1
دعوة النبي صلى الله عليه وسلـم شباب الأمة القادرين على النكاح وتكوين الأسرة، بالإقدام على الزواج، الذي بسببه يدفع المسلم عن نفسه غوائل الشهوة، فيسلم دينه وتسكن نفسه ويغض بصره عن مشاهدة الحرام، ويحصن فرجه عن إتيان الحرام، قال صلى الله عليه وسلـم: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاءٌ البخاري .5066 :
2
أمره عليه الصلاة السلام من وقع نظره على امرأة أعجبته فثارت شهوته أن يسرع فيجامع أهل بيته؛ ليشبع غريزته بما يحل له، فيدفع عن نفسه وسواس الشيطان، وهواجس الفاحشة، وضلالات النفس الأمارة بالسوء، فعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلـم رأى امرأةً، فأتى امرأته زينب، وهي تَمْعَسُ مَنيئَةً لها، فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال: «إن المرأة تُقبِلُ في صورةِ شيطانٍ، وتُدْبِرُ في صورةِ شيطانٍ، فإذا أبصر أحدكم امرأةً فليأت أهله، فإن ذلك يردُّ ما في نفسه» مسلم .1403:
فالشريعة الإسلامية راعت الغريزة الفطرية لدى الإنسان وهذبتها، فلم تأمره بكبت شهوته، ولا بتركها دون وعي ولا ضابط، وإنما أمرته بأن يأتي زوجته، فيحصل على الأجر الديني، والارتواء الجنسي، والسكن النفسي، والتمتع الجسدي، وبالتالي ينجو من العذاب الدنيوي والأخروي، والجوع الغريزي، والاضطراب النفسي.
3
وصف الله تعالى المؤمنين بأنهم حافظين لفروجهم، إلا على زوجاتهم فإنهم غير مؤاخذين، فقال جل شأنه: ) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (المؤمنون .(7-5:
4
شرعت الشريعة الإسلامية للرجل تعدد الزوجات إذا كان لا تكفيه الواحدة، وخشي على نفسه الوقوع في الفاحشة، متى ما توافرت له القدرة المالية والجسدية، قال تعالى: )فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) (النساء:).
5
حذرت الشريعة أشد التحذير من خطورة ترك النكاح وتكوين الأسرة واللجوء إلى الفواحش والمنكرات، فقال تعالى: )وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (الإسراء:32.
فالله نهى عن قربان الزنا، لأن الزنا تضييع للفروج بتدنيسها بالفواحش، وتضييع للقلوب بالتطلع إلى غير ما أحل الله، وتضييع للمجتمع بانتشار المنكرات، وفساد للبيوت والأسر بتضييع الأنساب.
وبهذا يُعلم أن الأسرة هي السياج المنيع والحصن الحصين للإنسان، من الانحراف والسقوط في براثن الفاحشة، ومستنقعات الرذيلة، فالأسرة هي الوعاء لإشباع رغبة الإنسان الجنسية والروحية.
فبتكوين الأسرة وفق ضوابط وآداب الشريعة وإشباع الغريزة الجنسية بالزواج المشروع، يتحلى الإنسان بأفضل الآداب، وأحسن الأخلاق، ويسلك طريق الفضيلة والطهر، ويسلم من الانحلال الخلقي ويأمن من التفسخ الاجتماعي، وتصان المرأة لئلا تكون دمية بين أيدي العابثين أو كلأً مباحاً لكل راتع، ويسلم المجتمع من انتشار الفواحش وذيوع المنكرات، التي من شأنها استنزاف حيوية أفراد المجتمع، وتدمير الحضارات والدول، وانتشار الأمراض الجنسية الخبيثة الفتاكة، وحلول عذاب الله، وضياع الأسرة وتدميرها.
وختاماً: نسأل المولى العظيم أن يفقهنا في دينه، وأن يرزق الأزواج والأسر جميعاً الحياة السعيدة المطمئنة، ويوفقهم لما يحبه ويرضاه في الدنيا والآخرة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
