مصطفى الزرعوني​
كاتب صحفي ومحلل سياسي

تأثير السياسة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط

لحظة تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فُتحت أبواب كثيرة للتحليلات وتوقعات الاقتصاديين والسياسيين لسياساتها، هل ستكون شبيهة بفترة أوباما أم مختلفة؟

وهذه التوقعات تعتبر منطقية في مبدئها، ولكن لكل عهد سياسته التي يعتمدها، ويتخذ قراراته بناء عليها، فقد رأينا كيف ارتفعت أسعار اليورو والباوند تفاؤلاً بالفترة القادمة، حيث من المهم أن يتم توافق أوروبي بريطاني مع الولايات الأمريكية بعد فترة تجاذبات شهدتها خلال الأربع سنوات ماضية .

وبالتالي، هذا التقارب الذي قد يبدأ برجوع أمريكا إلى اتفاقية المناخ، والوصول إلى صياغات جيدة حول ملفات قريبة من منطقتها، لعلها في ليبيا أو حتى سوريا، والأهم هو الملف الإيراني المعقد، وكيف ستتعامل معه إدارة بايدن .

ونشير هنا إلى أن ما أحدثه ترامب حتى رحيله، بانسحابه من الاتفاق النووي (5+1) أعطى فرصة لإيران لزيادة تخصيبها، والعمل على منظومات صاروخية من دون رقابة قوية .

وهنا يجب أن نعلم أن جميع الإدارات التي مرت على البيت الأبيض، بعد الثورة الإيرانية، قد فرضت عقوبات عليها، مع اختلاف شدتها، وهو الأمر الذي تعرفه إدارة روحاني، ولذلك نراها تستمر في علمياتها الاستفزازية، بمناورات في خليج عُمان، وإطلاق صواريخ “كروز” قصيرة المدى، وحتى تجربة أسلحة جديدة، أضف إلى ذلك زيادة تخصيب اليورانيوم، وسجن رعايا أمريكيين.

إيران تعرف لعبة الضغط للوصول إلى مساومة، ولكن في المقابل لا نتوقع أن تكون الإدارة الأمريكية الجديدة سهلة، وتُوَقِّع اتفاقاً سريعاً، وترضخ لألاعيب طهران، مع وجود ضغط كبير من إسرائيل التي شنت غارات واسعة على مواقع تابعة لجماعات محسوبة على الحرس الثوري الإيراني في شرق سوريا، في اليوم الذي كانت تتحدث فيه مع الولايات المتحدة، وتعرب عن قلقها لسياساتها الهادفة إلى التفاوض مع إيران، في نفس اليوم الذي تسربت معلومة تقول إن الإدارة الأمريكية الجديدة بصدد إجراء مفاوضات مباشرة مع طهران .

ولكن لنتمعن في مطالب الإدارة الأمريكية قبل كل شيء التي تتمحور في نقاط، سيرفضها الجناح المتشدد في طهران، ومنها تفكيك برامج الصواريخ الباليستية، وإشراك دول أخرى في المفاوضات، والأصلح الإمارات أو السعودية، ووضع برنامج إيران النووي تحت الوصاية الإقليمية أو الدولية .

والأهم أن تلتزم إيران بوقف كل الدعم السياسي والمالي والعسكري لأذرعها في المنطقة، وهو الأمر الذي استثمرت به طهران كثيراً من مالها وسياستها ووقتها، وتعتبره مبدأ رئيسياً لها يصعب أن تتخلى عنه، وتعيش كدولة وطنية تهتهم بتطوير نفسها بعيداً عن التركيز على السلاح والحروب .

لا نعتقد أن المفاوضات ستكون سهلة وسريعة، بل هناك تصعيد سنراه قريباً، للضغط، كورقة في المفاوضات، ويرجع لمدى صبر الإدارة الأمريكية ولإسرائيل، فقد نشهد ضربات نوعية، كنوع من كسر العظم، أو عقوبات اقتصادية أكثر شدة، وقد تكون أممية، كما فعلت إدارة أوباما قبل توقيع الاتفاق النووي السابق .

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض