خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

العلاقات السعودية الإيرانية وازدهار المنطقة

يمثل أمن واستقرار الشرق الأوسط أولوية بالنسبة للسياسة السعودية، بوصفه جزءاً حيوياً من أمن واستقرار العالم، وخصوصاً في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية الحالية، وهو ما يستدعي العمل مع جميع الدول لإزالة كل مُسببات التوتر والاحتقان وتحقيق الاستقرار لهذه المنطقة الحيوية من العالم، وبالتالي فإن عودة استئناف العلاقات السعودية الإيرانية لا شك أنها خطوة مهمة في طريق ترتيب خارطة الشرق الأوسط، وتأتي ضمن مشروع السعودية في إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة، حيث تلعب العلاقات السياسية الجيدة، وإذابة جليد التوترات دوراً مهماً في دفع عجلة الازدهار الاقتصادي للمنطقة، وهو هدف رئيسي للمملكة العربية السعودية التي تبذل جهوداً سياسية واقتصادية للارتقاء بمنطقة الشرق الأوسط، لكي في مصاف الدول المتقدمة، ولتحافظ المنطقة على وجودها في موقع متقدم، في ظل المتغيرات التي يشهدها النظام الدولي.

لقد أصبح لدى إيران قناعة بأن الاستمرار في السياسات القديمة لا يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية، فهي وجدت نفسها خارج خارطة النهضة التي تقودها المملكة العربية السعودية في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي أدركت أنها الخاسر الوحيد من سياساتها التي قادتها إلى مزيد من العزلة الإقليمية والدولية، وبأن الرياض رقم صعب في المعادلة الإقليمية والدولية لا يمكن تجاوزها، وبالتالي وجدت أنه من الضروري أن تحدث تغييراً في سياساتها، والاتجاه إلى بناء علاقات جيدة مع الرياض، وهذا هو ما يفسر حالة الإصرار لدى السياسة الإيرانية بالدخول في حوار مع المملكة العربية السعودية ومحاولة ترميم العلاقات التي عبثت بها العقلية السياسية الإيرانية.

لقد أدركت إيران أن بناء علاقات دولية لا يحقق لها شيئاً طالما أن هناك توترات مع محيطها الإقليمي، فلو عدنا إلى الاتفاق النووي، سنجد أن إيران نجحت في بناء علاقات جيدة مع المجموعة السداسية، لكن هذا لم يغير من الواقع السياسي والاقتصادي الإيراني شيئاً، بل زاد من العزلة التي تعيشها إيران، لأن هناك حلقة في غاية الأهمية لاتزال مفقودة، وبالتالي باتت العقلية السياسية الإيرانية تعيش حالة من الوعي والإدراك السياسي الذي كان غائباً لسنوات طويلة، وهو أهمية ترميم علاقاتها مع محيطها الإقليمي، وبخاصة الدولة صاحبة الثقل السياسي والاقتصادي والعسكري، وهي المملكة العربية السعودية، وهو ما أوجد حالة من الإصرار لدى إيران في الاتجاه لبناء علاقات جيدة وترميم العلاقات مع السعودية التي كانت دائماً يدها ممدودة للتفاهم مع الجميع على أساس من الاحترام المُتبادل والالتزام بحسن الجوار واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية أو التأثير عليها.

إن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية يأتي ليحقق مطالب المملكة التي تسعى للحفاظ على المواثيق والمبادئ التي تأسست عليها العلاقات الدولية، والتي كانت دائماً ما تشدد وتؤكد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل قي شؤونها الداخلية، والذي يعد ذلك ركيزة أساسية لتطور العلاقات بين الدول، ولا شك أن خطوة كهذه تأتي في سياق تحقيق أمن واستقرار وازدهار المنطقة ككل، كما ستكون له كذلك انعكاسات إيجابية على شعوب ودول المنطقة.

 

 

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض