«الجوجيتسو منحني عائلةً حقيقية وقفت بجانبي في أصعب الأوقات»، بهذه الكلمات تصف نور الهرمودي، نجمة نادي الوحدة في فئة الحزام الأزرق، علاقتها برياضة الجوجيتسو والأثر الذي تركته الرياضة في نفسها، وبالنسبة للبطلة الإماراتية فإن الأثر الإيجابي الذي لعبته الرياضة في تشكيل شخصيتها لم يقتصر على منحها الثقة بالنفس كونها أصبحت قادرة على الدفاع عن نفسها في مختلف الظروف، بل يمتد ليمنحها الراحة النفسية أينما ذهبت حول العالم، لأن عائلة الجوجيتسو لا تعرف الحدود بين الدول ولا تعترف بأي اختلافات ثقافية أو حضارية، فالكل يتحدث بلغة الجوجيتسو والكل يقف بجانب زملاء اللعبة، ليكونوا السند والعون له.
وبالنسبة للهرمودي، فإن الدور الإيجابي للعبة يمتد خارج الخطوط التي ترسم بساط المنافسة ليلامس جميع تفاصيل الحياة، فالجوجيتسو هي نمط حياة ومنهجية تفكير بالدرجة الأولى، فهي ترسخ في نفوس لاعبيها الانضباط وقيم الاحترام وتكريس الوقت والجهد لتحقيق النجاح، الأمر الذي يوافق الهرمودي عليه زميلها عمر الفضلي، لاعب المنتخب الوطني، والذي يرى أن الجوجيتسو قد أسهمت في تحسين بنيته البدنية وبناء شخصيته من حيث تعليمه الكثير من المهارات والقيم كالالتزام والصبر وهي المعايير التي يرى الفضلي بأنها تضمن تميّز اللاعب في جميع مناحي الحياة.
وفي الوقت الذي يبحث فيه الجميع عن مختلف الأنشطة التي يمكن ممارستها في المنزل خلال أوقات التباعد الاجتماعي الحالية، يؤكد نجما الجوجيتسو أن الرياضة رسّخت في نفسهما معاني الصبر والتحمّل والقدرة على التأقلم مع مختلف الظروف، ما يفسر قدرة لاعبي الجوجيتسو على التأقلم مع بقائهم في المنزل بسهولة، مدعومين بالمبادرات التي أطلقها اتحاد الإمارات للجوجيتسو والأندية الإماراتية، والتي تقدّم الجلسات التدريبية عبر الإنترنت بشكلٍ يساعد اللاعبين في الحفاظ على لياقتهم وقدرتهم على التميّز بعد انتهاء التحدي الذي يواجهه العالم.
استثمار القيادة الرشيدة في الرياضة مفتاح شغف اللاعبين
وبالنسبة للهرمودي، فإن انتشار رياضة الجوجيتسو في الإمارات ليس بالأمر المستغرب، بل هو نتيجة طبيعية للاستثمار الكبير الذي كرسته القيادة الرشيدة لدعم اللعبة، سواء من خلال طرحها ضمن المناهج الدراسية في مرحلة مبكرةٍ من مسيرة الطلاب الأكاديمية، بشكلٍ يغرس الشغف بالرياضة في نفوس اللاعبين منذ سنٍ صغيرة. وبالنسبة للفضلي، فإن انتشار رياضة الجوجيتسو في مختلف المجتمعات التي دخلتها يؤكد قدرة هذه الرياضة على حجز مكانةٍ مميزة في قلوب من يمارسها منذ لحظة دخوله بساط المنافسة للمرة الأولى، حيث يتساوى الجميع على البساط بعيداً عن أي تصنيفات أو فروقات، فالكل يتحد في حب اللعبة وتعلم المزيد من فنونها وأساليبها التي تتطور باستمرار.
الإمارات عاصمة للعبة
وفي إطار تعليقه على دور المنافسات العالمية في بناء شخصية اللاعبين ودورها في صقل المهارات الفردية، يرى الفضلي أن الوقوف على بساط هذه المنافسات يمنح اللاعب في كل مرة خبرة جديدة إذ يتيح له اختبار مستوى تطوّره والتحسّن الذي حققه منذ المشاركة السابقة، إلى جانب التعرّف إلى الفنيات الجديدة التي يقدمها اللاعبون الآخرون، وسبل توظيف هذه الفنيات الجديدة في أسلوب لعبهم. وعلى المستوى الشخصي، يرى الفضلي أن السفر للمشاركة في المنافسات العالمية، أو استقبال اللاعبين على أرض الدولة يوسّع آفاق اللاعب الثقافية من حيث تمكينه من التعرّف إلى ثقافاتٍ جديدة وبناء معارف أوسع، لتكون الجوجيتسو بذلك مدرسةً في الحياة.
وإذ تتفق الهرمودي مع الفضلي بأن المنافسات العالمية تسهم في صقل مهارات اللاعبين، ترى البطلة حاملة الحزام الأزرق بأن قرار اتحاد الإمارات للجوجيتسو في التوجه نحو تنظيم البطولات العالمية بدل الاقتصار على البطولات المحلية افتتح صفحةً جديدةً في تاريخ اللعبة، خاصةً مع تنظيم جولات بطولة أبوظبي جراند سلام، والتي ساهمت بالارتقاء باسم الإمارات والعاصمة أبوظبي نحو العالمية ورسّخت مكانة اتحاد الإمارات للجوجيتسو كجهةٍ رائدة في دعم الرياضة على المستوى الدولي. وتؤكد الهرمودي أن الاتحاد كان سبّاقاً في تنظيم مثل هذه البطولات، ليرسخ بذلك مد أواصر العلاقات الرياضية والشعبية بين مختلف البلدان التي تستضيف هذه البطولات، وتعزيز روح التسامح التي لطالما كانت إحدى القيم المحورية لرياضة الجوجيتسو.
خطوة على طريق المجد
وبالنظر مستقبلاً، فإن النجاح في نظر نور الهرمودي سيكون بتحقيق رؤيتها في المساهمة باستقطاب أعدادٍ أكبر من اللاعبات الإماراتيات لخوض غمار اللعبة ودخول بساطها، إذ إنها تؤمن بأن الدعم المتواصل الذي تجده رياضة الجوجيتسو على جميع المستويات في الإمارات، وإقبال اللاعبات الجدد على اللعبة سيسهم في تشجيع المزيد من اللاعبات على تبني اللعبة، واستكشاف مهاراتهن في هذه الرياضة التي لم تكن يوماً حكراً على الرجال، بل تمكّنت السيدات في مختلف أنحاء العالم، وخاصةً في الإمارات من تكريس النجاحات المتواصلة وحصد الميداليات في مختلف المنافسات. أما الفضلي، فيجد بأن النجاح في رياضة الجوجيتسو هدف لا يعرف النهاية، لأن اللاعب في كل مرةٍ يدرك فيها هدفاً جديداً يكتشف بأنه لا يزال تلميذاً وبأن أمامه الكثير ليتعلمه والكثير من المهارات التي يتوجب عليه تعلمها. وإذ يعد الفوز بذهبية الحزام الأسود في البطولات العالمية هدفاً واضحاً بالنسبة لنجم المنتخب الإماراتي، فإن الحزام الأسود بحد ذاته هو منصة انطلاق نحو آفاقٍ أوسع وتعلم فنيات جديدة ونقل هذه المعارف والخبرات للأجيال الجديدة.
الجوجيتسو عائلة محبة لأسرار الحياة
من جانبها، تلخص الهرمودي فلسفتها في رياضة الجوجيتسو بالقول إن رياضة الجوجيتسو أكبر من جميع الميداليات، وأهم من جميع الألقاب، لأنها تمنح لاعبها عائلةً حقيقية يشد أفرداها من عزم بعضهم بعضاً، الأمر الذي يعزز طموحها بافتتاح أكاديمية تأمل أن تمنح أعضاءها فرصةً جديدة في الحياة، سواءً من الأيتام أو خريجي المؤسسات العقابية والاصلاحية وغيرهم من الفئات التي تواجه في بعض الأحيان صعوباتٍ في الانخراط في الحياة، وهو الدور الاجتماعي الذي ترى الهرمودي أنه بوسع رياضة الجوجيتسو لعبه. من ناحيته يلخص الفضلي فلسفته في رياضة الجوجيتسو بالقول إنها نمط حياة، داخل البساط وخارجه، ومنهج يرسخ الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة في نفوس اللاعبين.