نظرًا لأن شركة جنرال أتوميكس الأمريكية المتخصصة في مجال الطيران والدفاع والتكنولوجيا والمُوَرِّد العالمي للأنظمة الجوية غير المأهولة، تحافظ على علاقات جيدة جدًا مع دولة الإمارات العربية المتحدة وتساهم بشكل بارز في تطوير الأنظمة غير المأهولة، التقت مجلة الجندي مع السيد تامر علي، المدير الإقليمي للشركة لتطوير الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وناقشت معه العلاقة مع دولة الإمارات، وأحدث الطائرات التي تنتجها الشركة، وقدراتها، وتقنياتها لتغيير قواعد اللعبة، وبعض القضايا الأخرى ذات الصلة. وإليك عزيزي ما دار في الحوار:
كيف تقيمون علاقتكم مع دولة الإمارات العربية المتحدة؟
حافظنا على علاقة جيدة للغاية مع دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات العشر الماضية. وقد تُوِّجت هذه العلاقة بتسليم دولة الإمارات طائرات S وProject EV بدون طيار. كما أننا نحاول حالياً جلب أحدث الطائرات إلى الدولة.
هل يمكنك أن تعطينا لمحة عامة عن تاريخ شركة «جنرال أتوميكس» (GA) ومنتجاتها وما إذا كنتم تصنعون سلسلة طائرة Predator غير المأهولة فقط، أو لديكم أنواع أخرى أيضًا من الأنظمة الجوية غير المأهولة؟
«جنرال أتوميكس» لها تاريخ طويل جدا. نحن من ابتكرنا الأنظمة الجوية غير المأهولة (UAS) من فئة MALE التي تطير على الارتفاعات المتوسطة وتتحمل الطيران طويل الأمد والمتمثلة بسلسلة طائرات بريديتر الأبرز من نوعها وتطير في جميع أنحاء العالم. ففي أي لحظة، هناك سبعون مهمة طيران تقوم بها سلسلة طائرات بريديتر التي تحلق في جميع أنحاء العالم. لذلك، فهي نظام مستخدم بكثرة. لقد قامت طائرات بريديتر بـِ 6 ملايين ساعة طيران حتى هذا العام وتستمر في النمو من خلال استخدامها بمعدل 600000 ساعة في السنة. لذلك، فهي ليست فقط رائدة في مجال الفضاء، بل هي المعيار العالمي. وتعتبر Sky Guardian, MT 9B بمثابة أحدث نسخة لدينا من تلك الطائرات، ليس فقط الأحدث، ولكنها تستند بصنعها إلى تاريخ تلك الستة ملايين ساعة طيران وتشكِّل نظامًا يتعامل مع تحديات المهمة. فعملاؤنا يعتمدون على النظام عندما يرون أنه يمتلك القدرة على الطيران في أي مكان.
إن أي طائرة عسكرية خاصة غير مأهولة تكون مقيدة بما يسمى بالمجال الجوي المحدود، المجال الجوي الذي يتم إغلاقه أمام حركة مرور الطائرات التجارية، فقط للسماح لهذه الطائرات العسكرية بدون طيار بالتحليق. وطائرة MQ-9B تمتاز بقدرتها على التعامل مع هكذا وضع كونها منصة معتمدة بالكامل ومصادق عليها، حيث يمكنها -كونها معتمدة- أن تطير في فضاء مختلط جنبًا إلى جنب مع حركة جوية تجارية. لهذا فهذه الطائرة بحد ذاتها تمثل واحدة من تقنيات تغيير اللعبة التي تسمح لهذا النظام بالطيران والقيام بمزيد من المهام لمصلحة العملاء المستخدمين لها. علاوة على ذلك، فإن أكبر تقدم تالٍ في هذا النظام الجديد هو أنه يطير بنسبة 100٪ من مهامه بالاتصال مع الأقمار الاصطناعية، لذلك فهو الأول على الإطلاق من بين بقية الأنظمة بدون طيار. ما الذي يعنيه ذلك لمستخدمينا؟ هذا يعني أنه يمكنهم تطيير النظام وإرساله إلى موقع أمامي دون الحاجة إلى إرسال عدد كبير من الأشخاص والمعدات لدعمه. فكل ما يترتب عليهم هو أن يرسلوا الطائرة وفنيًا أو اثنين وجهاز كمبيوتر محمول وقطعًا صغيرة من المعدات. هذا هو تغيير قواعد اللعبة. لذلك، يمكن أن تكون العملية بأكملها مركزية وتحافظ على بقاء موظفي القوات المسلحة في المنزل وتسمح لهم بالتحليق أكثر وتوفر نفقات كبيرة للمشغل من خلال السماح للجميع بالتمركز في مواقعهم. ولهذا قمنا بإزالة الحبل. ففي المركبات الأخرى غير المأهولة، لا يزال هناك اعتماد على وجود ما يسمونه بـ «وصلة» خط الرؤية للتحكم في الطائرة، بينما قمنا نحن بإزالة هذا الحبل «الوصلة» تماماً. لذلك، هذه الآن أكثر الطائرات التي أنتجناها مرونة وقدرة على تنفيذ المهام على الإطلاق. وفي الوقت الذي فعلنا فيه ذلك، فإننا أنتجنا طائرة تطير لأمد طويل وتحمل حمولة أكبر، وهو ما يعتبر، من وجهة نظر هندسية، بمثابة معجزة. لذلك.
هناك استخدامات متعددة لأنظمة الطائرات بدون طيار، ولكن «جنرال أتوميكس» معروفة بإنتاجها للطائرات القتالية بدون طيار (UCAVs)، إلى أين يسير الاتجاه الآن؟ وما هو نوع أنظمة الطائرات بدون طيار التي نحتاجها الآن؟
تسليح الأنظمة غير المأهولة ليس بالأمر الجديد. لقد كانت موجودة منذ بعض الوقت.
لكنكم أنتم من بدأتم بهذا، أليس كذلك؟
في الواقع، حسَّنَت «جنرال أتوميكس» هذه الأنظمة وجعلتها أكثر موثوقية وجعلت منها سلاحاً دقيقاً وأكسبتها المصداقية التي أحرزتها فيما بعد. لكن وصف النظام على أنه مجرد منصة مُسلحة هو وصف غير دقيق. سأشرح المهمة الأساسية للطائرات بدون طيار من خلال تعريف النظام المُسَلَّح. تُعتبر طائرة F-16، أو أي طائرة مقاتلة أخرى، منصة هجومية مقتدرة للغاية. مروحيات أباتشي AH-64 من بوينغ تعتبر أسلحة جديرة بالثناء وتقوم بعمل رائع في عمليات الضرب. يتمثل الاختلاف الرئيسي بين الطائرات المقاتلة والطائرات القتالية أو الطائرات الهجومية والنظام غير المأهول، يتمثل في قدرة النظام غير المأهول على جمع البيانات والمعلومات. الطائرات الهجومية المأهولة محدودة في قدرتها على جمع المعلومات ومساعدة صانعي القرار على اتخاذ قرار مستنير بشأن هدف محتمل. تتجسد الميزة الأساسية لأنظمة الطائرات بدون طيار في قدرتها على الطيران لفترة طويلة باستخدام مستشعرات قوية يمكنها جمع المعلومات التي تُساعد صانعي القرار على اتخاذ قرارات مستنيرة بشكل كامل بشأن القيام بالهجوم أو عدم القيام به. أربعون ساعة من الطيران تسمح بالقيام بـ 24 إلى 27 عملية بطريقة سهلة للغاية باستخدام مستشعرات قوية جداً، كما نقول في وكالة اتصالات الأقمار الصناعية (SATCOM)؛ وتسمح بجمع المعلومات وتحليلها واتخاذ القرارات بدقة تصل إلى 200 ٪.
نحن في «جنرال أتوميكس» ننظر إلى الأمر على أنه «من الأفضل اتخاذ القرارات في ساحة المعركة عندما يكون صناع القرار على اطلاع تام». لا يوجد نظام للقيام بذلك أفضل من أنظمة الطائرات بدون طيار التي تنتجها شركة «جنرال أتوميكس»، سواء كانت MQ-9 Reaper أو نظامنا الحالي MQ-9B Sky Guardian. لقد طورت هذه الأنظمة بشكل أساسي مصطلح الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ISR، لكن عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ISR المتواصلة هي لعبة مختلفة تمامًا. تتعلق عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع ISR المتواصلة بالقدرة على جمع البيانات لبناء القرار على المعلومات المجموعة بشكل كامل. هذا هو الدور الأساسي للطائرة.
حالياً، تلعب الأنظمة غير المأهولة أدوارًا أكثر أهمية في المعارك الجوية. من وجهة نظرك، ما هي نسبة مشاركة هذه الأنظمة في المعارك الجوية المستقبلية؟
سيكون هناك اعتماد أكبر على أنظمة الطائرات بدون طيار في المعارك المستقبلية، لا شك في ذلك، بمجرد أن يعتاد المستخدمون على هذا المستوى من الوعي بالأحوال (القتالية). وقد رأينا هذا مرارًا وتكرارًا. فهذا المستوى من جمع البيانات وتحليلها على الفور يتم توفيره بواسطة أنظمة مثل MQ-9B Sky Guardian ويتم دعمه بذكاء اصطناعي أكبر، إلخ. بمعنى آخر، مجرد أن يعتاد المستخدم أو القوة المقاتلة على هذا المستوى من المعلومات، يصعب عليهم العودة إلى اتخاذ قرارات أقل استنارة في ساحة المعركة. بالطبع هذا الاتكال والتعويل سيؤدي إلى المزيد من الاستخدام، والمزيد من الاستخدام يقود المزيد من التقنيات، ومستويات أعلى من الوعي الظرفي. الحالة المثالية تكون عندما تجعل الإصابات بين المدنيين وهذه الأشياء شيئًا من الماضي، بسبب القرارات المستنيرة للمقاتل.
ولكن ماذا عن المسؤولية الأخلاقية الكامنة وراء استخدام أنظمة تسليح ذاتية التسيير أو مستقلة بالكامل؟
هذه الأنظمة ليست مستقلة بالكامل. هناك دائمًا دور للعنصر البشري في اتخاذ القرار. هكذا تم تصميم هذه الأنظمة وما زلنا نواصل تصميمها على هذا المنوال.
غالباً ما تُستخدم هذه الأنظمة في بيئات خالية من قوة مناوئة. هل لديكم أي خطط لإنتاج نسخ مجهزة بقدرات دفاع ذاتي لتتمكن من العمل في مجال جوي متنازع عليه؟
يمكنني أن أخبرك بشيء واحد وهو أن هذه الأنظمة قد تم تصميمها للعمل في فضاءات غير متنازع عليها.
كما تعلم، هناك اتجاه قوي نحو إنتاج أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار، هل لديكم خطط لتبني هذا الاتجاه في المستقبل، وإلى أي مدى حصنتم أنظمتكم غير المأهولة ضد الأنظمة المضادة؟
نحن في شركة «جنرال أتوميكس» لسنا مطورون للأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار. لقد ذكرت لك سابقًا أن أنظمتنا قامت بأكثر من ستة ملايين ساعة طيران. نحن، سواء في القوات الجوية الأمريكية أو في القوات الجوية عبر العالم، نحن على الدوام الأفضل أداءً من حيث الجاهزية. جاهزون للمهام، وطائراتنا جاهزة وتتمتع بالموثوقية والقدرة على القيام بالمهام وهذا له علاقة كبيرة بالطريقة التي تم بها تصميم النظام وعوامل سلامته وقدرته على الطيران دون تأثير كبير جدًا من الأنظمة المضادة. لذلك، تم تصميم النظام لإكمال المهمة بنجاح على الرغم من تلك المشكلات التي قد تسببها أنظمة أدنى مستوىً.
كما تعلم، تهتم دولة الإمارات ببناء قاعدة للصناعات الدفاعية من خلال إقامة مشاريع مشتركة مع شركات مشهورة، مثل شركتكم، تمتلك تكنولوجيا متقدمة. إلى أي مدى أنتم مستعدون للمساهمة في دعم القدرات الصناعية لشركات الدفاع الإماراتية؟
نحن نجري مناقشات مستمرة مع أصدقائنا في «توازن» ومع الحكومة الإماراتية بشأن الفرص المحتملة لتطوير تقنياتهم ليس فقط في الفضاء والطيران ولكن في مجالات أخرى أيضًا. «جنرال أتوميكس» شركة متنوعة للغاية. لدينا الكثير من الابتكارات والحلول عالية التقنية في البيئات التجارية والطاقة وهي مهمة للنجاح الاقتصادي ومستقبل الإمارات، مثل تكنولوجيا الدفاع. لذا، فإن الفرص المتاحة لدولة الإمارات العربية المتحدة و«جنرال أتوميكس» للعمل معًا تتجاوز مجال الطيران والدفاع بكثير.
ما رأيك بصناعة المعارض عموماً وبالمعارض المتخصصة -كمعرض يومكس- على وجه الخصوص في دولة الإمارات، وكيف تساهم هذه المعارض في تطوير أعمال الدفاع والفضاء؟
لقد كنا جزءًا من يومكس وبعض المعارض الأخرى منذ البداية. وإذا ما نظرنا إلى الطريقة التي نما فيها يومكس UMEX والأهمية التي أحرزها، فإننا لا نستطيع عندما نتحدث عن الإمارات العربية المتحدة إلا أن نقول إنها دولة مبتكرة. يعد تجميع المعارض التجارية المخصصة للأنظمة غير المأهولة خطوة جريئة للغاية، وكان فصلها عن IDEX خطوة ذكية للغاية لأنها تتطلب التركيز. إن يومكس ينمو بمعدل مختلف عن بقية العالم الدفاعي. كالعادة، عندما تفعل الإمارات العربية المتحدة شيئًا فإنها تتبوأ مركز الصدارة وتفعله بنجاح. لقد رأينا يومكس ينمو. وقررنا أنه يجب أن نكون جزءًا منه ونأمل أن نراه، ينمو ويزدهر.
نقطة أخرى أود إثارتها. الاختلاف الوحيد الذي رأيته في معرض يومكس وآيدكس ومعرض دبي للطيران هو مستوى مشاركة القيادة الإماراتية في هذه المعارض. لقد كنا محظوظين للغاية لقضاء بعض الوقت مع سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية في دورة 2018. لقد كان كريماً جداً ليس فقط مع «جنرال أتوميكس»، ولكن أيضًا مع العديد من العارضين الآخرين الذين كانوا في المعرض. وهذا شرف كبير لنا لا يقدر بثمن. أن ترى قيادة الدولة منخرطة للغاية في هذا، يعني أنهم مهتمون للغاية بمشاهدة الطيران غير المأهول والتكنولوجيات تنمو في الدولة وهذا يُحفِّز شركات مثل «جنرال أتوميكس» بشكل أكبر لمساعدة الإمارات على تحقيق مستقبلها.
كيف تقيِّمون التعاون بين شركتكم ودولة الإمارات العربية المتحدة؟
علاقتنا مع الإمارات ممتازة. نحن محظوظون لأن علاقتنا مع الإمارات العربية المتحدة لا تقوم على البيع والشراء. إنها شراكة حقيقية حيث ننظر إلى ما هو أبعد من المنتج نفسه. نفكر معاً في التحديات ونتوصل إلى حلول جيدة، وأعتقد أن الإمارات تقدر لنا هذا، ونحن نقدرهم فهم سمحوا لنا ببذل قصارى جهدنا لإيجاد أفضل طريقة لمساعدتهم. وأمام التحديات التي تواجهنا، لدينا نظرة مستقبلية طويلة الأجل لمساهمتنا ووجودنا هنا في الإمارات، ويشمل ذلك إنشاء فرع لنا هنا في الإمارات والعمل عن كثب والمساعدة في تطوير التكنولوجيا والابتكار اللذان أُطلِقا في الإمارات.
وجاءت جهودنا هنا في الإمارات العربية المتحدة كنتيجة لتاريخ طويل من العمل الناجح والتقدير المتبادل، لكننا نود أن نقول إنها مجرد البداية. نحن نرى، ونأمل أن يكون هناك مستقبل طويل جدًا ليس لمساعي شركة «جنرال أتوميكس» فقط في الحصول على هذه التقنيات في الفضاء، وإنما للإمارات العربية المتحدة أيضاً. الإماراتيون مبتكرون في المنطقة وبلدهم الإمارات واحد من أكثر البلدان تطلعاً للمستقبل بشكل عام، وهذا ينسحب على قواتهم المسلحة أيضًا، وهذا امتياز وشرف لشركة «جنرال أتوميكس» أن تعمل مع دولة تفكر بهذه الطريقة. ●
أجرى اللقاء: محمد فهد الحلبية تصوير: محمد حسن الشاعر