ابتكر “إيشانو تشاتو بادياي” الأستاذ المساعد بكلية الدراسات الحيوية في جامعة شيكاغو وزملاؤه نموذجاً للذكاء الاصطناعي يقوم بتحليل بيانات الجريمة في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي للفترة ما بين 2014 و2016، ثم توقع مستويات الجريمة في الأسابيع التي تلت فترة تغذية البرنامج بالبيانات والمعلومات.
المذهل أن الذكاء الاصطناعي توقع احتمالية حدوث جرائم معيّنة في جميع أنحاء المدينة، والتي تمّ تقسيمها إلى مربعات بعرض حوالي 300 متر، قبل أسبوع من وقوعها بدقة تصل إلى 90 بالمائة. كما تم تدريبه واختباره على بيانات سبع مدن أمريكية رئيسية أخرى، ليفاجأ العلماء بمستوى مماثل من الأداء.
التنبؤ بالجريمة
وكانت الجهود السابقة لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالجريمة مثيرة للجدل لأنها يمكن أن تُبقي على نسبة من التحيز العنصري، وفي السنوات الأخيرة، اختبرت إدارة شرطة شيكاغو خوارزمية أنشأت قائمة بالأشخاص الذين يُعتبرون الأكثر عرضة لخطر التورط في إطلاق النار، إما كضحايا وإما كجناة.
وتم الاحتفاظ بسرية تفاصيل الخوارزمية والقائمة في البداية، ولكن عندما تم إصدار القائمة أخيراً، اتضح أن 56 بالمائة من الرجال السود في المدينة الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً قد ظهروا فيها.
ويُقر “تشاتو بادياي” بأن البيانات التي يستخدمها نموذجه ستكون متحيزة أيضاً، لكنه يقول إنه تم بذل جهود للحد من تأثير التحيز، وأن الذكاء الاصطناعي لا يحدد المشتبه بهم، بل المواقع المحتملة للجريمة فقط، مضيفاً: “سيكون من الرائع أن تعرف أين ستحدث جرائم القتل دون إنفاق الوقت والجهد والموارد لمعرفة ذلك”.
ويثير التقدم في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي اهتمام الحكومات التي ترغب في استخدام أجهزة الأمن لهذه الأدوات التنبؤية لردع الجريمة.
وبالرغم من أن الجهود المبكرة للتنبؤ بالجريمة كانت مثيرة للجدل، فإنها لا تأخذ في الاعتبار التحيزات المنهجية في إنفاذ الشرطة للقانون وعلاقتها المعقدة مع الجريمة والمجتمع.
تحيز بشري
استخدم الباحثون أيضاً البيانات للبحث عن المجالات التي يؤثر فيها التحيز البشري على عمل الشرطة. إذ قاموا بتحليل عدد الاعتقالات في أعقاب الجرائم في أحياء مختلفة من شيكاغو ذات مستويات اجتماعية واقتصادية مختلفة. وأظهر هذا التحليل أن الجرائم في المناطق الأكثر ثراء نتج عنها اعتقالات أكثر، مما كان عليه الأمر في المناطق الفقيرة، مما يشير إلى التحيز في استجابة الشرطة للإنذارات والبلاغات.
ولم يخف “لورنس شيرمان” من مركز كامبريدج لأحد أفرع الشركة المتخصصة بالمملكة المتحدة من أن “يكون الأمر (ربما) انعكاساً للتمييز المتعمد من قبل الشرطة في مناطق معينة”.
ويؤكد “تشاتو بادياي” أنه يمكن استخدام تنبؤات الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر أماناً كمصدر للمعلومات لمتخذي القرار على أعلى المستويات، بدلاً من استخدام موارد الأجهزة الأمنية بشكل مباشر، مشيراً إلى أنه أتاح البيانات والخوارزمية المستخدمة في الدراسة للجميع حتى يتمكن باحثون آخرون من التحقيق في النتائج وتطوير العمل.