تمتلك «تاليس» مجموعة واسعة من المنتجات والأنظمة والحلول الدفاعية والأمنية المبتكرة، ولديها خبرة كبيرة في المجال العسكري أكسبتها منذ تأسيسها في عام 2000 ثقة أقوى جيوش العالم وأهم المؤسسات الدفاعية، إذ باتت خدماتها علامة فارقة في قطاع الدفاع والأمن. وللتعرف على خط الإنتاج المتنوع للمجموعة، وعلى خبرة وخطط المجموعة لتعزيز التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، والطموحات المستقبلية للمجموعة، حاورت «الجندي» في باريس السيد كريستوف سالومون نائب الرئيس التنفيذي لشركة تاليس للأنظمة الأرضية والجوية.. وفيما يلي نص الحوار:
حدثونا عن شركة تاليس بشكل عام، وأنشطتها في دول الخليج العربية ودولة الإمارات على وجه الخصوص، وما هي أبرز المنتجات والخدمات ومجالات العمل التي تقوم بها الشركة في دولة الإمارات وما مدى الرضا والإقبال عليها؟
يأتينا عملاؤنا بطموحات كبيرة: تحسين جودة الحياة للجميع وضمان سلامتهم من قاع المحيطات إلى أعماق الفضاء الخارجي والسيبراني، ونحن بدورنا ندفعهم لسبر أغوار جديدة بمنتهى الثقة واليقين والتفاؤل. فعبر التفكير بشكل أذكى، والعمل بشكل أسرع، يمكننا السيطرة على التعقيد المتزايد والتحكم بكل لحظة حاسمة على طول الرحلة. نحن نتعاون مع شركائنا لابتكار حلول عالية التقنية يمكنها دفع حدود الإبداع والمرونة مع وضع الإنسان والاستدامة في صميمها. الهدف النهائي منها هو تسخير القوة الاستثنائية للتكنولوجيا لبناء مستقبل يمكننا جميعاً الوثوق به، لمجالات الدفاع، والأمن، والفضاء، والطيران، والهوية الرقمية، والنقل البري.
ما مدى أهمية السوق الإماراتي بالنسبة لتاليس، وكيف تقيمون علاقتكم مع الدولة؟
لطالما جمعتنا شراكة استراتيجية مع دولة الإمارات، ونحن متواجدون فيها منذ أكثر من 45 عاماً ونرى مستقبلاً مشرقاً لهذا التعاون. وتقوم ركائز هذه الشراكة على العمل ضمن المحاور الرئيسية الثلاثة لمجموعتنا وهي «الصناعة، والابتكار، والتعليم»، لتحقيق أهداف الأمن والسلامة والنمو، والحفاظ على سيادة الدولة، وتوفير التنمية الاقتصادية المستدامة، وتعزيز المواهب المحلية.
وكشريك طويل الأمد للقوات المسلحة الإماراتية، دخلنا في عام 2019 في شراكة مع مجلس «توازن» الاقتصادي لإنشاء كيان جديد تحت اسم «تاليس الإمارات للتكنولوجيا». الهدف منه دعم الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات فيما يخص تعزيز القدرات الصناعية وتطوير أمة في طليعة الابتكار، معتمدة على نفسها، وتحظى برأسمال بشري متميز. ليصبح الكيان المملوك بالكامل لـ «تاليس» الشريك الصناعي المحلي الرئيسي والمدمج في دولة الإمارات. وتركز «تاليس الإمارات للتكنولوجيا» على إنشاء مراكز التميز للأنظمة الحيوية ومجموعة متنوعة من تقنيات الدفاع والفضاء الرقمية. وتمثل «تاليس الإمارات للتكنولوجيا» الناقل لاستراتيجيتنا للاندماج في النظام الصناعي المحلي في الإمارات من أجل إنشاء القيمة والتأثير الاقتصادي على المديين القصير والمتوسط. وسيوفر ذلك للإمارات قدرات تقنية فريدة وسيادية تتماشى مع رؤيتها الوطنية. كما ستستفيد «تاليس الإمارات للتكنولوجيا» من محفظة تاليس العالمية التي لا تضاهى، وستسخرها لخدمة دولة الإمارات وتعزيز تنويع اقتصادها المحلي، مع تكثيف جهودها للاستثمار في القوى العاملة المحلية الواعدة.
برأيك، ما هي الحلول والتقنيات الدفاعية التي تفتقدها المنطقة في الوقت الحاضر؟
لا يتعلق الأمر بما هو مفقود، بل بكيفية مواكبة الدول المتقدمة مثل الإمارات وغيرها في المنطقة للتهديدات الدائمة التطور. على سبيل المثال، نشهد زيادة في الطلب على قدرات الدفاع الجوي والصاروخي المتكاملة ضد تهديدات الصواريخ الباليستية. فضلاً عن تنامي الحاجة إلى التدابير المضادة للطائرات دون طيار (الدرونز) وأسراب الدرونز. ففي العشرين سنة القادمة، ستدخل ملايين طائرات الدرونز الجديدة مجالنا الجوي، ما سيشكل بيئة طيران شديدة التعقيد، تجلب معها مجموعة واسعة من تحديات السلامة والأمن.
ويلعب الاتصال، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والأمن الرقمي، والتكنولوجيا الكمية دوراً حيوياً في تنمية مجتمعاتنا. ولأنها مجالات دائمة التطور وبسرعة، على الدول تنفيذ أحدث الحلول باستمرار لحماية شعوبها وأصولها. فمثلاً، الحلول السحابية المستخدمة للتطبيقات المدنية لا تعد مناسبة للقوات المنتشرة في الميدان. فهي تتطلب نطاقاً ترددياً غير محدود لا تمتلكه القوات المسلحة في مسرح العمليات. لذا تحتاج القوات المسلحة لحل سيادي مصمم للبيئات المقيدة، يتيح للمستخدمين، سواء القيادة في الوطن أو الوحدات المنتشرة، تحليل المعلومات ومشاركتها في الوقت الفعلي. وتمكّن حلول مثل السحابة الدفاعية من تاليس الدول على إجراء تحولها الرقمي بأعلى مستويات الأمان مع تسريع دورة اتخاذ القرار حتى تتمكن من الحفاظ على ميزتها التشغيلية.
وكما ذكرنا أعلاه، يعد الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل موضوعاً حاسماً للدول. لذا تحمي رادارات تاليس المجال الجوي والمواطنين والأصول، وتغطي كامل نطاق المراقبة والدفاع الجوي ضد تهديدات اليوم والغد، من الطائرات المتخفية، والصواريخ الأسرع من الصوت، والصواريخ البالستية في مسرح العمليات، إلى الطائرات غير المأهولة.
وتلبي تشكيلتنا الواسعة من الرادارات مجموعة متنوعة من الاحتياجات التشغيلية للقوات البرية والجوية والبحرية، الأمر الذي يوفر وعياً فائقاً بالموقف ويتيح الكشف، والتحديد، والتعقب. وقد سخّرت تاليس حصيلة عقود من خبرات الرادارات المثبتة كفاءتها لتقدم اليوم مجموعة محسنة من الرادارات السطحية لحفظ حُماة الوطن. وتتميز هذه الرادارات بمجموعة فريدة من الخصائص، فنحن نستخدم تقنية تشكيل الشعاع الرقمي لإنتاج الصورة الجوية الأكثر دقة وحداثة (RAP). كما نعتمد على تقنيات نتريد الغاليوم (GaN) لمعالجة الحرارة التي تنتجها الرادارات بشكل أفضل، ما يعني إمكانية تصميم رادارات أصغر وأنظمة تبريد أبسط. وتعد قابلية التوسع أمراً أساسياً في البيئات التشغيلية سريعة الخطى والتي تتعامل مع التهديدات والاستراتيجيات المضادة الدائمة التطور. ولكونها رادارات محددة بالبرمجيات، أصبح من الأسهل تحديث الحلول وترقيتها لضمان قدرات كشف متقدمة دائمة بخطوة واحدة.
وتظل مكافحة الألغام تخصصاً رئيسياً، لذا تحتاج القوات البحرية إلى تقنيات ذاتية جديرة بالثقة لتحقيق الفعالية، والأهم من ذلك، السلامة في البحار. كما تعمل التقنيات المتقدمة القابلة للتخصيص على تحسين الأداء والإنتاجية والتشغيل تحت الماء. على سبيل المثال، يوفر الحل غير المأهول لمكافحة الألغام البحرية (Pathmaster) مزيجاً منقطع النظير لتجربة المستخدم المحسنة في الوقت الحقيقي باستخدام تبادل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي المعزز والموثوق به، ما يتيح مستوى عالياً من الثقة في إنجاز العمليات وزيادة أمن المصالح الوطنية.
ما هي أبرز مشاريعكم للمرحلة القادمة؟
في المنطقة، وبشكل أكثر تحديداً في دولة الإمارات، نتطلع لتطوير الصناعة بشكل أكبر عبر التعليم والابتكار وتوطين برامجنا. كما أن تطوير مراكز التميز هو جزء رئيسي من استراتيجية «تاليس الإمارات للتكنولوجيا».
هل ترغبون في توجيه أي رسالة إلى مجتمع الدفاع بشكل عام، أو في دولة الإمارات على وجه الخصوص؟
أود القول إننا فخورون جداً بتواجدنا في دولة الإمارات من خلال إنشائنا لشركة «تاليس الإمارات للتكنولوجيا»، والتي تعزز الالتزام الذي قطعته تاليس للقيادة الرشيدة بالدولة. نقدم اليوم خيارات وظيفية للمواطنين تلبي طموحاتهم وتطلعاتهم لتمهيد الطريق لمستقبل مزدهر وإيجابي والإسهام في تحقيق رؤية وتطلعات قيادة الدولة. على مدار العام الماضي، قمنا بتكثيف عملياتنا في الإمارات، ويشمل ذلك افتتاح مركز التميز للرادار الخاص بنا بالشراكة مع «توازن»، والذي نعمل معهم أيضاً على برنامج تعزيز توطين الصناعات الدفاعية والأمنية – المعروف أيضاً باسم برنامج SEEDS، والهادف إلى رفع القدرات الوطنية من خلال منح فرص نيل الخبرات الدولية في الشركات العالمية الرائدة العاملة في صناعات الأمن والدفاع. كما وقعنا مذكرة تفاهم مع Hub71 لدعم تطوير منظومة الابتكار والتعليم في دولة الإمارات. وذلك عبر الجمع بين خبرات العالم الصناعي مع ديناميكية النظام التكنولوجي العالمي في أبوظبي والمعرفة المحلية من جامعاتها، لتطوير تقنيات ومنتجات وأنظمة ثورية جديدة. وكجزء من الاتفاقية، ستعمل «تاليس الإمارات للتكنولوجيا» عن كثب مع الشركات الناشئة فيHub71 وغيرها خلال السنوات القادمة لمناقشة وتحديد فرص التعاون في العديد من الموضوعات المدنية والدفاعية مثل الثورة الصناعية الرابعة والرادارات. وإدراكاً منا بأن رأس المال البشري هو العنصر الأهم في المعادلة، تلتزم «تاليس الإمارات للتكنولوجيا» بالاستثمار فيه من خلال توظيف وتدريب القوى العاملة المحلية ذات المهارات العالية. ونعمل بشكل وثيق مع الهيئات التعليمية والكليات والجامعات لجذب المواهب الوطنية الشابة والاحتفاظ بها. وسيكون لهذا النهج التدريبي أثر إيجابي على مجموعة المواهب المحلية في الدولة، بما يدعم مستقبل اقتصاد دولة الإمارات وسيادتها.
ما هي الخطط المستقبلية لشركتكم؟
تتمثل أهدافنا الرئيسية في دولة الإمارات في تنمية الصناعة من خلال مراكز التميز والعمليات الصناعية. كما نطمح للاستمرار في عقد الشراكات محلياً في مجالات الابتكار، والاستثمار في البحث والتطوير والتحول الرقمي ونقل المعرفة. وأخيراً وليس آخراً، سنواصل تركيزنا على مبادرات التعليم والتدريب والتنوع والشمول، ما سيتيح للمواهب تطوير إبداعاتهم وتنمية خبراتهم.
كيف تقيمون تجربتكم ومشاركتكم مؤخراً في معرض آيدكس 2021، وهل لبت تطلعاتكم؟
كان لنا شرف المشاركة في آيدكس كونه أحد أهم معارض ومؤتمرات الدفاع عالمياً في قطاعات الدفاع البري والبحري والجوي، إنه المكان الأمثل لإنشاء وتعزيز العلاقات مع الإدارات الحكومية والشركات والقوات المسلحة في جميع أنحاء المنطقة. وكانت تجربتنا في آيدكس 2021 مرضية للغاية من حيث التنظيم والاجتماع بالوفود الإماراتية والإقليمية والدولية. وبصفتنا شركة عالمية رائدة في مجال الدفاع والتكنولوجيا العالية، وشريكاً طويل الأمد للقوات المسلحة الإماراتية، نحرص على المشاركة والدعم الدائم للمعرض كما فعلنا لسنوات عديدة. وكونه أحدالأحداث القليلة التي أقيمت في هذا المجال في عام 2021 على مستوى العالم، كان من دواعي سروري الحضور وانتهاز الفرصة الفريدة لعرض استراتيجيتنا للصناعة والتعليم والابتكار في الدولة، وتأكيد دعمنا لدولة الإمارات.
هل ترغب في إرسال أي رسالة عبر مجلة الجندي إلى مجتمع الدفاع في الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي؟
كما ذكرنا أعلاه، يعد الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل موضوعاً حاسماً للدول. لذا تحمي رادارات تاليس المجال الجوي والمواطنين والأصول، وتغطي كامل نطاق المراقبة والدفاع الجوي ضد تهديدات اليوم والغد، من الطائرات المتخفية، والصواريخ الأسرع من الصوت، والصواريخ البالستية في مسرح العمليات، إلى الطائرات غير المأهولة. تتيح حلول تاليس الأمن والسلامة عبر كافة مستويات المجال الجوي سواء العسكرية أو المدنية. وعندما يتعلق الأمر بإدارة المجال الجوي المنخفض، فإننا نتعاون بشكل وثيق مع القوات المسلحة وقيادات الأمن والمؤسسات. ولدينا سجل تسليم حافل بالحلول المثبت فعاليتها لمتطلبات الطائرات دون طيار المعقدة في الاستخدامات العسكرية والمدنية من خلال عقود الشراء والخدمة. إلى جانب تقديم المعرفة والخبرة التقنية لضمان عمليات فعالة وآمنة ومراعية للوائح التنظيمية. ونحظى أيضا بخبرة في إدارة الحركة الجوية غير المأهولة، ما يؤكد مكانتنا الريادية في مجال إدارة الحركة الجوية. وتستند تدابيرنا لمكافحة المركبات الجوية غير المأهولة إلى خبرتنا العسكرية والشراكات مع مجموعة واسعة من الأعمال الصغيرة والمتوسطة حول العالم. ولمعرفتنا بأن هذه التقنيات والتهديدات دائمة التطور وبسرعة، نقوم بالعمل عن كثب مع شركاء أصغر لمشاركة فهمنا بالمنظومة الشاملة وتحديد وإيصال ودعم أنجح الحلول مهما كانت الاحتياجات.
كيف ترى تغير الشركة في غضون عامين؟
كما هو مخطط، سنواصل تنمية قدراتنا المحلية في دولة الإمارات من خلال «تاليس الإمارات للتكنولوجيا» لدعم رؤية الإمارات 2021.
ما هي الإنجازات الثلاثة الأخيرة التي حققتها تاليس في قطاع الدفاع؟
أود أن أخص بالذكر بعضاً من أكبر إنجازاتنا، والتي أتت نتيجة لخبرتنا وتميز حلولنا:
• باعت تاليس أكثر من 1200 رادار دفاع ومراقبة جوية في 26 دولة.
• باعت تاليس أكثر من 450 منظومة أسلحة متكاملة متنقلة حول العالم.
• تعد تاليس إحدى الشركات القليلة القادرة على تقديم قدرات دفاع جوي متكاملة تماماً، من الرادارات ومراكز القيادة والتحكم إلى المستجيبات وأنظمة التحكم في النيران.
• توفر تاليس أكثر من 80 % من مجموعة الإلكترونيات البصرية لمقاتلات رافال.
• باعت تاليس ١١٠ ألآف جهاز رؤية ليلية، و١٦ ألف جهاز تصوير حراري محمول باليد إلى 55 دولة.
ولنا في القطاع المدني أيضاً إنجازات كبيرة:
• اثنتان من كل ثلاث طائرات في العالم تقلع وتهبط باستخدام معدات تاليس.
• تغطي مراكز مراقبة الحركة الجوية المجهزة من تاليس ما يفوق 40 % من المجال الجوي العالمي.
» حوار: جاسم شاهين البلوشي تصوير: محمد حسن الشاعر