صحة أجسادنا أمانة تتطلب الرعاية والاهتمام، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسلوب الحياة الصحي، بما يتضمنه من التغذية السليمة، وممارسة الرياضة، والابتعاد عن التدخين، والمحافظة على الوزن، وإجراء الفحوصات الدورية وغيرها من أنماط الحياة الصحية
وتعرف الفحوصات الدورية بأنها التحاليل والفحوصات الطبية الضرورية، وعلى كل شخص أن يقوم بإجرائها بشكل دوري منتظم، بغض النظر عن حالته الصحية، وهناك العديد من العوامل اللي تؤثر على طبيعة الفحوصات الدورية وعدد مرات إجرائها مثل: العمر، الجنس، الحالة الصحية، والتاريخ المرضي للعائلة
أهمية الفحوصات الدورية
تعتبر الفحوصات الدورية جزءاً من نمط الحياة الصحي، وليست مجرد اختبارات طبية، فهي توفر الفرصة لمعرفة تاريخ العائلة الصحي، وأسلوب الحياة المتبع، وبالتالي فإن أهمية الفحوصات الدورية تتلخص بأنها:
1) تقوم بتحديد المشاكل الصحية المحتملة لدى المريض من خلال تقييم المعلومات التي يقدمها للطبيب وتحليل نتائج الفحوصات التي تساعد في الكشف عن المشاكل الصحية قبل أن تظهر أعراضها، وهذا أمر بالغ الأهمية، لأن التشخيص المبكر يساعد في التخفيف من شدة المرض وتعزيز فرص نجاح العلاج، بالإضافة إلى أنه يقلل من تكاليف العملية العلاجية للحالات التي قد تتطور إذا لم يُكتشف المرض مبكراً.
2) تسهم الفحوصات الدورية في المراقبة المنتظمة للمشكلات الصحية الحالية، مما يقلل من خطر تفاقم الأعراض أو حدوث المضاعفات الشديدة، كما أنها تساعد في اكتشاف المعوقات البدنية وبالتالي تساعد على تأهيلها.
3) تساعد الفحوصات الدورية على التخطيط الصحي السليم للمحافظة على الصحة واللياقة ومعرفة تغييرات نمط الحياة التي على الشخص إجراؤها لينعم بحياة صحية، فمثلاً يمكن للمريض التعاون مع الطبيب لإعداد خطة تساعده على تحقيق بعض الأهداف مثل تخفيف الوزن أو الإقلاع عن التدخين، وفي حال كان المريض يستخدم أدوية معينة يمكن للطبيب دراسة مدى فعاليتها والحاجة إلى تغيير جرعاتها.
الفحوصات الدورية
يتم إجراء الفحوصات الدورية كل سنتين للأشخاص من عمر 18 سنة وما فوق، ولكنه قد يتم اجراؤها سنوياً في حال وجود عوامل الخطورة أو التاريخ المرضي أو حسب تقييم الطبيب المختص وتشمل التالي:
القياسات الجسدية: والتي تشمل الطول والوزن، محيط الخصر، وحساب كتلة الجسم، وقد تشير الزيادة أو النقصان في هذه القياسات إلى زيادة الخطر للإصابة ببعض الأمراض في المستقبل مثل مرض السكري، مرض ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وغيرها.
فحص السكر: حيث يتم قياس مستوى السكر بالدم بعد فترة صيام خلال الليل لمدة 8 ساعات، ويعتبر من الفحوصات الضرورية، وذلك لأن مرض السكري يؤثر على أجهزة الجسم الحيوية وقد يؤدي للعديد من المضاعفات الخطيرة.
قياس ضغط الدم: حيث إن زيادة قراءته عن المستوى الطبيعي قد يعرض الشخص لمرض ارتفاع ضغط الدم وأمراض الأوعية الدموية.
فحص الكوليسترول: يساعد هذا الفحص في التعرف على نسب الاختلاف بين الكوليسترول الضار والكوليسترول الجيد، فالكوليسترول الضار هو نوع من البروتين الدهني عالي الكثافة موجود في الدم والذي يمكن أن يترسب في الشرايين، لذلك فزيادة نسبته عن الحد الطبيعي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.
تحليل الدم الشامل: والذي من خلاله يتم التعرف على مستوى الهيموجلوبين واكتشاف إصابة الانسان بأمراض عدة مثل الأنيميا وأمراض السرطان.
فحوصات أخرى: مثل فحص فيتامين (د) وفحص الغدة الدرقية، أو الفحوصات التي تعتمد على الجنس، والتي لها أهمية كبيرة في الحفاظ على صحة المرأة أو الرجل.
الفحوصات الدورية المختصة بالمرأة
فحص الثدي
يعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعاً عند النساء ويساهم الفحص المبكر في زيادة نسبة الشفاء بشكل ملحوظ ويشمل هذا الفحص التالي:
الفحص الذاتي المتكرر والذي ينصح بالقيام به شهرياً
الفحص الإكلينيكيّ مع الطبيبة المختصة
فحص “الماموجرام” حيث يتم إجراء هذه الأشعة للسيدات كل سنتين من عمر الأربعين فما فوق، أما السيدات اللواتي لديهن عوامل خطورة أو تاريخ عائلي لقريبات أصبن بسرطان الثدي أو المبايض فمن الممكن إجراؤه قبل ذلك وبشكل سنوي.
مسحة عنق الرحم
يعتبر فحص مسحة عنق الرحم من الفحوص الضرورية للكشف المبكر عن سرطان عنق الرحم والذي يسهم بشكل فعال بتعزيز فرص الوقاية والعلاج، مع رفع نسبة الشفاء من سرطان عنق الرحم، ويتم اجراء هذا الفحص للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و65 عاماً، حيث ينصح بإجرائه للسيدات من عمر 25 إلى 29 سنة مره كل ثلاثة أعوام، أما السيدات من عمر 30 إلى 65 سنة فيتم إجراء هذه المسحة كل خمس سنوات، فيما تتلقى الإناث اللواتي تراوح أعمارهن بين 13 و26 عاماً التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي للوقاية من خطر هذا السرطان.
فحص هشاشة العظام
يعتبر مرض هشاشه العظام من الأمراض التي تصيب النساء أكثر من الرجال وخاصة بعد عمر الخمسين بسبب بعض العوامل مثل الحمل والولادة، ويؤدي هذا المرض إلى تدهور كثافة وقوة العظام مما قد يسبب الكسور الخطيرة التي تؤثر بشكل سلبي في جودة الحياة
ويتم إجراء اختبار كثافة العظام والهشاشة عن طريق الأشعة السينية DEXA للتعرف على نسبة الكالسيوم والمعادن في العظام، ويعتبر من الفحوصات الضرورية للمرأة من عمر 60 سنة فما فوق، وقد يتم إجراؤه قبل ذلك بعد انقطاع الطمث أو في حال وجود عوامل الخطورة وحسب تقييم الطبيب المختص.
الفحوصات الدورية المختصة بالرجل
إجراء الفحوصات الدورية مهمة للوقوف على المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها الرجل وتزداد أهميتها بعد عمر الخمسين، وذلك للوقاية من الأمراض وعلاجها مبكراً إن وجدت، ومن أهم هذه الفحوصات:
تنظير القولون: يعتبر من الفحوصات المهمة للكشف المبكر عن سرطان القولون، وقد يتم إجراؤه قبل عمر الخمسين في حال وجود عوامل الخطورة أو ظهور بعض الأعراض وذلك حسب تقييم الطبيب المختص.
فحص مستضد البروستاتا النوعي: وهو أحد فحوصات الدم للكشف المبكر عن سرطان البروستات.
في الختام نود أن نذكر بأن الفحوصات الدورية تساعد في الحد من القلق والمخاوف التي قد يشعر بها المريض تجاه بعض الأعراض التي يعاني منها، فمناقشة هذه المخاوف مع الطبيب المختص تسهم بشكل فعال في فهم السبب الرئيسي للمشكلة الصحية، وتلعب دوراً كبيراً في تخفيف التوتر وتعزيز فرص الوقاية والعلاج.
الدكتورة بدرية الحرمي، استشارية الصحة العامة ـــــ جمعية الإمارات للصحة العامة