صالح حمد القلاب​​
وزير إعلام سابق​

هل يعرف أردوغان هذا؟

كان بإمكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يحصل على كل ما يريده من ليبيا من دون الاستعانة بالمرتزقة والإرهابيين، ومن دون اعتبار أن هذا البلد إرثاً عثمانياً تاريخياً هو الأحق به حتى من أهله، فهذا إن هو أصبح مبرراً لتدخل دولي في شؤون دول أخرى، فإنه سيؤدي إلى حروب طاحنة لا نهاية لها، ستكون وبالتأكيد أكثر خطورة من وباء “كورونا” الذي أصبح يهدد العالم بأسره، كما كانت هددته أوبئة كثيرة من بينها مرض “الطاعون” اللعين الذي لا يزال حتى مجرد ذكره يشكل رعباً أكثر من رعب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
إنه لا يمكن قبول كل هذه المبررات التي ساقها الرئيس التركي كي يرسل قوافل المرتزقة الذين أرسلهم إلى دولة عربية بين تركيا وبينها حاجز البحر الأبيض المتوسط فـ”ليبيا” دولة لها أهلها وليس من حق رجب طيب أردوغان أن يعتبرها إرثاً عثمانياً وأنه هو الأحق بهذا الإرث إذْ أن “ما فات مات” وإن الدولة العثمانية كانت حالة تاريخية عابرة ومثلها مثل كل الدول التي مرّت بهذه المنطقة وبغيرها لكنها كلها انتهت وأصبحت مجرد سطور قليلة في كتب التاريخ.
ثم وإذا كان أردوغان يعتبر أنه “الوريث الشرعي” للعثمانيين، فإنَّ عليه أن يدرك أن الدولة “العثمانية” كانت إمبراطورية كبرى، وأنها ضمت شعوباً وأقواماً متعددة، وأن هناك من غير الأتراك من كانوا قادة كباراً في جيوشها ومكوناتها، وأنها وإن كانت قد تواصلت لأكثر من أربعة قرون من الزمن فإن هذا يعتبر في مسيرة التاريخ مجرد لحظة عابرة.
ولهذا فإنه على أردوغان أن يطوي صفحة “عثمانيته” هذه أولاً لأن هناك كثيرين غيره سيدعون أنهم أحق منه فيها، وثانياً لأن “إسطنبول” نفسها كانت عاصمة للإمبراطورية البيزنطية، ثم وإن معظم أملاك تركيا الحالية كانت أملاكاً “أموية” و”عباسية” وأيضاً “صليبية”، ولذلك فإن الأفضل له هو طي هذه الصفحة نهائياً والتعامل مع الأمور على أساس المصالح المشتركة بين الدول وبين الشعوب.
إن من حق رجب طيب أردوغان أن يبحث عن مصالح بلده تركيا في كل مكان من الكرة الأرضية وبما في ذلك ليبيا وغيرها ولكن بعيداً عن كل هذه الحجج والذرائع غير المقبولة التي يرددها فهذا البلد العربي له أهله وهم لا يمكن أن يسمحوا لأي كان بالهيمنة عليه أو التدخل في شؤونه إستناداً إلى حجج لا هي مقبولة ولا هي معقولة!!.

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض