بقلم: ناصر عيسى أحمد البلوشي (كبير باحثين بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي)
إعداد القوة من أركان قيام الحضارات وعزة الأمم؛ فبها يُحمى الدين والأرض، وتُحقن الدماء، وتُصان الأعراض، وتُحفظ الأموال، وتُقام العبادات، وتُعمل الصالحات، ويزداد الإيمان، ويقوى الإسلام، وتستقيم حياة الناس، وتتحقق النجاحات والإنجازات، ويُرد كيد الأعداء، ويُبسط الأمن والاستقرار، والسكينة والاطمئنان، والسعادة والسلام، والعدل والخير، والرحمة والتعاون، ويكرم الإنسان.
ولهذا كله أدركت القيادة الرشيدة بدولتنا الكريمة قيمة القوة في حماية الوطن وبناء الحضارة، فعملت على توحيد قواتها المسلحة تحت قيادة واحدة؛ لتكوين قوة دفاع موحدة، وتشكيل جبهة حماية وطنية منيعة، بسواعد عسكرية فتية، ودروع أمنية حصينة قوية، متسلحين بالعلم والإيمان، والقوة والأخلاق، والطاعة والامتثال، والإخلاص والاستبسال، والولاء والانتماء، فالوطن المتوحد أمان وعزة، والجيش المتحد رفعة وقوة.
وإعداد القوة والعمل على توحيدها هو استجابة لأمر الله تعالى القائل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103)، وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلـم والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم الذين أمروا بإعداد العدة والاستعداد والتعاون والاتحاد، فهو مطلب شرعي يؤجر عليه الإنسان عند ربه، بتقوية دينه، والمحافظة على استقرار وطنه، وحفظ نعمه وخيراته، قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال:٦٠)، والنبي الأمين صلى الله عليه وسلـم كان يدعو إلى تعلم الرمي، فكان يقول وهو على المنبر: «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» (مسلم: 1917)، ومر صلى الله عليه وسلـم على نفر من أسلم ينتضلون (أي يترامون بالسهام)، فقال لهم: «ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً» (البخاري: 2899)، وكتب الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه إلى أهل الشام: “أن علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية” (فضائل الرمي، لأبي يعقوب القراب، ص: 56)، وعن قتادة قال: سمعت أبا عثمان النهدي يقول: أتانا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بأذربيجان، “أما بعد: إياكم والتنعمَ وزيَّ العجم، وعليكم بالشمس، فإنها حَمَّامُ العرب، وتمعددوا (أي الزموا المعدية، وهي عادة معد بن عدنان في أخلاقه وزيه وفروسيته وأفعاله)، واخشوشنوا (أي تعاطوا ما يوجب الخشونة، ويصلب الجسم ويصبره)، واخلولقوا (أي تهيؤوا استعداداً لما يراد منكم)، واقطعوا الركب، وانزوا على الخيل نزواً (أي اركبوا على الخيل بلا ركاب لئلا تعتادوا الركوب بالركاب دائماً)، وارتموا الأغراض (أي اقصدوا في الرمي الإصابة لا البعد)”. قال ابن القيم: “هذا تعليم منه للفروسية، وتمرين للبدن على التبذل وعدم الرفاهية والتنعم” (الفروسية المحمـدية، لابن قيم الجوزية، ص: 43-47).
وحماية الدين والوطن باب من أبواب المرابطة التي تكلم عنها النبي صلى الله عليه وسلـم بقوله: «عينان لا تمسهما النار: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله» (الترمذي: 1639)، وقال صلى الله عليه وسلـم: «رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها» (البخاري: 2892)، وقال عليه الصلاة والسلام: «رباط يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأَمِنَ الفتّان» (مسلم: 1913).
ومن مات في سبيل دينه وماله وأهله وأرضه فإن موته شهادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلـم: «من قتل دون ماله فهو شهيدٌ، ومن قتل دون دينه فهو شهيدٌ، ومن قتل دون دمه فهو شهيدٌ، ومن قتل دون أهله فهو شهيدٌ» (الترمذي: 1421).
نسأل الرحمن الرحيم أن يحفظ وطننا وولاة أمرنا، وأن يديم أمننا واتحادنا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال تعالى:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103)
وقال تعالى:
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال: 60)
قال صلى الله عليه وسلـم:
«ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» (مسلم: 1917)
وقال صلى الله عليه وسلـم:
«ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً» (البخاري: 2899)
وقال صلى الله عليه وسلـم: «عينان لا تمسهما النار: عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله» (الترمذي: 1639)
وقال صلى الله عليه وسلـم: «رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها» (البخاري: 2892)