منذ تأسيسها في 2 ديسمبر 1971، والسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة تتبنى الوسطية والاعتدال، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مع اعتماد الأساليب المرنة في حل أزمات العلاقات الدولية والإقليمية، وبالاضافة إلى التكيف مع المستجدات العربية والدولية، لتعكس جهود مؤسستها الدبلوماسية في تعزيز مكانتها الدولية كقوة جيوسياسية في المنطقة.
إن الفكرة الأكثر تمظهراً في السياسة الخارجية الإماراتية تتجسد في العمل على صياغة روابط إقليمية ودولية، وتأسيس شراكات مصلحية على نحو رأسي وامتداد أفقي، بما يضمن للدولة تراكماً عملياً وخبرة في إدارة الشأن الخارجي الإقليمي والدولي على حد سواء.
ومن بين ما قامت به الدولة من أنشطة خارجية، يتجلى في الوتيرة المكثفة للزيارات الرسمية والاجتماعات، مترافقاً مع جهود النخب الدبلوماسية الإماراتية في الخارج، لتوطيد علاقات الدولة وتعزيز شبكة صلاتها الدولية، وبما يؤمن مكانتها كقوة صاعدة، تتمتع بقدر كبير من الاستقرار والثقة.
وليست المساعدات الإماراتية إلا وجهاً من أوجه العمل الدبلوماسي، فعلى سبيل المثال تم إرسال حوالي 1500 طن متري من الإمدادات الطبية – والأقنعة والقفازات والمواد الطبية – إلى 118 دولة خلال انتشار جائحة “كوفيد 19″، الأمر الذي يعني دعم عمل حوالي 1.4 مليون طبيب حول العالم.
والقوة الناعمة التي أوجد لها الإماراتيون مجلساً، إنما هي ظهير للسياسة الخارجية، ويراد منها ترسيخ معرفة شعوب العالم بالدولة وبثقافتها وهويتها وتفردها وقصتها المدهشة، بحسب ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”.
بينما تعد المبادرات الثقافية والفنية والمعرفية مثل متحف اللوفر في أبوظبي، أو معرض إكسبو 2020 في دبي، فرصاً لتعزيز التبادلات الثقافية والتعريف بالمجتمعات والثقافات المتنوعة من جميع أنحاء العالم، وتسليط الضوء بشكل خاص على الموضوعات العالمية والمشتركة، والإفادة من التجارب الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والأعراق والتاريخ.
ولهذا، تعززت الرحلة الإماراتية بقيم التسامح والتعايش واحترام الآخر، لتكون جسراً للتواصل والتقارب بين شعوب وثقافات العالم في بيئة منفتحة على أساس التعايش والسلام، تؤسس لمجتمع متحضر ومستقبل مستدام. ومن هنا، جاء تحسين العلاقات في الدائرة الإقليمية، انتصاراً كبيراً لدبلوماسية المبادرة في معالجة المشاكل، والتي اعتمدتها الدولة، لتجنيب المنطقة مخاطر تصدع علاقاتها الرسمية والشعبية، والأخذ بالطرق السلمية في تخفيف حدة الاختلافات.
ولأن دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم لاعب إقليمي مؤثر، فإنها تدرك أهمية تنويع اقتصادها، ونتيجة لتلك الجهود احتلّت الإمارات المركز الأول إقليمياً والتاسع عالمياً في تقرير التنافسية العالمية لعام 2021 الصادر عن مركز التنافسية العالمي، حيث تبوّأت المرتبة الأولى عالمياً في 22 مؤشراً.
نجاحات السياسة الخارجية الإماراتية تعكس قدرات دولة وظفت ثرواتها على نحو فاعل من خلال رؤية سياسية واقتصادية مستدامة، تكون فيها الدولة ضامناً لمستقبل مستقر وآمن لجوارها الخليجي والعربي.