خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

المقاطعة الشعبية والاقتصاد التركي

لم تعد قوة الدولة على المسرح السياسي الإقليمي والدولي تكمن فقط في القوة المادية، سواء منها العسكرية أو الاقتصادية التي كانت هي المقياس لعقود طويلة، بل باتت تتعداها إلى مكونات أخرى، من أهمها “القوة الشعبية”، ليس فقط من ناحية عدد السكان أو نسبة الشباب، بل من جهة ارتفاع حالة الوعي الشعبي، والقدرة الشعبية على إحداث التأثير على المستوى السياسي.

ما بعد مرحلة الربيع العربي وحالة التغيير التي شهدتها المنطقة، ليس من جهة حالة التغيير في الأنظمة، بل من جهة ارتفاع مستوى الوعي السياسي الشعبي وإدراكه لكل ما يجري حوله، وبروز العامل الشعبي طرفاً فاعلاً ومؤثراً على المستوى السياسي، مدعوماً بمواقع التواصل الاجتماعي، والتي باتت تعد عاملاً مؤثراً في كثير من القضايا، بعد أن تراجع دور الإعلام التقليدي كثيراً، حتى بات التأثير والقوة الشعبية عاملاً فاعلاً في مفاهيم في العلاقات الدولية وعنصراً رئيسياً في أدوات القوة الناعمة.

الحملة الشعبية في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” لمقاطعة المنتجات التركية، هي امتداد لحملة مقاطعة السياحة التركية، والتي نجحت في خفض نسبة عدد السياح إلى تركيا، فعلى سبيل المثال تراجع عدد السياح السعوديين إلى تركيا في شهر أغسطس بنسبة كبيرة بلغت 28%، والإماراتيين بنسبة 15% العام 2019، وبالتالي فإن النجاح الذي تحقق في مقاطعة السياحة التركية هو حافز مهم في طريق استكمال مسيرة تفعيل “أدوات الضغط الشعبي” في مواجهة السياسات العدائية التركية.

وبالتالي فإن حملات المقاطعة الشعبية التي برزت على المشهد في الآونة الأخيرة والتي تستهدف “المنتجات التركية” والتي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد التركي، وكان من نتاجها الاعتراف من قبل شركات تركية بالأضرار التي لحقت بها، هي بلا شك نموذج لأهمية القدرة الشعبية على إحداث التأثير على المسرح السياسي الإقليمي، والتي يمكن الاعتماد عليها لإجبار بعض الدول على تصحيح في مسارها السياسي والتخلي عما يحرك سياساتها الخارجية من أيدولوجيات فوضوية وعدائية مثال تركيا.

استمرارية “الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات التركية” يعني تضييق الخناق على التوسع التركي في الأسواق الخارجية، مما سيكون له تأثير على حجم التجارة الخارجية التركية، وبخاصة تجاه المنطقة العربية التي تعيش حالة من ارتفاع الوعي الشعبي تجاه السياسات العدائية التركية، وهو ما سيكون لذلك ارتدادات كبيرة على الاقتصاد التركي الذي يعيش حالة من الانهيار.

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض