ ‬العقود‭ ‬الحكومية‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬أعمالها‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬الدولتان‭ ‬بالدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬تجارية‭ ‬عبر‭ ‬فرض‭ ‬جمارك‭ ‬بصورة‭ ‬تبادلية‭ ‬ضد‭ ‬صادرات‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولم‭ ‬يستطيعا‭ ‬حسم‭ ‬الخلاف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وإن‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬التوصل‭ ‬لهدنة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭. ‬
وانتقلت‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬القضايا‭ ‬الجيواستراتيجية،‭ ‬مثل‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬بينهما‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭. ‬وتأمل‭ ‬الصين‭ ‬ألا‭ ‬تتم‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وأن‭ ‬ينجح‭ ‬بادين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬وصول‭ ‬رئيس‭ ‬يقبل‭ ‬بتسوية‭ ‬الملفات‭ ‬العالقة‭ ‬بينهما‭.‬
أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بملف‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬فقد‭ ‬أقدم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ولجأ‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬“سياسة‭ ‬العقوبات‭ ‬القصوى”‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬منه‭ ‬لإجبارها‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬الاتفاق،‭ ‬والذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬ثغرات‭ ‬تمكن‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬برنامج‭ ‬نووي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬توظيفه‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تجاهل‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬لتطوير‭ ‬إيران‭ ‬صواريخ‭ ‬باليستية،‭ ‬وغضه‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬تدخلات‭ ‬إيران‭ ‬المقوضة‭ ‬للاستقرار‭ ‬الإقليمي‭.‬
وفي‭ ‬ضوء‭ ‬انتقاد‭ ‬بعض‭ ‬رموز‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬مثل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأسبق،‭ ‬جون‭ ‬كيري،‭ ‬لسياسة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬حيال‭ ‬إيران،‭ ‬بل‭ ‬وتواصله‭ ‬مع‭ ‬مسؤولين‭ ‬إيرانيين،‭ ‬ونصيحته‭ ‬لهم‭ ‬بعدم‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬ترامب،‭ ‬انتظاراً‭ ‬لوصول‭ ‬رئيس‭ ‬ديمقراطي،‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬أخذت‭ ‬نصيحته‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد،‭ ‬وتأمل‭ ‬في‭ ‬وصول‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حتى‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬“العقوبات‭ ‬القصوى”،‭ ‬التي‭ ‬ينتهجها‭ ‬ترامب،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬يسمح‭ ‬بإنقاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬الانهيار،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‭.‬
4‭ ‬ -صدام‭ ‬ترامب‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمريكية‭:‬‭ ‬يصر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬التي‭ ‬يعدها‭ ‬صراعات‭ ‬خاسرة،‭ ‬مثل‭ ‬رغبة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وتقليص‭ ‬وجود‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬يسعى‭ ‬لتسويق‭ ‬هذه‭ ‬الانسحابات‭ ‬على‭ ‬إنها‭ ‬أحد‭ ‬الإنجازات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لإدارته،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التوجهات‭ ‬تلاقي‭ ‬معارضة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رد‭ ‬عليه‭ ‬ترامب‭ ‬إعلامياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصريحاته‭ ‬العلنية،‭ ‬والتي‭ ‬أشار‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬“أن‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬يريدون‭ ‬خوض‭ ‬الحروب‭ ‬لإدخال‭ ‬السعادة‭ ‬على‭ ‬نفوس‭ ‬صانعي‭ ‬الأسلحة”،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬الجنرال‭ ‬جيمس‭ ‬مكونفيل،‭ ‬للرد‭ ‬بصورة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب،‭ ‬عبر‭ ‬تأكيده‭ ‬إن‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬لن‭ ‬يوصوا‭ ‬بإرسال‭ ‬قوات‭ ‬للقتال‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬أو‭ ‬كملاذ‭ ‬أخير‭. ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬أن‭ ‬يتجدد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬ترامب‭ ‬رئيساً‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬
المواقف‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط
أبدى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬والمرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مواقف‭ ‬مختلفة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأبرز‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يمنع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬توافقهما‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭. ‬
وينبغي‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬بحذر‭ ‬شديد،‭ ‬خاصة‭ ‬للمرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بايدن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بأن‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬المعلنة‭ ‬تستهدف‭ ‬الفوز‭ ‬بأكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬المبالغة،‭ ‬أو‭ ‬تنحرف‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬الرئيس‭ ‬القادم‭ ‬انتهاجها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العملي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬دوائر‭ ‬صنع‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتحديداً‭ ‬وزارت‭ ‬الخارجية‭ ‬والدفاع‭ ‬والكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬تمارس‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وقد‭ ‬تفرض‭ ‬قيوداً‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬توجهات‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد،‭ ‬أو‭ ‬تدخل‭ ‬عليها‭ ‬بعض‭ ‬التعديلات‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬تتمثل‭ ‬أبرز‭ ‬المواقف‭ ‬المعلنة‭ ‬لكلا‭ ‬المرشحين‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬
1‭ ‬ -الانخراط‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬صراعات‭ ‬المنطقة‭: ‬يميل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬صراعات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬الممتدة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الصراعات‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬معارضة‭ ‬وزارتي‭ ‬الدفاع‭ ‬والخارجية‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬تنفيذها،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬محاولته‭ ‬للانسحاب‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2018،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬كشف مسؤولين‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬عزم‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬عدد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬خمسة‭ ‬ألاف‭ ‬جندي‭ ‬إلى‭ ‬3500‭ ‬جندي،‭ ‬كما‭ ‬وضعت‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬خطة‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬حجم‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬من‭ ‬8600‭ ‬إلى‭ ‬4500‭ ‬جندي،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬بحلول‭ ‬نوفمبر،‭ ‬أي‭ ‬قبيل‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مفاوضات‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬حركة‭ ‬طالبان‭ ‬والحكومة‭ ‬الأفغانية‭ ‬لم‭ ‬تبدأ‭ ‬إلا‭ ‬أوائل‭ ‬سبتمبر،‭ ‬وتواجه‭ ‬تحديات‭ ‬هائلة‭.‬
وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬لم‭ ‬يبد‭ ‬اختلافاً‭ ‬كبيراً‭ ‬عن‭ ‬توجهات‭ ‬ترامب‭ ‬السابقة،‭ ‬إذ‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬سيحتفظ‭ ‬بوجود‭ ‬عسكري‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬انتخابه‭ ‬رئيساً‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وسيتم‭ ‬إعطاء‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬مهمة‭ ‬توجيه‭ ‬الجهود‭ ‬العسكرية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الحلفاء‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬مثل‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭. ‬وعبّر‭ ‬بايدن‭ ‬عن‭ ‬اعتقاده‭ ‬بأن‭ ‬الحجم‭ ‬الأمثل‭ ‬للقوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الصراعات‭ ‬ستتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬1500‭ ‬و2000‭ ‬جندي‭ ‬أمريكي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نفذ‭ ‬تعهداته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬سوف‭ ‬يواصل‭ ‬نهج‭ ‬ترامب‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الصراعات‭.‬
2‭ ‬ -أزمة‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭:‬‭ ‬يتبني‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬سياسة‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬سياسة‭ ‬“الضغط‭ ‬الأقصى”،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬إجبار‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ووقف‭ ‬تدخلاتها‭ ‬الإقليمية،‭ ‬ونزوعها‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬وتدرجت‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬إخضاع‭ ‬كيانات‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬للعقوبات،‭ ‬مثل‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬الإيراني،‭ ‬بسبب‭ ‬تمويله‭ ‬لجماعات‭ ‬إرهابية،‭ ‬مثل‭ ‬ميليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وذلك‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تصنيف‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬كتنظيم‭ ‬إرهابي‭. ‬
وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬موقف‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬لايزال‭ ‬غامضاً،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يوضح‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سينوي‭ ‬العودة‭ ‬للالتزام‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬كما‭ ‬يرغب‭ ‬قطاع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬مؤيديه‭ ‬ومنتسبي‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬أم‭ ‬إنه‭ ‬سيواصل‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بتقديم‭ ‬إيران‭ ‬لتنازلات‭ ‬جدية،‭ ‬حتى‭ ‬يرفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عنها،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬قد‭ ‬طالب‭ ‬بتعليق‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬بسبب‭ ‬التداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬لجائحة‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تحليل‭ ‬توجهات‭ ‬فريق‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬تبنيهم‭ ‬لمواقف‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬لإغرائها‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬وإحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬طهران‭. ‬
3‭-التدخلات‭ ‬التركية‭ ‬العدائية‭:‬‭ ‬اتجهت‭ ‬تركيا‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬عسكرة‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬بل‭ ‬وتوظيف‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬باعتبارها‭ ‬أحد‭ ‬أدوات‭ ‬تدخلها،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬توظيفها‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬لدعم‭ ‬حكومة‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬الليبي،‭ ‬والذي‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬البرلمان‭ ‬المنتخب‭. ‬ومثلت‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬هاجساً‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬المجاورة،‭ ‬بل‭ ‬امتدت‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬الأفريقي،‭ ‬بما‭ ‬يهدد‭ ‬النفوذ‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مواجهة‭ ‬باريس‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭.‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬أقدمت‭ ‬تركيا‭ ‬على‭ ‬تصعيد‭ ‬محاولاتها‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬لليونان،‭ ‬بصورة‭ ‬لاقت‭ ‬معارضة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬بدأت‭ ‬واشنطن‭ ‬تتوجس‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬التركية،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تحجيمها،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬مايك‭ ‬بومبيو‭ ‬إلى‭ ‬نيقوسيا،‭ ‬عاصمة‭ ‬قبرص‭ ‬اليونانية،‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬سبتمبر،‭ ‬ودعوته‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬لسحب‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬المتوسط‭ ‬لخفض‭ ‬التوتر‭ ‬مع‭ ‬قبرص‭ ‬واليونان،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬واشنطن‭ ‬بتوقيع‭ ‬مذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬حول‭ ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬تدريبي‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬قبرص‭ ‬اليونانية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬دعماً‭ ‬عسكرياً‭ ‬أمريكياً‭ ‬للأخيرة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الأطماع‭ ‬التركية‭.‬
وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬كانت‭ ‬مواقف‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬حادة‭ ‬تجاه‭ ‬تركيا،‭ ‬إذ‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2020‭ ‬لبرنامج‭ ‬“ذا‭ ‬ويكلي”‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬“إف‭ ‬إكس”‭ ‬الأمريكية،‭ ‬“قلقه‭ ‬الكبير”‭ ‬بشأن‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬نهج‭ ‬مختلف‭ ‬حيال‭ ‬أردوغان،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬توليه‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعم‭ ‬وتشجيع‭ ‬قيادة‭ ‬المعارضة‭ ‬التركية‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يفعل‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬نائباً‭ ‬لأوباما‭. ‬
كما‭ ‬أكد‭ ‬بايدن‭ ‬أنه‭ ‬قضى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬مع‭ ‬أردوغان،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أن‭ ‬أردوغان‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬معه‭ ‬فقط‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬معادياً‭ ‬للإسلام‭. ‬وأضاف‭ ‬“إنه‭ ‬مستبد‭.. ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬أفعاله”،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬توتر‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬–‭ ‬التركية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تولي‭ ‬بايدن‭ ‬رئاسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬أقدم‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬تحجيم‭ ‬التدخلات‭ ‬التركية‭ ‬المثيرة‭ ‬للأزمات‭.‬
4‭-تيار‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭: ‬يتبني‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬رؤية‭ ‬مناوئة‭ ‬لحركات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبرها‭ ‬خطراً‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬جسامة‭ ‬عن‭ ‬تهديد‭ ‬التنظيمات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والإرهابية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬وجود‭ ‬ارتباطات‭ ‬وتفاهمات‭ ‬ضمنية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬الأفكار‭ ‬الرئيسية‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬مثلت‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬استقت‭ ‬منه‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والإرهابية‭ ‬أدبياتها‭ ‬وأيديولوجياتها‭ ‬التي‭ ‬تحرض‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬والكراهية‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬يرى‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أهداف‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬محاربة‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات،‭ ‬كما‭ ‬أعلن‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬أبريل‭ ‬بأنه‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تصنيف‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬تنظيماً‭ ‬إرهابياً‭ ‬أجنبياً‭.‬
وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬فإن‭ ‬بايدن،‭ ‬يتبنى‭ ‬رؤية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬نفسها‭ ‬لجماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬والتي‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬تمثل‭ ‬الوجه‭ ‬المعتدل‭ ‬من‭ ‬الإسلام،‭ ‬ولهذا‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬إدارة‭ ‬أوباما‭ ‬حرجاً‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬وصول‭ ‬الإخوان‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬عربية،‭ ‬بعد‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2011‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬يفسر‭ ‬تأييد‭ ‬جماعات‭ ‬ومنظمات‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لجو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬السباق‭ ‬الانتخابي،‭ ‬نظراً‭ ‬لرهانها‭ ‬على‭ ‬إحياء‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬لمشروع‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬مجدداً‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
5‭-السلام‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭:‬‭ ‬لعبت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دوراً‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬سلام‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬والتي‭ ‬هدفت‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬جوانبها‭ ‬إلى‭ ‬تجميد‭ ‬المحاولات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتم‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاق‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬سبتمبر،‭ ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬البحرين‭ ‬عن‭ ‬اتجاهها‭ ‬لإبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬مماثل،‭ ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬يتجه‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬اتفاق‭ ‬السلام‭ ‬انتخابياً‭ ‬باعتبارها‭ ‬أحد‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬إدارته‭ ‬في‭ ‬تحقيقها‭.‬
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬سبق،‭ ‬فإنه‭ ‬يتوقع‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬محل‭ ‬توافق‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وضح‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬بايدن‭ ‬للاتفاق،‭ ‬إذ‭ ‬أشاد‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بالاتفاق‭ ‬واعتبره‭ ‬“خطوة‭ ‬تاريخية”‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وثمّن‭ ‬خطة‭ ‬الإمارات‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬“عرض‭ ‬الإمارات‭ ‬الاعتراف‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭ ‬بدولة‭ ‬اسرائيل‭ ‬عمل‭ ‬مرحب‭ ‬به‭ ‬وشجاع‭ ‬وفعل‭ ‬سياسي‭ ‬مطلوب‭ ‬بشدة”‭.‬
ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تظل‭ ‬هناك‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬وبايدن‭ ‬من‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬يدعم‭ ‬ترامب‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬وتوسعها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬وعد‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬لوقف‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المستوطنات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬دعمه‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭. ‬كما‭ ‬أعرب‭ ‬بايدن‭ ‬عن‭ ‬معارضته‭ ‬لنقل‭ ‬ترامب‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬2018،‭ ‬وإن‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انتخابه‭ ‬كرئيس‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭.‬
شعبية‭ ‬المرشحين‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام
تظهر‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬تقدم‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬وكانت‭ ‬شعبية‭ ‬بايدن‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬حدود‭ ‬الـ‭ ‬50‭ ‬٪‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بينما‭ ‬بلغ‭ ‬الفارق‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬ترامب‭ ‬حوالي‭ ‬عشر‭ ‬نقاط‭ ‬مئوية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الفارق‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬فإن‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬محسومة‭ ‬سلفاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لبايدن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬عاملين‭ ‬أساسين،‭ ‬وهما‭:‬
1‭-إخفاق‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭:‬‭ ‬أظهرت‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2016‭ ‬تفوق‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭ ‬على‭ ‬ترامب،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬خسرت‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬لم‭ ‬تخفق‭ ‬تماماً،‭ ‬فقد‭ ‬فازت‭ ‬كلينتون‭ ‬بالتصويت‭ ‬الشعبي،‭ ‬وتفوقت‭ ‬على‭ ‬ترامب‭ ‬بحوالي‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬صوت،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬خسرت‭ ‬أسواق‭ ‬المجمع‭ ‬الانتخابي،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭. ‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬إغفال‭ ‬أن‭ ‬إستطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬واجهت‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬إذ‭ ‬أخفقت‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬الناخبين‭ ‬غير‭ ‬الحاصلين‭ ‬على‭ ‬مؤهلات‭ ‬جامعية‭ ‬تمثيلاً‭ ‬حقيقياً،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬الإخفاق‭ ‬في‭ ‬رصد‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الولايات‭ ‬غير‭ ‬المحسومة‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭. ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شركات‭ ‬الاستطلاعات‭ ‬تداركت‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الحالية‭.‬
2‭-تداعيات‭ ‬الأحداث‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭:‬‭ ‬تؤثر‭ ‬الأحداث‭ ‬والمستجدات‭ ‬الطارئة‭ ‬على‭ ‬شعبية‭ ‬المرشح،‭ ‬وكذلك‭ ‬توجهات‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬الناخبين‭ ‬وتدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬خياراتهم،‭ ‬بل‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬للمرشح‭ ‬المنافس،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تبني‭ ‬سلوكاً‭ ‬تصويتياً‭ ‬يخالف‭ ‬توجهاتهم‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬السابقة‭.‬
وينطبق‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بصورة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬فقد‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬إنعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬مما‭ ‬عزز‭ ‬فرصه‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬القادمة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬وتضرر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منها،‭ ‬وتحميل‭ ‬قطاعات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬ترامب‭ ‬مسؤولية‭ ‬سوء‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة،‭ ‬قد‭ ‬أثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬شعبية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ودفع‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬شعبية‭ ‬المرشح‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بايدن‭.‬
ويدرك‭ ‬ترامب‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬جيداً،‭ ‬ولذلك‭ ‬سارع‭ ‬في‭ ‬تكثيف‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اعتماد‭ ‬لقاح‭ ‬لكورونا‭ ‬قبيل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬نوفمبر،‭ ‬وقد‭ ‬رضخت‭ ‬الإدارة‭ ‬جزئياً‭ ‬لهذه‭ ‬الضغوط،‭ ‬إذ‭ ‬سمحت‭ ‬بالاستخدام‭ ‬الطارئ‭ ‬لبلازما‭ ‬المتعافين‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬كوفيد‭ – ‬19‭ ‬لعلاج‭ ‬المرضى‭ ‬الحاليين‭ ‬قبل‭ ‬تقييم‭ ‬فوائدها‭ ‬في‭ ‬تجارب‭ ‬إكلينيكية‭ ‬عشوائية،‭ ‬وتثار‭ ‬مخاوف‭ ‬مماثلة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬توافق‭ ‬الإدارة‭ ‬على‭ ‬لقاح‭ ‬لكورونا‭ ‬قبل‭ ‬نوفمبر‭ ‬القادم،‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات،‭ ‬وذلك‭ ‬لتعزيز‭ ‬فرص‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات‭. ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬حالة،‭ ‬اعتماد‭ ‬ترامب‭ ‬للقاح‭ ‬لكورونا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬مشاكل‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬إعادة‭ ‬ترشحه،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬ظهرت‭ ‬أعراض‭ ‬جانبية‭ ‬للقاح‭ ‬الجديد،‭ ‬أو‭ ‬ثبت‭ ‬كونه‭ ‬غير‭ ‬آمن،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬لقاح‭ ‬أكسفورد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الترشح‭ ‬للانتخابات‭.‬
وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الأخر،‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬77‭ ‬عاماً،‭ ‬وبدا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬فترات‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬إيقاع‭ ‬حديثه،‭ ‬كما‭ ‬وجهت‭ ‬انتقادات‭ ‬لخطاباته،‭ ‬خاصة‭ ‬حديثه‭ ‬بتعميم‭ ‬غير‭ ‬مفهوم‭ ‬عن‭ ‬استعادة‭ ‬روح‭ ‬أمريكا،‭ ‬فلم‭ ‬يوضح‭ ‬قط‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يقصده‭ ‬تحديداً،‭ ‬بل‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬رآه‭ ‬الناخبون،‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث،‭ ‬قلت‭ ‬احتمالات‭ ‬تصويتهم‭ ‬لصالحه‭. ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬تدهور،‭ ‬ولو‭ ‬طارئ‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬بايدن،‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاهه،‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬المرشحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬السابقة‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون‭.‬
موقف‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬الانتخابات
أكد‭ ‬معالي‭ ‬الدكتور‭ ‬أنور‭ ‬قرقاش،‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية،‭ ‬في‭ ‬مداخلة‭ ‬لإحدى‭ ‬القنوات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬تفضيل‭ ‬لهوية‭ ‬الرئيس‭ ‬القادم‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فهو‭ ‬شأن‭ ‬داخلي‭ ‬أمريكي،‭ ‬وأن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬سوف‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬يختاره‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭.‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬فإن‭ ‬توجهات‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬حيال‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬تفرض‭ ‬أي‭ ‬تحدي‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬أمنها‭ ‬القومي،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬تبنت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬سياسات‭ ‬إقليمية‭ ‬غير‭ ‬مواتية،‭ ‬عبر‭ ‬توقيع‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الثغرات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إقدام‭ ‬أوباما‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬طهران،‭ ‬بما‭ ‬سمح‭ ‬لها‭ ‬بتوظيف‭ ‬مواردها‭ ‬المالية‭ ‬المجمدة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الميليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن،‭ ‬بما‭ ‬مثل‭ ‬تهديداً‭ ‬مباشراً‭ ‬لأمن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬
ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬أبوظبي‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بأزمات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬دخولها‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تعاونها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الملفات‭ ‬الإقليمية،‭ ‬والتي‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ونظراً‭ ‬لدور‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬فإنها‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬متقدمة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لحيازة‭ ‬مقاتلات‭ ‬“أف‭ ‬–‭ ‬35”‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬أنور‭ ‬قرقاش‭ ‬إن‭ ‬بلاده‭ ‬قدمت‭ ‬طلبات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬طائرات‭ ‬“إف‭ ‬–‭ ‬35”‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتدرس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بيع‭ ‬الطائرة‭ ‬فعلاً‭ ‬للإمارات،‭ ‬وتوقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭.‬
كما‭ ‬تقيم‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬شراكات‭ ‬عسكرية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬واشنطن‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الخاصة‭ ‬بإنتاج‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭. ‬وتمكنت‭ ‬أبوظبي‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬صناعات‭ ‬عسكرية‭ ‬متطورة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تقليص‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬السلاح،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإماراتية‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬باعتبارها‭ ‬أكثر‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬تقدماً‭ ‬وتعقيداً‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬حيث‭ ‬تحرص‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الإماراتية‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بمشروعات‭ ‬تسليحية‭ ‬مشتركة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬توطين‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬مكنها‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار،‭ ‬والذخائر،‭ ‬وصيانة‭ ‬بعض‭ ‬منظومات‭ ‬الأسلحة‭.‬
وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬سوف‭ ‬تعني‭ ‬استمراراً‭ ‬لتبنيه‭ ‬نهج‭ ‬“أمريكا‭ ‬أولاً”‭ ‬تجاه‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬والذي‭ ‬يتسم‭ ‬بالانعزالية‭ ‬وتبني‭ ‬السياسات‭ ‬الأحادية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬السياسات‭ ‬المتشددة‭ ‬تجاه‭ ‬الصين‭ ‬وإيران،‭ ‬بينما‭ ‬سيؤدي‭ ‬انتخاب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التحالفات‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها،‭ ‬مع‭ ‬تهدئة‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وإيران‭.

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض