محمد علي الكتبي​
رئيس التحرير السابق لمجلة الجندي

قطاع‭ ‬الفضاء‭ ‬الإماراتي‭.. ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬ملهمة

يقدِّم‭ ‬قطاع‭ ‬الفضاء‭ ‬الإماراتي‭ ‬نموذجاً‭ ‬لدولة‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تقهر‭ ‬المستحيل‭ ‬وتختصر‭ ‬الزمن‭ ‬وتحقق‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬ما‭ ‬تُنجزه‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬عشرات‭ ‬السنوات،‭ ‬وتحول‭ ‬الأحلام‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬واقعة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬تُبهر‭ ‬الناظرين‭ ‬وتلهم‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭ ‬المتطلعة‭ ‬إلى‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم‭. ‬ويعكس‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬قصة‭ ‬وطن‭ ‬منَّ‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬بقيادة‭ ‬تمتلك‭ ‬الحكمة‭ ‬والبصيرة‭ ‬والعزيمة‭ ‬والطموح،‭ ‬تقوده‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬إلى‭ ‬نجاح،‭ ‬ومن‭ ‬إنجاز‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز‭. ‬قيادة‭ ‬اهتمت‭ ‬بشعبها،‭ ‬وسخَّرت‭ ‬جهودها‭ ‬لتجعله‭ ‬أسعد‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬فالتف‭ ‬الشعب‭ ‬حولها‭ ‬مُعبِّراً‭ ‬عن‭ ‬ولائه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬بلده،‭ ‬واستدامة‭ ‬مجدها‭ ‬وعزتها‭ ‬ورخائها‭.‬
يتسم‭ ‬قطاع‭ ‬الفضاء‭ ‬بأنه‭ ‬أحد‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التقدُّم‭ ‬العلمي‭ ‬والتأهيل‭ ‬والتدريب‭ ‬والخبرة‭ ‬الواسعة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الفروع‭ ‬العلمية‭ ‬المتطورة‭ ‬مثل‭ ‬الرياضيات‭ ‬والفيزياء‭ ‬والفلك‭ ‬والهندسة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وهندسة‭ ‬الحاسوب،‭ ‬والمختبرات‭ ‬والمعامل‭ ‬العلمية‭ ‬الحديثة،‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي،‭ ‬والإمكانات‭ ‬الصناعية‭ ‬المتطورة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المالية‭ ‬الضخمة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬شراكات‭ ‬عملية‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬علمية‭ ‬وبحثية‭ ‬كبرى‭. ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬وجيز‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬الصعبة،‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬سمحت‭ ‬لقطاع‭ ‬الفضاء‭ ‬الإماراتي‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬ملهمة‭.‬
في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬انطلق‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الإماراتي‭ ‬“مزن‭ ‬سات”‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صنع‭ ‬بكامله‭ ‬بأيدي‭ ‬طلاب‭ ‬إماراتيين،‭ ‬وهم‭ ‬أنفسهم‭ ‬الذين‭ ‬سيتولون‭ ‬مهمة‭ ‬رصد‭ ‬ومعالجة‭ ‬وتحليل‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬يرسلها‭. ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي‭ ‬‮«‬رعاه‭ ‬الله‮»‬،‭ ‬يعلن‭ ‬إطلاق‭ ‬مشروع‭ ‬جديد‭ ‬لاستكشاف‭ ‬القمر،‭ ‬يضم‭ ‬مسكتشفاً‭ ‬قمرياً‭ ‬إماراتي‭ ‬الصنع،‭ ‬من‭ ‬المخطط‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يهبط‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬لم‭ ‬تصلها‭ ‬البعثات‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لتكون‭ ‬الإمارات‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الأولى‭ ‬عربياً‭ ‬والرابعة‭ ‬عالمياً‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬استكشاف‭ ‬القمر‭. ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬نفسه‭ ‬أعلن‭ ‬فيه‭ ‬الدكتور‭ ‬المهندس‭ ‬محمد‭ ‬الأحبابي،‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬وكالة‭ ‬الإمارات‭ ‬للفضاء،أن‭ ‬هناك‭ ‬سبعة‭ ‬أقمار‭ ‬صناعية‭ ‬إماراتية‭ ‬قيد‭ ‬التصنيع‭ ‬الآن‭.‬
إننا‭ ‬اليوم،‭ ‬وبعد‭ ‬نحو‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬خطوة‭ ‬إماراتية‭ ‬نحو‭ ‬دخول‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء،‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أمام‭ ‬إطار‭ ‬تشريعي‭ ‬قوي،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬“قانون‭ ‬تنظيم‭ ‬قطاع‭ ‬الفضاء”،‭ ‬وتخطيط‭ ‬مستقبلي‭ ‬مُحكم‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬“السياسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للفضاء”‭ ‬و”الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للفضاء‭ ‬2030”،‭ ‬وأمام‭ ‬مؤسسات‭ ‬متخصصة‭ ‬وطيدة‭ ‬الأركان‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬“وكالة‭ ‬الإمارات‭ ‬للفضاء”‭ ‬و”مركز‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬للفضاء”،‭ ‬وشركات‭ ‬ناجحة‭ ‬مثل‭ ‬“شركة‭ ‬الياه‭ ‬للاتصالات‭ ‬الفضائية”‭ ‬و”شركة‭ ‬الثريا‭ ‬للاتصالات”‭. ‬ولدينا‭ ‬كذلك‭ ‬ثروة‭ ‬بشرية‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الدولة‭ ‬مؤهلة‭ ‬تأهيلاً‭ ‬رفيعاً‭ ‬في‭ ‬التخصصات‭ ‬الهندسية‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الفضاء،‭ ‬واستثمارات‭ ‬تبلغ‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الواعد‭ ‬الذي‭ ‬ترى‭ ‬فيه‭ ‬الدولة‭ ‬رافداً‭ ‬مهماً‭ ‬لاقتصاد‭ ‬المعرفة‭. ‬

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض