صالح حمد القلاب​​
وزير إعلام سابق​

“تحالفٌ” في مهبّ الريح!!

كان مستغرباً منذ البدايات أنْ تتحالف روسيا وإيران وتركيا، وحيث أنّ هناك من اعتبر أنّ هذا التحالف الثلاثي “استراتيجي”، وأنه سينعكس على الأزمة السورية، التي كانت ببدايات انفجارها، إيجابياً، وقد وصفه البعض بالبدايات المبكرة، بأنه يشكل أحد أكبر إنجازات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اعتبار أنّ روسيا كانت ولا تزال دولة قارية كبرى، وأنّ حليفتيها دولتان إقليميتان بالشرق الأوسط كله.  

وحقيقة أنه قد ثبت أنه غير صحيح أنّ ما يجمع هذه الدول الثلاث أكثر مما يفرقها، فروسيا وهي دولة عظمى ورثت الاتحاد السوفييتي، الذي كان يعتبر الدولة النووية الثانية بعد الولايات المتحدة، لها تطلعاتها التمددية بالشرق وبالغرب وفي البحر الأبيض المتوسط وحتى باتجاه القارة الإفريقية، في حين أنّ إيران لا قوة لها إلا تمدّدها المذهبي والطائفي في العراق وسوريا ولبنان.. وأيضاً اليمن، في حين أنّ تركيا العضو الفاعل بحلف شمالي الأطلسي لا قوة فعلية لها بعهد رجب طيب أردوغان إلا بالاتكاء على التحالف “الإخواني” وعلى انهيار سوريا وضعف الدول التي تشترك معها بشرقي البحر المتوسط.  

لقد كان دافع تحالف أو تفاهم الدول الثلاث، ببدايات هذه الانفجارات المتلاحقة بالشرق الأوسط وبدايات انهيار سوريا، هو تجنب أي صراع ومواجهة بينها، وهو أيضاً التصدي لتمدّد الولايات المتحدة بهذه المنطقة “الاستراتيجية” وبخاصة بعدما أسقطت نظام صدام حسين وأصبح لها “قواعد” رئيسية بالعراق وفي شرقي سوريا، لكن ما لم يأخذه البعض بعين الاعتبار أنّ التحالف الثلاثي كان ولا يزال “هشّاً” وأنّ كل دولة فيه تغرز رأس خنجرها بخاصرة الأخرى، وهذا ما بات واضحاً ومؤكداً. 

والدليل هو هذه المواجهة العسكرية الأخيرة بين الروس والإيرانيين بمنطقة درعا السورية “الملامسة” للأردن من الجنوب، والقريبة من الحدود العراقية، فروسيا باتت تعتبر أنّ التمدّد الإيراني بهذه المنطقة وسيطرتها الفعلية على العراق وسوريا ولبنان وعلى “حوثيّي” اليمن “يتضارب” مع مصالحها الاستراتيجية بهذه المنطقة، والمعروف هنا أنّ الروس منذ عهد الاتحاد السوفييتي يعتبرون أنّ “الجمهورية العربية السورية” حتى قبل حكم حزب البعث لها مجالٌ حيويٌ عسكريٌ وسياسيٌ وأمنيٌ، وأنها تشكل مدخلاً لها في البحر المتوسط، وهكذا فإنّ هذا التحالف الثلاثي قد دخل مرحلة الانهيار. 

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض