أعلنت شركة «مايكروسوفت» مطلع سبتمبر الماضي تطوير أداة جديدة لكشف وتحديد تقنية الزيف العميق وهي استعمال صور معالجة حاسوبياً لجعلها تبدو مشابهة لشخص آخر. وتثير تقنية الزيف العميق مخاوف كثيرة بسب قدرتها على إنشاء مقاطع فيديو مزيفة شديدة الواقعية لشخصيات عامة، لتقول أموراً غير حقيقية لأغراض سياسية أو غيرها. وغالباً ما تسعى حملات التزييف العميق، التي يتم تنفيذها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تشويه سمعة الشخصيات البارزة، أو إقناع الجمهور بمعلومات معينة، أو استقطاب النقاشات أثناء الانتخابات أو الأزمات الكبرى. ووفقاً «لمايكروسوفت»، كان هناك ما لا يقل عن 96 حملة وهمية عميقة تستخدم الوسائط الاصطناعية على وسائل التواصل الاجتماعي، وتستهدف أشخاصاً في 30 دولة بين عامي 2013 و 2019.
مصادقة الفيديو
ولمكافحة الحملات التي تستخدم هذا النوع من الوسائط، أطلقت شركة التكنولوجيا العملاقة أداة «مصادقة الفيديو» الجديدة وهي (أداة مصادقة الفيديوهات Microsoft Video Authenticator) التي يمكنها تحليل صورة ثابتة أو مقطع فيديو، والتأكد من مصدرها وصحتها. وتعمل هذه الأداة عن طريق الكشف عن حدود المزج للتزييف العميق للصور، والتلاشي الدقيق، أو العناصر ذات التدرج الرمادي التي قد لا يمكن اكتشافها بالعين البشرية.
ويحلل برنامج «مايكروسوفت» الجديد مقاطع الفيديو والصور للوصول إلى درجة من اليقين عن احتمال أن تكون المادة خضعت للتلاعب الحاسوبي؛ وقالت الشركة إنها تريد من هذه التقنية أن تساعد في مكافحة المعلومات المضللة.
ومع تحذير الخبراء من عجز التقنية عن اللحاق بركب التقدم المتسارع للزيف العميق، أعلنت «مايكروسوفت» عن نظام منفصل لمساعدة منتجي المحتوى على مواجهة المشكلة، من خلال إدراج رمز خفي في الفيديو لتتبع أي تغييرات لاحقة عليها.
كما أطلقت «مايكروسوفت» أيضاً أداة جديدة يمكنها اكتشاف المحتوى الذي تم التلاعب به وتسمى (مایکروسوفت آزور Microsoft Azure) وطمأنة الأشخاص ما إذا كان حقيقياً أم لا، وسيتمكن منتجو المحتوى من إضافة شهادة تفيد بأن المحتوى حقيقي، والتي تنتقل معه أينما كان عبر «الإنترنت»، وسيتمكن امتداد المتصفح من قراءة الشهادة وإخبار المستخدمين ما إذا كان ما يشاهدوه هو النسخة الأصلية من الفيديو أم لا.
وأطلقت «مایکروسوفت» أيضاً اختباراً تفاعلياً بعنوان «Spot the Deepfake» طورته بالتعاون مع مركز جامعة واشنطن، والشركة المختصة باكتشاف التزييف العميق «Sensity»، ومؤسسة «USA Today».
لكن الشركة تقر بأن جميع طرق الكشف التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لديها معدلات فشل، وبالتالي يجب على المدى الطويل البحث عن طرق أقوى للحفاظ على مصداقية المقالات الإخبارية والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
واتخذت مسبقاً كل من «فيسبوك» و»تويتر» و«يوتيوب» خطوات لحظر وإزالة التزييف العميق من مواقعهم.
ويستخدم برنامج «Reality Defender» التابع لمؤسسة الذكاء الاصطناعي في «غوغل» لكشف المحتوى المزيف. حتى إن هناك تحالفاً بين شركات التكنولوجيا الكبرى للتعاون في محاولة لمحاربة التدخل في الانتخابات.
وتعرف الجمهور على تقنية الزيف العميق في العام 2018 بعد قيام أحد المطورين بتكييف تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة لإنشاء برمجية جديدة تستبدل وجه شخص بآخر، من خلال إدخال صور كثيرة ثابتة لشخص ما إلى الحاسوب، مع لقطات فيديو لشخص آخر، ثم ينشئ البرنامج مقطع فيديو جديد يضع وجه الأول مكان الثاني مع تكييف تعابير الوجه ومزامنة حركة الشفاه وباقي التعابير الدقيقة، ومع تطور التقنية تناقصت الحاجة إلى عدد كبير من الصور، حتى أن بعض التطبيقات تحتاج إلى صورة شخصية واحدة. وكشفت أبحاث «مايكروسوفت» أن حوالي 93% من حملات التزييف العميق تتضمن محتوى أصلي جديد، و86% تضخّم المحتوى الموجود مسبقاً و74% تشوه الحقائق التي يمكن التحقق منها. ومع تطوير الشركات الكبرى؛ مثل «آبل» و«مايكروسوفت»، لتقنيات الحوسبة في القرن الحادي والعشرين، سيصبح استعمال تقنية الزيف العميق شائعاً جداً، ما يشكل تحدياً كبيراً للمصداقية والواقعية.