A soldier with virtual reality glasses is holding a pistol in his hands. The concept of a virtual hologram. Simulation Games.

مركز الابتكارات.. شراكة وزارات الدفاع والشركات الناشئة للحفاظ على الريادة التكنولوجية

العلاقة‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والعسكري‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وثيقة،‭ ‬وقد‭ ‬تأسست‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬وشركات‭ ‬الدفاع‭ ‬الخاصة،‭ ‬مثل‭ ‬شركات‭ ‬لوكهيد‭ ‬مارتن‭ ‬وبوينج‭ ‬وجنرال‭ ‬ديناميكس‭ ‬وريثيون،‭ ‬والتي‭ ‬توفر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬والأنظمة‭ ‬المتقدمة‭ ‬تقنياً‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬أفراد‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭.‬غير‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأخرى،‭ ‬بعضها‭ ‬كبير‭ ‬وبعضها‭ ‬صغير‭ ‬جداً،‭ ‬والتي‭ ‬لديها‭ ‬أفكار‭ ‬وقدرات‭ ‬كبيرة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬تقنيات‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬تشهده‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬روسيا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وغيرهما‭. ‬

باتت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬ابتكارات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬خاصة‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬منتجات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬أكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬المعركة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيله‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

اعتماد‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬لتطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭: ‬

استخدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التي‭ ‬أنتجتها‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬برايمر‮»‬‭ (‬Primer‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬أمريكية‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لمحللي‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬إذ‭ ‬تمكنت‭ ‬الشركة‭ ‬من‭ ‬تسجيل‭ ‬المحادثات‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬عبر‭ ‬اتصالات‭ ‬غير‭ ‬مشفرة،‭ ‬وكتابتها‭ ‬وترجمتها‭ ‬وتحليلها‭ ‬تلقائياً‭.‬

وتقدم‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بتسويق‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬العسكري‭ ‬ادعاءات‭ ‬جريئة‭ ‬حول‭ ‬قدرات‭ ‬منتجاتها،‭ ‬إذ‭ ‬يزعمون‭ ‬أنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬بيانات‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬وتحديد‭ ‬الأنماط‭ ‬في‭ ‬البيانات‭ ‬لتمكين‭ ‬الجنود‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬بسرعة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬المعارك،‭ ‬كما‭ ‬يمكنها‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الصور،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬القدرات‭. ‬ولذلك‭ ‬أعلن‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬ابتكار‭ ‬بقيمة‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬2022،‭ ‬والمخصص‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬والخاصة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬‮«‬ذات‭ ‬الأولوية‮»‬‭ ‬للحلف‭ ‬مثل‭ ‬الأتمتة‭ ‬ومعالجة‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬وسعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الناشئة‭ ‬لاستغلال‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لتسويق‭ ‬منتجاتها‭ ‬المبتكرة‭ ‬ذات‭ ‬التطبيقات‭ ‬العسكرية‭. ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬قيام‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬كابيلا‭ ‬سبيس‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬ناشئة‭ ‬مقرها‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو،‭ ‬ببناء‭ ‬أسطول‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الصغيرة‭ ‬غير‭ ‬المكلفة‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬تتبع‭ ‬قوات‭ ‬العدو‭ ‬أثناء‭ ‬تحركها‭ ‬ليلاً،‭ ‬أو‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬السحب،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التقليدية‭ ‬رؤيته‭. ‬وتريد‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬فورتيم‭ ‬تكنولوجيز‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬طيران‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬يوتا،‭ ‬تزويد‭ ‬البنتاجون‭ ‬بنوع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬تعطيل‭ ‬طائرات‭ ‬العدو‭ ‬المسيرة‭.‬

الشركات‭ ‬الروسية‭ ‬الناشئة‭ ‬تطور‭ ‬مُسَيَّرات‭ ‬أرخص‭:‬

كان‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬لم‭ ‬تستثمر‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬طائرات‭ ‬مسيَّرة،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬2023،‭ ‬تمكنت‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬جزئياً،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬‮«‬لانتسيت‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬قامت‭ ‬بتطويرها‭ ‬مجموعة‭ ‬كلاشينكوف،‭ ‬وهي‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬الحكومية‭. ‬وتمكنت‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيَّرة‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المدرعات‭ ‬الغربية،‭ ‬بما‭ ‬ذلك‭ ‬المدرعة‭ ‬برادلي،‭ ‬والدبابة‭ ‬الألمانية‭ ‬ليوبارد‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النجاح،‭ ‬يشير‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكلفة‭ ‬إنتاج‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬لانتسيت‭ ‬مرتفعاً،‭ ‬ولذلك‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬طائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬بريفيت‭ ‬–‭ ‬82‮»‬‭ (‬Privet-82‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات،‭ ‬وتحديداً‭ ‬شركة‭ ‬أوكو‭ (‬Oko‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬يقع‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سانت‭ ‬بطرسبرج‭ ‬الروسية،‭ ‬والتي‭ ‬تتخصص‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المركبات‭ ‬الجوية‭ ‬العسكرية‭ ‬المسيرة‭ ‬منخفضة‭ ‬التكلفة‭. ‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بريفيت‭ ‬–‭ ‬82‮»‬‭ ‬هي‭ ‬المنافس‭ ‬المباشر‭ ‬للطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬‮«‬لانتسيت‭ ‬3‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬تعمل‭ ‬كذلك‭ ‬بمحرك‭ ‬كهربائي،‭ ‬ومع‭ ‬مدى‭ ‬طيران‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬عشرين‭ ‬ميلاً،‭ ‬وتستطيع‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬رأساً‭ ‬حربياً‭ ‬يبلغ‭ ‬وزنه‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬رطلاً‭. ‬وتستطيع‭ ‬التحليق‭ ‬بسرعة‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬55‭ ‬ميلاً‭ ‬و100‭ ‬ميل‭ ‬في‭ ‬الساعة‭. ‬وتتمتع‭ ‬المسيرة‭ ‬الجديدة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ ‬لانتسيت،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬التشويش،‭ ‬وتستخدم‭ ‬مزيجاً‭ ‬من‭ ‬الملاحة‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬والتوجيه‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طيار‭ ‬يتواجد‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬تحكم‭. ‬وفي‭ ‬المرحلة‭ ‬النهائية‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬تستخدم‭ ‬‮«‬بريفيت‭ ‬–‭ ‬82‮»‬‭ ‬رؤية‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬لتحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬تلقائياً‭. ‬وتستطيع‭ ‬الشركة‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مائة‭ ‬طائرة‭ ‬مسيَّرة‭ ‬شهرياً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬عدد‭ ‬الطائرات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬طائرات‭ ‬لانسيت‭ ‬المسيرة‭. ‬

وأشار‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬الدفاعيين‭ ‬الغربيين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬حربها‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إذ‭ ‬تتعلم‭ ‬من‭ ‬أخطائها‭ ‬بسرعة‭ ‬عالية،‭ ‬وتقوم‭ ‬بإدخال‭ ‬تكنولوجيات‭ ‬جديدة‭ ‬بسرعة‭ ‬شديدة‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬سوف‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬التكنولوجيات،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬أسلحة‭ ‬جديدة‭ ‬للجيش‭ ‬الروسي‭ ‬تثبت‭ ‬كفاءتها‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭. ‬

مأسسة‭ ‬إسرائيل‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭:‬‭ ‬

يسعى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬التي‭ ‬تطورها‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة،‭ ‬والتي‭ ‬تسعى‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬تطبيقات‭ ‬عسكرية‭ ‬لها‭. ‬فقد‭ ‬أنشأ‭ ‬قسم‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬برنامجاً‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬إينوفينس‮»‬‭ ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬مركزاً‭ ‬للابتكار‭ ‬يساعد‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬الشريكة‭ ‬في‭ ‬التمويل،‭ ‬إذ‭ ‬يقوم‭ ‬البرنامج‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الشركات،‭ ‬ويقوم‭ ‬بإمدادها‭ ‬بتمويل‭ ‬قدره‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬وحوالي‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر،‭ ‬وذلك‭ ‬لتقديم‭ ‬نموذج‭ ‬تكنولوجي‭ ‬مبتكر‭ ‬قابل‭ ‬للتطبيق،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تمكنت‭ ‬الشركة‭ ‬الناشئة‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬فإنها‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية،‭ ‬والتي‭ ‬تؤهلها‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬شراء‭ ‬لمنتجها،‭ ‬أو‭ ‬تمويل‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬مشروعها،‭ ‬أو‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الشركات‭ ‬الثلاث‭ ‬الكبرى،‭ ‬إلبيت،‭ ‬ورفائيل،‭ ‬وشركة‭ ‬صناعات‭ ‬الفضاء‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬آي‭ ‬إيه‭ ‬آي‮»‬‭. ‬

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬اختارت‭ ‬شركة‭ ‬صناعة‭ ‬الفضاء‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خمس‭ ‬شركات‭ ‬ناشئة‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬مهندسيها‭ ‬وخبرائها‭ ‬لإنشاء‭ ‬منتجات‭ ‬لصالح‭ ‬الشركة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬وأنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وغيرها‭.‬

عوامل‭ ‬دافعة

لعبت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬الحكومات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬للاعتماد‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الناشئة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيله‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

تغير‭ ‬بيئة‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭:‬‭ ‬باتت‭ ‬بيئة‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الابتكارات‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬تطويرها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المعامل‭ ‬الجامعية،‭ ‬وقطاع‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬والأبحاث‭ ‬العسكرية،‭ ‬إذ‭ ‬تقدِّم‭ ‬هذه‭ ‬الكيانات‭ ‬أفكاراً‭ ‬مبتكرة‭ ‬وأسلحة‭ ‬منخفضة‭ ‬التكلفة‭ ‬وتكنولوجيات‭ ‬مزدوجة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬والتي‭ ‬تترك‭ ‬تأثيرات‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬المبتكرة‭ ‬ومزدوجة‭ ‬الاستخدام‭ ‬يتم‭ ‬توظيفها‭ ‬لأغراض‭ ‬تقوض‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلام،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬المعادية،‭ ‬والميليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬توظيف‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬لتهديد‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭. ‬وأمام‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬باتت‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬أفكار‭ ‬سريعة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الجديدة‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬فيه‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭. ‬

تحول‭ ‬موطن‭ ‬الابتكارات‭: ‬كانت‭ ‬الجيوش‭ ‬الوطنية‭ ‬هي‭ ‬القائد‭ ‬للابتكارات‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬بلا‭ ‬منازع،‭ ‬خلال‭ ‬معظم‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬وكانت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المطورة‭ ‬في‭ ‬مختبرات‭ ‬الدفاع‭ ‬تتدفق‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬القطاعات‭ ‬المدنية‭. ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬مثل‭ ‬الإنترنت،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬تطويره‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1969‭ ‬بواسطة‭ ‬علماء‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬ربط‭ ‬الجامعات‭ ‬والوكالات‭ ‬الحكومية‭ ‬والمتعاقدين‭ ‬الدفاعيين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشبكة‭ ‬اتصال‭ ‬لامركزية،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬إنشاء‭ ‬مركز‭ ‬اتصال‭ ‬مركزي‭ ‬كان‭ ‬سيصبح‭ ‬هدفاً‭ ‬رئيسياً‭ ‬للتجسس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخصوم،‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬الإنترنت‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬الاستخدامات‭ ‬المدنية‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬مطلع‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬ويأتي‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الابتكارات‭ ‬كذلك‭ ‬أنظمة‭ ‬الملاحة‭ ‬العالمية‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬والتي‭ ‬تساعد‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬التنقل‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬باستخدام‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬السبعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭. ‬وأتيح‭ ‬للاستخدامات‭ ‬المدنية‭ ‬بشكل‭ ‬محدود‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1983،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬توسيع‭ ‬الاستخدامات‭ ‬المدنية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬1993‭. ‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬تسعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وبسبب‭ ‬الانخفاض‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ميزانيات‭ ‬الدفاع،‭ ‬أصبحت‭ ‬الميزانية‭ ‬المخصصة‭ ‬للبحث‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المدنية‭ ‬تفوق‭ ‬بأربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬نظيرتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أصبحت‭ ‬الشركات‭ ‬المدنية‭ ‬هي‭ ‬المحرك‭ ‬الرئيسي‭ ‬للابتكارات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تبنى‭ ‬قطاع‭ ‬الدفاع‭ ‬نهجاً‭ ‬مرناً‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬طورها‭ ‬القطاع‭ ‬المدني‭. ‬كما‭ ‬شرعت‭ ‬الشركات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع،‭ ‬مثل‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إنتل‮»‬،‭ ‬و«جوجل‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬بلانيت‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬أي‭ ‬3‮»‬‭. ‬فقد‭ ‬استحوذت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إنتل‮»‬‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أسيندنج‭ ‬تكنولوجيز‮»‬‭ (‬Ascending Technologies‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تطور‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬للطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬موفيديس‮»‬‭ (‬Movidius‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬تطور‭ ‬الرقائق‭ ‬للطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬وشركة‭ ‬‮«‬مافينشي‭ ‬جي‭ ‬إم‭ ‬بي‭ ‬إتش‮»‬‭ (‬MAVinci GmBH‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬تطور‭ ‬برنامج‭ ‬تخطيط‭ ‬مسار‭ ‬الرحلة‭ ‬لهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭. ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬تنامي‭ ‬العلاقات‭ ‬التعاونية‭ ‬بين‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهذه‭ ‬الشركات‭ ‬أمراً‭ ‬طبيعياً،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تمكنت‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬منتجات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬ناجحة‭ ‬ذات‭ ‬استخدامات‭ ‬دفاعية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسوقها‭ ‬للجيش‭ ‬الأمريكي‭. ‬

ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬سعي‭ ‬وزارات‭ ‬الدفاع‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لتطوير‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬منطقي‭ ‬تماماً،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الأخيرة‭ ‬تعد‭ ‬إحدى‭ ‬القوى‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تطور‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الإرباكية‭. ‬ويقصد‭ ‬بها‭ ‬تلك‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الناشئة،‭ ‬التي‭ ‬تغير‭ ‬المفاهيم‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العسكرية‭ ‬وتدفع‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬طريقة‭ ‬التفكير،‭ ‬وكذلك‭ ‬آليات‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مسعى‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬ميزة‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬أمام‭ ‬الخصوم‭. ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬وزارات‭ ‬الدفاع‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الإرباكية‭ ‬التي‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬الخصوم،‭ ‬وامتلاك‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬الانتقاص‭ ‬من‭ ‬فائدة‭ ‬الأسلحة‭ ‬القديمة،‭ ‬وفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬امتلاك‭ ‬أسلحة‭ ‬جديدة‭. ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة،‭ ‬والتي‭ ‬تتوسع‭ ‬أغلب‭ ‬جيوش‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أجيال‭ ‬متقدمة‭ ‬ومتنوعة‭ ‬منها‭. ‬

عودة‭ ‬صراعات‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭:‬‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬تجدد‭ ‬الصراعات‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وتحديداً‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وبكين‭ ‬حول‭ ‬تايوان،‭ ‬قد‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الإنفاق‭ ‬العسكري‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الابتكارات‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الجيوش‭ ‬وقت‭ ‬القتال،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬حلول‭ ‬تكنولوجية‭ ‬مبتكرة‭ ‬للتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الجيوش‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭. ‬

ولعل‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬موافقة‭ ‬أصحاب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬صفقة‭ ‬دفاعية‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الخمسة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬بقيمة‭ ‬تقارب‭ ‬17‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬حجم‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬جمعها‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بأكمله‭. ‬وارتفعت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الناشئة‭ ‬من‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬16‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بقليل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬33‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2022‭. ‬ونظراً‭ ‬لتوقع‭ ‬ارتفاع‭ ‬الميزانية‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬886‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬كبرى‭ ‬الشركات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬توجيه‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬استثماراتها‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الناشئة،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬شركتا‭ ‬أندريسن‭ ‬هورويتز‭ ‬وسيكويا‭ ‬كابيتال‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬منتجات‭ ‬دفاعية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنظمة‭ ‬الأسلحة‭ ‬‮«‬الحركية‮»‬‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭.‬

التكنولوجيا‭ ‬مزدوجة‭ ‬الاستخدام‭:‬‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬باتت‭ ‬مزدوجة‭ ‬الاستخدام،‭ ‬وتؤكد‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬بجلاء،‭ ‬فقد‭ ‬قدمت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سبيس‭ ‬إكس‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬خدمات‭ ‬الاتصالات‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬للجيش‭ ‬الأوكراني،‭ ‬والتي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬التشويش‭ ‬الروسي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬هوك‭ ‬آي‭ ‬360‮»‬‭ ‬أمدت‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬بخدمات‭ ‬التصوير‭ ‬الراداري‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬لكشف‭ ‬حركة‭ ‬القوافل‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭.‬

التحديات‭ ‬القائمة‭ ‬

يلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬لوزارات‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أنها‭ ‬لاتزال‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬هائلة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيلها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬

تحدي‭ ‬‮«‬وادي‭ ‬الموت‮»‬‭:‬‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬في‭ ‬الاستخدامات‭ ‬العسكرية‭ ‬معنيين‭ ‬أساسيين،‭ ‬وهما‭ ‬نفاد‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬الشركة‭ ‬وهي‭ ‬تطور‭ ‬نموذجاً‭ ‬أولياً،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬إخفاقها‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬لشراء‭ ‬منتجها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬إفلاس‭ ‬الشركة،‭ ‬وخروجها‭ ‬من‭ ‬السوق،‭ ‬وينطبق‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬محدودة‭ ‬الموارد‭. ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬المصطلح‭ ‬إلى‭ ‬معنى‭ ‬ثانٍ،‭ ‬وهو‭ ‬إخفاق‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬الأولية‭ ‬إلى‭ ‬منتجات‭ ‬نهائية‭ ‬بسبب‭ ‬بيروقراطية‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إذ‭ ‬تحتاج‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬لكي‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬النماذج‭ ‬الأولية،‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬وملاءمتها‭ ‬للاستخدامات‭ ‬القتالية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬قد‭ ‬يكبد‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬ويدفعها‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬في‭ ‬النهاية‭. ‬

انتقاد‭ ‬خصخصة‭ ‬الدفاع‭:‬‭ ‬تصاعدت‭ ‬الانتقادات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الدوائر‭ ‬الداخلية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬الخصخصة‭ ‬المفرطة‭ ‬لشركات‭ ‬الأسلحة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬إنتاج‭ ‬بعض‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مثل‭ ‬الذخيرة‭ ‬وغيرها،‭ ‬واللازمة‭ ‬لدعم‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬ضد‭ ‬نظيره‭ ‬الروسي‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬الأربعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬تمتلك‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬90‭ % ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬للطائرات‭ ‬والسفن‭ ‬والمدافع‭ ‬والذخيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي،‭ ‬والذي‭ ‬يسهم‭ ‬فيه‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬88‭ % ‬من‭ ‬عقود‭ ‬المشتريات‭ ‬الجديدة‭ ‬للبنتاجون‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬كما‭ ‬يستثمر‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الخاص‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الدفاع‭.‬

ووفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬الرأي،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬القوة‭ ‬العاملة‭ ‬اللازمة‭ ‬لإنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬كافية‭ ‬لدعم‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وقفت‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بعدد‭ ‬صواريخ‭ ‬‮«‬جافلين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬طلبتها،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استنفدت‭ ‬الأخيرة‭ ‬مخزونات‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكفي‭ ‬لمدة‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬استهلكت‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إمداداً‭ ‬لمدة‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬صواريخ‭ ‬‮«‬ستينجر‮»‬‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عشرة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭. ‬

وعندما‭ ‬انفجر‭ ‬أحد‭ ‬المصانع‭ ‬القليلة‭ ‬المملوكة‭ ‬للمقاولين‭ ‬العسكريين‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬والتي‭ ‬تنتج‭ ‬البارود‭ ‬الأسود‭ ‬لقذائف‭ ‬المدفعية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬المصنع‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬لأنها‭ ‬لن‭ ‬تستطع‭ ‬تحقيق‭ ‬ربح‭ ‬كافٍ‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬الانقطاعات‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الصناعة‭ ‬تتوقع‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬المبيعات‭ ‬وهوامش‭ ‬الربح‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬المقبل،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬عمليات‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬الإنتاج،‭ ‬واضطراب‭ ‬الإمداد،‭ ‬وتجاوزات‭ ‬تكاليف‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفعلية‭ ‬التقديرات‭ ‬الأولية‭ ‬سوف‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الأسلحة‭ ‬المطلوبة‭. ‬ووفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬الرأي،‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج‭ ‬العسكري،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية،‭ ‬وذلك‭ ‬لإنتاج‭ ‬نوعيات‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬غير‭ ‬مربحة،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬استعادة‭ ‬مخزونات‭ ‬بعض‭ ‬الأنواع‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬عند‭ ‬مستوياتها‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والتي‭ ‬استنفدت‭ ‬بسبب‭ ‬إمداد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بها‭. ‬وقد‭ ‬تتجه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤثر‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الناشئة،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الإنفاق‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬توجيهه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬إلى‭ ‬الإنتاج‭ ‬العسكري‭ ‬الحكومي،‭ ‬أو‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الخاصة‭.‬

الخاتمة‭ ‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يلاحظ‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬مبتكرة‭ ‬تكون‭ ‬قابلة‭ ‬للتطبيق‭ ‬بنجاح‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الجيوش‭ ‬المختلفة،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬ستظل‭ ‬جزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬الدفاعي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تقنيات‭ ‬متقدمة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬إرباكية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ميزة‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬الخصوم‭.‬

‮»‬‭ ‬الدكتور‭ ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب‭  ‭‬باحث‭ ‬عسكري‭ ‬واستراتيجي‭

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض