يحيى التليدي
كاتب وباحث سياسي
Yahya Al Talidi
Writer and Political Researcher

قمة جدة.. نحو خارطة طريق جديدة للمنطقة

وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة، رغم حملة التشكيك في حصول زيارته، وفيما سوف يصدر عنها، وانتهت قمة جدة الأمريكية الخليجية العربية، ولها عناوين عريضة، أهمها أن الرئيس بايدن اعترف بخطأ الانسحاب من المنطقة، وبالتالي توّجت زيارته بإعادة العلاقات الخليجية الأمريكية إلى مسارها الصحيح.

وما كانت العودة الأمريكية إلى الشرق الأوسط لتتم لولا عودة اللاعب العربي نفسه إلى الاضطلاع بدوره في الشرق الأوسط. مشاركة قادة مصر والأردن والعراق مع قادة التعاون الخليجي في قمة جدة، أعطت انطباعاً بتقدم قوى الاعتدال العربي للعب دور أكبر في ضمان مصالحها، وفي شؤون المنطقة وفي علاقتها بالعالم.

الولايات المتحدة ستبقى شريكاً نشطاً ومتعاوناً في الشرق الأوسط. لن تبتعد لتترك فراغاً للصين وروسيا أو لإيران. واشنطن شريكة في ردع تدخلات إيران، وملتزمة منعها من الحصول على سلاح نووي، وتدعم الشراكات ودمج منظومات الدفاع الجوي، وتضمن أن تبقى دول المنطقة قادرة على الدفاع عن نفسها.. كانت هذه أبرز الخطوط العريضة في كلمة الرئيس بايدن، أما التفاصيل فقد تأتي في الممارسة. وكانت هذه عناوين لبداية جديدة للعلاقة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، وبالتالي مع المنطقة. وبطبيعة الحال فهي ستبقى موضع اختبار، بعدما تيقّنت واشنطن من أنها أمام شريك إقليمي أعاد تعريف أهدافه وتحديدها، ولم تعد واشنطن أفقه الوحيد، بل إنه يتحوّل ويبحث عن مصالحه في أي مكان، ولذلك يجب التعامل معه على هذا الأساس، ويجب بلورة سياسة أمريكية بعقلية جديدة بحيث تبنى هذه العلاقة الاستراتيجية على أسس أكثر عمقاً والتزامات مكتوبة لكي تستقيم وتُستدام، ليس مع دول الخليج العربي فحسب، وإنما أيضاً مع الدول العربية المعتدلة والوسطية في مقاربتها للعالم.

منطقتنا اليوم أصبحت قادرة على بدء مرحلة جديدة ومختلفة تماماً، تتسم بالتنسيق الحقيقي وتناغم الأهداف ووحدة الغايات والتضامن الفعلي والوقوف صفاً واحداً متماسكاً والحديث بلغة واحدة فيما بينها ومع دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي الأقدم والشريك الأهم لدول الخليج العربي. ولذا فإن الإقليم أمام توجه مختلف بات فيه التنسيق الخليجي الأمريكي والعربي أكثر وضوحاً، ففي جدة كان الحوار صريحاً ونديّاً وشفافاً وواقعياً في مسائل الأمن والسياسة والطاقة.

أخيراً، مستقبل المنطقة يتطلب رؤية مشتركة وجادة تضع في أولوياتها تحقيق الأمن والاستقرار ومجابهة التحديات الأمنية والسياسية والتعاون نحو تحقيق تنمية اقتصادية شاملة، والخيار واضح أمام الجميع في المنطقة بين دول تفتش عن السلام والتنمية والتقدم والازدهار وأخرى مشغولة بحكم بنيتها بنشر الظلام والإرهاب والفوضى.

 

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض