» بشار أكرم
لا تنبع أهمية معرض «إكسبو العالمي 2020» في دبي، من كونه أول إكسبو دولي يقام في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا فقط، ولكن باعتباره الحدث الاستثنائي الأكبر من أجل تشكيل غدٍ أفضل للإنسانية والاحتفاء بثقافات العالم ومساهماتها في مسيرة تطور البشر وصناعة المستقبل. ومع تعهد دولة الإمارات، بتقديم معرض يبقى خالداً في الذاكرة عبر حفز الأفكار المبتكرة وبناء شراكات دولية وإقليمية ووطنية، وإيجاد الحلول المناسبة لتحديات العالم الكبرى التحديات الآنية والمستقبلة لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً وذلك مع بداية عقد جديد من تاريخ البشرية.
وبينما تسعى دبي لجعل هذه التظاهرة الحضارية المهمة أكبر وأفضل وأكثر أهمية بين كافة الدورات السابقة من سلسلة «إكسبو» العالمية، من المنتظر أن يسجل «إكسبو 2020» أرقاماً قياسياً غير مسبوقة، وخاصة في تنوّع المشاركات فيه، حيث سيكون هناك أكثر من 200 مشاركاً من الدول و المنظمات دولية وشركات عالمية ومؤسسات تعليمية، وقد أكدت حتى الآن 192 دولة مشاركتها بأجنحة مستقلة لأول مرة في تاريخ معارض إكسبو الدولية.
إنجاز تاريخي
بدأت حكاية «إكسبو 2020 دبي» في مساء الأربعاء الموافق السابع والعشرين من نوفمبر 2013، عندما توحدت القدرات والطموحات والآمال معا لتحقق الإمارات العربية المتحدة إنجازاً تاريخياً عندما فازت باستضافة الحدث العالمي في العاصمة الفرنسية باريس واقترع خلاله مندوبو 165 دولة عضواً بالمكتب الدولي للمعارض، الجهة المسؤولة عن تنظيم معارض إكسبو والإشراف على الدول المُضيفة، لاختيار الدولة الفائزة؛ حيث تغلب عرض الاستضافة الإماراتي بقوة على العروض المقدمة.
ويعد إكسبو الدولي هو أحد أكبر الأحداث الدولية على وجه الأرض، ويقام مرة كل خمسة أعوام ويستمر ستة شهور. وهو احتفاء بالجميع، ويمكن من خلاله التعلم والابتكار وإحداث تقدم مع الاستمتاع في الوقت ذاته بمشاركة الأفكار والعمل المشترك. ومن المتوقع أن يستقطب «إكسبو 2020»، 25 مليون زيارة، وسيكون 70% من الزوار من خارج دولة الإمارات. وهذه أكبر نسبة من الزوار الدوليين في تاريخ معارض إكسبو الدولية الممتد على ما يقرب من 170 عاما. وسيقام خلال المعرض الذي يعتبر علامة فارقة ومن أكثر الفعاليات العالمية ترقباً خلال العام الحالي، 60 عرض حي في كل يوم من أيامه الـ 173، كما سيكون فيه تجارب ثرية بالمذاقات والأطعمة من أكثر من 200 منفذاً لبيع الأطعمة والمشروبات خلال الحدث العالمي.
تواصل العقول
وتحت شعاره الرئيسي «تواصل العقول وصنع المستقبل»، يسعي «إكسبو دبي» إلى بناء شراكات بين البشر وأن يكون مصدر إبهار وإلهام لأفكار ترسم عالم الغد مع استضافته قادة الفكر والمبدعين والكتاب الأكثر إلهاماً في العالم. ويأتي هذا الشعار كمبادرة من الإمارات إلى العالم من أجل خلق فرص وابتكارات وحلول وشراكات تعود بالنفع المباشر على البشر، سيتم استعراض ثلاث موضوعات فرعية خلال هذه الفعالية الكبرى وهي «التنقل» و«الفرص» و«الاستدامة».
وتعتبر الموضوعات الفرعية المبتكرة هي المحركات الثلاثة للتقدم البشري، كما تحمل في طياتها تحديات تلقي بظلالها على العالم بأسره وتتطلب من الجميع الاهتمام والالتزام بتقديم حلول واقعية وعملية لمشكلات العالم.
الفرص
ينطلق موضوع الفرص من أن الجميع يمتلك القدرة على رسم مستقبل الغد، وفي «إكسبو 2020» هناك سعى لإطلاق العنان لإمكانات الأفراد والمجتمعات بكثير من الوسائل، مثل دعم حل لمشكلة اجتماعية من خلال برنامج «إكسبو لايف»، ومثل إتاحة أفكار جديدة للزوار وإلهامهم كي يبادروا بخطوات أو ترك إرث للعمل المشترك.
التنقل
يتيح «إكسبو 2020» تداولا أكبر للمعرفة والأفكار والبضائع ما يجعله يكشف النقاب عن عالم جديد. ويستكشف كيف تم السماح بالغوص في أعماق المحيطات والتحليق في ساحات الفضاء لاكتساب رؤى متعمقة ولتبادل الآراء وكيف تحقق البشرية خطوات هائلة أكبر من أي وقت مضى بفضل التقدم في مجال التواصل الرقمي.
الاستدامة
مع تزايد سكان كوكب الأرض، فإن الحاجة إلى العيش بتناغم وتوازن مع العالم صارت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. ومن الضروري أن يكون المعرض من رواد الموارد البديلة للطعام والماء والطاقة النظيفة والمتجددة. ويتبنى إكسبو 2020 هذه القضايا ويحث الجميع على التفكير في كيفية الحفاظ على كوكب الأرض للأجيال المقبلة.
ساحة الوصل
تشكل ساحة الوصل المعلم الرئيس في قلب موقع إكسبو 2020 دبي، والمحور المركزي له، ويشكل سقفها أكبر شاشة عرض بنطاق 360 درجة في العالم، وستستضيف عدداً من الفعاليات والاحتفالات الضخمة خلال فترة انعقاد الحدث وبعدها.
وستكون قبة الساحة الدائرية شاشة عملاقة، توفر تجربة عرض غامرة بنطاق 360 درجة، يمكن مشاهدتها من الداخل والخارج. وتغطي القبة الفولاذية، مساحة تساوي 16 معلب تنس، وتزن ما يعادل 500 فيل، ويصل ارتفاع قبة ساحة الوصل إلى 67.5 متراً، وهو ارتفاع يفوق طول برج بيزا المائل بعشرة أمتار، وبقطر يبلغ 130 متراً، فإن قبة ساحة الوصل تتسع لإيواء طائرتين من نوع الطائرة العملاقة «إيه 380» الأكبر عالميا في نقل الركاب، وهي طائرة ذات طابقين.
وقد تم إنجاز الأعمال الإنشائية في مناطق الموضوعات الـ3، والتي تضم 86 مبنى متعدد الاستخدامات تتوزع على 3 بتلات وهي الفرص والاستدامة والتنقل، والتي تمثل الموضوعات الثلاثة لإكسبو، وتم تسلم شهادات إنجاز من بلدية دبي.
وبحلول أبريل المقبل سيتم الانتهاء من جميع أجنحة موضوعات التنقل والاستدامة والفرص، على أن تنطلق بعدها عملية التشغيل التجريبية حتى سبتمبر المقبل.
60 فعالية
ويمتد موقع إكسبو 2020 على مساحة 4.38 كيلومتر في منطقة دبي الجنوب. وهو على مقربة من مطار آل مكتوم الدولي، ويسهل الوصول إليه من مطار دبي الدولي ومطار أبوظبي الدولي، ومن مينائي دبي وأبوظبي. وسيكون للموقع محطة مترو قادرة على نقل 36 ألف راكب في الساعة.
وتخطط هيئة الطرق والمواصلات في دبي لإنهاء المراحل الأخيرة من تنفيذ مشروع خط مترو دبي مسار 2020 المتوقع افتتاحه رسميا في نهاية مايو المقبل، ذلك المسار الذي سيصل بين محطة «نخيل هاربر اند تاور» الحالية وموقع معرض إكسبو.
وتم ترسية مشروع مسار 2020 على تحالف «إكسبولينك»، الذي يضم شركات فرنسية وإسبانية بتكلفة 10.6 مليارات درهم، حيث يعمل على تنفيذ المشروع بما يضمن أعلى درجات الراحة لمستخدمي المترو، وضمن الإطار الزمني المحدد.
تأثيرات اقتصادية
ومن المنتظر أن يخلق إكسبو فرصاً وظيفية وتجارية واستثمارية هامة، ليس لدبي والإمارات فقط، وإنما لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، تاركاً تأثيرات اقتصادية مستدامة. ويتمثل الأثر الإيجابي للمعرض على علاقات الإمارات مع العالم، فضلاً عن تأثيره الاقتصادي المحلي المتمثل في تمهيد الطريق نحو المزيد من الأعمال بين الشركات المحلية ونظيراتها الدولية، وأفادت دراسة مستقلة نشرتها شركة «إرنست آند يونغ» العالمية، العاملة في مجال التدقيق المالي والخدمات الاستشارية، بأن استثمار الإمارات في المعرض سيعود بعائد اقتصادي يصل إلى 122.6 مليار درهم خلال الفترة من عام 2013 إلى 2031، بينما يدعم فرص عمل يصل مجموعها إلى 905 آلاف و200 سنة عمل خلال الفترة ذاتها.
وأشارت الدراسة إلى أنه خلال الأشهر الستة لانعقاد فعاليات «إكسبو»، يُتوقع أن يسهم الحدث بما يصل إلى 1.5 % من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات.