يشكل جناح الاستدامة في إكسبو 2020 دبي، رحلة ثرية للتواصل والابتكار من أجل مستقبل مستدام لكوكب الأرض، وفرصة لاستعراض خبرات وممارسات مستدامة ومبتكرة ترتبط باستراتيجية حكومة دولة الإمارات لكي تكون سباقة في مجال الاستدامة على مستوى العالم.
ويستهدف الحدث العالمي تقديم واحدة من النسخ الأكثر استدامة في تاريخ معارض إكسبو الذي يمتد حتى 160 عاماً، ولتتوافق مع طموح الدولة التي أعطت أولوية لقضية الاستدامة التي تحتل موقعاً محورياً في استراتيجية الحكومة عبر الامتثال للمعايير الدولية مثل أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ورؤية الإمارات 2021، وخطة دبي 2021.
وسيكون الجناح شاهداً ماثلاً على التركيز والتقدم المنجز في مجال الاستدامة في الإمارات، ليمثل حافزاً للتغيير في الدولة والمنطقة والعالم، عبر نهجها الفريد للتواصل الذي يستهدف الناس من جميع الأعمار، من خلال استعراض أفضل الممارسات المتعلقة بهذا المجال على مستوى العالم.
الأفكار الجديدة
وتمثل الاستدامة أحد الموضوعات الفرعية الثلاثة لـ «إكسبو 2020»، وسيكون الحدث الدولي الذي يستمر ستة أشهر منصة لتحفيز التغيير ومشاركة الحلول واستكشاف الأفكار الجديدة التي تشجع على العمل المشترك من أجل إنقاذ كوكب الأرض.
ويمثل جناح الاستدامة، الذي يشغل نحو 29 ألف متر مربع من مساحة المعرض البالغة 4,38 كيلو متر مربع، فرصة غير مسبوقة من أجل إلهام الزوار بأفكار تصب في مصلحة الإنسان والكوكب ما يساهم في رسم ملامح مستقبل البيئة. ومن المزمع أن يأخذ جناح الاستدامة جزءاً كبيراً من طاقته من الشمس والجو، وهذه من أولى المرات التي تستخدم فيها تكنولوجيا كهذه، بحجم كهذا عالمياً، عبر تطبيق أعلى معايير الاستخدام الفعال للطاقة والمياه وإعادة استخدامها ويستكشف أحدث التقنيات المستدامة.
صمم الجناح ليتخذ شكل شجرة الغاف (الشجرة الوطنية للإمارات العربية المتحدة)، وبما يمكنه من استيعاب عدد كبير من الزوار يصل إلى 30 ألف زائر يومياً، فضلاً عن أنه يضم 1055 لوحة شمسية تغطي سقف الجناح الممتد على 130 متراً، يمكنها إنتاج 4 جيجا وات في الساعة من الطاقة البديلة في السنة، أي ما يكفي من الكهرباء لشحن 900 ألف هاتف محمول.
تقنيات مبتكرة
كما يقدّم الجناح تقنيات مبتكرة للري، بما فيها نظام لتدوير المياه الرمادية، ستساعد على تقليص استهلاك الماء بنسبة 75%، بحيث تولد المنشأة أيضاً مياهها الخاصة عبر تقنية تستخرج الرطوبة من الهواء الخارجي، ثم تعيدها مرة أخرى إلى نظام المنشأة، كذلك تسهم الطاقة الشمسية في تعقيم المياه وتطهيرها من الملوثات الدقيقة لتصبح صالحة للاستهلاك.
تجربة جذابة
يحمل جناح الاستدامة في إكسبو اسم “تيرّا”، التي تعني أمنا الأرض، ويسلط الضوء على الضرورة الملحة لمعالجة الآثار البيئية السلبية، الناجمة إلى حد كبير عن السلوك البشري، من خلال تجربة جذابة وشخصية مصممة لتمكين الزوار من فهم تأثيرهم على البيئة ودفعهم ليكونوا عوامل للتغيير.
ومن المنتظر أن يجتذب الجناح زوار إكسبو، وخصوصاً الأطفال والشباب المهتمين بالعلوم وأفضل ممارسات الاستدامة، التي هي شعار أساسي لدى إكسبو، وسيستمر الجناح في مهمته التعليمية الملهمة ليصير مركز استكشاف بعد إسدال الستار على الحدث العالمي في إبريل 2021.
ويمكن لزائري الجناح استكشاف علاقة البشر بالطبيعة، وهوس الإنسان بالاستهلاك المفرط، فضلاً عن تعلم كيفية تغيير الخيارات اليومية لتقليص البصمة الكربونية وأثرها البيئي، كما يمكن استكشاف المشروعات العالمية المبتكرة التي تتيح حلولاً واقعية لصون وحماية كوكب الأرض من أجل الأجيال المقبلة. ويتيح الجناح لزوّاره رحلة بين جذور الغابات، إضافة إلى جولة في أعماق المحيطات، ومعاينة عجائب الطبيعة المتضررة.
رسالة طموحة
يحمل جناح الاستدامة رسالة طموحة بشأن العالم الطبيعي، عبر تزويد الزوار بالمعلومات بشأن الاستهلاك البشري والاستراتيجيات الموضوعة لعيش حياة مستدامة في المستقبل، ومساعدتهم على إدراك مدى تحكمهم في استجابتهم للتحديات البيئية في الحياة الواقعية عبر مجموعة من التجارب الحسية الممتعة والمستلهمة بفكرة يألفها الناس حول العالم من خلال محاكاة الممالك التقليدية في الحكايات الخرافية، تعرض «تيرّا» عبر 14 تجربة يختبرها زوار الجناح، سحر الطبيعة وجمالها، من خلال تقديم البيئات الطبيعية التي قد تبدو غير عادية إلا أنها حقيقية.
كما صممت الرحلة التي تبلغ مدتها نحو 45 دقيقة في الجناح، بهدف التواصل مع الزوار من جميع الأعمار عبر رسائل خفية ذات مستويات عديدة، تشجعهم على إعادة التفكير في علاقاتهم المتأصلة مع الطبيعة.
بالإضافة إلى أن التجارب المختلفة في هذه الرحلة الخيالية، صُممت لتنقل الزوار إلى حيث لم يذهبوا من قبل، وكي تمكنهم من اكتشاف العلاقات التكافلية الكامنة في الطبيعة. مثلًا: عبر النزول تحت الأرض حيث شبكة الجذور الخضراء في الجناح المصمم على شكل شجرة كبيرة، سيكتشف الزوار الشبكة الخضراء واسعة النطاق وسيتعرفون إلى كيفية نمو الأشجار وتواصلها وتقاسمها الموارد بعضها مع بعض، وكيف تحمي نفسها وغيرها من الأشجار.
وفي تجربة تفاعلية أخرى، سيستطيع المشاركون مقابلة (غانشر) وهي آلة استهلاكية كبيرة تظهر كيف يتم تدمير الموارد الطبيعية لتصنيع المنتجات الاستهلاكية.
وتهدف المرحلة الأخيرة من رحلة «تيرّا» التي تحمل اسم «مختبر قيم المستقبل»، حيث تأخذ الزوار في جولة عبر معرض من التراكيب ثلاثية الأبعاد التي تشمل نماذج عالمية، وبهذا لم تنجح في مواجهة التحديات البيئية فقط، بل سلطت الضوء أيضاً على المنافع الاجتماعية والاقتصادية.
وصممت تيرا – جناح الاستدامة، من قبل الشركة البريطانية المتخصصة في التصميم المعماري «غريمشو أركيتكتس»، إلى جانب شركة «ثينك ديزاين» الأمريكية، ومهندسين من شركة «بيروهابولد»، لاستيفاء أعلى معايير الاعتماد في العمارة المستدامة، ألا وهي شهادة لييد البلاتينية للمباني المستدامة، وهي أعلى شهادة اعتماد متاحة للهندسة المعمارية المستدامة.
مركز استكشافي
وبعد إسدال الستار على فعاليات «إكسبو 2020 دبي» سيتحول الجناح إلى مركز استكشافي علمي تحت اسم «إكسبلوتاريوم» على أن يستقطب 1,2 مليون زائر سنوياً بعد عام 2021، حيث سيكون أحد المعالم البارزة ضمن خطط الإرث التي تهدف لاستغلال موقع إكسبو ليتحول إلى دستركت 2020، التي ستكون إحدى أكثر المشاريع استدامة في المنطقة والعالم.
