ICT

المهندسات الإماراتيات يتفوّقن في مجال المواد النشطة لدى إيدج

اتسم انتقال دولة الإمارات العربية المتحدة من دولة مستوردة للمعدات الدفاعية إلى مطورة وُمصنّعة لتكنولوجيا الدفاع المتطورة، وغيرها من المجالات ذات الصلة بالكثير من الإنجازات والنجاحات، حيث يتميز هذا التحول الاستراتيجي بالسرعة والدقة والتخطيط المدروس والشمول. وبينما يثني الجمهور على الأنظمة المتطورة الجديدة المصنوعة في الدولة والتي يجري طرحها في المعارض العالمية المختصة وإبرازها عبر وسائل الإعلام، يحرص الأفراد والخبراء الذين درسوا وطوروا تلك الأنظمة لإنجازات فريدة من نوعها تتحقق لأول مرة في الدولة، على وضع الأسس الفنية اللازمة، إلى جانب إعداد المهندسين الإماراتيين والذين ينتظرهم مستقبل واعد في هذا المجال الحيوي المهم.

يعمل كوكبة من الرواد اللامعين لدى شركة هالكن التابعة لمجموعة إيدج، الرائدة إقليمياً في تصميم وتطوير وتصنيع الصواريخ والأنظمة المسيّرة. وخلال السنوات الأربع الماضية، تمكنت مهندستان إماراتيتان تعملان في هالكن، هما سلامة الحيرة، مديرة تطوير المتفجرات والمواد النارية، وشيخة الدرمكي، مديرة تطوير وقود الصواريخ الصلب، من تأسيس أول قسم تكنولوجيا متقدمة من نوعه في دولة الإمارات، حيث حققتا بذلك عدة إنجازات فريدة تحرزها النساء الإماراتيات والعربيات لأول مرة. فقد أدت المهندستان الكيميائيتان عام 2019 دوراً رئيسياً في إنشاء أول مصنع لمادة الكاثود العازلة للترسيب الكهربائي في دولة الإمارات.

وبصفتها مهندسة مبتدئة في ذلك الوقت، بدأت شيخة التخطيط لإنشاء وتأسيس المصنع، خاصة بعد انضمام المهندسة سلامة للمشروع خلال مرحلتي تأسيسه وتطويره. لم يكن تحقيق ذلك أمراً سهلاً، ولم يمر دون صعاب وتحديات. فقد ذكرت المهندسة شيخة عدم وجود إطار مرجعي قريب، مثلما يكون الحال في كل المشاريع الريادية. واقتضى تنفيذ المشروع ببدء التخطيط باستشارة الخبراء، إلى جانب حضور معارض المواد العازلة حول العالم. كما أحدثت عملية التعلّم وفهم آلية تنفيذ وتأهيل المنشأة تحديات خاصة، لا سيما لجهة ضرورة توافق المادة العازلة مع المواصفات العسكرية. واليوم، تعمل المنشأة بكامل طاقتها، وتعدّ صرحاً يُجسّد تصميم وعزم وتفاني المهندستين وعملهما الدؤوب.

وحصلت المهندستان على درجة الماجستير في الهندسة الكيميائية – تخصص في المواد النشطة، من جامعة بلغراد في صربيا، وذلك بعد عامين من التأسيس، وتخرجتا بامتياز، وأصبحتا من أوائل النساء الإماراتيات في مجالهما ممن حصلن على الماجستير في المواد النشطة.

وكشفت المهندسة سلامة أنهما وظفتا تعليمهما وخبراتهما المتراكمة، حيث أدتا دوراً مهماً في إنشاء قسم المواد النشطة ضمن هالكن، كما تولّتا دوراً رائداً في مجال توظيف وتدريب وإدارة المهندسين والكيميائيين.

وفي عام 2022، شاركتا في الندوة الدولية للاتجاهات البحثية الجديدة في مجال المواد النشطة، والتي انعقدت في مدينة باردوبيتسه بجمهورية التشيك. وبناءً على أطروحتيهما لنيل درجة الماجستير، نشرتا أول مقالاتهما العلمية وقدمتا النتائج التي توصلتا إليها خلال تلك الفعالية. وشكّلت مشاركتهما حدثاً بارزاً، حيث أبلغ رئيس الندوة المهندستين شيخة وسلامة أنهما ليستا أول امرأتين إماراتيتين تشاركان في الندوة فحسب، إنما أول امرأتين عربيتين يتميزن بحصولهن ومشاركتهن في ندوات علمية مختصة.

قدمت المهندسة شيخة أطروحتها حول “تحسين تركيبات المتفجرات الحرارية عن طريق النمذجة العددية لعملية التفجير”. بعبارات بسيطة، يمكن لتطبيق النتائج التي توصلت إليها شيخة في مجال تطوير المتفجرات الحرارية توفير الموارد وتقليل المخاطر المرتبطة بالعمل التجريبي.

بينما عرضت المهندسة سلامة أطروحتها حول “تطبيق كود حاسوبي حراري في توقع أداء النترامين على مستوى النانو”. ويؤدي تطبيق النتائج التي توصلت إليها المهندسة سلامة، بعبارات بسيطة مرة أخرى، إلى تخفيف المخاطر المرتبطة بإجراء الأبحاث حول المواد النشطة النانوية.

واستكملت المهندستان شيخة وسلامة تلك الإنجازات بعدم التوقف عن التعلم طوال مسيرتهما المهنية، فحضرتا تدريباً نظرياً وعملياً في مجال المواد النشطة في دول متعددة. وأشارت المهندسة شيخة إلى أن مشروعها الأخير يتضمن تطوير وقود دافع مركب، ليشكل ذلك إنجازاً جديداً تحققه المرأة الإماراتية لأول مرة. وبعد استكمال المشروع، ستتمكن المهندسة شيخة من نقل المعرفة العملية للمهندسين المبتدئين لدى هالكن، واعتماد الوقود الدافع في أنظمة هالكن الجوية.

وحالياً تستعد المهندستان شيخة وسلامة لحضور مؤتمر عالمي مرتقب، وألمحتا إلى رحلة محتملة إلى فرنسا. كما ستحرصان على تطبيق خبراتهما في منشأة هالكن عالمية المستوى بهدف تطويرها والارتقاء بمسيرة المرأة الإماراتية العاملة في قطاع الدفاع، مما يشكّل مثالاً لامعاً على التميز الإماراتي في كافة المجالات.

يظل يوم المرأة في الهندسة يوماً مهماً، تُخصص فيه دولة الإمارات لحظة للاحتفاء بمن يستجبن لدعوة قيادتهن الرشيدة في وضع الأسس، لتتمكن الأجيال القادمة من شق طريقها، تماماً كما فعلت مهندستا هالكن.

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض