مصطفى الزرعوني​
كاتب صحفي ومحلل سياسي

مسارات دولية جديدة

تغيرات المشهد الدولي تحتم عليك إعادة توجيه استراتيجياتك في المنطقة، والنظر من زوايا أخرى إلى  أولويات اللحظة وارتباطاتها الأمنية التي تتشعب في سلسلة طويلة من عسكرية إلى اقتصادية إلى ثقافية أو إعلامية، وعدد عليها الكثير.

واليوم نشهد حكمة واستباقية التعامل الإماراتي تجاه هذه التغيرات، فبعد ١٠ سنين عجاف، كان الخطر الأيديولوجي بعد ما يسمى بالربيع العربي، يعصف في المنطقة، ورهانات على بعض الجماعات، أو إضعاف الآخر للارتقاء، لم يوصل الكثير إلى أي مكان، بل تكبدوا خسائر كثيرة، وكانت الإمارات مع حلفائها المملكة العربية السعودية ومصر قوية جداً في صد ذلك وإفشال مخططاتهم.

ولكن اليوم نشهد تغيراً كبيراً في السياسات الدولية التي استوجبت تغييراً في المنهج، وإعادة توجيه العديد من الدول سياساتها في المنطقة نحو التنمية الداخلية، بالتركيز على الاقتصاد الذي يعد البوابة الأولى للسياسات الخارجية.. ولكن دون غض النظر عن الخطر الأمني، كونه قد يدمر  المكتسبات التي تحققت طوال العقود الماضية.

كما أن هناك اتفاقات ظهرت معالمها بين القوى المختلفة في المنطقة، لتوحيد الصفوف نحو علاقات اقتصادية مع تحالفات سياسية أمنية أشمل ظهرت جلياً في التصريحات الإيجابية بين مختلف القوى المتصارعة سابقاً واللقاءات السياسية المتكررة.. ومنها جولة مستشار الأمن القومي الإماراتي، بالإضافة إلى الرسائل المطمئنة من هذه اللقاءات، إن كانت في مناطق اقتصادية أو الصورة الظاهرة منها.

وهذه التوافقات تبعد المخاطر والضغوط التي تحاول بعض القوى الدولية الكبرى استخدامها، ورأيناها في سَحْب بعض الأسلحة والصواريخ أو الانسحاب من أفغانستان والإشارة إلى انسحابها من العراق، وهي تراكمات سياسة الإدارة السابقة للبيت الأبيض، واستكمال بعضها الآن، رغم اختلاف التصريحات، ولكن ما شهدناه من اتفاق أمني ثلاثي أدى إلى إلغاء صفقة شراء أستراليا غواصات من باريس الحليف القوي لهم، يدل أن هناك تشتتاً في الرؤى.. لذلك وجب توحيد الصفوف لإبعاد الشظايا عن أمن المنطقة والتركيز على المصالح الاقتصادية التنموية للشعوب مع التأهب للمخاطر.

هذه الحكمة الإماراتية التي تعرف كيف تقرأ أوراق ومزاجية اللاعبين بالفن الممكن.

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض