يعتبر فصل الصيف في منطقة الخليج من أكثر فصول السنة ارتفاعاً في درجات الحرارة والرطوبة، وهذه التغيرات المناخية لها دور بارز في ظهور العديد من المشاكل الصحية والأمراض التي تصيب كافة الفئات العمرية، وتؤثر تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على صحة الإنسان، وتسمى هذه الأمراض “أمراض الصيف”، وذلك بسبب أنها تظهر بشكل أكبر وأكثر تزامناً مع هذا الفصل من فصول السنة.
وأمراض الصيف يمكن أن توثر على معظم أجهزة وأعضاء جسم الإنسان، وخاصة الجهاز الهضمي، فعلى سبيل المثال تحتل النزلات المعوية والتسمم الغذائي المرتبة الأولى في إصابات الجهاز الهضمي، وذلك بسبب انتشار الميكروبات وفساد المواد الغذائية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وسوء التخزين.
وتعرف التسممات الغذائية بالأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، وهي الأمراض التي عادة ما تكون معدية وتسببها الميكروبات (كالبكتيريا والفيروسات والطفيليات)، أو سمومها التي تدخل الجسم من خلال تناول الطعام الملوث. وتتميز بالأعراض المرضية المتشابهة التي تحدث لشخصين أو أكثر بسبب تناول طعام أو شراب مشترك في وقت ومكان واحد.
ويحدث التسمم الغذائي عندما تجد الجراثيم بيئة مناسبة لبقائها، ويمكن أن تؤدي الجراثيم المعدية وسمومها إلى تلوث الطعام في أي مرحلة من التخزين والتحضير وطهي الطعام.
أهم العوامل التي تساعد على نمو البكتيريا وتكاثرها ما يلي:
1- الطعام المناسب:
من المعروف أن الجراثيم تفضل الأغذية ذات المحتوى العالي من البروتين مثل اللحوم بمختلف أنواعها سواء كانت طازجة أو مطهية، وكذلك الألبان ومنتجاتها، وتعرف هذه الأنواع بالأغذية سريعة الفساد، ولهذا يجب التعامل بحرص مع تلك الأغذية وحفظها في الثلاجة أو الفريزر ويجب عدم حفظها في درجة حرارة الغرفة.
2- درجة الحرارة:
تعتبر درجات الحرارة التي تتراوح ما بين 37م – 45م درجات حرارة ملائمة لتكاثر البكتيريا، لذا يجب ألا يحفظ الطعام المطهي أو الأغذية السريعة الفساد الطازجة لمدة أكثر من ساعتين في درجة حرارة الغرفة.
كما وتؤدي الممارسات غير السليمة في إعداد وتداول الطعام إلى الزيادة من فرص تكاثر البكتيريا ومخاطر العدوى المنقولة بالغذاء، مثل عدم غسل اليدين قبل إعداد الطعام أو شراء المواد الغذائية من أماكن غير موثوق فيها، أو إعادة تجميد الأطعمة السريعة الفساد لمدة أكثر من ساعتين في درجة حرارة الغرفة بعد إخراجها من الثلاجة، فهذا سلوك خطير قد يؤدي لخطر الإصابة بالتسممات الغذائية بسبب تكاثر الميكروبات.
أما بالنسبة لأعراض التسمم الغذائي، فقد تتضمن عَرَضاً واحداً أو عدة أعراض كالقيء، الإسهال، آلام البطن، الغثيان، ارتفاع درجة الحرارة التي تؤدي إلى تدهور الحالة الصحية السريع بتأثير كل من المواد السامة وكذلك تأثير فقدان كميات كبيرة من سوائل الجسم، وإذا لم يتم إسعاف المصاب وتعويض جسمه عن كميات السوائل التي فقدها، فقد يؤدي ذلك إلى الوفاة وخاصة لدى الأطفال وكبار السن لضعف مناعتهم. وتختلف حدة هذه الأعراض ومدتها باختلاف المسبب وعادة تظهر الأعراض بعد تناول الطعام بفترة ساعتين إلى 72 ساعة أو أكثر.
ومن الأعراض التي يجب الانتباه إليها والتي تحتاج إلى مساعدة طبية في حال حدوث تسمم غذائي:
عندما يستمر الإسهال لمدة ثلاثة أيام أو أكثر
عندما يستمر القيء لأكثر من 12 ساعة
عند وجود دم في البراز
ألم شديد أو تشنجات شديدة في البطن
عندما ترتفع درجة الحرارة أعلى من 100.4 فهرنهايت (38 درجة مئوية)
أما الوقاية من التسممات الغذائية، فتبدأ من الممارسات السليمة في إعداد وتداول الطعام، كالالتزام بقواعد النظافة العامة، وشروط حفظ الأطعمة. أما العامل الأساسي الذي يحمينا من التسممات الغذائية فهو غسل اليدين، لأن العدوى تنتقل إلى الطعام وتنتقل من شخص إلى آخر عن طريق اللمس، فغسل اليدين هي عملية كسر نقل العدوى.
ويمكن أن نختصر النقاط المهمة في الوقاية من التسممات الغذائية بهذه الأربع نقاط والتي تبدأ بحرف “ت”:
1- تنظيف اليدين باستمرار وغسلهما قبل إعداد الطعام بالماء الساخن والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية مع مراعاة خلع الخواتم والأساور أثناء إعداد الطعام لأنها تعتبر بيئة مناسبة لتواجد الجراثيم، كما يجب غسل اليدين عند الانقطاع من عملية إعداد الطعام لفترة ثم الرجوع إليه مرة أخرى، وفي كل مرحلة من مراحل إعداد الطعام.
2- تبريد الطعام جيداً في الثلاجة بدرجة حرارة مناسبة لتجنب تكاثر البكتيريا.
3- تناول الطعام مباشرة بعد طهيه وعدم تركه في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعتين والالتزام بطهي الطعام جيداً للقضاء على أي بكتيريا موجودة فيه.
4- تجنب التلوث والالتزام بتعقيم الأسطح وأواني الطبخ للمساعدة في القضاء على البكتيريا والفيروسات الضارة والحد من انتقال الجراثيم من أطعمة إلى أطعمة أخرى، إما بشكل مباشر عن طريق التلامس وإما بشكل غير مباشر بواسطة اليدين أو أدوات المطبخ.
الدكتورة بدرية الحرمي، استشاري الصحة العامة، نائب رئيس جمعية الإمارات للصحة العامة