يحيى التليدي
كاتب وباحث سياسي
Yahya Al Talidi
Writer and Political Researcher

الصراع على العقل!

اليوم نعيش فترة صعود العلم بامتياز، وخصوصاً إذا ما عرفنا أن 80 % من إجمالي العلماء في تاريخ البشرية موجودون بيننا في آخر 50 عاماً تحديداً. وهذه إحصائية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مثيرة للدهشة ومسألة في غاية الأهمية، فالكم الهائل والمتواصل من السلع والمنتجات العلمية التي تحيط حياتنا وباتت جزءاً حيوياً ومكوناً رئيسياً من حياتنا اليوم، تحولت إلى أساسيات يبدو من المستحيل الاستغناء عنها. ومع وجود أجيال جديدة من الشباب تعتمد على تلك الأدوات وتحترم الرأي العلمي الذي جاء بها وأضاف كثيراً من الجوانب الترفيهية في حياتهم، مع عدم إغفال جوانب تسهيل المهام في الشراء والتواصل والتعلم والعمل، ستزداد مواجهات الآراء التراثية التي يقدمها رجال الدين النمطيون في مقابل المختبر العلمي والمعمل العلمي، الذي يحول النظريات العلمية والتصاميم التي تأتي بالخدمات والمنتجات المبنية عليها بشكل مادي وملموس وقابل للقياس.

هذه المواجهة يجب أن تحصل بأدوات جديدة واحترام حقيقي لعقل المتلقي بدون تسلط وإهانة واحتقار وتعالٍ. لغة العلم تزداد قوة مع تطور أدواته القابلة لقياس التاريخ الأثري الإنساني والطبيعي، وبالتالي التفريق بين ما هو تاريخ وما هو أسطورة، وهناك أدوات يتم تطويرها لمعرفة تاريخ كوكبنا في المجرة الشمسية، وعلاقة هذا بتاريخ الفيزياء ودور النجوم والثقوب السوداء، وقد يدلنا كل ذلك نظرياً على مستقبلنا.

تقليدياً وتاريخياً كان بعض رجال الدين بشكل عام لا يقدرون العلم وتخصصاته، لأنه يتحدى بعض أهم السرديات التراثية التي بنت المؤسسات الدينية شرعيتها عليها واستمدت منها قوتها، ولم يكن لديها حل عملي للتحاور وقبول الطروحات العلمية، فلجأوا إلى التكفير والتحقير والمحاربة بشكل عنيف وفج.

كل المؤشرات تشير بقوة إلى كون الحقبة العلمية المقبلة ستشهد كثيراً من النقلات النوعية في أسلوب عيش البشر على الأرض، وصعود دور الذكاء الصناعي في حياتنا وتنامي دور الهندسة الوراثية في المنظومة الصحية والطبية، وقد يحصل تواصل معلن مع كواكب أخرى، كما تلمح بذلك بعض التسريبات الرسمية من المنظومة العسكرية في الولايات المتحدة، والفرضية المتزايدة لإمكانية العيش في كوكب المريخ أو غيره من الكواكب.

حالة العداء والشك والريبة بين الطرح الديني والعلمي ولّدت المناخ المتشنج الذي سيطر على العلاقة بينهما، وسيظل صراع العلم والظلام مستمراً، والغلبة لمن يحترم العقل.

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض