الدكتورة/ هدى النعيمي
كاتبة عراقية
Dr. Huda Al-Nuaimy
Iraqi Writer

العلاقات الإماراتية-التركية: خطوة في مسار تعزيز الشراكة المستقبلية

تشهد علاقات تركيا بجوارها العربي تحسناً ملموساً بعد سنوات من التوتر واختلافات في الرؤى، استجابة لتحولات القوة في منطقة الشرق الاوسط، لتدفع دولها باتجاه إعادة ترتيب علاقاتها الدولية والسير باتجاه التطبيع والمصالحة.

وما يلاحظ اليوم، ارتباط الحراك الدبلوماسي التركي – الإماراتي بالسياسة الدولية والاستدارة الأمريكية باتجاه آسيا، حيث التنافس الاقتصادي مع الصين، مترافقاً مع سعي إدارة بايدن في تقليص الوجود الأمريكي العسكري في المنطقة، والعمل على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.

وبالسياق نفسه، تسبب هذا النهج الأمريكي بحمل دول المنطقة على إعادة النظر بسياستها الخارجية وإصلاح علاقاتها المضطربة بعد سنوات من التوتر والصراع. والتعامل مع التطورات الدولية والإقليمية بشكل واقعي، وإدارة خلافاتها على نحو بعيد عن التشنج والاصرار. كما حدث على مستوى التقارب السعودي الإماراتي القطري، ومساعي أنقرة والقاهرة لتطبيع العلاقات بينهما.

وليست حالة التهدئة والمصالحة الإماراتية-التركية إلا انعكاساً لفهم مشترك بضرورة تأسيس نظام أمن إقليمي، لضمان الاستقرار وتجنب الصراعات، ولمواجهة العديد من التحديات المشتركة التي تشهدها المنطقة.

فالتهديدات الجيواستراتيجية لفصائل مسلحة مدعومة من إيران، والأوضاع الأمنية المضطربة في سوريا، والعراق، واليمن، وفلسطين، ومكافحة الإرهاب والتطرف المسلح، تتطلب اتخاذ المزيد من الخطوات المشتركة للاعتماد على الذات، والتحسب للمخاطر والتهديدات المحتملة في أعقاب تراجع الاهتمام الأمريكي بالمنطقة.

وأنقرة من ناحيتها تدرك أهمية تحسين العلاقات بالإماراتيين بعد أن تضررت مكانتها الدولية في السنوات الأخيرة، بسبب سياستها الخارجية التي وضعتها في عزلة على المستويين الإقليمي والدولي.

كما تتأكد المصلحة التركية في تحسين العلاقات بجيرانها العرب في ظل الأزمة الروسية – الغربية حول أوكرانيا، التي تُمثل تحدياً كبيراً أمام سياسة أنقرة الخارجية، بسبب تداخل وتعقد المصالح الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية والسياسية بين تركيا وطرفي النزاع، روسيا وأوكرانيا.

وبحسب أحد الباحثين الأتراك، فمنذ أوائل عام 2021، كان هناك إدراك واسع بأن التوترات والصراعات الدبلوماسية في المنطقة قد وصلت إلى نقطة تناقص العوائد، وتسببت النزاعات المستمرة في إعاقة جهود الانتعاش الاقتصادي لكل الاطراف.

وفي المقابل، سيكون لأبوظبي دور في تحفيز دول المنطقة على رأب الصدع الذي اعترى علاقاتها بتركيا، وهو ما سيؤمن لها تأثيراً أوسع على المستوى الإقليمي، ناهيك عن الأبعاد الاقتصادية التي ستضمن لدولة الإمارات العربية المتحدة استثمارات مربحة اقتصادياً.

ونخلص إلى القول، إن إحراز تقدم مستقبلي في عملية المصالحة يعتمد على تطوير التعاون على أساس المصالح المشتركة، وإعادة بناء الثقة المتبادلة، وتقديم بعض التنازلات، واعتماد سياسات جديدة قائمة على المرونة والواقعية السياسية.

Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض